رواية قطة فى عرين الاسد الحلقة الرابعة عشر 14 - روايات منى سلامة

نقدم اليوم احداث رواية قطة فى عرين الاسد الحلقة الرابعة عشر من روايات بنوتة اسمرة . والتى تندرج تحت تصنيف روايات رومانسية ، تعد الرواية  واحدة من اجمل الروايات رومانسية  والتى نالت اعجاب القراء على الموقع ، لـ قراءة احداث رواية قطة فى عرين الاسد كاملة بقلم بنوتة اسمرة من خلال اللينك السابق ، أو تنزيل رواية قطة فى عرين الاسد pdf كاملة  من خلال موقعنا .


رواية قطة فى عرين الاسد الحلقة 14 - روايات بنوتة اسمرة



قطة فى عرين الاسد الفصل الرابع عشر

الفصل الرابع عشر من رواية قطة فى عرين الأسد

قال "مراد" بلهجة آمرة دون أن ينظر اليها :
- اركبي
ظلت واقفه أمامه وهى فى حيرة من أمرها .. فأعاد ما قال بصوت أكثر قسوة :
- قولتلك اركبي
تنهدت "مريم" بعمق .. ثم لفت حول السيارة وأعادت الجلوس فى معقدها .. أدار "مراد" سيارته وعاد فى اتجاه القاهرة مرة أخرى .. صمت كلاهما .. كانت "مريم" تتنفس بسرعة وقلبها يخفق بإضطراب .. قال "مراد" بصرامة دون أن ينظر اليها :
- اياكى تكرريها تانى
لم تجيبه .. ولم ينتظر رداً .. وأكملا طريقهما فى صمت .. صمت لم يقطعه كلمة من أى منهما .. ولا حتى نظرة .

بعد عدة ساعات عبرت سيارة "مراد" بوابة الفيلا .. نظرت "مريم" حولها وهى تتطلع الى الفيلا والحديقة فى ظلام الليل .. أخرجت هاتفها واتصلت بجدها قائله :
- أيوة يا جدو .. وصلت الحمد لله
- طيب يا بنيتي طمنتيني .. خلى بالك من نفسك .. ولو احتجتى حاجه كلمينى طوالى
نزل "مراد" من السيارة وأخرج حقيبة "مريم" وحقيبته .. مدت "مريم" يدها لتأخذ منه حقيبتها لكنه لم يلتفت اليها وصعد الدرجات الى باب الفيلا .. لم يحتاج الى اخراج مفتاحه .. فلقد فتحت أمه الباب بمجرد أن سمعت صوت السيارة .. صعدت "مريم" الدرجات خلفه ببطء وهى تشعر بتوتر بالغ .. كعابر سبيل ضل طريقه .. عانقته أمه قائله :
- حمدالله على السلامة يا "مراد" اتأخرتوا أوى كده ليه ؟
قال "مراد" بصوت متعب :
- لا اتأخرنا ولا حاجه يا ماما المسافة كبيرة أصلاً
نظرت "ناهد" خلفه تتطلع الى "مريم" الواقفه أمام الباب .. ابتسمت اليها قائله :
- أهلاً بيكِ .. ألف مبروك
اومأت "مريم" برأسها وقالت بتوتر بالغ :
- أهلا بحضرتك
أشارت"ناهد" بيدها قائله :
- اتفضلى ادخلى
دخلت "مريم" وهى تشعر بالإضطراب وقفت بجوارهما وهى لا تدرى ماذا تفعل وماذا تقول .. تفحصتها "ناهد" ثم رسمت ابتسامه على شفتيها قائله :
- زمانكوا تعبانين من السفر يلا اطلعوا ارتاحوا
أشار لها "مراد بإتجاه السلم الداخلى قائلاً:
- اتفضلى
صعدت "مريم" معه وهى واثقه كل الثقه أنه لم يبقى الا لحظات وتقفد وعيها من فرط التوتر .. كانت فى موقف لا تُحسد عليه .. متزوجة من رجل لا تريده ولا يريدها .. لا تطيقه ولا يطيقها .. ومرغمة على البقاء معه فى غرفته .. وليس هذا فحسب بل مطلوب منها أيضاً تمثيل دور العروس الجديدة أما أمه وأخواته .. فتح "مراد" باب الغرف وسبقها فى الدخول .. وقفت أمام الباب فالتفت اليها قائلاً بنفاذ صبر :
- ادخلى واقفلى الباب .. ماما زمانها طالعه أوضتها دلوقتى
دخلت "مريم" وأغلقت الباب .. تفحصت الغرفة بنظرة سريعة .. كانت تتسم بالطابع الذكوري .. لا يوجد بها أى لمسه أنثويه .. شعرت بحرج بالغ واشتعلت وجنتيها خجلاً ظلت واقفة أمام الباب المغلق تمسك حقيبة يدها بتوتر .. وضع "مراد" الحقائب بجوار الدولاب ثم التفت اليها متفحصاً اياها ثم قال بسخريه :
- اللى يشوف كده يقول أول مرة تدخل أوضة راجل
شعرت "مريم" بالخجل والحنق الشديد .. لكنه لم يكتفى ولن يكتفى .. اقترب منها ناظراً اليها بتهكم قائلاً بوقاحه :
- آه صحيح نسيت انك بتفضلى البيوت اللى لسه بتتبنى جديد
رفعت "مريم" رأسها ونظرت اليه بشراسة كقطة برية تهم بالإنقضاض على فريستها لتلتهمها وقالت بغضب :
- كفاية بأه .. كفاية اهانة .. مش هسمحلك تهنى أكتر من كده
قال "مراد" بعنف :
- انتى اللى أهنتى نفسك .. واحدة زيك لا عندها دين ولا أخلاق المفروض تتكسف من نفسها مش ترد ببجاحه
قالت بحده وهى تنظر اليه بغضب :
- أنا معملتش حاجه غلط عشان أتكسف منها اللى المفروض يتكسف من نفسه هو ابن عمك الغير محترم .. وأهو ربنا خدلى حقى منه ومرمى دلوقتى فى المستشفى لان دعوة المظلوم مستجابة وابن عمك افترى عليا وظلمنى
نظر اليها "مراد" بشك وهو يستمع الى كلماتها فأكملت بحزم وصرامة :
- لو جبت سيرتى على لسانك تانى بأى كلمة تمس شرفى اتأكد ساعتها انى هدعى عليك زى ما بدعى عليه بالظبط
صمت "مراد" وهو ينظر اليها متفحصاً ثم قال ببرود :
- الحاجه الوحيدة اللى عايزها منك انك تفضلى بعيده عنى
قالت بعنف :
- ومين قالك انى عايزة أقرب منك أصلاً .. أنا مجبرة على الجوازة دى زى ما انت مجبر عليها بالظبط
نظر اليها قليلاُ ثم توجه الى فراشه وأخذ وسادة وغطاء وألقاهم على الأريكة الموجود فى الغرفة ونظر اليها قائلاً ببرود :
- هتنامى هنا
شعرت "مريم" بالمهانه .. آخر ما كانت تريده هو النوم بجواره لكن إشارته لذلك بتلك الطريقة جعلها تشعر بالمهانه .. أكمل قائلاً :
- وزى ما فهمتك لا عايز أمى ولا اخواتى يعرفوا حاجه عن الوضع بينا لحد ما عمتو تيجى ونشوف حل للمصيبة دى
صمتت فقال وهو يغادر الغرفة :
- فى حمام فى الأوضة ادخلى غيري هدومك لان أكيد ماما هتطلعلك دلوقتى
قال ذلك ثم خرج و أغلق الباب خلفه دون أن ينتظر ردها .. تنهدت "مريم" بأسى وتوجهت الى الأريكة وجلست عليها وهى شاردة وعلامات الحزن على وجهها .. نظرت الى ساعتها فعلت أنه لم يبقى الا نصف ساعة على آذان الفجر فأسندت ظهرها وجلست تنتظر ميعاد الصلاة

نزل "مراد" للأسفل فوجد والدته تهم بالصعود وهى تقول له :
- سايب عروستك ونازل ليه
قال بنفاذ صبر :
- رايح أجيب حاجه من العربية .. انتى منمتيش ليه
قالت أمه بعتاب :
- يعني أسيب البنت تنام من غير عشا فى أول ليلة ليها هنا .. تقول علينا ايه
أومأ "مراد" برأسه فقالت "ناهد" وهى تصعد :
- أنا قولت لدادة "أمينة" تحضرلكم العشا وتطلعه أوضتك وهروح دلوقتى أطمن عليها قبل ما أنام ..خرج "مراد" وتوجه الى سيارته وجلس أمام المقود وهو يزفر بضيق .. رفع نظره الى شرفة غرفته التى أصبحت محتلة.

طرقت "ناهد" باب غرفة "مريم" .. فنهضت "مريم" بتوتر وفتحت الباب .. ابتسمت "ناهد" قائله :
- خفت تكونى نمتى
ابتسمت "مريم" بصعوبة وقالت :
- لا لسه
نظرت الي ملابسها وقالت :
- ولا حتى غيرتى هدومك
صمتت "مريم" فقالت "ناهد" :
- أنا معرفتش اسمك
- "مريم"
- وأنا "ناهد" مامة "مراد" طبعاً .. و "سارة" و "نرمين" كان نفسهم يشوفوكى بس للأسف اتاخرتوا أوى وهما ناموا .. الصبح ان شاء الله تتعرفوا على بعض
أومأت "مريم" برأسها فقالت "ناهد" قبل أن تغادر :
- دادة أمينة هتحضر العشا وتطلعلك بيه .. تصبحى على خير يا "مريم" أشوفك الصبح
تمتم "مريم" بضعف :
- وحضرتك من أهل الخير
أغلقت الباب وعادت الى مكانها على الأريكة .. أذن الفجر فنهضت وتوجهت الى الحمام وتوضأت .. احتارت كيف يكون اتجاه القبلة .. لامت نفسها لأنها لم تسأل "ناهد" .. شعرت بالضيق والحنق .. لحظات وسمعت طرقات على الباب .. ظنت أنه "مراد" فارتدت حجابها لتخفى شعرها .. فتحت لتجد امرأة بسيطة يبدو عليها الطيبة ابتسمت ببشاشه وهى تدخل الغرفة قائلاً :
- أهلا وسهلاً بالغالية مراة الغالى .. نورتى بيتك
نظرت اليها "مريم" وهى تضع الطعام على احدى الطاولات الصغيرة .. فالتفتت لها المرأة وقالت ببشاشه :
- أنا دادة "أمينة" .. أنا اللى مربية سي "مراد" من وهو صغير .. بس واعى تفتكريني عجوزة لا أنا لسه شباب برده
ابتسمت "مريم" لتلك السيدة الطيبة .. فقالت "أمينة" :
- أسيبك بأه ترتاحى وتتعشى
همت بالخروج فأوقفتها "مريم" قائله :
- بعد اذنك ممكن تعرفيني اتجاة القبلة
أرتها "أمينة" الإتجاة الصحيح وتركتها لتصلى الفجر .. وجدت "مريم" نفسها تبكى كثيراً فى السجود وهى تتضرع اللى الله عز وجل أن يحفظها ويقدر لها الخير ويصرف عنها السوء وينتقم ممن ظلمها وافترى عليها .. أنهى "مراد" صلاته فى المسجد القريب وأعاد أدراجه الى الفيلا وهو واجماً .. رفع نظره الى شرفة غرفته ليجد الضوء ما زال مضاءاً .. زفر بضيق وحنق .. طرق الباب عدة طرقات همت بأن تقوم لفتحه لكنه فتحه ببطء .. دخل وألقى نظرة على الطعام الذى لم تمسسه .. ثم توجه الى شرفة غرفته .. كانت "مريم" تشعر بالإرهاق وبالتعب الشديد .. ولكنها خجلت من أن تنام أمام أعين هذا الرجل الغريب .. أسندت رأسها على ذراع الأريكة وظلت تقاوم النعاس الى أن غلبها .. وقف "مراد" فى الشرفة وهو يشعر بالغضب والضيق .. كان الزواج هو آخر ما يريده .. خاصة ان كان زواج بهذه الطريقة .. زواج لانقاذ الموقف .. زواج من فتاة بعيدة كل البعد عن طباعه وأخلاقه .. أكثر ما يشعره بالضيق هو اضطراره الى مشاركتها غرفته .. عالمه الخاص .. الذى يشعر فيه بالراحة والسكينة بعيداً عن اعين الناس .. هذا المكان الوحيد الذى يظهر فيه عجزه واعاقته لأنه بمفرده لا يتطلع عليه أحد .. لا يرمقه فيه أحد بنظرات الشفقة او السخرية .. هو أمام الناس شخص كامل لا فرق بينه وبين أى رجل غيره .. يسير ويتحرك بطريقة طبيعية .. لكنه بينه وبين نفسه يشعر بنقصه .. وبإعاقته .. وبذلك الفراغ فى قدمه اليمنى .. ولا يدع أحداً أبداً مهما كان أن يراه بدون ساقه الصناعية .. وبالتأكيد فآخر ما يريده هو أن يظهر اعاقته أمام تلك الفتاة الغريبة التى تشاركه غرفته رغماً عنه .. قضى ليلته على أحد المقاعد فى الشرفة .. الى أن لاح نور الصباح.

*********************************************

- شكلها ايه يا ماما ؟
نطقت "سارة" هذه العبارة وهى جالسه مع أمها وأختها فى احدى شرف المنزل .. قالت "ناهد" وهى تحتسي من فنجان الشاى فى يدها :
- بنت عادية .. هادية.. ملحقناش نتكلم كتير عشان أكون انطباع عنها
سألت "نرمين" قائله :
- "مراد" ماقالكيش هسيب البيت ولا لأ
قالت "ناهد" :
- لأ طبعاً ملحقناش نتكلم فى حاجه
ثم زفرت بضيق :
- كنت حسه بإحساس بشع وانا بسألها عن اسمها .. عروسة ابنى ومعرفش حتى اسمها
قالت "نرمين" بحده :
- سي "مراد" هو السبب .. حد يعمل عملته دى .. ولا كأن له أهل
نظرت اليها "ناهد" محذره اياها :
- "نرمين" مش عايزين مشاكل من أولها .. أنا ما صدقت ان "مراد" اتجوز .. مش عايزه أى حاجة تعكرله مزاجه فاهمة
قالت "نرمين" بتبرم :
- طيب أنا مالى هو أنا اللى اتجوزت ولا هو .. هو حر

استيقظ "مراد" على ضوء الشمس الذى يلفح وجهه .. اعتدل فى الجلوس وهو يشعر بألام بالغة فى ظهره .. نهض ودخل الغرفة فوقع نظره على "مريم" النائمة بكامل ثيابها على ذراع الأريكة .. فتح الدولاب وأخرج ملابسه وتوجه الى الحمام .. استيقظت "مريم" على صوت الدش .. قامت فزعة تنظر حولها بإستغراب وهى تتساءل أين هى .. ثم تذكرت فتنهدت بأسى .. توجهت الى حقيبتها التى وضعها "مراد" بالأمس بجوار الدولاب وأخرجت ملابسها وانتظرت خروجه .. خرج "مراد" وهو يرتدى حلة أنيقة .. تلاقت نظراتهما فى صمت ثم توجه الى باب الغرفة مغادراً اياها .

استقبلته "سارة" بالأسفل قائله بإبتسامه :
- حمدالله على السلامة يا أبيه والف مبروك
قالت "نرمين" :
- مبروك يا أبيه
رد "مراد" بإقتضاب :
- الله يبارك فيكم
قالت "ناهد" مبتسمه :
- أمال فين عروستك
قال وهو عابس :
- نازله كمان شوية
ابتسمت "ناهد" قائله :
- توقعت انك تتأخر فى النوم رجعتوا امبارح متأخر بعد سفر طويل
قال "مراد" وهو ينظر الى ساعته ويهم بالإنصراف :
- لا مضطر أخرج عشان عندى شغل
هتفت "ناهد" بدهشة :
- شغل ايه يا "مراد" .. ده انت مبقالكش يومين متجوز
قال "مراد" بضيق :
- وأقول للعملا ايه يعني معلش استنونى أصلى عريس جديد
قالت "ناهد" بضيق :
- يعني هتسيب عروستك وتنزل الشغل
قال وهو ينصرف :
- هى عارفه طبيعة شغلى متشغليش بالك .. مع السلامة
زفرت "ناهد" بضيق واستغرقت فى التفكير .. قالت "نرمين" بسخرية :
- وأنا اللى كنت فاكرة الجواز هيغيره .. لا الحمد لله كده اطمنت عليه
قالت "سارة" بإستغراب :
- ده غريب أوى .. ده حتى مش باين عليه انه مبسوط
قالت "ناهد" بشرود :
- يا خوفى يكون اتجوزها بس عشان يخلص من زنى عليه فى موضوع الجواز .. لو عمل كده يبقى بيظلم نفسه وبيظلمها معاه
نهضت وقالت وهى تغادر :
- أما أطلع أشوفها
خرجت "مريم" من الحمام لتسمع طرقات "ناهد" على الباب وهى تقول :
- "مريم" انتى صاحية ؟
قامت بسرعة بوضع الغطاء والوسادة فوق السرير وفتحت الباب .. ابتسمت لها "ناهد" قائله :
- صباح الخير
ابتسمت "مريم" :
- صباح النور
نظرت "ناهد" الى الطعام الذى لم يمسسه أحد وقالت بعتاب :
- ايه ده مكلتيش ليه يا "مريم"
- معلش مكنتش جعانه
- طيب يا حبيبتى انزلى يلا عشان نفطر سوا
أومأت "مريم" برأسها .. خرجت خلفها وتوجهت للأسفل .. قامت الفتاتان لاستقبالها .. ابتسمت لها "سارة" مرحبه :
- أهلا بيكي يا "مريم" ألف مبروك
قالت "نرمين" وهى تتفحصها :
- مبروك يا "مريم"
ابتسمت "مريم" وأومأت برأسها .. التف الجميع حول طاولة الطعام .. نظرت "مريم" الى الفتاتان فى محاولة ايجاد تشابه بينهما وبين "ماجد" .. قالت "ناهد" :
- مبتكليش ليه يا "مريم"
التفتت اليها "مريم" قائله :
- باكل يا طنط
قالت "ناهد" وهى تمعن النظر اليها :
- معلش هو "مراد" كدة بيحب شغله جداً وعلى طول مشغول .. فمتضايقيش انه سابك وراح الشغل
ابتسمت "مريم" فى نفسها بسخريه والتفتت الى المرأة قائله :
- لا أبداً أنا مقدره ان عنده شغل
ابتسمت "سارة" وقالت :
- شكلك عاقلة أوى أنا لو منك كنت زعلت
قالت "نرمين" وهى تتفحص "مريم" بنظراتها :
- أنا بأه لو منك كنت قومت الدنيا ما أعدتهاش
التفتت "ناهد" الى الفتاتان قائله :
- فى ايه يا بنات .. عندكوا كلمة حلوة قولوها .. مفيش يبقى اسكتوا
التفتت "ناهد" الى "مريم" قائله :
- برافو يا "مريم" الراجل يحب الست العاقلة اللى بتقدر ظروفه .. ربنا يبارك فيكي يا بنتى
ثم نظرت "ناهد" شزراً الى الفتاتان فأكملا طعامهما فى صمت

**********************************

توجه "مراد" الى شركته وانغمس فى عمله ليصرف تفكيره عن تلك الفتاة القابعة فى عقر داره والتى تحمل اسمه رغماً عنه .. فى منتصف اليوم سمع طرقات على الباب ثم انفتح الباب ليدخل "طارق" هاتفاً :
- ايه ده يا "مراد" يعني أعرف من بره انك جيت .. مهنش عليك تديني تليفون حتى
قام "مراد" وسلم عليه قائلاً :
- معلش يا "طارق" رجعت امبارح الفجر وأول ما جيت الشركة اتلخمت فى الشغل
جلس "طارق" قبالته وقال :
- ايه التأخير ده كله من قولت يومين وهترجع
زفر "مراد" بضيق وألقى القلم من يده بعصبيه .. نظر اليه "طارق" متفحصاً وقال :
- مالك فى ايه يا "مراد"
تنهد "مراد" بضيق وقال :
- وقعت فى مصيبة يا "طارق"
قال "طارق" بهلع :
- مصيبة ايه يا "مراد"
نظر اليه "مراد" قائلاً بحده :
- اتجوزت
نظر اليه "طارق" بدهشة مردداً :
- اتجوزت !
قال "مراد" بعصبية :
- أيوة .. اتجوزت جوازه ما يعلم بيها الا ربنا
قال له "طارق" بإستغراب :
- احكيلي يا "مراد" مش فاهم حاجه
تنهد "مراد" وقال بحده :
- اختصار الكلام كان فى مشاكل بين عيلتى وعيلتها وتار ودم وقتل والحل الوحيد كان جوازى منها
قال "طارق" بدهشة :
- وبعدين؟
قال "مراد" بحنق :
- وبعدين ايه هو أنا بحكى حدوته .. جبتها معايا هنا لحد ما عمتى ترجع من الصعيد وتشوفلى حل فى المشكلة دى هى قالتلى الوضع ده مش هيستمر كتير .. وهى لو متصرفتش أنا اللى هتصرف .. أنا معنديش استعداد أبداً استمر فى جوازه بالطريقة دى
قاطعهم طرقات السكرتيرة على الباب ودلفت تقول :
- أستاذ "سامر" بره وعايز يقابل حضرتك يا فندم
- خليه يتفضل
دخل "سامر "وسلم على الرجلين ثم جلس قبالتهما قائلاً :
- ايه يا جماعة الشغل متعطل ليه كل ده
قال "مراد" معتذراً :
- معلش يا "سامر" كنت مسافر
قال "سامر" بضيق :
- المشكلة ان التأخير ده عملنا مشاكل جامده
قال "مراد" بإهتمام :
- ايه اللى حصل ؟
قال "سامر" بغضب :
- الزفت اللى اسمه "حامد" .. سرق كل الشغل اللى كنا عاملينه .. اللوجو والبروشورز وكل حاجه وغير بس اسم الشركة وسماها بإسم شركته ودخل شريك مع اتنين رجال أعمال وبينفذ نفس مشروعنا
صاح "طارق" بغضب :
- ابن التيييييييييت
زفر "مراد" قائلاً :
- أهو ده اللى كان ناقص
قال "سامر" :
- طبعاً هنتعطل تانى لحد ما الشغل ده كله يتعمل من أول وجديد يعني مش أقل من اسبوعين
التفت "مراد" الى "طارق" قائله :
- حالا يا "طارق" تكلم شركة الدعاية يبدأوا الشغل من جديد وهعد أنا وانت نشوف التفاصيل الجديدة وتبلغهالهم
قال "طارق" بيأس :
- الديزاينر بتاعة حملتنا مختفية
قال "مراد" بحده :
- يعني ايه مختفية ؟
- يعني محدش عارف يوصلها ولا حتى صاحبتها .. تليفونها مقفول ومبتدخلش ايميل الشركة
قال "سامر" بسرعة :
- خلاص نشوف حد غيرها
قال "مراد" و "طارق" فى نفس واحد :
- لأ
مع اختلاف أسباب كل منهما .. نظر اليهما "سامر" قائلاً :
- ليه لأ
قال "مراد" شارحاً :
- الشغل اللى سرقه "حامد" مننا كان ممتاز وأنا عايز شغل فى نفس المستوى وأعلى كمان .. ومفيش ديزاينر غيرها بيطلعلى شغل مظبوط كده زى ما أنا عايز بالظبط .. ده غير انها بتنجز الشغل فى وقت قياسي واحنا أى تأخير مش فى صالحنا أبداً
قال "طارق" مؤكدا كلام "مراد" :
- معاك يا "مراد" فى كلامك وأنا هوصلها متقلقش
خرج "طارق" و تركهما .. كان "مراد" يغلى من الغضب لفعلة "حامد" الخاليه من الأخلاق .. والتى ستتسبب فى تعطيل أعمالهم .

*******************************************

كانت "مريم" تتمشى فى حديقة الفيلا بمفردها .. كانت الطبيعة حولها ساحرة خلابة جلست على أحد المقاعد تتأمل الخضرة حولها .. ظلت ساكنه فى مكانها لفترة طويلة .. سرقها الوقت فهى معتاه على البقاء بمفردها دائماً .. سمعت صوتاُ خلفها يقول :
- أعدة لوحدك ليه .. دورت عليكي كتير
التفتت "مريم" الى "سارة" قائله بحرج :
- معلش محستش بنفسي
جلست "سارة" بجوارها وقالت مبتسمه :
- ولا يهمك .. أنا كمان بحب أعد فى الجنينة هنا وبنفسي نفسي فيها .. بحب الهدوء زيك
نظرت اليها "مريم" قائله بإهتمام :
- انتوا التلاته اخوات من نفس الأم والأب ؟
نظرت اليها "سارة" بإستغراب قائله :
- أيوة
قالت "مريم" بلهفة :
- يعني اسمك "سارة خيري الهواري" .. و"نرمين" كمان ؟
قالت "سارة" وهى مازالت تشعر بالدهشة :
- أيوة
نظرت اليها "مريم" بتأثر شديد .. لم تصدق أنها جالسه مع أخت "ماجد" .. جزء منه .. أقرب الأشخاص فى هذا الكون اليه .. اغرورقت عيناها بالعبرات رغماً عنها .. قالت لها "سارة" بدهشة :
- "مريم" انتى بتعيطى ليه
نظرت اليها "مريم" بشوق وكأنها ترى "ماجد" أمامها وقالت وهى تحاول التحكم فى بكائها :
- مفيش .. حسه بس ان فى ناس وحشونى
ابتسمت "سارة" بحزن قائله :
- تقصدى أهلك
قالت لها "مريم" والعبرات تتساقط من عينيها :
- دول أكتر من أهلى .. دول جزء منى .. وحشونى أوى .. حسه انى محتجالهم أوى جمبي .. حسه انى ضايعة من غيرهم .. بجد وحشونى أوى
كانت تقصد "ماجد" بكلامها .. بثت ما فى نفسها من كلمات محبوسة داخل صدرها .. أجهشت فى البكاء وتعالت شهقاتها .. تركتها "سارة" تفرغ ما بداخلها من شحنات عاطفية .. اقتربت منها وربتت على كتفها وقالت برقة :
- متقلقيش احنا برده خلاص نعتبر أهلك .. وانا و "نرمين" اخواتك .. مش كده ولا ايه
توقفت "مريم" عن البكاء ونظرت الى "سارة" وقالت بحنان :
- انتوا أكتر من اخواتى يا "سارة"
ابتسمت "سارة" قائله :
- خلاص يبقى متعيطيش طالما هتعتبرينا اخواتك
ابتسمت "مريم" وهى تمسح دموعها وتنظر الى "سارة" لا تريد مفارقتها .. كانت تشعر بسعادة بالغة وهى جالسه معها تنظر اليها .. لأنها أخته .. أخت "ماجد" .

******************************************

- "سامر" قولتلك ميت مرة أنا مبروحش بيت حد
قال "سامر" بضيق وهو يوقف سيارته على جانب الطريق :
- ليه يا "سهى" .. ايه المشكلة يعنى .. ايه الفرق بين البيت وأى مكان تانى بنعد فيه مع بعض
قالت "سهى" بحده :
- ازاى يعنى ايه الفرق .. طبعا فى فرق .. ازاى يعني أدخل بيتك كده .. وبأى صفه وكمان هتقول لأهلك ايه
قال "سامر" بنفاذ صبر :
- أنا أصلا مش آعد مع أهلى أنا ليا شقة منفصله فى عمارة بابا
قالت "سهى" بضيق :
- وكمان عايزنى أروح شقتك اللى آعد فيها لوحدك
التفت اليها "سامر" قائلاً :
- "سهى" .. انتى مبتحبنيش يا "سهى"
اغرورقت عيناها بالعبرات وقالت :
- والله العظيم بحبك يا "سامر" بس مش عايزة أعمل حاجه غلط
قال "سامر" برقه مقترباً منها :
- يا حبيبتى هو فين الغط ده .. ايه المشكلة يعني لما نعد نتكلم شوية .. اعتبرى نفسك فى أى مكان تانى مش فى البيت .. وأعدين بنتكلم زى ما بنتكلم فى أى كافى .. الفرق بس اننا هنكون على راحتنا ومحدش يضايقنا ويرخم علينا زى ما حصل آخر مرة
قالت "سهى" بعتاب :
- ما آخر مرة فعلاً زودناها يا "سامر" وكان شكلنا مش لطيف
قال "سامر" ببرود :
- والله أنا محدش له حاجه عندى .. اللى ليه حاجه ياخدها .. أنا وحبيبتى حرين مع بعض محدش يقولى يصح وميصحش
ثم أمسك يدها مقبلاً اياها وقال :
- مش انتى برده حبيبتى
ابتسمت قائله :
- طبعا يا "سامر" وانت كمان حبيبى
اقترب منها مقبلاً اياها .. وجدا فجأة طرقات على زجاج السيارة وأحد الرجال يصيح :
- اتقوا الله دى حتى لو مراتك ميصحش كدة فى الشارع
ثم رحل الرجل وهو يتمتم فى غضب .. فإغتاظ "سامر" وصاح :
- راجل قليل الأدب صحيح وهو ماله هو أعمل اللى يعجبنى
قالت "سهى" بتوتر :
- طيب يلا يا "سامر" نمشى من هنا أحسن
التفت اليها قائلاً بغضب :
- عرفتى بأه قولتلك ليه نروح البيت أحسن .. عشان الأشكال المتخلفة دى
ثم انطلق بسيارته فى ضيق.

********************************************

دخل "سباعى" الى غرفة "بهيرة" للإطمئنان عليها فوجدها ساكنة شاردة فقال :
- كيفك دلوجيت يا بنت بوى
التفتت اليه قائله بضعف :
- امنيحه يا "سباعى"
جلس على المقعد بجوار الفراش قائلاً :
- مالك يا "بهيرة" مش عجبانى واصل
تنهدت "بهيرة" فى أسى وقالت :
- حيرانه يا "سباعى" حيرانه .. معرفش أعمل اييه .. أخبر "مراد" بكل حاجه ولا أسيبه اكده ميعرفش حاجه واصل
قال "سباعى" بحده :
- انتى ليه بتدورى على المشاكل يا "بهيرة" ليه عايزه تفتحى فى الدفاتر الجديمة
قالت "بهيرة" بحده :
- "مريم" كانت مرت "ماجد" يا "سباعى" .. "ماجد" أخو "مراد"
صاح "سباعى" بدهشة :
- بتجولى اييه ؟ .. مرته
قالت "بهيرة" بحزن :
- ايوة كانت مرته .. ومات من سنة .. كان مرضان ومات
قال "سباعى" بأسى :
- لا حول ولا قوة الا بالله .. ربنا يرحمه هو وأبوه
التفت الى "بهيرة" وسأل بإهتمام :
- و "زهرة" لساتها عايشه
نظرت اليه قائله :
- مخبرش .. آنى معرفتش أتكلم معها امنيح .. مستنية الدنيا تهدى اهنه وبعدين أسافرلها وأفهم منها كل حاجه .. وساعتها هقرر أذا كنت هجول لـ "مراد" كل حاجة ولا لأ
صمتت قليلاً ثم قالت وهى شارده :
- "مريم" في يدها الخيوط كلياتها .. وهى الوحيدة اللى تجدر توصلهم ببعض

********************************************

كانت "مريم" جالسه مع "سارة" و "ناهد" فى غرفة المعيشة يتبادلون المزاح والضحكات .. أقبلت "نرمين" وجلست معهم فالتفتت اليها "مريم" مبتسمه :
- انتى عندك كام سنة يا "نرمين"
قالت "نرمين" بلا مبالاة :
- 22 سنة
ابتسمت "مريم" بحزن وقالت :
- لو أختى الله يرحمها كانت لسه عايشة كانت هتكون أدك بالظبط
نظرت اليها "ناهد" بحنان قائله :
- حبيبتى انتى اختك اتوفت
نظرت اليها "مريم" وقالت بإبتسامه حزينه :
- أيوة اتوفت فى حادثة
ثم قالت :
- مع ماما وبابا
قالت "ناهد" بأسى وقد ظهر عليها التأثر :
- لا حول ولا قوة الا بالله .. ربنا يصبرك
قالت "سارة" وقد شعرت بالحزن لأجلها :
- الله يرحمهم يا "مريم"
ابتسمت لهم "مريم" قائله :
- اللهم آمين
قالت "نرمين" وهى تعبث بهاتفها :
- قوليلنا بأه عرفتى "مراد" ازاى واتجوزتوا بالسرعة دى ازاى
بلعت "مريم" ريقها وقد شعرت بالإضطراب قالت بخفوت :
- العيلتين عارفين بعض وهما اللى رتبوا الجوازه
قالت "نرمين" بسخرية وهى تنظر اليها :
- يعني مشفتوش بعض ولا أعجبتوا ببعض قبل الجواز
قالت "مريم" بإرتباك :
- لأ شوفنا بعض مرة
قالت "نرمين" بشك :
- مرة واحدة بس ؟ .. ومن مرة عرفتى ان "مراد" هو فتى أحلامك و "مراد" عرف انك فتاة أحلامه
نظرت اليها "ناهد" بعتاب قائله :
- "نرمين"
قالت "مريم" مبتسمه بتوتر :
- نصيب .. ربنا قدرلنا كده
نظرت "نرمين" الى هاتفها الذى يضئ ويطفئ فى صمت وقالت بلهفه :
- بعد اذنكوا
صعدت "نرمين" الى غرفتها وأغلقت الباب وردت برقه ممزوجه بالخجل :
- ألو
- وحشتيني
ابتسمت قائله :
- ما انت لسه شايفنى امبارح
- ونفسي أشوفك كل يوم وكل ساعة
صمتت فقال :
- "نرمين" عايز أشوفك تانى
- مش هينفع
- ليه مش هينفع امبارح ملحقتش أعد معاكى سبتيني ومشيتي على طول
قالت بأسف :
- أنا أسفة اضطريت أمشى بسرعة عشان متأخرش
- لو ليا غلاوة عندك عايز أشوفك
- قولتلك مش هينفع
- طيب اقفلى عشان هبعتلك هدية على موبايلك
قالت "نرمين" بشك :
- هدية ايه
- اقفلى بس وهى توصلك
أنهت المكالمة .. لحظات وسمعت صوت نغمة الرسائل .. لاحت ابتسامه صغيره على شفتيها عندما رأت صورة لـ "حامد" ومكتوب تحتها "عشان أفضل معاكى على طول" .. كانت تشعر بسعادة غامرة .. وضعت الصورة فى أحد الملفات بالموبايل وأغلقته بباسوورد .. ونزلت الى الأسفل وكأن شيئاً لم يكن .

***********************************

عاد "مراد" الى البيت فى المساء .. فتح الباب وأرهف أذنيه فلم يسمع صوتاً .. لحظات وتعالت الضحكات من غرفة المعيشة .. أخذته قدماه الى هناك وأخذ يتطلع الى "مريم" و "سارة" الجالستان على أرض الغرفة وأمامهما لعبة بازل يحاولان جمعها .. كانتا منهمكتان فلم تلاحظان دخوله .. قال بصوت رخيم :
- مساء الخير
شعرت "مريم" بالفزع مبجرد أن رأته أمامها وهبت واقفه .. نظرت الى حجابها الملقى على الأريكة ودت لو امتدت له يداها لتغطى به رأسها .. لكنها لم تكن لتفعل ذلك تحت أنظار "سارة" حتى لا تثير شكوكها .. وعلى الرغم من احتشام ملابسها إلا أنها شعرت بدون حجابها وكأنها عاريه .. قالت "سارة" وهى ماتزال جالسه فى وضعها :
- مساء النور يا أبيه
قال "مراد" لـ "سارة" بهدوء :
- فين ماما و "نرمين"
قالت "سارة" مبتسمه :
- ماما فى المطبخ و "نرمين" فى أوضتها كالعادة
أومأ برأسه ثم غادر متجاهلاً "مريم" تماماً .. شعرت "مريم" بالتوتر .. قالت "سارة" :
- لو عايزة تطلعيله اطلعى ونبقى نكمل بعدين
التفتت اليها "مريم" ورسمت ابتسامة على شفتيها قائله :
- لأ هو أكيد هيغير هدومة وينزل .. تعالى نكمل
جلست بجوارها مرة أخرى .. لكن هيهات .. فالشعور بالمرح انتهى بمجرد أن رأته أمامها.

********************************
توجه "مراد" الى غرفته وأخذ شاور وغير ملابسه .. تطلع الى حقيبة "مريم" التى مازالت بجوار الدولاب .. نزل ليتقابل مع والدته فى آخر السلم ابتسمت قائله :
- "مراد" انت جيت امتى
قبلها قائلاً :
- من شوية
ابتسمت قائله بمرح :
- طيب كويس تعالى احنا لسه متعشيناش .. تعالى نتعشى كلنا سوا
دخلا غرفة المعيشة فوجد "مريم" جالسه كما كانت بجوار "سارة" لكنها هذه المرة مرتدية حجابها .. قالت لها "ناهد" :
- يا حبيبتى قولتك مفيش راجل غريب هنا .. حتى كل اللى بيشتغلوا هنا ستات "مراد" مبيخليش راجل يدخل هنا خالص
شعرت "مريم" بالتوتر ورسمت ابتسامة على شفتيها قائله :
- لأ أنا لبسته عشان حسيت بالبرد وكسلت أطلع أجيب حاجه ألبسها
نادت "ناهد" الخادمة لتحضر شالاً من غرفتها لـ "مريم" .. أحضرت الخادمة الشال .. ألبستها اياه قائله بإبتسامه :
- لو لسه بردانه روحى البسى حاجة أتقل
ابتسمت "مريم" واغرورقت عيناها بالدموع بسبب تلك المعاملة الحانية التى افتقدتها منذ أن رحل أبواها وأختها .. لكم أمضت الليالى مريضة فى فراشها لا تقوى على النهوض لإحضار كوب ماء .. لكم أمضت الليالى ساهرة من ألم فى رأسها دون أن تجرؤ على النزول ليلاُ لإحضار الدواء .. أبعدت "مريم" عينيها بسرعة حتى لا يرى أحداً عبراتها التى تجمعت داخل عينيها مهددة بالإنهمار
تجمعت الأسرة حول مائدة الطعام .. جلس "مراد" على رأس الطاولة و "ناهد" قبالته و "نرمين" على يمينه و "سارة" على يساره .. همت "مريم" بالجلوس بجوار "نرمين" فقالت "ناهد" :
- "نرمين" بدلي الكرسى بتاعك مع "مريم"
قامت "نرمين" متبرمة وأجلست "مريم" مكانها .. شعرت "مريم" بالحرج والضيق لجلوسها بجوار "مراد" الذى لم يعيرها أى انتباه .. نظرت "سارة" الى "مراد" قائله بمرح :
- أخيراً لقيت حد مدمن البازل زيي .. بس "مريم" ايه ما شاء الله عليها حريفه
ابتسمت "مريم" ..فالتفتت اليها "سارة" قائله بتهكم :
- اللى أعرفه ان البازل دى لعبة أطفال
ابتسمت لها "مريم" قائله :
- لا فيها درجات صعوبة عالية متنفعش للأطفال
أومأت "نرمين" برأسها ببرود ثم عادت لتكمل طعامها .. قالت "ناهد" بمرح :
- أنا بأه مليش روح للبازل ده .. بس عارفه يا "مريم" هوايتي المفضلة ايه
نظرت اليها مبتسمه وقالت :
- ايه يا طنط
ضحكت "ناهد" قائله :
- لعبة الشطرنج .. عارفه انها لعبة رجالى بس أعمل ايه جوزى الله يرحمه خلانى أدمنها .. و "مراد" الله يسامحه بأه على طول مشغول ومحدش من البنات بيعرف يلعبها
قالت "مريم" بمرح :
- على فكرة بأه أنا كمان بموت فيها
قالت "ناهد" بدهشة :
- بجد
- أيوة بابا الله يرحمه علمهالى وكنت بلعبها معاه
قالت "ناهد"بمرح وهى تنظر الى "مراد" :
- ولا الحوجه ليك يا سى "مراد" خلاص معدتش هترجاج تلاعبنى شطرنج تانى
ثم نظرت الى "مريم" قائله :
- خلاص يبأ هطلعها بكرة من الدولاب وتورينى شطارتك .. بس خلى بالك حماتك جامدة أوى أنا بحذرك أهو
ضحكت "مريم" قائله :
- أكيد طبعاً يا طنط مش هاجى جمب حضرتك حاجه
نهض "مراد" فجأة وقال بوجوم :
- تصبحوا على خير
خرج من الغرفة وتتبعته عيون الجميع بإستثناء "مريم" .. نظرت "ناهد" الى "مريم" قائله :
- حبيبتى قومى شوفى جوزك ماله ..شكله مضايق من حاجه
استثقلت "مريم" المهمة بشدة .. ودت لو قالت لها أن آخر شئ يريده ابنك الآن هو أن يرانى .. لكن ما باليد حيلة لا يمكن اخبارها بذلك .. صعدت "مريم" وهى تقدم رجلاً وتؤخر الأخرى .. طرقت "مريم" على الباب طرقات صغيرة .. ثم أتاها صوته آذناً اياها بالدخول .. فتحت الباب ببطء ودخلت على استحياء . كان "مراد" جالساً على فراشه ويدت ملامحه جامده .. دخلت وأغلقت الباب وجلست على الأريكة لا تدرى ماذا تقول وماذا تفعل .. لحظات والتفت ينظر اليها قائلاً بحده :
- أولا شنطة هدومك بتعمل ايه جمب الدولاب
نظرت الي حقيبتها ثم نظرت اليه قائله :
- أمال أحطها فين ؟
قال ببرود :
- تفضى لنفسك مكان فى الدولاب وتحطى هدومك فيه .. لو ماما دخلت الأوضة وشافت شنطتك كده هتقول ايه
أومأت برأسها قائله بإقتضاب :
- حاضر هفضيها بكرة
قال بتهكم :
- ثانياً الحجاب اللى انتى لبساه ده أسميه ايه بالظبط .. فى واحدة تلبس حجاب فى بيت المفروض انه مفيهوش راجل الا جوزها
شعرت بالتوتر وأشاحت بوجهها فقال بغلظة :
- بلاش تمثيل واقلعى حجابك ده
نظرت "مريم" اليه بحده قائله :
- أنا مش بمثل
قال "مراد" بسخرية :
- عايزة تفهميني انك مكسوفه تقلعيه أدامى يعني
أشاحت بوجهها وهى تحاول كظم غيظها فأكمل بغلظة :
- ثالثاً بأه اذا كنتى فاكرة ان بقربك من ماما واخواتى ده ممكن يأثر عليا ويخلى جوازنا يستمر تبقى غلطانه مش أنا اللى أتحط أدام الأمر الواقع
هبت واقفة وقالت :
- قصدك ايه ؟
وقف هو الآخر فى مواجهتها .. زاد فرق الطول بينهما من شعورها بضألتها أمامه .. كان كالأسد المهيمن على من حوله مجبراَ اياهم على الخضوع لسطوته .. قال بقسوة وهو ينظر الى أعماق عينيها :
- يعني جوازى منك انقاذ للموقف بس .. مش أكتر من كدة .. ولا فى يوم من الأيام هيكون أكتر من كدة .. مهما كان السلاح اللى هتستخدميه .. فمصيره الفشل .. أنا ابتديت أفهمك كويس .. وأفهم انتى بتخططى لايه .. واللى فى دماغك ده مش هيحصل ابداً .. طلاقك أمر مفروغ منه .. بمجرد ما تيجي عمتى وأتأكد ان المشكلة اتحلت هتلمى هدومك وتسيبى البيت ده وتنسى انك دخلتيه أصلاً
واجته "مريم" بنظراتها .. كان مصراً على اذلالها واشعارها بالمهانة فقالت له بثقه :
- على فكرة اليوم اللى هطلق فيه منك وأسيب البيت ده هيكون يوم عيد بالنسبة لى
قالت ذلك ثم غادرت الغرفة وأغلقت الباب خلفها بهدوء.
نزلت الدرج فقابلت "سارة" التى قالت لها :
- نزله ليه يا "مريم" .. عايزة حاجه
قالت "مريم" بتوتر :
- لا مفيش .. هروح المطبخ أشرب
ثم قالت :
- طنط و "نرمين" تحت ؟
ابتسمت "سارة" قائله :
- لأ طلعوا يناموا وأنا كمان طالعه أهو
ابتسمت "مريم" قائله :
- طيب يا حبيبتى تصبحى على خير
- وانتى من أهل الخير
توجهت "مريم" للأسفل دخلت غرفة المعيشة التى لا ينيرها الا ضوء القمر المتسلل من الشرفة .. فتحت الشرفة وخرجت الى الحديقة ومشيت قليلاً ثم جلست على المقعد الذى جلست عليه فى الصباح .. أحاطت جسدها بذراعيها تلتمس الدفء .. لا تدرى الى كم من الوقت بقيت جالسه هكذا دون حراك .. شعرت بالنعاس لكنها كرهت الصعود الى غرفة "مراد" والنوم أمامه .. تمددت على المقعد وتوسدت ذراعها وأحاطت نفسها جيداً بالشال وأغمضت عينيها واستسلمت للنوم .
استيقظ "مراد" على صوت منبه الموبايل منبهاً اياه لصلاة الفجر .. قام فلم يجد "مريم" على الأريكة فتوضأ وصلى .. هم بأن ينزل ليبحث عنها لكنه عزف عن ذلك .. فبالتأكيد اختارت النوم فى أى غرفة أخرى بالمنزل .. سيتركها اليوم تنام حيث تريد ثم سيلفت نظرها فى الصباح الى ضرورة النوم داخل الغرفة حتى لا يشك أحداً بأمرهما .. واستسلم للنوم مرة أخرى على فراشه الوثير .

***********************************
فى صباح اليوم التالى استيقظ "مراد" على صوت هاتفه .. رد على "طارق" قائلاً :
- السلام عليكم أيوة يا "طارق"
- وعليكم السلام .. انت نايم ولا ايه
قال "مراد" وهو يحاول أن يفيق :
- أيوة لسه صاحى
قال "طارق"بعجاله :
- طيب أنا هعدى عليك دلوقتى عشان فى ورق مهم لازم يتمضى قبل ما أطلع على الجمارك
قال "مراد" وهو يجلس فى فراشه :
- طيب مستنيك
قام "مراد" ونظر الى الأريكة الفارغة والى الحقيبة التى مازالت بجوار الدولاب ثم زفر بضيق .
اتصل "طارق" بـ "مى" التى ردت قائله :
- السلام عليكم
قال "طارق" بلهفه :
- وعليكم السلام أخيراً فتحتى الموبايل
قالت بدهشة :
- مين معايا
- أنا "طارق" .. "طارق عبد العزيز"
خفق قلبها وشعرت بالتوتر وقالت :
- أيوة يا أستاذ "طارق"
- بكلمك بقالى يومين موبايلك مقفول حتى الشركة قالولى واخده أجازة
قالت بصوت خافت :
- معلش كان عندى ظروف وكنت أفله الموبايل
قال "طارق" :
- مش خير ان شاء الله
- أيوة خير مفيش حاجة
قال "طارق" بإهتمام :
- أنا بتصل بـ "مريم" كتير أوى بس موبايلها على طول مقفول
- أنا كمان بحاول كتير بس مش عارفة أوصلها
- طيب قوليلى اسمها بالكامل أنا ليا واحد صحبى من عيلة كبيرة فى الصعيد .. أنا رايحله دلوقتى وان شاء الله هيساعدنى أوصلها لاننا كمان محتاجينها فى شغل مهم جداً خاص بشركتنا
- اسمها "مريم خيرى عبد الرحمن السمري"
ابتسم قائلاً :
- ما شاء الله حافظه اسم صحبتك رباعى
قالت بصوت خافت :
- احنا صحاب من زمان
ابتسم قائلاً :
- ربنا يخليكوا لبعض .. ومتشكر أوى
- العفو

فى الأسفل استيقظت "مريم" على صوت العصافير التى تغرد على الشجر .. قامت واعتدلت فى جلستها وهى تشعر بألم فى كل أنحاء جسدها وبوغز كالشوك فى حلقها .. وقفت بصعوبة وأحكمت لف الشال حولها .. توجهت الى شرفة غرفة المعيشة فوجدتها مغلقة فلم تستطع الدخول .. فدارت حول الفيلا لتدخل من الباب الأمامى .. وجدت "مراد" واقف مع رجل آخر فأخفضت بصرها .. لكنها عندما اقتربت منهما رفعت رأسها فإرتطمت نظراتها بنظرات "طارق" .. وقفت تحدق فيه بدهشة .. وبادلها هو الآخر نظراتها المندهشة التى كانت أضعاف دهشتها .. كان يبحث عنها فى كل مكان ولم يتخيل أن يجدها فى بيت صديقه .. وقف كلاهما ينظر الى الآخر فى دهشة و "مراد" يراقب نظرات الإثنان لبعضهما البعض .. لم ينطق "طارق" إلا بكملة واحدة :
- "مريم" !
تمتمت بصوت خافت :
- أهلا بحضرتك يا أستاذ "طارق"
اقترب "مراد" من "طارق" وقال وهو ينقل نظره من "مريم" اليه :
- انتوا تعرفوا بعض ؟
قال "طارق" مبتسماً وهو يشعر بالسعادة لعثوره عليها أخيراً :
- أيوة طبعاً .. دى الآنسة "مريم" الديزاينر بتاعة حملتنا
صُدم "مراد" لما سمع والتفت بحدة ينظر الى "مريم" بدهشة .. اقترب "طارق" من "مريم" قائلاً :
- كنتى فين قلقتيني عليكي وموبايلك مقفول على طول .. حتى "مى" مش عارفه توصلك
قالت بصوت مضطرب :
- كان عندى ظروف
ابتسم "طارق" قائلاً :
- المهم انك كويسه
بدا وكأنه انتبه لوجودها فى آخر مكان كان يتوقع أن يجدها فيه .. فقال بإستغراب شديد :
- بس انتى بتعملى ايه هنا ؟
جاءت الإجابة من "مراد" الواقف خلفه :
- مراتى
التفت "طارق" الى "مراد" بحده وقال له :
- ايه ؟
ردد "مراد" ما قاله ببرود :
- مراتى
نظر "طارق" الى "مريم" وهو لا يصدق ما يسمع .. نظر اليها وكأنه يرجوها أن تكذب ما قاله "مراد" .. كانا الرجلين ينظران الى "مريم" بدهشة .. "طارق" مصدوم من كونها أصبحت زوجة لأعز أصدقائه .. و "مراد" مصدوم من كونها ديزاينر حملته الإعلانية .. شعرت بالخجل من نظرات الرجلين اليها فأخفضت بصرها وقالت بصوت خافت :
- عن اذنكوا
صعدت الدرج وهى لا تدرى أن الرجلين فى الأسفل كانت أعينهما متعلقتان بها تتابعانها فى صمت .



موعد البارت الجديد الساعة ( 2 م ) يوميا ان شاء الله 

هنا تنتهى احداث رواية قطة فى عرين الاسد الحلقة الرابعة عشر ، يمكنكم اكمال باقى احداث رواية قطة فى عرين الاسد الحلقة الخامسة عشر أوقراءة المزيد من الروايات المكتملة فى قسم روايات كاملة .

نأمل أن تكونوا قد استمتعتم بـ رواية قطة فى عرين الاسد ، والى اللقاء فى حلقة قادمة بإذن الله ، لمزيد من الروايات يمكنكم متابعتنا على الموقع أو فيس بوك ، كما يمكنكم طلب رواياتكم المفضلة وسنقوم بوضعها كاملة على الموقع .
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-