نقدم اليوم احداث رواية المعلم الفصل 23 من روايات تسنيم المرشدي . والتى تندرج تحت تصنيف روايات رومانسية ، تعد الرواية واحدة من اجمل الروايات رومانسية والتى نالت اعجاب القراء على الموقع ، لـ قراءة احداث رواية احببت ملتحي كاملة بقلم ام فاطمة من خلال اللينك السابق ، أو تنزيل رواية عرف صعيدى pdf كاملة من خلال موقعنا .
المعلم الفصل الثالث والعشرين
رواية المعلِم
الفصل الثالث والعشرون ..
_________________________________________________
_ لا لا سيب عربيتك هنروح بعربية واحدة
_ هتف بها ريان بنبرة تميل للاختناق بينما رحب خالد بإقتراحة ..
_ حرك ريان السيارة بصُحبة صديقه وصاح غاضباً :-
_ أنا عايز أفهم يعني ايه لقوا مخدرات ؟ دي عمرها ما حصلت مين اللي يتجرأ يعمل كده معايا ؟
_ هز خالد رأسه في إنكار تام لما يحدث وأردف بصوت مختنق :-
_ مش عارف ، عادل كلمني وقالي وقعوا في أيدي ومش عارف يعمل حاجة عشان كده كلمني ..
_ ضرب ريان الطارة بعصبية شديدة وهتف من بين أسنانه المتلاحمة :-
_ الموضوع ده وراه حاجة ، مبقاش ريان أن ماكان حد ورا اللي بيحصل ده ..
_ استدار خالد إليه بأعين لامعة وأردف بتوجس :-
_ ريان انت هيكون معاك كل الحق لو فكرت اني عملت كده مهو مش معقولة يحصل كده في الوقت الي أنا أكون مسكت فيه كل حاجة بس والله العظيم أنا ماليا دخل في الحوار ده !
_ رمقع ريان شزراً وصاح به مندفعاً :-
_ ايه اللي انت بتقوله ده انت كمان مش ناقصاك والله اسكت احسن ..
_ اعتدل خالد في جلسته وتابع الطريق علي آحر من الجمر ، بينما كان يسحق ريان أسنانه بغضب وأقسم بألا يرحم من وراء تلك الحماقات ..
_________________________________________________
_ أنهت صلاتها ورفعت يديها للأعلي بنبرة متوسلة :-
_ اللهم يا حنان يا منان استودعتك زوجي فاحفظه من كل شر وسوء ، اللهم بحق قدرتك وعظمة وجهك الكريم فك كربه وفرج همه وحل عقده ويسر امره وارجعه لي سالم معافي اللهم امين ..
_ آمنت علي دعائها ثم نهضت وطوت سجادة صلاتها ووضعتها علي حافة الأريكة ومن ثم جلست عليها تستغفر ربها علي أصابها ،
_ استغفر الله العظيم الذي لا اله الا هو الحي القيوم و اتوب اليه ..
_ أستغفر الله العظيم عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته
_ استغفر الله العظيم عدد ما كان وعدد مايكون وعدد ما سيكون وعدد الحركات وعدد السكون
_ أزفرت أنفاسها بحرارة ، ربما يطمئن قلبها إن سمعت صوته التي باتت تعشق نبرته ، تنهدت ومن ثم جذبت هاتفها وهاتفته علي الفور وهي تجوب الغرفة ذهاباً وجيئا بإرتباك ، تصلبت مكانها عندما أجابها بنبرة لم تعتادها من قبل :-
_ الو ..
_ ابتلعت ريقها بإرتباك خجل وأردفت بنبرة حنونة :-
بطمن عليك انت كويس صح !
_ أجابها بنبرة محتقنة هادئة :-
_ أنا كويس
_ تقوس ثغرها بإبتسامة باهتة وأردفت بتهكم :-
_ طمني عليك علي طول ..
_ أجابها ريان بنبرة سريعة مختصراً :-
_ تمام ..
_ أغلق الخط وتابع قيادته بتركيز بينما جلست عنود علي فراشها وهاتفت صديقها هالة التي تلقت منها مكالمات عديدة ولم تجيب علي أياً منهم ..
_________________________________________________
_ بس يا هلول دي الحكاية كلها
_ أنهت عنود حديثها بتلك الجُملة لتسرع هالة في الحديث بعدما أصدرت شهقة قوية :-
_ كل ده يحصلك وانا معرفش ، أنا كنت حاسة أن في حاجة بس متوقعتش أنك تكوني تعبانة كده
_ أبتسمت عنود وأردفت ببعض الراحة :-
_ الحمد لله Iam fine Now
_ هزت هالة رأسها في إنكار شديد وأردفت بحدة زائفة :-
_ هتيجي بكرة ؟
_ تذكرت عنود ذهاب ريان ، هل ستذهب من دونه ؟ لا تدري ربما يعود قبل ميعاد ذهابها للجامعة ، تنهدت وهي تجيبها بتهكم :-
_ أن شاءالله هاجي ..
_ أغلقت هالة الخط بعدما اطمئنت علي صحة صديقتها ومن ثم شرعت في النوم بينما لم يغمض لعنود جفن قبل أن تطمئن علي ريان برؤيته أمامها بخير خالي من اي مكروه ..
_________________________________________________
بعد مرور ساعتين ..
_ أنا عايز افهم الحاجة دي دخلت هنا ازاي ، مين اتجرأ إنه يحط حاجة زي دي عندي ؟ ده لإما حد قريب مني وعاملي فخ لإما يبقي عبيط ومش عارف انا مين!
_ صاح بهم ريان مندفعاً وتكاد تنفجر عروق عنقه من فرط غضبه بينما أجابه عادل ( موظف الميناء ) بنبرة مهزوزة متوجسة خيفة منه :-
_ يا ريان بيه أنا معرفش حاجة ، العمال كانت بتأمن علي الحاوية زي ما بنعمل لقو الحاجة دي موجودة فأنا خدتها من وراهم وكدرتهم ( أجبرهم علي السكوت ) بكلمتين علي لما حضرتك تيجي ونشوف حل في الموضوع ده !
_ اقترب منه ريان وأردف محذراً :-
_أنا مش بيه انا اسمي المعلم ريان ، ومش خايل عليا الحوار الفكسان ده ، أنا عايز اشوف كاميرات المكان
_ ازدرد عادل ريقه بتوجس منه وتراجع للخلف بخُطي متهملة ، ابتلع ريقه في محاولة منه علي مواصلة الحديث وأردف بنبرة متلعثمة :-
_ يا معلم ريان اللي انت هتعمله ده هيفتح عليك سين وجيم وممكن الحكومة تدخل أنا خايف عليك !.
_ هز رأسه بإنكار وهو يضع يديه في منتصف خِصره مُشكلاً ابتسامة متهكمة :-
_ هو هيتفتح سين وجيم عليا أنا ولا عليك , نفذ اللي بقولك عليه وانت ساكت ..
_ مرر عادل بصره بينهم بإرتباك بينما اقترب خالد من ريان وهمس إليه محذراً بنية حسنة :-
_ ريان الراجل ده معاه حق إحنا بدل ما هنحل المشكلة هنقع فيها يا ابن الناس اهدي وفكر بالعقل ، إحنا نراضي الراجل ده بقرشين ويا دار ما دخلك شر ..
_ رمقه ريان شزراً وأردف بتجهم :-
_ ماهو ده اللي هو عايزه ، بس ده بعينه أنا محدش يلعب عليا ..
_ عقد خالد ما بين حاجبيه بغرابة وتسائل بعفوية :-
_ يعني ايه ؟!
_ سحب ريان نفساً عميق وقال يإختصار وهو يرمق عاد باحتقار :-
_ تعالي معايا بس وانت هتعرف أنا قصدي ايه ..
_ لم يخضع ريان لتوسلات عادل مبرراً سبب رفضه خوفاً علي مصلحته ، لا يدري عادل أن بتصرفاته التي يفعلها يزيد الشكوك حوله ، بينما هاتف ريان أحدهم ثم سار معهم في هدوء تام ..
_ وصلا ثلاثتهم إلي غرفة المراقبة وافرغ ريان بنفسه الكاميرات وتفاجئ الجميع بعدم وجود مشاهد أثناء تفتيش الحاوية الخاصة بريان ، رفع ريان جسده عن الحاسوب وصفق بيده مُبدي إعجابه :-
_ لا برافوا عليك عرفت تلعبها صح ..
_ اتسعت حدقتي عادل بصدمة وتمتم بإرتباك :-
_ ألعب ايه انت تقصد ايه ؟
_ نفخ ريان بضجر بائن كما ضرب بقضبته علي الطاولة وصاح به هدراً :-
_ لا بص بقا يا روح امك أنا ساكت وهادي عشان عارف ان ده ملعوب وياريته من واحد قذر لأ ده من واحد عبيط ومفكر أنه هيقدر يلوي دراعي بالحبتين اللي ميخيلوش علي عيل صغير ، بس انا همشي معاك للاخر وجبيلي العامل اللي لقي الشنطة دي حالا ..
_ مرر عادل أنظاره بينهم بتوتر لكنه تماسك قدر المستطاع وأردف بعصبية حادة :-
_ آه دا انتوا عايزين تلبسوهالي بقا ..
_ أمره خالد بنبرة رزينة لكنها لم تخلوا من الحدة :-
_ اسمع كلامه لإما هنلبسهالك بجد !
_ ازدرد الرجل ريقه بصعوبة وشعر بغصة مريرة في حلقه واردف بتلعثم :-
_ بس الراجل اللي انتوا عايزينه مشي , ورديته خلصت وجه مكانه راجل تاني ..
_ لقد جني علي نفسه ذاك المختل الذي لا يدري مع من يتعامل ، لقد بلغ ريان ذروة تحمله ولم يشعر بيده الذي انقضت علي الرجل وامسكه من تلابيب قميصه وصاح به بنبرة اهتزت لها أرجاء الغرفة :-
_ الساعة ٣ الفجر والورديات هنا من ١٢ لـ ١٢ وانت مكلم خالد من ساعتين بالظبط أنا مختش في الطريق ساعة ونص يعني الراجل لسه هنا ، هتطلع تجيبهولي يروح أمك ولا اتعامل ميري ؟
_ دفع عادل ريان بكل ما أوتي من قوة وصاح به مستاء :-
_ انت اللي هتروح في الكلابوش ( السجن ) أنا مجرد موظف كان بيشوف شغله ووقع في أيده مخدرات وعشاني موظف أمين بلغت صاحب الحاجة ولما تطاول عليا بلغت عنه ، يعني أنا في السليم وانت اللي هتلبسها يااا.. معلم ريان ..
_ نطق آخر جُملته ساخراً من شأن ريان بينما ردد خالد بعدم تصديق :-
_ يعني انت اللي عملت كده ؟
_ تعالت ضحكات عادل بتهكم علي سذاجة خالد وأردف بثقة :-
_ لو ثبتوني بفلوس من اللي انتوا غرقانين فيها الموظف الأمين اللي جوايا هيرمي الحاجة برا وترجعوا لحياتكم من غير شوشرة إنما بقا لو لوعتوني ( جدال ) هنسلم الحاجة للحكومة وهي تتصرف بمعرفتها
_ صعق خالد مما يبوح به ذاك المختل وأردف بثقة :-
_ وانت فاكر أن ممكن ريان العراقي بجلالة قدره يتسجن !
_ قهقه عادل ساخراً واجابه بتمكن لدراسة ما نوي فعله جيدا :-
_ الضربة اللي متصبش تدوش ، في الحالتين انتوا اللي هتطلعوا خسرانين !
_ انفجر ريان ضاحكاً واقترب من خالد ولكزه في ذراعه مستاءً من سذاجة ذاك الرجل واردف بثقة وتعالي :-
_ مش قولتلك الملعوب ده هيطلع من واحد عبيط مش عارف أنا مين ، عموماً Good luck يا دولا هتوحشني والله ..
_ قطب عادل جبينه بعدم فهم ، لكنه فهم ما رمي إليه ريان عندما داهمت شرطة المينا الغرفة بعد سمعاهم اعترافه الصريح بدس المخدرات في حاوية ريان كما يبتزه أيضا بكل وقاحة ، رمق عادل ريان ببغض شديد وأردف بحنق :-
_ حسبي الله ونعم الوكيل فيك
_ سحق ريان أسنانه بغضب ونظر الي خالد الذي تملكته الصدمة الممزوجة بالذهول ، وضع ريان يده علي كتفه وأردف :-
_ يلا أكيد هيحتاجونا في القسم ..
_ استدار إليه خالد متمتاً بعدم تصديق :-
_ إزاي يعمل كده ؟ ازاي يخون ثقتي فيه ؟ هيقول ايه لمراته وعياله ؟ آخرته هيكون رد سجون !
_ تقوس فم ريان بإبتسامة متهكمة وهتف بقلة حيلة :-
_ هو اللي اختار كده هنعمله ايه يعني ؟
_ هز خالد رأسه مراراً في إنكار شديد رافضاً لما حدث وأردف بعصبية :-
_ ريان أكيد مش هتسجنه ، عنده عيال حرام يتشردوا ويتقال عن ابوهم رد سجون ، أنا عارف مراته شخصياً بجد ست محترمة جداً ليه تتعاير بجوزها ؟
_ تجمد ريان في مكانه بعدما كان يسير خلف رجال الأمن ، استدار ونظر الي خالد بتعجب :-
_ انا كان ممكن اكون مكانه ومسجون بتهمة تجارة المخدرات بسبب واحد انتهازي مفكرش في عياله ومراته وكان عايز يطلع مني بأي مصلحة علي سبيل حياتي وسُمعتي ، وانت عايزاني اتنازل عن حقي وابقي ملطشة للكل اي حد عايز يعمل حاجة يعملها وهو مطمن عشان ضامن اني مش هاخد حقي ، أنا آسف يا خالد بس هو غلط ولازم يدفع تمن غلطته ..
_ أنهي ريان جملته بغضب شديد وهرول مسرعاً نحو سيارته ، تبعه خالد وركب معه في صمت طال إلي وصولهم لمركز الشرطة حتي ينيهان الإجراءات القانونية اللازمة ..
_________________________________________________
_ أشرقت الشمس معلنة عن بدء يوم جديد ، فركت عنود عينيها الذي تسلل إليها ضوء الشمس ، اعتدلت في جلستها فتفاجئت أنها غفت بلا وعي منها علي طرف الفراش ، نهضت مسرعة وجذبت هاتفها ربما تلقت مكالمة من ريان ولم تسمعها ، لكنه لم يتصل بها !
_ مدت شفتاها السفلي للخارج بحزن ، وبادرت هي بالاتصال عليه ، تنهدت بضجر وانتظرت إجابته بفروغ الصبر ،
_ لم يرد عليها ، حتماً حدث مكروه له ، ضربت رأسها رافضة ظنها السوء بالله ، بالتأكيد هو بخير ومنشغل في حل مشاكله ليس إلا ..
_ ولجت داخل مرحاض غرفتها وتوضأت لكي تؤدي صلاة الفجر ، ارتدت ثوب فضفاض مخصص للصلاة ثم تذكرت أنها أدت صلاة الفجر بالفعل ، ابتسمت ثم شرعت في أداء ركعتان لله حتي يطمئنها علي من باتت قلقه بشأنه ..
_________________________________________________
_ حطيتها تحت البيت زي ما قولتلك ؟
_ قالها ريان بنبرة تريد إنهاء المكالمة ليجيبه الطرف الاخر بالايجاب بينما أردف ريان أمراً :-
_ تمام سيب المفتاح وأوراقها مع البواب وانا لما هرجع من مشواري هظبطك ..
_ أنهي المكالمة ومن ثم قام بمهاتفة يحيي ، انتظر لبرهة ثم استمع لصوته الناعس :-
_ الو ..
_ أسرع ريان في الحديث عندما نادي عليه أحد العساكر بصوت جهوري حيث أماء له بالطاعة وواصل حديثه المسترسل قائلا :-
_ فوق كده وركز معايا هتلاقي عربية چيب تحت زي عربيتي ورقها ومفاتحها مع عم جلال ، عملتلك توكيل برخصتي علي لما تطلع الرخصة بتاعتك ، وصل عنود وانت رايح الكلية ومتخليهاش تمشي لوحدها ، سامعني يا يحيي اوعي تخليها تمشي لوحدها ، سلام ..
_ أسرع يحيي بالحديث عله يفهم شئ مما قاله :-
_ استني يا ريان مش فاهم حاجة !
_ لكنه قد أغلق الخط قبل أن يصغي لحديث أخيه ، تنهد يحيي بإزدراء وولج داخل شرفة غرفته فتفاجئ بالسيارة ذاتها التي اخبره عنها مصفوفة بالاسفل ..
_ سحب نفساً في محاولة منه علي استيعاب الأمر لكنه لم يجمع شتات الأمور وقرر الهبوط للاسفل لكي يفهم حقيقة الأمر ..
_ جذب يحيي معطفه الصيفي وقام بإرتدائه وهو يهبط علي الدرج بخطوات معروفة ، وقف أمام البوابة الرئيسية للمنزل يستنشق أنفاسه المضطربة ..
_ ركض نحو الحارس واردف من بنبرة متلعثمة :-
_ عم جلال ريان قالي...
_ ابتسم جلال ببشاشة وناوله الاوراق قائلا بنبرة مبهجة :-
_ أيوة اهم يا بشمهندس اتفضل ..
_اخذهم يحيي علي محمل السرعة وبدأ بقراءة الاوراق ورقة تلو الأخري ، لم يصدق بصره بالتأكيد يحلم ، أعاد قراءة الأوراق مراراً ربما يتأكد مما يقع أمام مرأى عينيه ، رفع بصره علي الحارس وقد إلتمعت عيناه بوميض الذهول الممزوج بالسعادة وأردف بعدم تصديق :-
_ ده بجد!
_ قطب الحارس جبينه في محاولة منه علي فهم ما يقول وأردف متسائلاً :-
_ فرحني معاك يا بشمهندس ؟
_ تقوس ثغر يحيي بإبتسامة عريضة وأردف بسعادة عارمة :
_ افرحك بس ده انا هفرح الحتة كلها ، أنا بقيت صاحب عربية چيب آخر نوع نزل !
_ أوصد يحيي عيناه وفتحهم وهو يبحث ببصره علي حبيبته التي سكنت فؤاده من قبل أن يراها إلي أن وقع بصره عليها ، اتسع ثغره بحماس جلي وركض مهرولاً نحوها كـالطفل الصغير ، تحسسها بإهتمام الي أن وصل إلي الباب المجاور لمقعد السائق ،
_ سحب نفساً عميق وفتحه برفق بالمفتاح الموضوع بين الأوراق ثم ألقي نظرة سريعة علي الحارس مُشكلاً ابتسامة متعالية وكأنه أحد رجال الأعمال ، استقل في مقعده ولازال لا يصدق أنه بات مالكها الوحيد
_ تنهد بحرارة ثم شغل محرك السيارة وقادها ببطئ ثم أعادها لوضعها مرة أخري ، ترجل منها وتوجه نحو الحارس والسعادة تعمي عينيه وأردف مازحاً بغرور :-
_ ليك عندي فسحة انت والمدام في العربية الجديدة ياعم أبسط
_ قهقه جلال عالياً واردف من بين ضحكاته :-
_ مبروك عليك يا بشمهندس انت تستاهل كل خير ربنا يباركلكم في المعلم ريان اللي دايما مفرحكم ..
_ اختفت ابتسامة يحيي تدريجياً وتحولت ملامحه الي الضيق الشديد ، رمقه بنظرات تحمله اللوم كأنه ارتكب جريمة ، ازدرد ريق يحيي وهو يحاول أن يبلل حلقه الذي جف فجاءة ؛!
_ أولي يحيي ظهره للحارس وصعد للاعلي مطأمطأ الرأس هزيل ، ولج داخل المنزل ومن ثم إلي غرفته ، جلس علي فراشه يلوم ريان علي أفعاله الودودة معه ، كأنه يحثه علي تأنيب ضميره بطريقة غير مباشرة ،
_ كيف سيعيش علي هذا الذنب الذي اقترفه في حق أخيه لطلاما لم يري منه سوء ، كيف سيقف أمامه وهو مخطئ ؟ بأي وجه سيتعامل معه بهذا النفاق الذي بداخله !
_ لكن ليس ذنبه ، لم يقع في حبها بإرادته بل لعب الشيطان لعبته لكي يقع في براثينه ويخسر أخيه ، لكن لا سيرغم نفسه علي نسيانها حتي وان كلف الأمر حياته ، فليكلف ما يكلف لن يتحمل خسارة أخيه مطلقاً ..
_ نهض عازماً أمره علي نسيانها بشتي الطرق ، اتجه نحو خزانته وجذب ثياب تليق مع جامعته وسيارته الفخمة الحديثة ومن ثم دلف خارج المنزل ،
_ تأفف بضجر عندما تذكر أنه لم يحصل علي رقمها الي الآن إذا كيف سيتواصل معها ؟
_ رفع بصره للاعلي ثم صعد بالمصعد رغماً عنه فقط من أجل ريان ، طرق بابها وتنحي جانباً قيد انتظار ظهور طيفها وهو يحارب شوقه الذي ينتظر طلتها بفروغ الصبر
_ كانت قد انتهت هي من ارتداء ثيابها عازمة علي الذهاب الي جامعتها يكفي غيابها لهذا القدر وبالتأكيد سيتفهم ريان موقفها ، سمعت طرقات الباب وأسرعت للخارج بخطي مهرولة علي آمل عودة ريان ..
_ أدرات مقبض الباب وتفاجئت بـ يحيي يقف أمامها ، ارتخت ملامح وجهها بيأس قد لاحظه يحيي لكنه لم يعلق علي الرغم من شعوره بالضيق حيال ملامحها التي انعكست عندما رأته بالتأكيد كانت تظنه شخص آخر شخص مثل ريان !!
_ كز علي أسنانه بغضب ومن ثم أردف بنبرة حادة :-
_ ريان قالي أوصلك ..
_ غضبه أعمي عيناه تماماً أن يسأل عن أخيه ، فقط يريد أن يختفي من أمامها بأقصي سرعة ، بينما أماءت له عنود بالايجاب ومن ثم جذب حقيبتها وتبعته نحو المصعد ،
_ رمقها يحيي بغرابة عندما لم ترافقه للداخل وتسائل علي مضضٍ :-
_ ادخلي عشان منتأخرش !
_ سحبت عنود نفساً مُشكلة إبتسامة متهكمة وأردفت بنبرة مرتبكة خجولة :-
_ أنا هنزل لوحدي عشان مينفعش نكون في مكان واحد مع بعض ..
_ انتبهت لصوته الذي تحول للجدية ، وحدقت به بإرتباك ، عمق نظراته المشتعله متابعاً بفظاظة :-
_ لأ وعلي ايه انا اللي هنزل ..
_ تجمدت عنود في مكانها واقفة ، لكن حركت رأسها عفوياً معه الي اختفي طيفه من أمامها وأردفت بصوت خافت :-
_ what's wrong? ( ما خطبه ؟ )
_ حمحمت بخجل ثم ولجت للداخل وضغطت علي زر الهبوط ..
_ وصلت للاسفل باحثة ببندقيتاها علي يحيي فرأته يقف مستند بمرفقيه علي سيارة فخمة تشبه كثيرا سيارة ريان ، اقتربت منه بخطي مهرولة وأردفت متسائلة بإهتمام :-
_ هو ريان رجع ؟
_ استدار إليها وحك مؤخرة رأسه وهو يتسائل بإهتمام :-
_ رجِع منين ؟
_ توردت وجنتيها من خلف نظراته المُسطلة عليها واجابته بنبرة متلعثمة :-
_ في مشكلة حصلت في شغله وسافر يحلها ..
_ لم يكن يحيي علي دراية بكل ما قالته وأمرها بهدوء وهو يسحب هاتفه من جيب بنطاله :-
_ إركبي دي عربيتي ..
_ أزفرت عنود أنفاسها بحرارة وأردفت بإرتباك خجل :-
_ هو .. يعني احنا هنكون لوحدنا ؟
_ أبعد يحيي الهاتف عن أذنه ورمقها بنظرات متهكمة وأردف ساخراً :-
_ تحبي اجيب معانا عم جلال ولا ايه مش فاهم ؟
_ استحت عنود بسبب نبرته الغليظة التي يتحدث بها ، ومن ثم هرولت إلي المقعد الخلفي بتذمر وجلست علي مضضٍ ،
أين ريان ؟ لما أجبرها علي الذهاب مع هذا المتعجرف البغيض ذاك ،
_ لم يجيب ريان علي أياً من اتصالته الواردة فقط يشعر بإهتزاز الهاتف في جيبه لكن لا يمكنه الاجابه أثناء سير التحقيقات ,
_ نفخ يحيي بضجر بائن ثم فتح الباب بعصبية وشرع في قيادة السيارة ببطئ وتريث إلي أن دلف خارج منطقتهم ومن ثم زاد من سرعته بتمكُن ..
_________________________________________________
_ أنهت الفتاتان ثاني محاضرة لهن ثم جلسن في المقهي الجامعي ، فتحت عنود ذراعيها في الهواء لترتخي عضلاتها المشدودة كما مالت برأسها علي الجانبين مُصدرة صوت طقطقة عُنقها ،
_ أخرجت هالة العديد من الحقائب البلاستيكية ووضعتها أمامهم علي الطاولة وأردفت مستاءة :-
_ شوفتي خلصت اكسسوارات قد ايه امبارح ؟
_ تفحصتهم عنود بعناية وأبدت إعجابها بتصميمهم الرائع وسئلتها بعفوية :-
_ هتبيعهم ازاي ؟
_ لوت هالة شفاها بحزن كما رفعت كتفيها للاعلي بقلة حيلة وأردفت :-
_ مش عارفة !
_ تنفست عنود ببطئ وهي تفكر في طريقة ما لبيع جميع تلك الاكسسوارات المذهلة ، وقع بصرها علي بعض الاخشاب الموضوعة جانباً كـ قطعة خرده ،
_ أبتسمت بسعادة عندما جاب عقلها فكرة جيدة بعض الشئ ونظرت إلي هالة بحماس قائلة :-
_ Come with me
( تعالي معايا ) ..
_ نهضت وسارت بإتجاه الاخشاب ، تبعتها هالة وهي لا تعي وِجهَتَهُم ، وقفت عنود أمام الاخشاب مُشكلة إبتسامة علي محياها ، هزت هالة رأسها بعدم فهم :-
_ انتي بتضحكي علي إيه وجيبانا هنا ليه ؟
_ غمزت إليها عنود بتحدي ومن ثم رددت :-
_ ساعديني وانتي هتفهمي ؟
_ بدأت عنود في رفع الاخشاب ووضعها بطريقة مُبتكرة إلي أن شكلت طاولة ، حكت كفوفها في بعضهم البعض لتنظف يدها من بقايا الاتربة
_ رمقتها هالة بإعجاب عندما استشفت الأمر ، اقتربت منها وعانقتها بحب قائلة :-
_ انتي عظيمة !.
_ ابتسمت عنود وبادلتها العناق ، تذكرت ريان عندما نهاها عن احتضان أُخريات ، ابتعدت عن هالة لكن بلُطف وأردفت لتبعد هالة عن أي تفكير في تبادل عناق آخر :-
_ يلا حطي حاجتك ..
_ انتهت هالة من وضع آخر حُلي علي الطاولة بمساعدة عنود الذراع الأيمن لها ، استدارت هالة ورمقت عنود بإمتنان شديد وقد إلمتعت عيناها بحب لتبادلها عنود نظرة حب صادقة تحثها علي إنهاء ما بدأه لتوهم ، ثم سارت نحوها ووقفت بجوارها ، أمسكت بيدها وشدت عليها قيد إنتظار أحد المشترين ..
_ جائت إحداهن وأبدت إعجابها الشديد بالتصميمات وقامت بشراء ما جذب انتباها ، رفعت الفتاتان كفوفهن وضربن بأيدهم بسعادة قد غمرت قلوبهم ،
_ في تلك الأثناء وصل ريان الي الجامعة بصُحبة خالد الذي تبادل معه القيادة ، صف خالد السيارة داخل الجامعة ثم ترجل منها ريان بتعب جلي علي تعابير وجهه ،
_ هاتف عنود مراراً ولكنها لم تجيبه ، أعاد الاتصال بها وهو يبحث سريعاً بسودتاه عليها لعله يقع ببصره عليها ، تجمدت عيناه عليها عندما وجدها امامه في هذا الوضع السخيف !!
_ لم يشعر بقدميه التي قادته بسرعة قصوة إليها ، شعرت هي بظل ضخم وقف أمامها فجاءة ، رفعت بندقيتاها عليه لتعرف هويته لكنها علمت بهويته قبل أن تنظر إليه ، رائحة عطره قد تغلغلت داخل أنفها واخبرتها بوجوده ..
_ أسبلت عينيها بشوق كبير عليه بينما رمقها هو بنظرات معاتبة ، بدت أنفاسه مضطربة وهو يتطلع إلي وجهها بأعين غريبة ، أرسل إليها إشارات موحية تلومها ، يُحَمِلها الذنب كأنها ارتبكت جُرماً في حقه ،
_ بدت نظراته مريبة بالنسبة لها ، شعرت أنها اقترفت خطأ فادح من خلفها ، أهي تستحق تلك النظرات بعد قضاء ليلة كاملة بدونها ؟
_ لم تدري ما عليها فعله الآن ، لكن حتماً ستقع مغشي عليها إن طالت نظراته لأكثر من ذلك ، تفاجئت به يجذبها من ذراعها ويجبرها علي السير خلفه ، توقف عن السير فجاءة واستدار بجسده إليها وأردف من بين أسنانه المتلاحمة بغضب :-
_ ايه اللي انتي بتعمليه ده ؟
_ خفق قلبها بشدة ، توجست خيفة منه ، جمعت قواها بصعوبة ورددت بتلعثم :-
_ أنا ، أنا عملت ايه ؟
_ سحق ريان أسنانه بغضب يحاول كبحه قدر الإمكان وصاح بها هدراً :-
_ ازاي تسمحي لنفسك تقفي تبيعي حاجة في نص الجامعة ؟
_ شعرت بسخونة أطرافها كما تأكدت من تورد وجنتيها خوفاً من نبرته ، أجابته بعدم فهم :-
_ ايه المشكلة بساعد صحبتي !
_ هز ريان رأسه في إنكار وهو يضع يديه في منتصف خِصره بإستهزاء ، اقترب منها بعينان ينطق منهم الشرار وهتف بصرامة وتعالي :-
_ انتي شكلك متعرفيش وضع جوزك هنا ايه ؟
_ تعالت أنفاسها المضطربة وهي ترمقه بعتاب غير مصدقة ما يتحدث فيه ، لأول مرة تتعامل مع نبرته الحادة تلك ، لكن لن تصمت فهي لم تقترف خطأ ، ما فعلته ليس إلا لمساعدة صديقتها ..
_ شهيق وزفير فعلت هي ورفعت رأسها بشموخ وأردفت :-
_ أنا معملتش حاجة عيب ولا حرام ، I helped my girlfriend
_ قاطعها ريان بصوته الجهوري :-
_ كلميني عربي !
_ أسرعت هي موضحة ما تعنيه بنبرة مرتجفة :-
_ أنا ساعدت صاحبتي مفيش حاجة تقلل من وضعك الا إذا كنت محروج مني انا !
_ تفاجئ ريان بردها كأنه خنجر قد غرز في قلبه ، وقبل أن ينبس بشئ يبرر به ما يقصده كانت قد اختفت من أمامه ، عادت حيث تقف هالة وسحبت حقيبتها دون أن تنظر لها وتوجهت إلي للخارج ، لم تصمد طويلاً وانفجرت باكية..
_ مسحت عبراتها بأناملها لكن دون جدوي ، تنهمر دموعها بغزارة ولا تريد التوقف !
_ هرول ريان خلفها لكنه أضاعها بين ذاك الحشد الهائل من الطلبة ، أزفر أنفاسه بضجر بائن وعاد الي السيارة عندما فشل في إيجادها ، فتح الباب ونظر الي خالد وقال بنبرة محتقنة :-
_ شوفت عنود ؟
_ نفي خالد رؤيته لها بينما ضرب ريان بقبضته علي الباب ثم استدار بجسده يبحث بعنياه عنها لربما يراها ، لا يجدها ولا تجيب علي اتصالاته حتماً سـيفقد عقله ما لم يطمئن عليها ..
_ جلس بداخل السيارة وهاتف يحيي ، انتظر قليلاً ثم أستمع لنبرته الرجولية لكنه قاطعه قائلا :-
_ شوفت عنود
_ ألقي ريان هاتفه أمامه بغضب عندما نفي يحيي أيضاً عدم رؤيته لها ، تسائل خالد بإهتمام :-
_ في ايه ؟
_ قص ريان عليه سريعاً مختصراً ما حدث بينهم ، فأسرع خالد بالقول معاتباً إياه :-
_ بس انت غلطان يا ريان من أمتي وانت بتهتم بالشكليات دي ؟
_ نفخ بغضب عارم وأردف وهو يجوب بعيناه المكان بتفحص شديد :-
_ عارف اني اتنيلت ، الوقتي عايز أعرف هي راحت فين ؟
_ فكر خالد قليلا ربما يأتي بفكرة تهدئ من روع صديقة ثم قال بتريث :-
_ ما يمكن تكون روحت هي يعني ليها حد غيرك!
_ رمقه ريان بندم شديد ، كم آلمته جُملة خالد للغاية ، بالفعل لا يوجد غيره ، لا تعرف سواه ، هو بات عائلتها التي حُرمت منها ، كيف له أن يُحزِن قلبها ويؤلمها دون رحمة ؟
_ شعر بوخزة قوية في قلبه وهو يتخيل مشاهد عِدة وهي بمفردها ، هل تبكي ؟ هل تتألم ؟ هل تسبب في فتح جراح أُخري لها ؟ كيف ستعود أهي تعرف السبيل للعودة ؟ هل يوجد معها نقود ! ماذا وإن فقدت وعييها مثلما حدث بالأمس ولم يكن هو بجوارها !!
_ لم يشعر بيده التي تسابقت في ضرب كل ما يأتي أمامه بعنف ، جن جنونه فقد عقله سُلبت روحه ، ماذا إن لم تعد إليه أو حدث لها أي مكروه ولم يشعر هو بها ؟!
_ مال خالد بجسده بالقُرب من ريان وأمسك ذراعيه بكل ما أوتي من قوة ليجبره علي التوقف وأردف بحكمة :-
_ أكيد رجعت للبيت ، تعالي نرجع وانت هتتأكد بنفسك ..
_ رمقه ريان وكأنه يريد التعلق بأي أمل يطمئنه عليها ، اعتدل في جلسته وكان هذا بمثابة موافقة علي العودة الي الديار ، بينما دعي خالد داخله من قلبه بعودتها لكي لا ينهار صديقه ،
الفصل الثالث والعشرون ..
_________________________________________________
_ لا لا سيب عربيتك هنروح بعربية واحدة
_ هتف بها ريان بنبرة تميل للاختناق بينما رحب خالد بإقتراحة ..
_ حرك ريان السيارة بصُحبة صديقه وصاح غاضباً :-
_ أنا عايز أفهم يعني ايه لقوا مخدرات ؟ دي عمرها ما حصلت مين اللي يتجرأ يعمل كده معايا ؟
_ هز خالد رأسه في إنكار تام لما يحدث وأردف بصوت مختنق :-
_ مش عارف ، عادل كلمني وقالي وقعوا في أيدي ومش عارف يعمل حاجة عشان كده كلمني ..
_ ضرب ريان الطارة بعصبية شديدة وهتف من بين أسنانه المتلاحمة :-
_ الموضوع ده وراه حاجة ، مبقاش ريان أن ماكان حد ورا اللي بيحصل ده ..
_ استدار خالد إليه بأعين لامعة وأردف بتوجس :-
_ ريان انت هيكون معاك كل الحق لو فكرت اني عملت كده مهو مش معقولة يحصل كده في الوقت الي أنا أكون مسكت فيه كل حاجة بس والله العظيم أنا ماليا دخل في الحوار ده !
_ رمقع ريان شزراً وصاح به مندفعاً :-
_ ايه اللي انت بتقوله ده انت كمان مش ناقصاك والله اسكت احسن ..
_ اعتدل خالد في جلسته وتابع الطريق علي آحر من الجمر ، بينما كان يسحق ريان أسنانه بغضب وأقسم بألا يرحم من وراء تلك الحماقات ..
_________________________________________________
_ أنهت صلاتها ورفعت يديها للأعلي بنبرة متوسلة :-
_ اللهم يا حنان يا منان استودعتك زوجي فاحفظه من كل شر وسوء ، اللهم بحق قدرتك وعظمة وجهك الكريم فك كربه وفرج همه وحل عقده ويسر امره وارجعه لي سالم معافي اللهم امين ..
_ آمنت علي دعائها ثم نهضت وطوت سجادة صلاتها ووضعتها علي حافة الأريكة ومن ثم جلست عليها تستغفر ربها علي أصابها ،
_ استغفر الله العظيم الذي لا اله الا هو الحي القيوم و اتوب اليه ..
_ أستغفر الله العظيم عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته
_ استغفر الله العظيم عدد ما كان وعدد مايكون وعدد ما سيكون وعدد الحركات وعدد السكون
_ أزفرت أنفاسها بحرارة ، ربما يطمئن قلبها إن سمعت صوته التي باتت تعشق نبرته ، تنهدت ومن ثم جذبت هاتفها وهاتفته علي الفور وهي تجوب الغرفة ذهاباً وجيئا بإرتباك ، تصلبت مكانها عندما أجابها بنبرة لم تعتادها من قبل :-
_ الو ..
_ ابتلعت ريقها بإرتباك خجل وأردفت بنبرة حنونة :-
بطمن عليك انت كويس صح !
_ أجابها بنبرة محتقنة هادئة :-
_ أنا كويس
_ تقوس ثغرها بإبتسامة باهتة وأردفت بتهكم :-
_ طمني عليك علي طول ..
_ أجابها ريان بنبرة سريعة مختصراً :-
_ تمام ..
_ أغلق الخط وتابع قيادته بتركيز بينما جلست عنود علي فراشها وهاتفت صديقها هالة التي تلقت منها مكالمات عديدة ولم تجيب علي أياً منهم ..
_________________________________________________
_ بس يا هلول دي الحكاية كلها
_ أنهت عنود حديثها بتلك الجُملة لتسرع هالة في الحديث بعدما أصدرت شهقة قوية :-
_ كل ده يحصلك وانا معرفش ، أنا كنت حاسة أن في حاجة بس متوقعتش أنك تكوني تعبانة كده
_ أبتسمت عنود وأردفت ببعض الراحة :-
_ الحمد لله Iam fine Now
_ هزت هالة رأسها في إنكار شديد وأردفت بحدة زائفة :-
_ هتيجي بكرة ؟
_ تذكرت عنود ذهاب ريان ، هل ستذهب من دونه ؟ لا تدري ربما يعود قبل ميعاد ذهابها للجامعة ، تنهدت وهي تجيبها بتهكم :-
_ أن شاءالله هاجي ..
_ أغلقت هالة الخط بعدما اطمئنت علي صحة صديقتها ومن ثم شرعت في النوم بينما لم يغمض لعنود جفن قبل أن تطمئن علي ريان برؤيته أمامها بخير خالي من اي مكروه ..
_________________________________________________
بعد مرور ساعتين ..
_ أنا عايز افهم الحاجة دي دخلت هنا ازاي ، مين اتجرأ إنه يحط حاجة زي دي عندي ؟ ده لإما حد قريب مني وعاملي فخ لإما يبقي عبيط ومش عارف انا مين!
_ صاح بهم ريان مندفعاً وتكاد تنفجر عروق عنقه من فرط غضبه بينما أجابه عادل ( موظف الميناء ) بنبرة مهزوزة متوجسة خيفة منه :-
_ يا ريان بيه أنا معرفش حاجة ، العمال كانت بتأمن علي الحاوية زي ما بنعمل لقو الحاجة دي موجودة فأنا خدتها من وراهم وكدرتهم ( أجبرهم علي السكوت ) بكلمتين علي لما حضرتك تيجي ونشوف حل في الموضوع ده !
_ اقترب منه ريان وأردف محذراً :-
_أنا مش بيه انا اسمي المعلم ريان ، ومش خايل عليا الحوار الفكسان ده ، أنا عايز اشوف كاميرات المكان
_ ازدرد عادل ريقه بتوجس منه وتراجع للخلف بخُطي متهملة ، ابتلع ريقه في محاولة منه علي مواصلة الحديث وأردف بنبرة متلعثمة :-
_ يا معلم ريان اللي انت هتعمله ده هيفتح عليك سين وجيم وممكن الحكومة تدخل أنا خايف عليك !.
_ هز رأسه بإنكار وهو يضع يديه في منتصف خِصره مُشكلاً ابتسامة متهكمة :-
_ هو هيتفتح سين وجيم عليا أنا ولا عليك , نفذ اللي بقولك عليه وانت ساكت ..
_ مرر عادل بصره بينهم بإرتباك بينما اقترب خالد من ريان وهمس إليه محذراً بنية حسنة :-
_ ريان الراجل ده معاه حق إحنا بدل ما هنحل المشكلة هنقع فيها يا ابن الناس اهدي وفكر بالعقل ، إحنا نراضي الراجل ده بقرشين ويا دار ما دخلك شر ..
_ رمقه ريان شزراً وأردف بتجهم :-
_ ماهو ده اللي هو عايزه ، بس ده بعينه أنا محدش يلعب عليا ..
_ عقد خالد ما بين حاجبيه بغرابة وتسائل بعفوية :-
_ يعني ايه ؟!
_ سحب ريان نفساً عميق وقال يإختصار وهو يرمق عاد باحتقار :-
_ تعالي معايا بس وانت هتعرف أنا قصدي ايه ..
_ لم يخضع ريان لتوسلات عادل مبرراً سبب رفضه خوفاً علي مصلحته ، لا يدري عادل أن بتصرفاته التي يفعلها يزيد الشكوك حوله ، بينما هاتف ريان أحدهم ثم سار معهم في هدوء تام ..
_ وصلا ثلاثتهم إلي غرفة المراقبة وافرغ ريان بنفسه الكاميرات وتفاجئ الجميع بعدم وجود مشاهد أثناء تفتيش الحاوية الخاصة بريان ، رفع ريان جسده عن الحاسوب وصفق بيده مُبدي إعجابه :-
_ لا برافوا عليك عرفت تلعبها صح ..
_ اتسعت حدقتي عادل بصدمة وتمتم بإرتباك :-
_ ألعب ايه انت تقصد ايه ؟
_ نفخ ريان بضجر بائن كما ضرب بقضبته علي الطاولة وصاح به هدراً :-
_ لا بص بقا يا روح امك أنا ساكت وهادي عشان عارف ان ده ملعوب وياريته من واحد قذر لأ ده من واحد عبيط ومفكر أنه هيقدر يلوي دراعي بالحبتين اللي ميخيلوش علي عيل صغير ، بس انا همشي معاك للاخر وجبيلي العامل اللي لقي الشنطة دي حالا ..
_ مرر عادل أنظاره بينهم بتوتر لكنه تماسك قدر المستطاع وأردف بعصبية حادة :-
_ آه دا انتوا عايزين تلبسوهالي بقا ..
_ أمره خالد بنبرة رزينة لكنها لم تخلوا من الحدة :-
_ اسمع كلامه لإما هنلبسهالك بجد !
_ ازدرد الرجل ريقه بصعوبة وشعر بغصة مريرة في حلقه واردف بتلعثم :-
_ بس الراجل اللي انتوا عايزينه مشي , ورديته خلصت وجه مكانه راجل تاني ..
_ لقد جني علي نفسه ذاك المختل الذي لا يدري مع من يتعامل ، لقد بلغ ريان ذروة تحمله ولم يشعر بيده الذي انقضت علي الرجل وامسكه من تلابيب قميصه وصاح به بنبرة اهتزت لها أرجاء الغرفة :-
_ الساعة ٣ الفجر والورديات هنا من ١٢ لـ ١٢ وانت مكلم خالد من ساعتين بالظبط أنا مختش في الطريق ساعة ونص يعني الراجل لسه هنا ، هتطلع تجيبهولي يروح أمك ولا اتعامل ميري ؟
_ دفع عادل ريان بكل ما أوتي من قوة وصاح به مستاء :-
_ انت اللي هتروح في الكلابوش ( السجن ) أنا مجرد موظف كان بيشوف شغله ووقع في أيده مخدرات وعشاني موظف أمين بلغت صاحب الحاجة ولما تطاول عليا بلغت عنه ، يعني أنا في السليم وانت اللي هتلبسها يااا.. معلم ريان ..
_ نطق آخر جُملته ساخراً من شأن ريان بينما ردد خالد بعدم تصديق :-
_ يعني انت اللي عملت كده ؟
_ تعالت ضحكات عادل بتهكم علي سذاجة خالد وأردف بثقة :-
_ لو ثبتوني بفلوس من اللي انتوا غرقانين فيها الموظف الأمين اللي جوايا هيرمي الحاجة برا وترجعوا لحياتكم من غير شوشرة إنما بقا لو لوعتوني ( جدال ) هنسلم الحاجة للحكومة وهي تتصرف بمعرفتها
_ صعق خالد مما يبوح به ذاك المختل وأردف بثقة :-
_ وانت فاكر أن ممكن ريان العراقي بجلالة قدره يتسجن !
_ قهقه عادل ساخراً واجابه بتمكن لدراسة ما نوي فعله جيدا :-
_ الضربة اللي متصبش تدوش ، في الحالتين انتوا اللي هتطلعوا خسرانين !
_ انفجر ريان ضاحكاً واقترب من خالد ولكزه في ذراعه مستاءً من سذاجة ذاك الرجل واردف بثقة وتعالي :-
_ مش قولتلك الملعوب ده هيطلع من واحد عبيط مش عارف أنا مين ، عموماً Good luck يا دولا هتوحشني والله ..
_ قطب عادل جبينه بعدم فهم ، لكنه فهم ما رمي إليه ريان عندما داهمت شرطة المينا الغرفة بعد سمعاهم اعترافه الصريح بدس المخدرات في حاوية ريان كما يبتزه أيضا بكل وقاحة ، رمق عادل ريان ببغض شديد وأردف بحنق :-
_ حسبي الله ونعم الوكيل فيك
_ سحق ريان أسنانه بغضب ونظر الي خالد الذي تملكته الصدمة الممزوجة بالذهول ، وضع ريان يده علي كتفه وأردف :-
_ يلا أكيد هيحتاجونا في القسم ..
_ استدار إليه خالد متمتاً بعدم تصديق :-
_ إزاي يعمل كده ؟ ازاي يخون ثقتي فيه ؟ هيقول ايه لمراته وعياله ؟ آخرته هيكون رد سجون !
_ تقوس فم ريان بإبتسامة متهكمة وهتف بقلة حيلة :-
_ هو اللي اختار كده هنعمله ايه يعني ؟
_ هز خالد رأسه مراراً في إنكار شديد رافضاً لما حدث وأردف بعصبية :-
_ ريان أكيد مش هتسجنه ، عنده عيال حرام يتشردوا ويتقال عن ابوهم رد سجون ، أنا عارف مراته شخصياً بجد ست محترمة جداً ليه تتعاير بجوزها ؟
_ تجمد ريان في مكانه بعدما كان يسير خلف رجال الأمن ، استدار ونظر الي خالد بتعجب :-
_ انا كان ممكن اكون مكانه ومسجون بتهمة تجارة المخدرات بسبب واحد انتهازي مفكرش في عياله ومراته وكان عايز يطلع مني بأي مصلحة علي سبيل حياتي وسُمعتي ، وانت عايزاني اتنازل عن حقي وابقي ملطشة للكل اي حد عايز يعمل حاجة يعملها وهو مطمن عشان ضامن اني مش هاخد حقي ، أنا آسف يا خالد بس هو غلط ولازم يدفع تمن غلطته ..
_ أنهي ريان جملته بغضب شديد وهرول مسرعاً نحو سيارته ، تبعه خالد وركب معه في صمت طال إلي وصولهم لمركز الشرطة حتي ينيهان الإجراءات القانونية اللازمة ..
_________________________________________________
_ أشرقت الشمس معلنة عن بدء يوم جديد ، فركت عنود عينيها الذي تسلل إليها ضوء الشمس ، اعتدلت في جلستها فتفاجئت أنها غفت بلا وعي منها علي طرف الفراش ، نهضت مسرعة وجذبت هاتفها ربما تلقت مكالمة من ريان ولم تسمعها ، لكنه لم يتصل بها !
_ مدت شفتاها السفلي للخارج بحزن ، وبادرت هي بالاتصال عليه ، تنهدت بضجر وانتظرت إجابته بفروغ الصبر ،
_ لم يرد عليها ، حتماً حدث مكروه له ، ضربت رأسها رافضة ظنها السوء بالله ، بالتأكيد هو بخير ومنشغل في حل مشاكله ليس إلا ..
_ ولجت داخل مرحاض غرفتها وتوضأت لكي تؤدي صلاة الفجر ، ارتدت ثوب فضفاض مخصص للصلاة ثم تذكرت أنها أدت صلاة الفجر بالفعل ، ابتسمت ثم شرعت في أداء ركعتان لله حتي يطمئنها علي من باتت قلقه بشأنه ..
_________________________________________________
_ حطيتها تحت البيت زي ما قولتلك ؟
_ قالها ريان بنبرة تريد إنهاء المكالمة ليجيبه الطرف الاخر بالايجاب بينما أردف ريان أمراً :-
_ تمام سيب المفتاح وأوراقها مع البواب وانا لما هرجع من مشواري هظبطك ..
_ أنهي المكالمة ومن ثم قام بمهاتفة يحيي ، انتظر لبرهة ثم استمع لصوته الناعس :-
_ الو ..
_ أسرع ريان في الحديث عندما نادي عليه أحد العساكر بصوت جهوري حيث أماء له بالطاعة وواصل حديثه المسترسل قائلا :-
_ فوق كده وركز معايا هتلاقي عربية چيب تحت زي عربيتي ورقها ومفاتحها مع عم جلال ، عملتلك توكيل برخصتي علي لما تطلع الرخصة بتاعتك ، وصل عنود وانت رايح الكلية ومتخليهاش تمشي لوحدها ، سامعني يا يحيي اوعي تخليها تمشي لوحدها ، سلام ..
_ أسرع يحيي بالحديث عله يفهم شئ مما قاله :-
_ استني يا ريان مش فاهم حاجة !
_ لكنه قد أغلق الخط قبل أن يصغي لحديث أخيه ، تنهد يحيي بإزدراء وولج داخل شرفة غرفته فتفاجئ بالسيارة ذاتها التي اخبره عنها مصفوفة بالاسفل ..
_ سحب نفساً في محاولة منه علي استيعاب الأمر لكنه لم يجمع شتات الأمور وقرر الهبوط للاسفل لكي يفهم حقيقة الأمر ..
_ جذب يحيي معطفه الصيفي وقام بإرتدائه وهو يهبط علي الدرج بخطوات معروفة ، وقف أمام البوابة الرئيسية للمنزل يستنشق أنفاسه المضطربة ..
_ ركض نحو الحارس واردف من بنبرة متلعثمة :-
_ عم جلال ريان قالي...
_ ابتسم جلال ببشاشة وناوله الاوراق قائلا بنبرة مبهجة :-
_ أيوة اهم يا بشمهندس اتفضل ..
_اخذهم يحيي علي محمل السرعة وبدأ بقراءة الاوراق ورقة تلو الأخري ، لم يصدق بصره بالتأكيد يحلم ، أعاد قراءة الأوراق مراراً ربما يتأكد مما يقع أمام مرأى عينيه ، رفع بصره علي الحارس وقد إلتمعت عيناه بوميض الذهول الممزوج بالسعادة وأردف بعدم تصديق :-
_ ده بجد!
_ قطب الحارس جبينه في محاولة منه علي فهم ما يقول وأردف متسائلاً :-
_ فرحني معاك يا بشمهندس ؟
_ تقوس ثغر يحيي بإبتسامة عريضة وأردف بسعادة عارمة :
_ افرحك بس ده انا هفرح الحتة كلها ، أنا بقيت صاحب عربية چيب آخر نوع نزل !
_ أوصد يحيي عيناه وفتحهم وهو يبحث ببصره علي حبيبته التي سكنت فؤاده من قبل أن يراها إلي أن وقع بصره عليها ، اتسع ثغره بحماس جلي وركض مهرولاً نحوها كـالطفل الصغير ، تحسسها بإهتمام الي أن وصل إلي الباب المجاور لمقعد السائق ،
_ سحب نفساً عميق وفتحه برفق بالمفتاح الموضوع بين الأوراق ثم ألقي نظرة سريعة علي الحارس مُشكلاً ابتسامة متعالية وكأنه أحد رجال الأعمال ، استقل في مقعده ولازال لا يصدق أنه بات مالكها الوحيد
_ تنهد بحرارة ثم شغل محرك السيارة وقادها ببطئ ثم أعادها لوضعها مرة أخري ، ترجل منها وتوجه نحو الحارس والسعادة تعمي عينيه وأردف مازحاً بغرور :-
_ ليك عندي فسحة انت والمدام في العربية الجديدة ياعم أبسط
_ قهقه جلال عالياً واردف من بين ضحكاته :-
_ مبروك عليك يا بشمهندس انت تستاهل كل خير ربنا يباركلكم في المعلم ريان اللي دايما مفرحكم ..
_ اختفت ابتسامة يحيي تدريجياً وتحولت ملامحه الي الضيق الشديد ، رمقه بنظرات تحمله اللوم كأنه ارتكب جريمة ، ازدرد ريق يحيي وهو يحاول أن يبلل حلقه الذي جف فجاءة ؛!
_ أولي يحيي ظهره للحارس وصعد للاعلي مطأمطأ الرأس هزيل ، ولج داخل المنزل ومن ثم إلي غرفته ، جلس علي فراشه يلوم ريان علي أفعاله الودودة معه ، كأنه يحثه علي تأنيب ضميره بطريقة غير مباشرة ،
_ كيف سيعيش علي هذا الذنب الذي اقترفه في حق أخيه لطلاما لم يري منه سوء ، كيف سيقف أمامه وهو مخطئ ؟ بأي وجه سيتعامل معه بهذا النفاق الذي بداخله !
_ لكن ليس ذنبه ، لم يقع في حبها بإرادته بل لعب الشيطان لعبته لكي يقع في براثينه ويخسر أخيه ، لكن لا سيرغم نفسه علي نسيانها حتي وان كلف الأمر حياته ، فليكلف ما يكلف لن يتحمل خسارة أخيه مطلقاً ..
_ نهض عازماً أمره علي نسيانها بشتي الطرق ، اتجه نحو خزانته وجذب ثياب تليق مع جامعته وسيارته الفخمة الحديثة ومن ثم دلف خارج المنزل ،
_ تأفف بضجر عندما تذكر أنه لم يحصل علي رقمها الي الآن إذا كيف سيتواصل معها ؟
_ رفع بصره للاعلي ثم صعد بالمصعد رغماً عنه فقط من أجل ريان ، طرق بابها وتنحي جانباً قيد انتظار ظهور طيفها وهو يحارب شوقه الذي ينتظر طلتها بفروغ الصبر
_ كانت قد انتهت هي من ارتداء ثيابها عازمة علي الذهاب الي جامعتها يكفي غيابها لهذا القدر وبالتأكيد سيتفهم ريان موقفها ، سمعت طرقات الباب وأسرعت للخارج بخطي مهرولة علي آمل عودة ريان ..
_ أدرات مقبض الباب وتفاجئت بـ يحيي يقف أمامها ، ارتخت ملامح وجهها بيأس قد لاحظه يحيي لكنه لم يعلق علي الرغم من شعوره بالضيق حيال ملامحها التي انعكست عندما رأته بالتأكيد كانت تظنه شخص آخر شخص مثل ريان !!
_ كز علي أسنانه بغضب ومن ثم أردف بنبرة حادة :-
_ ريان قالي أوصلك ..
_ غضبه أعمي عيناه تماماً أن يسأل عن أخيه ، فقط يريد أن يختفي من أمامها بأقصي سرعة ، بينما أماءت له عنود بالايجاب ومن ثم جذب حقيبتها وتبعته نحو المصعد ،
_ رمقها يحيي بغرابة عندما لم ترافقه للداخل وتسائل علي مضضٍ :-
_ ادخلي عشان منتأخرش !
_ سحبت عنود نفساً مُشكلة إبتسامة متهكمة وأردفت بنبرة مرتبكة خجولة :-
_ أنا هنزل لوحدي عشان مينفعش نكون في مكان واحد مع بعض ..
_ انتبهت لصوته الذي تحول للجدية ، وحدقت به بإرتباك ، عمق نظراته المشتعله متابعاً بفظاظة :-
_ لأ وعلي ايه انا اللي هنزل ..
_ تجمدت عنود في مكانها واقفة ، لكن حركت رأسها عفوياً معه الي اختفي طيفه من أمامها وأردفت بصوت خافت :-
_ what's wrong? ( ما خطبه ؟ )
_ حمحمت بخجل ثم ولجت للداخل وضغطت علي زر الهبوط ..
_ وصلت للاسفل باحثة ببندقيتاها علي يحيي فرأته يقف مستند بمرفقيه علي سيارة فخمة تشبه كثيرا سيارة ريان ، اقتربت منه بخطي مهرولة وأردفت متسائلة بإهتمام :-
_ هو ريان رجع ؟
_ استدار إليها وحك مؤخرة رأسه وهو يتسائل بإهتمام :-
_ رجِع منين ؟
_ توردت وجنتيها من خلف نظراته المُسطلة عليها واجابته بنبرة متلعثمة :-
_ في مشكلة حصلت في شغله وسافر يحلها ..
_ لم يكن يحيي علي دراية بكل ما قالته وأمرها بهدوء وهو يسحب هاتفه من جيب بنطاله :-
_ إركبي دي عربيتي ..
_ أزفرت عنود أنفاسها بحرارة وأردفت بإرتباك خجل :-
_ هو .. يعني احنا هنكون لوحدنا ؟
_ أبعد يحيي الهاتف عن أذنه ورمقها بنظرات متهكمة وأردف ساخراً :-
_ تحبي اجيب معانا عم جلال ولا ايه مش فاهم ؟
_ استحت عنود بسبب نبرته الغليظة التي يتحدث بها ، ومن ثم هرولت إلي المقعد الخلفي بتذمر وجلست علي مضضٍ ،
أين ريان ؟ لما أجبرها علي الذهاب مع هذا المتعجرف البغيض ذاك ،
_ لم يجيب ريان علي أياً من اتصالته الواردة فقط يشعر بإهتزاز الهاتف في جيبه لكن لا يمكنه الاجابه أثناء سير التحقيقات ,
_ نفخ يحيي بضجر بائن ثم فتح الباب بعصبية وشرع في قيادة السيارة ببطئ وتريث إلي أن دلف خارج منطقتهم ومن ثم زاد من سرعته بتمكُن ..
_________________________________________________
_ أنهت الفتاتان ثاني محاضرة لهن ثم جلسن في المقهي الجامعي ، فتحت عنود ذراعيها في الهواء لترتخي عضلاتها المشدودة كما مالت برأسها علي الجانبين مُصدرة صوت طقطقة عُنقها ،
_ أخرجت هالة العديد من الحقائب البلاستيكية ووضعتها أمامهم علي الطاولة وأردفت مستاءة :-
_ شوفتي خلصت اكسسوارات قد ايه امبارح ؟
_ تفحصتهم عنود بعناية وأبدت إعجابها بتصميمهم الرائع وسئلتها بعفوية :-
_ هتبيعهم ازاي ؟
_ لوت هالة شفاها بحزن كما رفعت كتفيها للاعلي بقلة حيلة وأردفت :-
_ مش عارفة !
_ تنفست عنود ببطئ وهي تفكر في طريقة ما لبيع جميع تلك الاكسسوارات المذهلة ، وقع بصرها علي بعض الاخشاب الموضوعة جانباً كـ قطعة خرده ،
_ أبتسمت بسعادة عندما جاب عقلها فكرة جيدة بعض الشئ ونظرت إلي هالة بحماس قائلة :-
_ Come with me
( تعالي معايا ) ..
_ نهضت وسارت بإتجاه الاخشاب ، تبعتها هالة وهي لا تعي وِجهَتَهُم ، وقفت عنود أمام الاخشاب مُشكلة إبتسامة علي محياها ، هزت هالة رأسها بعدم فهم :-
_ انتي بتضحكي علي إيه وجيبانا هنا ليه ؟
_ غمزت إليها عنود بتحدي ومن ثم رددت :-
_ ساعديني وانتي هتفهمي ؟
_ بدأت عنود في رفع الاخشاب ووضعها بطريقة مُبتكرة إلي أن شكلت طاولة ، حكت كفوفها في بعضهم البعض لتنظف يدها من بقايا الاتربة
_ رمقتها هالة بإعجاب عندما استشفت الأمر ، اقتربت منها وعانقتها بحب قائلة :-
_ انتي عظيمة !.
_ ابتسمت عنود وبادلتها العناق ، تذكرت ريان عندما نهاها عن احتضان أُخريات ، ابتعدت عن هالة لكن بلُطف وأردفت لتبعد هالة عن أي تفكير في تبادل عناق آخر :-
_ يلا حطي حاجتك ..
_ انتهت هالة من وضع آخر حُلي علي الطاولة بمساعدة عنود الذراع الأيمن لها ، استدارت هالة ورمقت عنود بإمتنان شديد وقد إلمتعت عيناها بحب لتبادلها عنود نظرة حب صادقة تحثها علي إنهاء ما بدأه لتوهم ، ثم سارت نحوها ووقفت بجوارها ، أمسكت بيدها وشدت عليها قيد إنتظار أحد المشترين ..
_ جائت إحداهن وأبدت إعجابها الشديد بالتصميمات وقامت بشراء ما جذب انتباها ، رفعت الفتاتان كفوفهن وضربن بأيدهم بسعادة قد غمرت قلوبهم ،
_ في تلك الأثناء وصل ريان الي الجامعة بصُحبة خالد الذي تبادل معه القيادة ، صف خالد السيارة داخل الجامعة ثم ترجل منها ريان بتعب جلي علي تعابير وجهه ،
_ هاتف عنود مراراً ولكنها لم تجيبه ، أعاد الاتصال بها وهو يبحث سريعاً بسودتاه عليها لعله يقع ببصره عليها ، تجمدت عيناه عليها عندما وجدها امامه في هذا الوضع السخيف !!
_ لم يشعر بقدميه التي قادته بسرعة قصوة إليها ، شعرت هي بظل ضخم وقف أمامها فجاءة ، رفعت بندقيتاها عليه لتعرف هويته لكنها علمت بهويته قبل أن تنظر إليه ، رائحة عطره قد تغلغلت داخل أنفها واخبرتها بوجوده ..
_ أسبلت عينيها بشوق كبير عليه بينما رمقها هو بنظرات معاتبة ، بدت أنفاسه مضطربة وهو يتطلع إلي وجهها بأعين غريبة ، أرسل إليها إشارات موحية تلومها ، يُحَمِلها الذنب كأنها ارتبكت جُرماً في حقه ،
_ بدت نظراته مريبة بالنسبة لها ، شعرت أنها اقترفت خطأ فادح من خلفها ، أهي تستحق تلك النظرات بعد قضاء ليلة كاملة بدونها ؟
_ لم تدري ما عليها فعله الآن ، لكن حتماً ستقع مغشي عليها إن طالت نظراته لأكثر من ذلك ، تفاجئت به يجذبها من ذراعها ويجبرها علي السير خلفه ، توقف عن السير فجاءة واستدار بجسده إليها وأردف من بين أسنانه المتلاحمة بغضب :-
_ ايه اللي انتي بتعمليه ده ؟
_ خفق قلبها بشدة ، توجست خيفة منه ، جمعت قواها بصعوبة ورددت بتلعثم :-
_ أنا ، أنا عملت ايه ؟
_ سحق ريان أسنانه بغضب يحاول كبحه قدر الإمكان وصاح بها هدراً :-
_ ازاي تسمحي لنفسك تقفي تبيعي حاجة في نص الجامعة ؟
_ شعرت بسخونة أطرافها كما تأكدت من تورد وجنتيها خوفاً من نبرته ، أجابته بعدم فهم :-
_ ايه المشكلة بساعد صحبتي !
_ هز ريان رأسه في إنكار وهو يضع يديه في منتصف خِصره بإستهزاء ، اقترب منها بعينان ينطق منهم الشرار وهتف بصرامة وتعالي :-
_ انتي شكلك متعرفيش وضع جوزك هنا ايه ؟
_ تعالت أنفاسها المضطربة وهي ترمقه بعتاب غير مصدقة ما يتحدث فيه ، لأول مرة تتعامل مع نبرته الحادة تلك ، لكن لن تصمت فهي لم تقترف خطأ ، ما فعلته ليس إلا لمساعدة صديقتها ..
_ شهيق وزفير فعلت هي ورفعت رأسها بشموخ وأردفت :-
_ أنا معملتش حاجة عيب ولا حرام ، I helped my girlfriend
_ قاطعها ريان بصوته الجهوري :-
_ كلميني عربي !
_ أسرعت هي موضحة ما تعنيه بنبرة مرتجفة :-
_ أنا ساعدت صاحبتي مفيش حاجة تقلل من وضعك الا إذا كنت محروج مني انا !
_ تفاجئ ريان بردها كأنه خنجر قد غرز في قلبه ، وقبل أن ينبس بشئ يبرر به ما يقصده كانت قد اختفت من أمامه ، عادت حيث تقف هالة وسحبت حقيبتها دون أن تنظر لها وتوجهت إلي للخارج ، لم تصمد طويلاً وانفجرت باكية..
_ مسحت عبراتها بأناملها لكن دون جدوي ، تنهمر دموعها بغزارة ولا تريد التوقف !
_ هرول ريان خلفها لكنه أضاعها بين ذاك الحشد الهائل من الطلبة ، أزفر أنفاسه بضجر بائن وعاد الي السيارة عندما فشل في إيجادها ، فتح الباب ونظر الي خالد وقال بنبرة محتقنة :-
_ شوفت عنود ؟
_ نفي خالد رؤيته لها بينما ضرب ريان بقبضته علي الباب ثم استدار بجسده يبحث بعنياه عنها لربما يراها ، لا يجدها ولا تجيب علي اتصالاته حتماً سـيفقد عقله ما لم يطمئن عليها ..
_ جلس بداخل السيارة وهاتف يحيي ، انتظر قليلاً ثم أستمع لنبرته الرجولية لكنه قاطعه قائلا :-
_ شوفت عنود
_ ألقي ريان هاتفه أمامه بغضب عندما نفي يحيي أيضاً عدم رؤيته لها ، تسائل خالد بإهتمام :-
_ في ايه ؟
_ قص ريان عليه سريعاً مختصراً ما حدث بينهم ، فأسرع خالد بالقول معاتباً إياه :-
_ بس انت غلطان يا ريان من أمتي وانت بتهتم بالشكليات دي ؟
_ نفخ بغضب عارم وأردف وهو يجوب بعيناه المكان بتفحص شديد :-
_ عارف اني اتنيلت ، الوقتي عايز أعرف هي راحت فين ؟
_ فكر خالد قليلا ربما يأتي بفكرة تهدئ من روع صديقة ثم قال بتريث :-
_ ما يمكن تكون روحت هي يعني ليها حد غيرك!
_ رمقه ريان بندم شديد ، كم آلمته جُملة خالد للغاية ، بالفعل لا يوجد غيره ، لا تعرف سواه ، هو بات عائلتها التي حُرمت منها ، كيف له أن يُحزِن قلبها ويؤلمها دون رحمة ؟
_ شعر بوخزة قوية في قلبه وهو يتخيل مشاهد عِدة وهي بمفردها ، هل تبكي ؟ هل تتألم ؟ هل تسبب في فتح جراح أُخري لها ؟ كيف ستعود أهي تعرف السبيل للعودة ؟ هل يوجد معها نقود ! ماذا وإن فقدت وعييها مثلما حدث بالأمس ولم يكن هو بجوارها !!
_ لم يشعر بيده التي تسابقت في ضرب كل ما يأتي أمامه بعنف ، جن جنونه فقد عقله سُلبت روحه ، ماذا إن لم تعد إليه أو حدث لها أي مكروه ولم يشعر هو بها ؟!
_ مال خالد بجسده بالقُرب من ريان وأمسك ذراعيه بكل ما أوتي من قوة ليجبره علي التوقف وأردف بحكمة :-
_ أكيد رجعت للبيت ، تعالي نرجع وانت هتتأكد بنفسك ..
_ رمقه ريان وكأنه يريد التعلق بأي أمل يطمئنه عليها ، اعتدل في جلسته وكان هذا بمثابة موافقة علي العودة الي الديار ، بينما دعي خالد داخله من قلبه بعودتها لكي لا ينهار صديقه ،
الاكثر قراءة هذا الشهر :
موعد البارت الجديد الساعة ( 4 م ) يوميا ان شاء الله
هنا تنتهى احداث رواية المعلم الفصل الثالث والعشرون ، يمكنكم اكمال باقى احداث رواية المعلم الفصل الرابع والعشرون أوقراءة المزيد من الروايات المكتملة فى قسم روايات كاملة .
نأمل أن تكونوا قد استمتعتم بـ رواية المعلم ، والى اللقاء فى حلقة قادمة بإذن الله ، لمزيد من الروايات يمكنكم متابعتنا على الموقع أو فيس بوك ، كما يمكنكم طلب رواياتكم المفضلة وسنقوم بوضعها كاملة على الموقع .