نستكمل أحداث رواية لا يليق بك إلا العشق الفصل التاسع من روايات سماح نجيب ( سمسم ).
رواية لا يليق بك الا العشق الفصل 9
٩– ” الوجه الآخر للشيطان ”
صوت إدارة مفتاح الباب ، هو من جعله يكف عن إسترساله بحديثه ، عملت على إزاحة يده عن ذراعها ، فالألم لا يحتمل ، فهو كان على وشك كسره بأصابعه القاسية ، ظلت تدلك بيدها ذراعها لتخفف من وقع الألم عليه ، فجاهدت على مسح تلك العبرات سريعاً قبل أن تراها أبنتها التى تسمرت على عتبة الباب ، بعد رؤية أبيها
فدلفت ولاء تغلق الباب خلفها بحدة ، ولكن تلك المرة فضلت أن لا تجابهة بالقول ، بل ذهبت رأساً إلى حجرتها ، تغلق الباب بغيظ فى وجهه
فأستدار برأسه لإسعاد قائلاً بتهديد :
– يلا روحى هاتى الفلوس ولا تحبى أنادى لولاء ويبقى الكلام على المكشوف وتعرف كل حاجة قولتى إيه
لم ترد له كلمة ، بل ركضت لغرفتها ، وأخرجت صندوق خشبى تحتفظ بمالها فيه ، فهى تحاول تجميع المال من أجل زيجة أبنتها ، ولكنه لا يدعها تفعل ذلك ، فدائماً ما يسلبها أموالها ، مقابل أن لا يفتضح أمرها أمام إبنتها ، أو أمام أحد أخر وربما ينتهى بها المطاف بالسجن ، لذلك تطيعه ولا تخالف له أمراً
خرجت بالنقود ووضعتها أمامه على الطاولة ، فأخذها يضعها بجيبه وهو يبتسم بمكر ودهاء يناسبه :
– شطورة يا إسعاد سلام بقى دلوقتى أشوفك بعدين يا روح الروح
خرج حسان من الشقة ، فأغلقت الباب خلفه وهى تستند عليه ، تبكى بمرارة على حالها ، ولكن كفكفت دموعها سريعاً ، وهى تسمع صوت باب غرفة ولاء يفتح ، فخرجت ولاء تبحث بعيناها إذا كان أبيها هنا أم رحل
فهتف بإسعاد قائلة بتساؤل هازئ :
– هو بسلامته راح فين
– مشى خلاص هتاكلى أجبلك الأكل ؟
قالتها إسعاد وهى مازالت توليها ظهرها ، تجفف عبراتها ، التى لم تخفى على إبنتها ، فهى دائما ما تراها تبكى
شعرت بيد إبنتها تربت على كتفها بحنو بالغ وهى تقول :
– فى حاجة حصلت منه تانى يا ماما قوليلى وأفتحيلى قلبك نفسى ألاقى تفسير واحد للى بيعمله ده ومخليكى ساكتة بالشكل ده هو ماسك عليكى ذلة
تصلب جسد إسعاد بعد سماع ما قالته ولاء ، تزدرد لعابها تخشى أن تكون إستمعت ولاء لقول أبيها أثناء وجودها أمام باب الشقة ، أو أن تكون تنصتت عليهما من داخل غرفتها
فتلعثمت وهى تقول :
– مماسك ععليا ذلة إيه ايه اللى بتقوليه ده يا ولاء ، أنا بس ساكتة علشان إحنا إتنين ولايا وضل راجل ولا ضل حيطة
– لاء ضل الحيطة أرحم يا ماما من اللى هو بيعمله ده
قالتها ولاء بنزق ، تجد مبرر أمها لا يستحق عناء العيش برفقة رجل مثل أبيها
ولكن قبل أن تخوض ولاء نقاشاً معها ، أسرعت هى فى الذهاب لحجرتها ، وأغلقت الباب خلفها ، إشارة على أن لاتزيد كلمة أخرى ، فذلك الحوار بينهما ، لن يأتى بثمار مُرضية ، بل حتماً ستكون العواقب وخيمة للغاية ، فمن الأفضل لولاء أن لا تنبش بداخلها ، فربما البحث عن إجابات ترضيها ، سيجعلها تتحسر أنها بدأت بالبحث منذ البداية
– أنا هموت وأعرف أنتى مخبية عليا إيه يا ماما
دبت ولاء الأرض بقدميها ، وهى تشعر أنها بقفير نحل من كثرة التفكير ،ومحاولاتها بربط كل الخيوط والاحداث ببعضها البعض ، ولكنها تصل بالنهاية لطريق مسدود ، فالأمر بدأ يتخذ شكلاً جدياً تلك المرة ، فإن كانت تمرر كل ما يحدث سابقاً بدون التمعن بأسبابه ، مكتفيه بظواهر الأمور فقط ، فالأن عليها أن تكون أشد حرصاً وإنتباهاً على ما يدور حولها ،وخاصة حياة والداتها المعقدة التى لاتجد شيئاً بها يسير بتفسير منطقى
_____________
صم أذنيه صوت نباح ثلاثة كلاب سوداء يشبهوا الذئاب ، وهى تقفز على قوائمها ، كأنها بإنتظار فريستها ، يمسك بطوق كل كلب منها حارس ضخم الجثة ، يشبه المصارعين ، يقفوا قريباً من مجلس ذلك الرجل ، الجالس على المقعد الضخم ذو التنجيد الأرجوانى ، واضعاً ساق على الاخرى ، ينعكس ضوء الثريا الكريستال المعلقة بالسقف على وجهه المتصلب ، شعره أسود فاحم ،وعيناه بلون مماثل ، ولحية مشذبة يتخللها شعيرات بيضاء ، فمن الوهلة الأولى يظن الرائى أن ذلك الرجل ربما فقد الحياة ، وهو يجلس ثابتاً لا يرف جفنيه
ولكن صوته المنبعث من حنجرته القوية ، هو من جعل نادر يرتجف قليلاً وهو يأنبه على التأخير :
– حمد الله على السلامة يا دكتور نادر إيه ده يا راجل هقعد استناك الليل بطوله دا أنا حتى كده أزعل منك وشوف لما أخوك الكبير يزعل منك يحصل إيه
تقدم نادر حتى جلس بمقعد على يمينه وهى يجيبه بإقتضاب طفيف :
– على ما خلصت شغل فى المستشفى وفضيت يا نصر ما أنت عارف وبطل بقى تكلمنى كده كأن عيل صغير قدامك بتزعقله علشان رجع البيت متأخر
أفتر ثغر نصر عن إبتسامة هازئة :
– أمم على ما فضيت ولا شبعت يا نادر ولقيت العروسة اللى هتخليك تستغنى عنى و عن شغلنا ماهى الصراحة أبوها برضه مش قليل راجل مليان فلوس عرفت تنشن صح يا نادر برافووو
تبع نصر حديثه بتصفيق يديه وهو يشيد بخبث نادر معقباً :
– خليت البت تتعلق بيك وأتغرت بشكلك الوسيم ووظيفتك متعرفش أن ده كله من خيرى والفلوس اللى أدفعت فى العفش اللى أختارته من فلوس عمليات بنعملها لبيع الأعضاء ، وأنك واخد شغلك فى مستشفى راسل صفى الدين ستارة تدارى بيها على حقيقتك
لم يكن من نادر بعد سماع قول نصر ، إلا أنه أقترب يأخذ كأس من الخمر الموضوع على الطاولة الفاصلة بينهما ، فتجرع منه بعدما كان يحركه بين يديه :
– أصل الحياة فرص يا أخويا يا حبيبى ، ولما ألاقى فرصة زى دى ما أستغلهاش يعنى دا حتى أبقى غبى ، وأنا قولت جوازى يتم وهرجعلك كل الفلوس اللى اخدتها منك وكده نبقى خالصين بقى ، ونرجع أخوات وحبايب من تانى
أخرج نصر سيجاراً من جيبه ، يقص طرفه بألة حادة صغيرة وهو يقول :
– ماشى يا نادر عندى إستعداد أسيبك فى حالك ، بس دلوقتى مطلوب مننا عملية حلوة فيها قرشين بالدولار ، أعتبرها ماتش إعتزالك يا أخى ، وبعد كده روح للعروسة الننوسة بتاعتك ، وأعتبر الفلوس هدية جوازك ، مقولتليش كتب الكتاب إمتى والفرح علشان أجى أبارك ، ماهو واجب برضه أخويا بيتجوز ولازم أفرح بيه
نقر نادر بطرف إصبعه ، على زجاج كأسه وهو يجيبه :
– كتب الكتاب بعد كام يوم والفرح بعده بأسبوعين ، مش عايز مشاكل يا نصر قبل الفرح محدش عارف أصلاً أنك أخويا ،حتى الناس اللى أجرتها وعملتهم قرايبى علشان أخطب حياء ، محدش يعرف هم مين ، وأصريت أن الفرح يكون بعد شهرين علشان محدش يلحق ياخد باله من حاجة ، وأكون ملكتها أنا فى إيدى
– ماشى يا إبن أبويا وأمى ، بس تصدق مضعش تعبى أنك تطلع دكتور بلاش ، طلع له مميزات كتير أوى الصراحة
بعد أن قال نصر عبارته ، وضع السيجار بفمه يشعله بقداحته الذهبية ، التى حملت الحرف الأول من إسمه منقوشاً باللغة الإنجليزية ، فألقاها بعد ذلك تحدث صوت قرقعة على الطاولة
أستند نادر برأسه على طرف المقعد وهو يحدق بالسقف فهمهم بصوت خافت :
– تعبك يا نصر ولا علشان تكمل مسيرة أبونا بس المرة دى تبقى ضامن أن الدكتور من لحمك ودمك ومش هيقلب عليك ولا يوديك فى داهية
كل كلمة وصلت لأذنيه ، جعلته يتذكر أبيه الذى أمتهن تلك الحرفة القذرة من قبله ، فهو كان يعمل لدى مافيا لتجارة الأعضاء ، حتى توفى غدراً على يد الزعيم ، بعدما رأى أنه بغير فائدة ، ليبدأ بعد ذلك الإبن الأكبر على أتباع خطى أبيهما ، أو بالأصح خطى الشيطان ، فوالدهما لم يفعل شئ حسن بحياته
ولكن حرص نصر على أن يحصل نادر على نظرة الاحترام من المجتمع ، وساهم بذلك تحصيله الدراسى وشكله الوسيم الوديع ، الذى لا يستطيع أحد إكتشاف ما يخفيه خلف تلك الوسامة أو المركز الاجتماعى
– مش بيقولك زيتنا يبقى فى دقيقنا
قالها نصر وهو يهم بترك مقعده ، وأقترب من مقعد نادر ، يمسد على خصلات شعره كأنه ولد صغير يجب أن يطيع كل ما يقال له
رفع نادر عيناه يرمقه بصمت ، فإن كان نصر وغد ومجرم ، إلا أنه لم ينسى بيوم أنه شقيقه الأصغر ، الذى حرص على دلاله من وقت لآخر ، فهو من أشار على أبيهما أن يترك نادر يكمل دراسته ، فلم يرد أبيه كلمته ، ولكنه توفى قبل أن ينتهى نادر من دراسته بكلية الطب
أنحنى نصر إليه قليلاً ، وهتف به متفكهاً :
– بس مقولتليش بقى عروستك دى لو سألت على قرايبك اللى شفتهم لما أنت خطبتها هتقولها إيه
– هقولها ماتوا كلهم فى حادثة ، وهى هتدعيلهم وتقرالهم الفاتحة أصلها طيبة أوى
قال نادر عبارته ، وسرعان ما تعالت ضحكته ، متيقناً من إقتناع حياء بأى شئ يخبرها به ، فتلك الزيجة هى من ستعزز موقفه ومكانته بالمجتمع ، فستكون كالإطار المزخرف لصورة الطبيب الوسيم المتفانى بعمله وحبه لشريكة حياته ذات الحسب والنسب والصيت الحسن
شاركه نصر الضحك ليستقيم بعد ذلك بوقفته بعد انحناءه وهو يتسائل بغرابة :
– بس مش عارف يا أخى إزاى حماك عدا الموضوع ومسألش عليك ولا على قرايبك ولا نبش وراك فى أى حاجة أنت قولتى أنه رحب بالموضوع ومعترضتش
رفع نادر عيناه يرمق أخيه وهو يقول بخبث :
– ماهو ده فايدة أن تخلى البنت تتعلق بيك لأن طبعا ساكن فى نفس المكان اللى ساكنين فيه وعارفين أنا بشتغل فين ، وكمان عارفين أن مليش غير قرايب من بعيد وعملت حسابى وقولتلهم انهم مش عايشين فى اسكندرية لاء فى الصعيد ، وأن أنا جبتهم علشان مبقاش لوحدى كلهم فاهمين كده
ولكن أطرق برأسه وهو يعقب :
– بس مكدبش عليك ساعات كنت بحس أن عرفان الطيب مكنش حابب الجوازة من الأول وخصوصاً لما وافقت أعيش معاهم فى البيت تفتكر يكون شاكك فى حاجة
وضع نصر يده بجيبه وهو يفكر فيما قاله نادر ليهتف به بعد ذلك مطمئناً:
– مظنش وإلا كان زمانه فركش الجوازة زى ما أنت خفت الجوازة تبوظ لما ظهر راسل صفى الدين فى الصورة وحكيتلى عن اللى حصل بينه وبين عروستك
شد نادر على الكأس بيده كأنه على وشك تحطيمه فغمغم من بين أسنانه بغيظ :
– كانت هتبقى مصيبة لو كانت الجوازة باظت لأن دى أول مرة أشوف دكتور راسل يهتم بواحدة كده حتى لو كان بيضايقها بس من حسن حظى أن حياء كرهته وإلا كان زمانى أنا برا اللعبة
عاد نصر من جديد ليجلس على مقعده وهو مبتسم :
– متقلقش أنا حاططها تحت عينى وأظن الهدية اللى أنا بعتهلها زودت كرهها ليه أكتر ولا إيه ، لأنها مليون فى المية فكرت أن هو اللى بعتها وخصوصاً بعد خناقتهم فى المول أنا متابع خطواتها خطوة خطوة علشان أتمملك الجوازة علشان تعرف أخوك بيحبك قد إيه
شعر نادر بإنتشاء بعد سماع حديث شقيقه فغمغم قائلاً :
– أنت متعرفش عملت فيها ايه دى ولعت فيها قدام عينيا ولو تشوف وشها ساعتها كانت أكيد بتفكر تقتله وتخلص منه ، حياء مش لازم تشوف راجل فى حياتها غيرى أنا وبس
أطل وجهه البشع من خلف قناع تلك الوسامة الوديعة ، فأنتزع عنه القشرة البراقة ، التى جعلت حياء تراه فارس أحلامها ، لتظهر الحقيقة البشعة من أنه ليس فارساً كما تظن هى ، بل وغداً وكاذباً يرتكب من الجرائم أبشعها ، يوارى كل ذلك بحنكة لا يستطيع أحد أكتشافها ، وكيف ذلك ؟ وكل الدلائل تشير على أنه طبيب حسن السيرة والسلوك الاجتماعى
_____________
بأحد أروقة المشفى ، أستوقفت هند تلك الممرضة ، التى راحت تدير برأسها يميناً ويساراً لتأكدها من عدم وجود أحد يتلصص عليهما ، أو أن يراها أحد وهى تأخذ تلك النقود التى ناولتها إياها هند ، نظرت الممرضة للنقود بحبور ، ووضعتها بجيب ردائها
فرفعت وجهها لهند قائلة بإبتسامة عريضة :
– من إيد منعدمهاش يا أنسة هند
– قولى اللى عندك يلا
قالتها هند بتلهف لمعرفة أخر أخبار راسل وما يدور بالمشفى ، فهى بغفلة منها ، جاءت تلك المرأة الأجنبية ، لتسلبها الفرصة التى كانت تتحينها من وقت لأخر منذ معرفتها براسل ، فهى لا تريد تكرار الأمر ثانية ، لذلك جعلت من تلك الممرضة عيناً لها هنا ، تنقل لها كل ما تراه وتسمعه بالمشفى ، كأنه تقرير يومى تخبرها به عبر الهاتف ، أو أثناء تواجدها بالمشفى
أقتربت الممرضة منها قليلاً وهى تهمس لها :
– هو لحد دلوقتى كل شئ تمام مفيش غير الدكتورة اللى إسمها ميس دى ، والصراحة كلنا مستغربين علاقتها بدكتور راسل ، وطول ماهى هنا فى المستشفى قاعدة فى مكتبه ، ولما بتروح بتخرج وهى حاطة ايدها فى دراعه زى ما يكونوا أتنين حبيبه
بسماع هند لما يقال ، قطبت حاجبيها تحتدم ملامحها بمعالم الغضب والغيرة ، فمن تكون تلك المسماة ميس ، فما الذى يحدث وهى لا تعلم ؟ فقبضت هند على ذراع الممرضة بشئ من القسوة وهى تهتف من بين شفتيها بغيظ :
– أنتى متأكدة من اللى بتقوليه ده وهى بتيجى هنا من أمتى دى كمان
أجابتها الممرضة بوجل :
– هى بتيجى يومين فى الاسبوع على أساس أنها بتدرب هنا ، والوحيدة اللى مبيقدرش يتكلم معاها دكتور راسل زينا ، بالعكس بيسكت خالص ، والوحيدة اللى لو عملت ايه فى أوضة العمليات مش بيطردها زى ما بيعمل مع أى حد ، دى زى ما تكون واكلة عقله خالص ، دى حتى هى جاية هناك أهى
رفعت الممرضة تشير بيدها لميس ، التى أتضح أنها قادمة بأخر الرواق المؤدى لغرفة مكتب راسل ، تتبعت هند يد الممرضة ، حتى وصلت عيناها لتلك الفتاة التى تشير إليها
لم يكن لدى هند الوقت الكافى لتتريث بتصرفها ، فأندفعت إلى ميس تسد عليها الطريق ، تعجبت ميس بالبداية إلا أنها حاولت أن تكمل بطريقها ، ولكن جعلت هند ذلك الأمر شاق عليها ، وخاصة أنها تقف أمامها بكل طريق تسلكه
حاولت ميس الحفاظ على هدوءها وهى تقول :
– فى إيه حضرتك مالك واقفة ليه كده زى ما تكونى مستقصدانى
شبكت هند ذراعيها أمام صدرها قائلة بهجوم :
– أنتى مين وبتعملى ايه هنا وايه علاقتك براسل أنطقى
أثارت هند شياطين ميس بعلو صوتها ، فرفعت ميس يدها تدفعها بكتفها وهى تقول :
– أنتى مجنونة ولا ايه أبعدى عن طريقى وإلا مش هيحصلك طيب
تجمع عدد من العاملين بالمشفى ، لرؤية ذلك الشجار بين هاتان الفتاتان ، كأنهم يشاهدون عرض مسرحى ، وخاصة بعدما عملت هند على رد تلك الدفعة لميس ، فصار الموقف أكثر تأزماً
تناهى إلى مسامع راسل صوت تلك المشاجرة بالخارج ، فترك مكتبه ليرى سبب تلك الجلبة ، خرج من المكتب ورآى هند وميس يتشاجران بوسط جمع من الناس
بالبداية وقف مشدوهاً مما يراه ، إلا أنه خرج من دائرة تعجبه فصرخ بهما بصوت جهورى :
– بااااااس بتعملى إيه أنتى وهى بتتخانقوا ليه
سحب راسل ميس من مرفقها ، فرمقته بعينان باكيتان من تلقيها تلك الإهانات من هند ، فعاد للنظر لباقى الجمع ، فصرفهم بجملة واحدة ، تحوى تهديداً إذا خالف أحد ذلك الأمر :
– كل واحد على شغله أحسن فاهمين
انفض الجمع وظلت الفتاتان بحضرته الغاضبة ، التى لا تنبأ بالخير ، فأشار إليهما بأن يسبقاه لغرفة مكتبه ، فأمتثلتا لأمره ، فأغلق راسل باب غرفة مكتبه ، يستند عليه وهو يحملق بوجه كل منهما تارة ليعود ويزفر بحنق تارة أخرى ، طلب منهما الجلوس ولكن ميس أمتنعت عن الامتثال لأمره وأن تجتمع بتلك الفتاة بمكان واحد
فحركت رأسها رفضاً تاماً:
– أنا مش هقعد مع البنى أدمة قليلة الذوق دى فى مكان واحد أنا ماشية
– هى مين اللى قليلة الذوق ولا أنتى اللى خطافة رجالة
قالتها هند بعداء واضح ، ليرتفعا حاجباه بدهشة ، فلم تنتظر ميس سماع كلمة أخرى ، بل ركضت خارجة من الغرفة وهى تبكى ، فناداها راسل ولكنها لم تستمع إليه
حول بصره لوجه هند الممتقع فدمدم ساخطاً على قولها :
– إيه اللى أنتى بتقوليه ده يا هند انتى جرا لمخك حاجة
– أنا بحبك يا راسل وبغير عليك ، معقول أنت مش حاسس بحبى ليك ، أنت قلبك ده إيه ، أنا مش قادرة أشوف حد غيرك
كمن أصيبت بحمى مفاجأة ، فطفقت تردد كلامها بحالة تجمع بين الهذيان والهيام
أرتمى على مقعده بإرهاق ، فرد قائلاً بهدوء :
– أنا قولتهالك ١٠٠ مرة قبل كده أنا منفعكيش وشوفى حد تانى يقدر حبك ليه ، أنتى مليون واحد يتمناكى يا هند ، صدقيني أنا مش زى ما أنتى شيفانى ، والتجربة اللى مريت بيها موتت كل حاجة جوايا ، فمش عايزك تضيعى عمرك على الفاضى
– وأنا مش عايزة من المليون دول غيرك أنت يا راسل
نطقت بها هند بعينان لامعة وبيأس أيضاً ، فما كان منه سوى أنه وضع رأسه بين يديه ، يغمض عيناه بتعب كمن أصيب بالسقم فجأة ، فماذا يفعل معها حتى يفهمها أنه ليس ذلك الرجل الذى تبحث عنه ؟ وأنه ليس كما تراه ، فإن كان أحياناً يتحدث معها بود ، فلا يعنى ذلك أنه سيقع بغرامها ، فصدره لم يعد يحوى قلباً قادراً على الحب بل تجويفاً فارغاً مكانه ، ولا يريد منها إنتظار شئ لن يحدث ، بل من الأفضل لها أن تبحث عن من يسكنها بقلبه ، ويستشعر حلاوة حبها له ، وليس رجل لم يعد يشعر سوى بطعم المرار الذى طغى على قلبه وحياته بأكملها
____________
صاح كرم بصوته قليلاً ، لكى تكف تلك الفتاة عن الهمهمة ، والثرثرة التى بدت مسموعة له بوضوح ، فساد الصمت بعد صيحته ، فعاد إكمال كتابة عنوان الدرس على اللوح الأبيض المتصدر الحائط ، ولكن عادت تلك الأصوات ثانية ، وهو يعلم أن فتاة واحدة هى التى لا تنصاع لتنبيهه ، وتعود للثرثرة مرة أخرى
فبدون أن يلتفت إليها ناداها بصرامة :
– سهى قومى أقفى
أمتلثت تلك الفتاة لأمره ، فأستقامت بوقفتها توكز صديقتها الجالسة بجانبها ، لكى تكف عن الضحك ، فبإستدارته إليها ، ضمت يديها سريعاً ، تدعى الأدب والاحترام والطاعة
فحاولت أن تضمن صوتها نبرة الاستعطاف وهى تقول:
– هو أنا عملت إيه يا مستر كرم مش أنا اللى كنت بتكلم
وضع كرم القلم من يده يستند على المكتب الصغير بيديه ينحنى قليلاً للأمام :
– وإيه اللى عرفك أن وقفتك علشان بتتكلمى أنا عايزك تترجمى القطعة اللى كتبتها دى دلوقتى
أيقنت أنها وقعت بشرك من صنع يدها ، فإن كانت ماهرة باللغة الفرنسية ، فهى تعلم أنها ستخطئ لا محالة ، وخاصة وهو يهددها بأنها لو أخطأت ستعاقب ، فأزدردت لعابها وبدأت بترجمة الكلمات ببطئ ، حريصة على ألا تخطئ أمامه ، فهى لا يعنيها العقاب ، قدر أنها تريد أن يراها الطالبة المثالية ، تريده أن يشعر بأنها صارت تكن له مشاعر أخرى ، غير تلك التى يجب أن تكون بين المعلم وتلميذته
رفع كرم أحد حاجبيه بإستحسان بعد إنتهاءها :
– برافو يا سهى بس ياريت تبطلى كلام فى الحصة أنتوا مش صغيرين يعنى علشان كل شوية أقولكم بطلوا كلام دا أنتوا فى ٢ ثانوى دلوقتى مش أطفال يعنى
أماءت سهى برأسها مراراً و تكراراً ، فجلست مكانها وهى تنظر له بهيام ، كأنها ترى أحد أبطال مسلسلها المفضل ، حتى أنتهى الوقت المخصص لتدريسه اللغة الفرنسية ، فلم تخرج من تلك الحالة إلا على ضرب صديقتها ساقها وهى تهمس لها :
– بت يا سهى صحصحى يخرب بيت تناحتك وبطلى تبصيله كده حرام عليكى
أغمضت سهى عينيها متنهدة بحرارة :
– مش قادرة أشيل عينى من عليه دا المفرض يبقى ممثل مش مدرس شايفة لون عينيه الرمادى دى يلهوى تلحس المخ أنا بحبه
كسا الغضب والوجوم وجه صديقتها وهى تجيبها :
– دا أنتى دماغك طق فعلاً يا بنتى اللى أنتى فيه ده مرحلة مراهقة حب ايه ونيلة إيه ، يعنى عادى ممكن تمشى تحبى على نفسك حتى بس دا بتبقى مشاعر كده عابرة وخلاص مش حقيقية يعنى
رفعت سهى يدها لتكمم فمها وهى تقول :
– بس أسكتى متقوليش كده أنتى مش فاهمة حاجة ولا أنتى غيرانة منى علشان هو شكله بيحبنى
تبسمت صديقتها بسخرية :
– بيحبك ! دا أنتى هربت منك خالص ربنا يهديكى
تركتها صديقتها بعد سماع جرس المدرسة ، يعلن إنتهاء اليوم الدراسى ، أخذت سهى حقيبتها تضعها على ذراعها ، ووضعت يديها بجيب سترتها الثقيلة ، أثناء خروجها من باب المدرسة ، لمحت خروج كرم ، فركضت للحاق به
نادته بإلحاح مكررة :
– مستر كرم مستر كرم
سمع كرم صوتها يناديه ، فكفت قدماه عن السير ، ينتظر وصولها إليه ، ليرى ماذا تريد منه ؟ فأقتربت منه لاهثة ، تحاول إلتقاط أنفاسها
فتبسمت وهى تقول :
– هو حضرتك يا مستر الدرس بكرة فى ميعاده ولا حضرتك غيرته وأنا معرفش
أجابها كرم بهدوء :
– لاء فى ميعاده يا سهى وفى السنتر اللى بناخد فيه الدرس على طول وذاكرى كويس
رحل كرم قبل أن تجيبه ، فظلت تتبعه بعيناها ، حتى أنها لم تكن تنتبه لتلك الدراجة النارية ، والتى عملت صديقتها على سحبها من أمامها قبل أن يصيبها سوء أو مكروه ، شحب وجه سهى بعد رؤيتها تلك الدراجة تمر بجانبهما بسرعة ، كانت كفيلة بإطاحتها وإلقاءها أرضاً
– شكراً
نظرت لصديقتها بإمتنان ، بادلته الأخرى بغضب طفيف من سبب معرفتها أن ماحدث لم يكن سوى نتيجة لتحديقها الأبله بمعلمها العزيز ، فسحبتها من يدها بدون أن تفه بكلمة يكملان طريقهما ليصلا للمنزل ، فهى تقطن ببناية مجاورة لتلك البناية التى تقطنها سهى ، وهما صديقتان منذ الطفولة ، ولكن لكل منهما طباع تختلف عن الأخرى
_____________
تسير على أطراف أصابعها ، وهى تلج المطبخ بعد تأكدها من خلوه من جدتها والخادمة ، فتحت مبرد الطعام ، تنظر لحلوى الشيكولاتة ولثمار الفراولة بإشتهاء طفولى ، فأبيها يشدد أوامره عليها بأن لا تفرط فى تناول الشيكولاتة أو الفراولة ، فبعد تناولهما تصاب بحكة بجلدها تظل تبكى على أثرها وقت طويل ، يعمل أبيها عن وضع مراهم طبية مرطبة حتى تكف عن البكاء والحكة
ولكنها صغيرة تريد أن تتناول ما تشتهيه وبالكمية التى تريدها ، فأخرجت طبق الفراولة المغسول بعناية ، ووضعته أسفل تلك الطاولة التى تتوسط المطبخ ، لتعود وتأخذ طبق الحلوى ، وعادت لمخبأها ، فقطعة من الحلوى يلحقها ثمرة فراولة ، فظلت على ذلك المنوال حتى أنهت الطبقين ، وصار وجهها مغموس بالشيكولاتة وباللون الأحمر
سمعت صوت خطوات قادمة فشهقت بخفوت وهى تقول :
– بابى
صوت حركة أسفل المائدة هو من أسترعى أنتباهه ، فهو يبحث عن صغيرته ولا يجدها ، فأنحنى يرفع غطاء المائدة المتدلى للأرض ، فرأها تضع يديها على فمها ، ترمقه بزرقاوتيها بوداعة
فرفع سبابته يشير إليه :
– تعالى أخرجى بتعملى إيه عندك كده تعالى
هزت رأسها برفض ، فأعاد عليها مطلبه ثانية ، فلم تستجيب له إلا بعد المرة الخامسة ، خرجت من اسفل المائدة تسير على يديها وركبتيها كأنها تحبو
فرفعها عن الأرض يضعها على الطاولة ، يتأمل هيئتها المزرية قائلاً بتأنيب وعتاب :
– إيه اللى أنتى عملاه فى نفسك ده يا سجود مش قايلك متاكليش شيكولاتة وفراولة كتير
مطت سجود شفتيها تمهيداً لبكاءها :
– كنت عايزة أكلها يا بابى
فبعفوية منها وضعت يداها على صدره ، فلطخت قميصه الأبيض بالشيكولاتة ، فقبل أن يقول شيئاً أبدت الصغيرة أسفها تغمغم وهى تكور يديها أمام فمها :
– أنا أسفة يا بابى
تبسم لها بحب وهو يقول :
– ولا يهمك يا قلب بابى تعالى يلا غسلى وغيرى هدومك علشان عارف أنك هتتعبى من العك اللى عملتيه ده
حملها راسل على ذراعه ، وخرج من المطبخ وجد والدته قادمة بعد البحث عنها بالحديقة ، فلم يكن لديها متسع من الوقت للسؤال عما فعلته ، فحالتها تغنى عن أى سؤال ، فأخذتها منه ، وصعدت بها لغرفتها ، حممتها وألبستها ثيابها ، ولكنها رفضت أن تمشط لها شعرها تريد من أبيها أن يفعل ذلك
فأخذت فرشاة الشعر وخرجت من غرفتها ، وذهبت لغرفة أبيها ، وجدته يبدل قميصه ، فناشدته أن يمشط لها شعرها
جلس على الفراش يجلسها على ساقيه المضمومين وبدأ بتمشيط شعرها ، ولكن علقت يداه بالفرشاة بمنتصف رأس الصغيرة ، بعد تذكره بأنه هو من كان يلح على صوفيا بأن يصفف لها شعرها الأشقر النحاسى ، ذلك الشعر الذى تبقى منها بعدما تفحمت جثتها بالكامل ، تختفى معالم الجمال والفتنة ، ليتحول جسدها كقطعة من الفحم المحترق
كأن الصغيرة أنتبهت على ما يحدث فهتفت به :
– بابى فى حاجة بتوجعنى
بدأت بحك جلدها بشراسة ، فأنهى تصفيف شعرها ، يركض لإحضار المواد المرطبة للجلد ، فبدأ بتوزيعه على جسدها يدلكه بلطف ، ولا ينفك عن تقريعها وتأنيبها على ما فعلته ، بعد أن شعرت سجود بالراحة جلست بأحضان أبيها ، تلح عليه بمشاهدة أفلام الرسوم المتحركة على هاتفه
استند راسل بظهره على الوسائد خلفه يمدد ساقيه وسجود مازالت متوسدة صدره بجسدها النحيل ، يطبق عليها بذراعيه ، ولا ينفك عن تقبيل رأسها ومداعبتها ، فهو لا يحافظ على ما تبقى من أدميته إلا من اجلها ، فهى نسمة الهواء اللطيفة التى ترطب من لهيب ذلك الجحيم الذى يعيش به ، فهى بسمته بوسط ركام الحزن بداخله ، فهى ستظل قلبه النابض ، حتى وإن كانت تحمل شبه ودماء تلك اللعينة المسماة أمها
انتبه على صيحة الصغيرة وهى تشاهد صورة على هاتفه :
– بابى دى اللى كنت أنا وولاء قاعدين ناكل معاها لما روحنا المول
أعتدل راسل بجلسته بإهتمام بعد سماع قول سجود ، فأخذ منها الهاتف يحدق بصور خطوبة حياء ونادر بغرابة ، فمن أين أتت الصورة ، ولكنه أنتبه على أن أبنته كانت تعبث بحسابه الشخصى على أحد مواقع التواصل الاجتماعي “الفيس بوك” ،
فرأى صورة تجمع نادر بحياء من يوم خطبتهما ، ولكن تلك المرة كتب نادر على الصورة جملة اخذ راسل بقراءتها بصوت هامس :
– بكرة إن شاء الله كتب كتابى وكلكم معزومين
أنهالت عبارات المباركات والتهنئة والدعوات بأن يمن الله عليهما بالسعادة الأبدية ، فأقتصر على كتابة كلمة واحدة وهى ” مبروك ”
فأغلق الهاتف بعد ذلك ، بالرغم من تبرم الصغيرة لأنها تريد إكمال عبثها بالهاتف ، فألح عليها بضرورة الخلود للنوم ، الذى سرعان ما أستجابت لدفء الفراش والأغطية ، وغطت بنوم عميق ، إلا أن النوم جفا عيناه ، فترك الفراش ، وخرج للشرفة ، يتذكر أخر مرة قابلها بها ولم يراها ثانية ، فربما كان هذا أفضل لكليهما
_______________
نصف دزينة من الثياب ملقاة على الفراش ، غير ذلك الثوب الذى ترتديه تقيمه لترى من الأفضل بينهم ليكون هو الثوب الملائم للإرتداء بالغد ، فغداً ستصبح زوجة رسمية لنادر ، فالليل قد أنتصف ، وهى مازالت تجرب الثوب تلو الآخر ، حتى وقع إختيارها بالأخير على ثوب يجمع بين اللونين الأبيض والأزرق بلون السماء ، فأستحسنت أختيارها
– تمام ده حلو هلبسه بكرة
لملمت الأثواب الاخرى لترتيبها بغرفة الثياب ، فمديحة أصرت على شراء كل تلك الاثواب من أجل عقد القران
بعد إنتهاءها ، أرتمت على الفراش وأخذت هاتفها تتصفحه ، فرأت ما نشره نادر على حسابه الشخصي ، فتبسمت وأخذها الفضول فى قراءة التعليقات التى حوت على بعض التندر من أصدقاءه ، وخاصة تلك الجملة التى جاءت بتعليق أحدهم ” أنتم السابقون ونحن اللاحقون ”
بتوالى قراءتها وصلت لتلك الكلمة الوحيدة التي تركها راسل ، كلمة واحدة قصيرة تشعر بجفاءها كصاحبها ، فتخطتها ولم تبالى بها ، حتى أدركها النعاس ، فغطت بالنوم والهاتف مازال بيدها
أنبلج صباح اليوم التالى ، تحاول حياء إزالة النعاس عن جفنيها اللذان تشعر بثقلهما ، سمعت أصوات بالخارج ، فعلمت أن نشاط العاملين بالمنزل بدأ مبكراً من أجل الحدث السعيد ، والحفل الذى سيقام بحديقة المنزل بمناسبة عقد القران
فأعتدلت جالسة بالفراش ، تزيح الغطاء عنها فمسحت وجهها بكفيها ،وأنزلت قدميها أرضاً تنتعل خفها البيتى ، تمطت بكسل ناعم وهى ذاهبة للمرحاض ، لأداء روتينها اليومى
بعد الانتهاء وإرتداءها ثيابها ، خرجت من غرفتها ، أقتربت من الطاولة الموضوع عليها باقى طعام الافطار ، فمن الواضح أن والدايها تناولا إفطارهما ، ولكنها لم ترى أحد منهما
فذهبت للمطبخ لسؤال صالحة عنهما فبعد إلقاءها تحية الصباح سألتها عن والدايها:
– هو بابا وماما فين يا دادة مش لقياهم
إلتفتت إليها صالحة وهى تبتسم :
– الست مديحة قالتلى أنها هى وعرفان بيه رايحين لناس من معارف عرفان بيه علشان يدعوهم لكتب الكتاب كان نسى يدعيهم وقال يروحلهم بنفسه علشان ميزعلوش منه
أماءت حياء برأسها قائلة وهى تقضم تفاحة أخذتها من الفاكهة الموضوعة أمامها :
– اه دا تلاقيهم حد من أصحابهم تمام يا دادة عايزة أكل
– من عينيا الاتنين أحلى أكل لست العرايس
قالتها صالحة تسرع بوضع أطباق طعام الإفطار ، فجلست حياء لتناول فطورها ، وتخرج للحديقة لترى التجهيزات اللازمة من أجل الحفل ، وأيضاً لتستعد هى الأخرى ، فهى أوصت بمجئ إخصائية تجميل من أشهر صالونات التجميل
مرت عدة ساعات ولم يأتى والدايها بعد ، فأخذت هاتفها تهاتف مديحة ، التى جاءها صوتها بعد برهة وهى تقول :
– أيوة يا حياء
دارت حياء حول نفسها وهى تقول :
– ماما أنتوا فين ده كله دا خلاص العصر أذن دا كله كنتوا فين
أجابتها مديحة بصوتها العذب :
– أصل بعد ما روحنا للناس اللى بندعيها روحنا علشان نشتريلك هدية يا قلبى لأن النهاردة يوم مش عادى وخلاص شوية وجايين
– ربنا ما يحرمنى منكم أبدا يا ماما
بعد أن قالت حياء عبارتها ، أنهت المكالمة وذهبت لغرفتها بعد مجئ أخصائية التجميل ، فلم يتبقى الكثير ، فعقد القران بالساعات الأولى من الليل ، وباقى الوقت مخصص للحفل
عملت يد المرأة على تزيين وجه حياء ، يتحدثان بود وفكاهة حتى أنتهت حياء ، وذهبت لغرفة الثياب ترتدى ثوبها الأنيق ، وتعود من أجل إرتداء حجابها
بعد الانتهاء نظرت حياء بالمرآة فتبسمت لتلك المرأة الواقفة خلفها :
– تسلم إيدك
– تسلمى يارب وألف مبروك ربنا يتمم بخير
قالتها المرأة وهى تضع النقود التى أعطتها لها حياء بحقيبتها ، فلملمت أدواتها بحقيبة أخرى وخرجت من الغرفة ، سمعت حياء رنين هاتفها ، فألتقطته لتجيب نادر ، بعدما رأت أسمه على شاشة الهاتف
قبل أن تفه بكلمة أنبعث لها صوته جذاباً وهو يقول :
– القمر خلص ولا لسه خلاص مبقاش فاضل كتير والمأذون جاى معايا
حاولت أن يخرج صوتها بعد شعورها الشديد بالخجل :
– اه خلاص خلصت وكل حاجة جاهزة بس ماما وبابا لسه مرجعوش من برا أنا مش عارفة هدية ايه اللى أخرتهم دى أنا …..
قبل أن تكمل عبارتها ، سمعت صوت نحيب وبكاء من الخارج ، فتعالت الصيحات التى جعلت الرجفة تسكن أوصالها ، فما الذى حدث ؟
سقط الهاتف من يدها ، تركض للخارج ، فوجدت صالحة تلطم خديها بشكل أفزعها ، فتقدمت منها تقول بذعر :
– فى إيه يا دادة بتصوتى وبتلطمى ليه كده فى إيه
ظلت صالحة تدب على صدرها ،كأن أحبالها الصوتية علقت بهما غصة منعت عنها الكلام ، ولكن بتحريك حياء لكتفيها تحثها على الكلام ، خرج صوتها ملتاعاً وهى تقول :
– مصيبة مصيبة يا ست حياء اتصلوا علينا وقالوا عرفان بيه وست مديحة عاملوا حادثة وفى المستشفى ماتوا يا ست حياء ماتواااا
___________
يتبع…
لإكمال الرواية تابعنا علي قناة تليجرام
👈 الفصل التالي: رواية لا يليق بك إلا العشق الفصل العاشر
👈 جمييع الفصول: رواية لا يليق بك إلا العشق كاملة بقلم سماح نجيب
👈 المزيد من الروايات الرومانسية الكاملة: روايات كاملة
#سماح_نجيب
انتهت أحداث رواية لا يليق بك إلا العشق إلى اللقاء فى حلقة قادمة بإذن الله.