رواية جلاب الهوي الحلقة السابعة 7 - روايات رضوى جاويش

     نقدم اليوم احداث رواية جلاب الهوي الفصل 7 من روايات رضوى جاويش . والتى تندرج تحت تصنيف روايات رومانسية ، تعد الرواية واحدة من اجمل الروايات رومانسية  والتى نالت اعجاب القراء على الموقع ، لـ قراءة احداث رواية ما بعد الجحيم كاملة بقلم زكية محمد من خلال اللينك السابق ، أو تنزيل رواية ما بعد الجحيم pdf كاملة  من خلال موقعنا .


رواية جلاب الهوي الحلقة 7 - روايات رضوى جاويش



جلاب الهوي الفصل السابع


جلاب الهوى
٧- جلاب الهوى

نامت الليلة الماضية و عيونها شاخصة على ذاك السقف المزكرش للغرفة و عيون خيالها تنقلها لحكايا الخالة وسيلة الأشبه بالأساطير ..
تمطعت في فراشها في كسل و هي تشعر بدفء عجيب يسري في أوصالها وتنهدت لتتطلع حولها في سكينة عجيبة و خاصة و ذاك الغناء المبهج يصلها من مكان ليس بالبعيد..
نفضت الغطاء عن جسدها و تلحفت بمئزرها و وضعت حجابها على شعرها المسدول على ظهرها ..
فتحت النافذة لعلها تكتشف مصدر ذاك الغناء الأشبه بدعوة سحرية للاستماع و التمتع .. لكن ما طالعها من موضع وقوفها هو تلك الأرض الشاسعة مترامية الأطراف المبدورة بالأخضر حتى تصطدم بذاك الجبل الشامخ هناك في إباء كأنه شاهد على ما دار في تلك الأرض التي احتضنها منذ مئات السنين كأنها حبيبته التي ما من سبيل لافتراقه عنها ..لا تعرف لما خطرت على بالها قصة النعمانى الكبير و زوجه زهر الروض .. ياله من اسم لامرأة عانت من اجل قلبها الويلات..!؟..
جاء النعماني الكبير لتلك الأرض و هي صحراء جرداء تأبى الخروج عن طوع ذاك الجبل و ظلت لسنوات طويلة جزء منه .. تملك لونه و ملامحه الخشنة حتى قرر النعمانى بفأسه و ذراعيه تغيير تلك الحقيقة للأبد و استطاع الانتصار على الجبل ليستقطع تلك الأرض المحيطة منه و يحولها لجنة خضراء رغما عن انفه .. لتكون النعمانية نسبة اليه ..
و يبدو ان هذا كان مبدأ النعمانى في حياته ليس فقط فيما يخص الأرض و الزرع و لكن حتى في الحب ..
رأها يوما مع تلك العائلات التي بدأت تفد للنعمانية ما ان بدأت بشاير الخير تهل .. هام بها عشقا و قرر ان تكون له مهما حدث .. لكن الرياح تأتى دوما بما لا تشتهيه السفن .. كانت الفتاة موعودة لابن عم لها كما هي العادة .. ذاك القريب الذي استطاع النعماني بما له من نفوذ الا يعجل في عودته من سفرته البعيدة .. و بالفعل ما عاد ..
لتظل الفتاة على حالها لا يجرؤ احدهم على الاقتراب منها او طلب يدها للزواج .. السبب الأول معرفتهم بخطبتها المزعومة للغائب الغير مرجوة عودته .. و ثانيهما .. ما شاع ان النعماني يرغب فيها كزوجة جعل الكل يغض الطرف عنها كأنها غير موجودة .. فمن كان يمكنه معاداة النعماني او مخالفة امر من أوامره !؟..
وكانت الفتاة تعلم كل هذا لكن ماذا تفعل بقلبها المعلق بابن عمها الذي نسجت معه أحلام الطفولة و الصبا..!؟.. و كيف يمكنها التضحية بسلامته بعد ذاك التهديد المبطن الذى ارسله لها النعماني .. اما الزواج به طواعية .. او موت بن العم في غربته والزواج به كنهاية حتمية للأمر !؟ .. و بالفعل قدمت نفسها قربانا لحماية الحبيب و رفيق الطفولة و حلم الشباب الضائع .. لتسقط في أحضان من جحيم ما ذاقت فيها الا اللوعة و الحسرة .. وعلى الرغم من انها سلبت لبه و كل من كان بالنعمانية يدرك هذه الحقيقة كادراكهم لطلوع الشمس يوميا من المشرق .. لكنه لم يستطع ان يجعلها تسامحه على فعلته .. لم يستطع ان يجعلها تحبه .. لم يستطع ان يغرز حبه في صحراء قلبها التي ما عاد ينبت فيها الا صبار الكراهية و حنظل القهر .. أنجبت أولاده جميعا .. عشقتهم بجنون لكنها لم تقدر ان تعشق ابيهم بالمثل لتموت وهى تلد طفلها الأخير في تلك الغرفة التي رأت فيها كابوسها الأول في ليلتها الأولى هنا في النعمانية .. و يظل النعماني بعدها لا يقرب امرأة .. يعيش على ذكراها و رغبة مجنونة ظلت عالقة بقلبه و مسيطرة على فكره .. انها حتما ستحبه يوما ما .. سيضمها و هي راضية .. ستضحك لمزاحه و تراعى غضبته و تدارى ضعفه و تحفظ هيبته و تكون له المرأة التي حلم بها منذ وعاها اول مرة و التي سرقت قلبه واستقرت بأعماق روحه .. لكن هيهات .. كلها كانت أمانى مستحيلة لشخص كان يرجو الحب بالسيف و القسوة .. لا باللين والرحمة .. فما جنى سوى الألم و العذابات ...
تنهدت و هي تستفيق من ذكريات الليلة الماضية على صوت الغناء مرة أخرى ..
لا بديل عن الصعود للسطح لمعرفة مصدر الغناء و التمتع بمنظر اكثر وضوحا للنعمانية من ذاك الارتفاع..
حزمت امرها و خرجت تمشي بطول الردهة حتى مرت بجوار الغرفة التي شاهدت فيها حلمها.. غرفة الألم والقهر فتخطتها سريعا واندفعت باتجاه الدرج الجانبي الذي يفضى لباب خشبي سميك دفعته ليطالعها السطح الواسع والخالي تماما الا من بعض الأرائك الخشبية التي اُنتزعت اغطيتها حتى لا تتعرض للبلل بفعل الأمطار ..
تطلعت حولها عندما وصلت لمنتصف السطح لتدرك ان هناك سور مشترك فاصل بين سطح المندرة الذي تقف عليه وسطح البيت الكبير الذي يبدو شاسع الاتساع من موضعها ..
تقدمت الى السور الخارجي لترى منظر لم و لن ترى في روعته .. تلك السفوح السمراء البعيدة و كأنها ايادى لذاك الجبل العتيد تحتضن النعمانية الى صدره الحجرى الصلد.. ويمر بين شطريها ترعة كبيرة نسبيا هى احد روافد النيل الذي أنعمت به الطبيعة على النعمانية لتصبح قطعة من النعيم بحق مع ذاك اللون الأخضر المنتشر هنا و هناك و كأنه خضاب عروس في ليلة حنتها .. استمعت للغناء وهي منتشية .. لا تستطيع تمييز الكلمات ولا معانيها لكنها ترى رجال ونساء هناك في عدد من غيطان القصب القريبة نوعا ما يترنمون بما يصلها من أنغام في تلك اللحظة السحرية من الصفاء و السكون الذى تعيشه .
نظرت للارتفاع الشاهق للبيت الكبير والمندرة بالتبعية .. جمعت شعرها الغجرى من خلف ظهرها للأمام في اتجاه كتفها وتخيلت انها تدليه من موضعها و قفز الى فكرها خاطر .. هل احتفظت بشعرها بهذا الطول ربما يتحقق الحلم و يكون شعرها و سيلة الفارس الذى حلمت به طويلا في الصعود اليها في سجن حياتها الرتيبة .. انفجرت ضاحكة لهذا الخاطر .. ضحكة صافية رنانة تشبه ذاك الصباح الدافئ .. و تلك الأشعة البكر للشمس المتسللة من خلف غيوم الليلة الماضية .. ضحكة طازجة .. منتشية جعلت ذاك المضجع في سلام على احدى الأرائك الموضوعة تحت السور المشترك المرتفع بينهما يقفز فزعا وهو يعتقد انه يتهئ ضحكاتها الوثابة ..
انتفض بكل قوته ليتطلع لمصدر الضحكات حتى يتأكد انه لا يهزي ولم يصبه الجنون بعد جراء ثلاث ليال وأربعة ايّام لم يطالع محياها فيهم .. ايّام عجاف ..
تسمرت عيناه على ما تفعله بشعرها وهي تدليه من فوق السور ضاحكة وجن جنونه ..
همس في تضرع :- هونها يا رب..
كان على استعداد ليقف عمره كله يتطلع اليها في موضعها بهذا الشكل الساحر الذى يفقده صوابه .. لكنه لم يحتمل المزيد وغض الطرف متنحنا وهو يستشعر انه يخرق عزلتها المقدسة ..
انتفضت هى في ذعر و خبأت شعرها أسفل مئزرها و اعادت احكام حجابها خلف رقبتها هامسة في احراج :- عفيف بيه ..!؟..
تنحنح من جديد رغبة في تصفية صوته المتحشرج دوما تأثرا لمرأها هاتفا:- حمدالله بالسلامة يا داكتورة .. جلجتينا عليكِ..
ابتسمت في رقة :- الله يسلمك .. تعبتكم معايا انت و الخالة وسيلة ..
هتف معترضا :- متجوليش كِده .. المهم انك بخير ..
ثم استطرد عاتبا برقة غير معتادة على مسامعها وهو يتوجه للسور الخارجي للسطح يقف في مواجهة الجبل البعيد كأنه يناطحه :- بس انتِ ايه اللى خلاكِ تطلعي هنا و انتِ لساتك تعبانة .. !؟..
ابتسمت و هي تتطلع بدورها للبعيد هامسة :- الغنا ده هو اللي طلعني الصراحة .. جميل برغم اني مش فاهمة هما بيقولوا ايه .. بس واصلني إحساس الفرحة فيه قووي..
تطلع اليها في تعجب لحظي ثم ابتسم ابتسامة من احدى تلك الابتسامات النادرة الظهور على ذاك الفك الصلب والتي تحرك شيء ما داخلها لا تعرف كنهه هاتفا:- احساسك ف محله يا داكتورة .. دِه موسم كسر الجصب ودايما مواسم الحصاد مرتبطة عندينا كصعايدة او حتى الفلاحين ف بحرى بالافراح .. بنستنوا الحصاد عشان نتچوز او نچوزوا عيالنا .. الاغنية دي مرتبطة بالفرح مع موسم كسر الجصب والخير اللي هاياچي من وراه ..
انتبهت لكل كلمة قالها وكأنها تعويذة سحرية ينطق بها .. نطقها بحب واعتزاز لتلك الأرض التي تحمل عرّق جده و رفاته و ستضم رفات أبناء النعمانية جميعا من بعده .. اشارت لغيط القصب حيث يجتمع الرجال لكسره هاتفة :- طب هم بيعملوا ايه دلوقتى وايه عربيّات السكة الحديد اللى بتمر دي..!؟..
ابتسم مؤكدا :- دي مش عربيّات سكك حديد .. دى عربيّات مصنع السكر .. بيچمع الجصب عشان يروح ع المصنع .. و الباجي يطلعوا بيه ع العصارة ..
ثم أشار لبناية عتيقة على أطراف الأرض البعيدة هاتفا :- شايفة المبنى الملون اللي على طرف الارض دِه ..!؟.. هى دي العصارة .. دي بنودوا فيها چزء من الجصب عشان نعِملوا منيه العسل الأسود .. اكيد دجتيه .. حتى من جبل ما تاچي هنا !؟..
أكدت بابتسامة صبت في دمه ملايين اللترات من العسل المصفى وهي تهتف :- اه .. مفيش احلى منه بالذات مع الفطير المشلتت من أيد الخالة وسيلة ..
انفجر ضاحكا على غير العادة هاتفا:- واضح انك چعانة يا داكتورة و نفسك مفتوحة تعوضي الأيام اللى فاتتك من فَطير الخالة وسيلة ..
قهقهت بدورها ولم تعقب للحظات وأخيرا هتفت مستفسرة مشيرة لغيط القصب :- ها و ايه اللى بيحصل بعد كده ف العصارة ..!؟..
أكد بهدوء :- خلاص كِده .. طلع العسل و مبجيش الا الچلاب ..
هتفت متعجبة :- جلاب ..!؟.. يعنى ايه ..!؟..
ابتسم متطلعا اليها و هو يقترب من السور المشترك بينهما :- الچلاب دِه .. حلاوة بنعملوها من بواجى السكر شكلها مخروطي و لونها مايل للخضار شوية .. و ..
صمت فتطلعت اليه مستفسرة لتجده مترددا ثم مد كفه الى جيب جلبابه ليخرج لها ورقة ملفوفة .. فضها أمامها هامسا :- هو دِه ..
مدت كفها اليه متطلعة في تعجب لذاك القمع المخروطى العسلى اللون ثم استأذنت في فضول :- ممكن ادوقه.!؟..
أكد بايماءة من رأسه .. فقضمت قطعة صغيرة لتهتف مستمتعة :- ده حلو قووى .. ..
أكد في سعادة مقهقها :- ما هو كله سكر .. مش جصب ..
اعادت اليه قطعة الجلاب و التي تردد في اخذها لكنه أخيرا مد كفه و أخذها يطويها و يقذف بها من جديد في جوف جيبه ..
سألت في أريحية متهورة :- طب و حضرتك محتفظ بيه ليه في جيبك.!؟..
غامت ملامحه للحظات و طلت من عينيه نظرة حزن عميقة شرخت وعاء البهجة الذى كان يحتوي روحها منذ دقائق .. ندمت انها سألت و لو كان بإمكانها استرجاع الزمن لثوان حتى تُعقل كلماتها قبل طرحها لفعلت اتقاءً لنظرة الحزن الدفين المطلة من عينيه والتي اربكتها كليا ..
لكنه للعجب أجابها :- يمكن عشان الچلاب دِه الحاچة الوحيدة اللي بتفكرنى بأمى الله يرحمها ..
صمت ثقيل شملهما للحظات حتى استطرد هو بنفس الصوت الموجوع :- لما كانت بتكون عوزانى اعمل حاچة و انا مرضيش تجولي اعملها وانا اچيب لك چلاب..
ابتسم بغصة مستكملا حديثه المعجون بالشجن :- وكان ردي عليها .. مش عايز .. هخلي چدي يچبلي م العصارة .. لو اني واعي لحالي دلوجت بعد فراجها لكنت چريت عليها خدت كل الچلاب اللي كانت بتعطيهولي بيدها .. مش عشان أكله .. لاااه .. عشان اخبيه بين ضلوعي واطلعله بعد ما غابَت ومعدش بجي خلاص في چلاب تانى من يدها ..
شعرت بمرارة كلماته المغموسة بالشوق الفاضح لأمه و شعرت بنفس الغصة وهي التي فقدتها و تشاركه نفس المصاب ونفس الألم الحي الذى لا يندمل ابدا بفراقها ..
كادت ان تطفر الدموع من عينيها تأثرا لكنها كانت اكثر وعيا لتدرك انه لن يستطيب تعاطفها وربما يندم على ما أطلعها عليه من اسرار دفينة تعد سبق لم يحدث و ربما لن يتكرر لذا ابتلعت دموعها وهتفت بلهجة حاولت إكسابها بعض من مرح :- طب قبل ما ننزل نفطر عشان انا فعلا جعت قووى .. سؤال أخير ..
ابتسم و تغيرت الملامح الخشنة من جديد لتصبح ألطف و ارق :- اتفضلي اسألي ..
اشارت من جديد للغناء الذي كان على أشده بالأسفل هاتفة في فضول:- هما بيغنوا يقولوا ايه !؟..
عاد من جديد يتطلع للمشهد الساحر أمامه وتغيرت فجأة نبرة صوته لتصبح اكثر دفئا هامسا منغما كلماته يخبرها كلمات الاغنية الدائرة بالأسفل :-
يابو اللبايش يا جصب ..
عندينا فرح و أتنصب ..
چابوا الخلخال على كدِها
نزلت تفرچ عمها ..
جال يا حلاوة شعرها
يسلم عيون اللي خطب ..
يابواللبايش يا جصب ..
عندينا فرح و أتنصب
جابوا الجميص على كدِها
نزلت تفرچ عمها
جال يا حلاوة شعرها
تسلم عيون اللى خطب ..
وصمت فجأة ..ليتطلع اليها ليجدها في عالم اخر مبهورة بما تسمعه من كلمات بصوت ذاك الذى ظنت يوما ما انه رجل عتيد القسوة لا يعرف الا لغة القوة ..
سأل مستفسرًا عندما طال صمتها و شرودها :- عچبتك ..!؟..
هتفت منتفضة لسؤاله :- جميلة قووى ..
أكد متنحنحا في احراج :- أغاني فلكلور جديمة بتهون ع العمال التعب .. و بعدين هو في حد بيلبس خلخال عندينا ف الصعيد دلوجت..!؟..
هتفت في تحسر طفولى متهور:- خسارة ده انا كان نفسى ف واحد ..
لم يعقب .. بل شملها بنظرة لم تعرف لها تفسيرا و أخيرا هتف بجدية :- اشوفك ع الفَطور يا داكتورة .. زمان خالة وسيلة حضرته و بدور علينا .. بعد إذنك .. وحمدالله بالسلامة مرة تانية ..
اندفع باتجاه الباب المفضى للداخل ليختفى في لحظات حتى ظنت انه ما كان موجود هاهنا من الأساس و كانها كانت تحادث طيفه .. و ليس عفيف النعمانى بشحمه ولحمه ..
****************
ظهر صفوت بين رجال النعمانية الذين اجتمعوا كعادتهم في مندرة الشونة الملحقة بالاسطبلات و المقامة على الهضبة المرتفعة القائم على جنباتها بيت النعمانى الكبير و الملاصقة له تقريبا ليهتف في نبرة حاول ان يغلفها بالهدوء رغم ما كانت تنضح به من توعد :- للمرة التانية يا عفيف .. اهااا بتجدم لك جَصاد رچالة النعمانية كلهم و بطلب يد اختك ..ايه جولك ..!؟..
على الرغم من الاضطراب الذى أعتمل داخل نفسه و توتره الذي عربد بجنبات روحه الا انه ظل رابط الجأش لم تظهر على ملامحه الحادة ما يثير اى شك في دواخل نفسه التي تناقض مظهره الخارجي الحازم المعتاد ..
بل انه هتف بنبرة مسيطرة غير قابلة للنقاش :- هي جصة ابوزيد و هنحكوها ع الربابة يا صفوت ..!! ما جلنا انها مش موچودة ولسه مارچعتش من عند بت خالتها ف المنصورة .. لما ترچع بالسلامة يبجى لينا حديت تانى ف الموضوع دِه ..
هتف صفوت في تعجل :- و ايه فيه كانت موچودة و لا لااه .. هتفرج ايه .. هي هيكون ليها رأى بعد رأيك ..!!؟.. و بعدين هي راحت فين يعنى ..!!.. اروبااا ..ما تبعت لها تاچي ..
اندفع عفيف ناهضا في ثورة هاتفاً بصوت جهورى هز أركان المكان وجعل صفوت يبتلع لسانه في خوف :- بجولك ايه يا صفوت .. اني جلت كلمتي و بمردهاش .. بعد ما ترچع نتكلموا .. و ساعتها اني هجولك رأيي .. جبل كِده .. معدش ينفتح الموضوع دِه تاني ..
نظر صفوت لرجال النعمانية حوله لعله يتلقى الدعم من احدهم .. لكن لا صوت يعلو فوق صوت عفيف الذى عندما يزأر تنكمش أشباه الأسود في مواضعها معلنة الولاء و الطاعة ..
********************** دخلت عليها الخالة وسيلة هاتفة في حماسة :- انتِ لساتك نايمة يا داكتورة و النسوان برة بيسألوا عليكِ..!؟..
انتفضت دلال من موضعها تتطلع للخالة وسيلة في صدمة هاتفة :- نسوان ..!؟.. نسوان مين ..!؟..
فما عاد هناك من احد يأتيها بعد ان منع الرجال نساءهم من المجئ اليها بعد حادثة الخيار والطماطم ..
هتفت الخالة ضاحكة :- هيكونوا مين يعني ..!؟.. النسوان الحوامل اللي بياجوكي يكشفوا .. كلهم جاعدين تحت منتظرينك على نار..
دفعت دلال بجسدها خارج الفراش واندفعت للحمام تغير ملابسها فأخيرا ستنتهى ايّام الخمول و الدعة التي عاشتها و مرحبا بالعمل من جديد ..
اندفعت للنساء اللائي استقبلنها بحفاوة غريبة بعد هذا الانقطاع الطويل و استنتجت من أحاديثهن ان سعدية زوج مناع قد قامت بواجب الدعاية اللازمة لها بين نساء النجع و صاحباتها ليعدن من جديد لزيارة الطبيبة (وش الخير) .. والتي جاء على قدمها وولد على يديها بن مناع الذى كان يترجاه من الدنيا على حد قولهم .. على الرغم من ان مناع لم يترج شيئا من الدنيا الا سلامة زوجه سعدية مهما كان نوع المولود و هي شاهدة على هذا..
ألقت بكل هذا خلف ظهرها وبدأت في استقبالهن بفرحة فمهما كان سبب عودتهن فالأهم إنهن عدن ..
بعد قليل اندفعت للمطبخ تطلب بعض الحاجيات من الخالة وسيلة .. همت بإلقاء التحية عليها في ترحاب الا ان وجه الخالة وسيلة لم يكن ينذر بالخير ابدا فهتفت دلال متسائلة في قلق :- خير يا خالة !؟.. شكلك ميطمنش .. انتِ مخبية عليا حاجة !؟..
تنهدت وسيلة هاتفة في شجن :- هخبي ايه بس يا بتي !؟.. ربنا يستر ويفضّل المستخبي مداري ..
هتفت دلال متعجبة :- ايه الألغاز دي يا خالة !؟.. في ايه !؟..قلقتيني.
تنهدت وسيلة في حسرة :- صفوت واد عمة عفيف بيه و ناهد طلبها لتاني مرة النهاردة جدام رچالة النعمانية كلهم ..
شهقت دلال في ذعر :- طب و بعدين !؟.. عفيف بيه قاله ايه !؟..
اكدت وسيلة مشفقة :- هيجوله ايه يعني !؟.. جاله هى عند بت خالتها ف المنصورة و لما ترچع نبجى نتكلموا ف الموضوع ..
تنهدت دلال بدورها :- طب ما هو الحمد لله اتصرف كويس اهو ..
اكدت وسيلة :- لحد ميتا يا بتي !؟.. المرة دي وعدت على خير .. طب و لو طلب تاني هايبجى ايه الجول ساعتها .. صفوت دِه اصلا لما يحط حاچة ف دماغه ياللاه السلامة..
شردت دلال للحظة و اخيرا تساءلت بلهجة متعاطفة :- طب و عفيف بيه عامل ايه !؟..
لم تكد تنهي سؤالها الا وانتفضت و الخالة وسيلة موضعهما ما ان تناهى لمسامعهما ندائه الجهوري :- يا خالة وسيلة ..
هتفت وسيلة مشيرة الي اتجاه مجئ الصوت الهادر هامسة :- اهااا .. واعياله .. من ساعة ما چه م الجاعدة إياها وهو ع الحال دِه ..
لم تعقب دلال والخالة وسيلة تندفع لخارج المطبخ ملبية ندائه لكنها استشعرت تعاطفا كبيرا مع حاله .. واشفقت عليه بحق .. فذاك الرجل كبير قومه لن يسمح ابدا لأي من كان حتى و لو كان اخته الوحيدة و مدللته بان تحط من قدره اًو تكون سببا في عار يلحق باسمه .. سيفعل المستحيل حتى يتجنب حدوث ذلك حتى ولو كان ثمن ذلك باهظا ..
*****************
أنهت كشوفاتها بشرود كبير فما زال القلق يخيم على روحها و بالرغم من سعادتها لانها أخيرا ستعود لسابق عهدها و تجد ما يشغلها نهارا الا انها سعادة مبتورة مغموسة بالقلق و الترقب.
دلفت للمطبخ حيث الخالة وسيلة لعلها تخبرها بما يريح خاطرها المنهك لكنها لم تجدها بموضعها كالمعتاد تأهبت لدخول البيت الكبير و اذا بها تسمع عفيف يهتف في عنف رج روحها رجا :- يعني انت متاكد انهم عنديك!؟.. طب متتعتعش من مطرحك و اني چايلك مسافة السكة.. سااامع !؟..
اكد من كان على الطرف الاخر بالسمع والطاعة واغلق الهاتف ليغلقه عفيف بدوره مندفعا باتجاه اعلى الدرج .. سقط قلبها ذعرا بين قدميها .. هل وجدهما !؟.. هل كان الحديث التليفوني الدائر عن اخيها و ناهد اخته !؟.. هتفت بنفسها مؤكدة.. و من غيرهما يمكن ان يكون محورا لحديث كالذي دار منذ لحظات!؟..
اندفعت لأعلى الدرج خلفه لتستطلع الحقيقة لتجده يخرج من غرفته و هو يعدل من وضع سلاحه بجيب جلبابه الداخلي .. شهقت في صدمة مما استرع انتباهه ليرفع رأسه متطلعا اليها حيث لم يتوقع وجودها.. فتلك هى المرة الاولى التي تعتلي فيها الدرج باتجاه حجرات الدار ..
صمت ولم يعقب لكنها هتفت بصوت متحشرج :- انت لقيتهم !؟.. صح !؟..
اندفع مهرولا هابطا الدرج لتتعقبه مهرولة بدورها واخيرا توقفت بطريقه تسد عليه منفذ خروجه و هتفت صارخة والدموع تتأرجح بمقلتيها :- هتعمل فيهم ايه !؟.. عشان خاطري حكم عقلك ..
هتف بنبرة عجيبة على مسامعها كأنها ليست له :- خاطرك على عيني يا داكتورة بس في حاچات مينفعش فيها چبر الخواطر .. عن اذنك ..
هم بالخروج الا انها تشبثت بذراعه هاتفة في توسل :- طب خدني معاك .. انا متأكدة ان وجودي هيفرق .. و يمكن لما نسمع..
لم يمهلها لتستكمل حديثها بل اندفع خارج البيت الكبير ولم يسعها الا السقوط على قدميها التي ما عادت قادرة على حملها ذعرا و قلقا على ما قد تأتي به الاحداث القادمة ..
*********************
رن التليفون مما جعل كلاهما يقفز فزعا .. فمن يمكنه الاتصال بشقة معروف انها مغلقة في مثل هذا الوقت من العام و لا يسكنها احد.. كاد نديم ان يغص بلقيمة الطعام التي كان على وشك ابتلاعها عندما علا رنين الهاتف..
نظر الى ناهد في شك يسألها المشورة في صمت هل يرد على المتصل ويرفع سماعة الهاتف ام يتجاهل الرنين رغبة في عدم فضح أمر وجودهما !؟.. لكن ناهد كانت اكثر حيرة منه وهى تتطلع للهاتف وكأنه قنبلة موقوتة على وشك الانفجار ..
عزم نديم امره لينهض في تثاقل ليرد .. لكن قبل ان يصل لموضع الهاتف .. انقطع الرنين .. فتنهد في راحة لم تدم طويلا عندما علا رنينه من جديد ليرفع السماعة بسرعة حتى لا يتردد في الرد من جديد..
وضع السماعة على أذنيه في حذّر دون ان يجيب ليندفع لمسامعه صوت سمير صارخا باسمه :- نديم .. رد يا بنى آدم ..
هتف نديم في قلق :- خير يا سمير.. في حاجة ..!؟..
هتف سمير مذعورا:- ايوه في .. امال برن عليك ف الوقت ده عشان اقولك سلامات .. ابويا فطريقه للإسكندرية انا معرفش أتحرك امتى بالظبط و لا هيوصل عندكم امتى .. بس ألحق اخرج من الشقة بأسرع ما يمكن وحاول تخليها ذي ما كانت ..
انتفض نديم متطلعا حوله في اضطراب :- حاضر .. حاضر يا سمير حالا .. و متشكر على كل حاجة ..
هتف سمير في ضيق :- متشكر على ايه مفيش بينا الكلام ده .. انا أسف اني هخرجكم من الشقة دلوقتى بس غصب عني .. ده انا عرفت بالصدفة من امي ان ابويا طلعت ف دماغه ينزل إسكندرية النهاردة .. أسف بجد يا نديم ..
أكد نديم :- ولا أسف ولا حاجة انت ذنبك ايه انت كتر خيرك لحد كده .. انا هتصرف و هسيب لك المفتاح بتاع الشقة مع البواب ذي ما اتفقنا .. متشكر مرة تانية يا سمير .. سلام بقى عشان ألحق اسيب الشقة قبل وصول الوالد .. سلام عليكم ..
ووضع السماعة لينظر لناهد في ترقب فأومأت برأسها هامسة :- فهمت .. ولا يهمك.. ياللاه نسرع ونمشى قبل ما الراچل يوصل ويعمل لأبنه مشكلة ..
اندفع كل منهما في اتجاه يعيدا الشقة كما كانت ويجمعا حاجياتهما …
************
هتفت دلال صارخة تبحث عن الخالة وسيلة و التي ظهرت اخيرا قادمة من خلف البيت الكبير حيث غرفة الخبيزهاتفة بذعر بدورها :- ايه في يا بتي !؟.. خبر ايه !؟..
اندفعت اليها دلال ترتمي بأحضانها هاتفة في لوعة :- لقاهم يا خالة .. عفيف لقي نديم و ناهد ..
شهقت وسيلة بدورها :- لجيهم !!.. يا منجي م المهالك يا رب ..
هتفت دلال من بين شهقات بكائها:- حاولت اروح معاه .. مرضيش يا خالة .. يا ترى ايه اللي هيحصل .. هيموتهم !؟..
و هتفت فى صدمة :- بجد هيموتهم!؟.. يعملها يا خالة !؟.. قوليلي.. طمني قلبي و قوليلي انه ممكن يحكم عقله و نلاقي طريقة غير قتلهم تداوي الموضوع ..
صمتت وسيلة و لم تعقب بحرف لكن دموع عينيها التي انسابت كانت كافية للرد على تساؤلاتها و زيادة ..
******************
يتبع


موعد الحلقة الجديدة الساعة  6 م  يوميا ان شاء الله .

هنا تنتهى احداث رواية جلاب الهوي الفصل السابع ، يمكنكم قراءة احداث رواية جلاب الهوي الفصل الثامن أوقراءة المزيد من الروايات المكتملة فى قسم روايات كاملة .

نأمل أن تكونوا قد استمتعتم بـ روايه جلاب الهوي ، والى اللقاء فى حلقة قادمة بإذن الله ، لمزيد من الروايات يمكنكم متابعتنا على الموقع أو فيس بوك ، كما يمكنكم طلب رواياتكم المفضلة وسنقوم بوضعها كاملة على الموقع .
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-