رواية من نبض الوجع عشت غرامي كاملة بقلم فاطيما يوسف

نستمتع اليوم بقراءة  رواية من نبض الوجع عشت غرامي كاملة من روايات فاطيما يوسف والتى نالت اعجاباً شديداً لدي القراء


رواية من نبض الوجع عشت غرامي كاملة بقلم فاطيما يوسف

من نبض الوجع عشت غرامي كاملة 

البارت الأول

من_نبض_الوجع_عشت_غرامي

#بقلمي_فاطيما_يوسف

عشِقتُ أَميراً في الحُسْنِ جانْ وفي الجَاهِ ابنِ سلطانْ واسمُه عمرانْ ،
ذو طلَّةٍ رجوليةٍ وجمالُه آية يُحكَى عنْهُ في جميعِ الأزمانْ ،
خطفنِى عشقْهُ وأسرنِي صوتُه وصارتْ عيناي تبحثُ عنْه في كل مكانْ ،

أَخبِروا ذاك العُمْران أنِّي في انْتظَارِه ليخطَفُنِى على مهرتهِ ونعيشُ في أمانْ ،

فأنا أُعِدُّ لهُ رحلةً في العشقِ والغرامِ كي يشربَ منها ويسكرُ من نهرِي الريَّانْ

#خاطرة_سكون_الجندي
#بطلة_روايتي_التانية
#من_نبض_الوجع_عشت_غرامي

في منزل عصري ذو أثاث منمق في إحدي قرى الصعيد تدلف ماجدة غرفة بناتها وهي تفتح النوافذ مرددة :

_ قومي يابت منك ليها انتوا كل يوم والتاني عاد تزهقوني علشان تقوموا من النوم وكل واحدة فيكم وراها هم مايتلم ،

واسترسلت نهرها لهم وهي تنزع الغطاء من عليهم:

_ وه كاني بكلم نفسي عاد ! قوموا يالا حضرت لكم الفطور قبل مايُبرد .

تأففت كلا منهن فردت مكة الصغيرة وهي تداري وجهها كي لايصل إليه النور وتفيق:

_ وه يا أمي عاد كل يوم تدخلي تفوقينا من أحلاها نومة ، أنا زهقت وهطفش من البيت ده واصل .

أما سكون قامت من نومها بابتسامتها المعهودة وهي تردد الصباح بإشراقة:

_ صباح الخير ياأمي ، أنا هه قمت خلاص وسمعت الكلام ، الدور والباقي على المسخوطة اللصغيرة دي ، كل يوم والتاني تغلبك وتطلع روحك على ماتقوم .

ردت ماجدة الصباح عليها بابتسامتها المعتادة وأردفت وهي توجه حديثها لصغيرتها:

_ الله الوكيل يامكة لو ماهميتي وقمتي من السرير لاهقندل عيشتك النهاردة ،

قومي يابت وجعتيلي قلبي زي كل يوم .

قامت مكة من مكانها بغضب وهي تحمل معطفها كي تذهب الى الحمام هاتفة بسخط:

_ كل يوم كلية وشغل ، كان مالى ومال الحوارات المتعبة دي !

ماله الجواز والسترة للبنت مفيش أحسن من إكده عاد !

ضحكت كلتاهن على تأففها المعتاد كل صباح وصارت كل منهن إلي وجهتها ،

أما سكون أخذت حمامها وارتدت ملابسها وخرجت تنتظر قدوم والدتها وأختها كي يتناولا وجبة الإفطار في جماعة ، أمسكت هاتفها كالمعتاد وذهبت إلي صفحته الشخصية كي تتابع آخر منشوراته ، وكأنها بذلك تشفي قلبها العاشق له سرا ومن وراء حجاب دون أن يدري بها ،

وفي أثناء تصفحها وقفت عند صورته التى تأثرها ودقات قلبها تتسارع داخلها وتخفق عشقاً ، وهي تردد مع حالها:

_ ميته هتحس بقلبي وبحبي ياعمران !
عاشقاك ورايداك وانت مش شايفني ولا دريان بيا ولا تعرف حاجة خالص عن محبتي ليك !

ياه اتوحشتك قوووي من آخر مرة جيت فيها المستشفي لصاحبك ، وكل يوم وطول ماني موجودة في المستشفى عيني تطَّلع لشوفتك علشان أملي قلبي وأهديه ،

وتابعت حديثها وداخلها حزين :

_ تعبت من حبك وانت ولا أنت دريان ومش عايزة غيرك راجل يملى حياتي.

فاقت من شرودها على صوت والدتها تردد وهي تشير بيدها أمام وجهها:

_ فينك يابتي ، اللي واخد عقلك يتهنى به، لوين سرحانه قوي إكده ومش سامعانى وأني بتحدت وياكي .

حمحمت بإحراج من والدتها وهتفت بتلعثم:

_ لااا وحاجة يا امي أنا كنت بفكر بس في حالة مريضة عِندي وماخدتش بالي ، حقك عليا.

ربتت ماجدة على ظهرها بحنو :

_ ولا يهمك ياداكتورة يارافعة راسي وسط الخلق ، همى عاد ومدي يدك وقولي بسم الله علشان تلحقي شغلك .

أما مكة خرجت وهي تعدل من نقابها وتنظر علي هيئتها في المرآه وتردد بانزعاج:

_ أيوة عاد ياست ماجدة مفيش بس غير سكون هانم هى اللي رافعة راسك وسط الخلق واني راس كرنبة اهنه!

وتابعت حديثها وهي تشير على حالها بفخر :

_ خلي بالك كويس ياست ماجدة اني بقولهالك بكل ثقة اني هبقي الإعلامية الشهيرة صاحبة القلم والكلمة الرنانة مكة جمال الجندي على سن ورمح، وبكرة تتمنوا بس تقعدوا معاي ومهتلقونيش بسبب انكم دايما جايبين لي إحباط ، ومش شايفة عاد غير الداكتورة "سكون" ، بس يكون في معلومك إن إكده ظلم وتفرقة عنصرية.

ابتسمت كلتاهما على مشاغبتها الصباحية المعتادة وأردفت ماجدة وهي تلوي فمها بسخط:

_ اكتمى يابت إنتي وتعالي يالا افطُري مش ناقصين صداعك والفشخرة الكدابة بحالك كل يوم والتانى وإنتي ولا حد يعرفك اصلا.

ضمت حاجبيها باستنكار وأردفت بنبرة معترضة:

_ إكده ياماي بتحطمي أمالى وتزعزعي عزيمتي ، طيب ياست الناس الأيام بيننا وبكرة تقولي مكة صدقت في الحديت.

أنهت كلماتها وجلست على السفره كي تتناول معهم طعام الافطار وهي ترفع نقابها اعلى وجهها كي تأكل براحة فتحدثت والدتها باعتراض:

_مش فاهمه ايه سر اصرارك على النقاب ده يا بتي انا مش موافقة عليه نهائي وإنتي مصممة تلبسيه غصب عني .

مطت شفتيها بامتعاض وأردفت بزهق:

_ وه ياماجدة كل يوم والتاني نتحدتوا في نفس الموضوع عاد وأقول لك نقابي أنا عمرى ماهتخلي عنيه واصل واني مرتاحة فيه وبحبه ، وعمرى ماهفكر أقلعه أبدآ مهما حوصل فمتحاوليش معاي وتتعبي أعصابك.

هنا قامت سكون من مكانها وهي تحمل حقيبتها مردده لاختها باستعجال:

_طب يلا كفايه وكل وقومي علشان ألحِق أوصِلك في طريقي بدل ماهمشي وهسيبك تتبهدلي في المواصلات عاد .

بأعين ونصف هتفت مكة باستنكار:

_ بتذليني اياك علشان بتوصليني كل يوم للجامعة ياست سكون ،

وتابعت وهي تدعي ربها :

_ ارزقني يارب من عندك أشتري عربية زيها وتبطل تذلني بتوصيلها كل يوم .

وصارت كل منهما تشاغب الأخري مشاغبتهما المعتادة ، وبعد دقائق هبطت كل منهن إلي وجهتها ، سكون إلي المشفى التى تعمل بها ومكة الي كلية الصحافة والإعلام.

فماجدة لديها ثلاث بنات مها ابنتها الكبيرة أخذت معهدا بعد الدبلوم وتزوجت ولديها طفلان ، وسكون دكتورة نساء وتوليد في عامها الأول في العمل بعد الامتياز ، أما مكة الصغيرة في كلية الصحافة والإعلام في السنة الأخيرة وتتدرب في جريدة منذ السنة الثانية لها في الجامعة ولكنها تغوى مجال الإعلام وليس الصحافة، ووالدهما متوفي منذ سنوات وترك لها ثلاث أمانات ، قامت بتربيتهم وحدها على أكمل وجه .

_________________________________

في منزل مجدى زوج مها ، استيقظ مجدي من نومه كي يذهب إلى عمله كالمعتاد كل صباح ، وتحدث وهو يهز مها زوجته مرددا:

_ مها همي حضري لي الفطور علشان اروح شغلي ، مش كل يوم هصحيكي تهتمي بيا وبأحوالى قبل ما اروح الشغل.

قامت مها من مكانها مرددة باستنكار:

_ هو انت بردوا رايح الشغل النهاردة اياك ؟

وتابعت بسخط:

_ أني زهقت من الروتين اللي عايشة فيه من يوم ماتجوَزتكْ ، كل عشية توعدني إنك هتقضي معانا اليوم ويصبح النهار وتروح وعود الليل اللي عمرك ماوفيت بيها .

ضرب مجدي كفا بكف وتحدث مؤنباً حاله:

_ تصدِّقي بالله اني اللي جبت ده كله لنفسي إني فكرت أقومك تعملي لي فطور ، عاودي لنومتك ولاحلامك يامها وأني هفطُر في الشغل معايزش منيكي حاجة واصل .

نزعت الغطاء من عليها وأردفت بحدة :

_ هو إنت ايه ياشيخ ! آلة متحركة ، متجوزاك من بقالي عشر سنين ومخرجتنيش فيهم يوم ، ولا سهرت معايا مرة ، ولا بليت ريقي بكلمة زينة ، حياتك كلها شغل ومصالح ، أنا طهقت ياخوي وقرفت من العيشة الهم دي .

أردف متعصبا وهو يشير بسبابته أمام عينها :

_ اني إللي قرفت منيكي ومن نكدك اللي مبينتهيش يوماتي ،

واسترسل حديثه باستنكار:

_ إنتي ناقصك إيه إنتي علشان تنقُمي من النعمة اللي معيشك فيها ، مليون ست غيرك تتمني عيشتك اللي بتتبطري عليها دي ، بتلبسي أحسن لبس في الصعيد كلياته ، وبتاكلي أحسن وكل ، وولادنا نفس الشئ ، وأي حاجة بتطلبيها بتلاقيها رهن اشارتك عاد .

بهتت ملامح وجهها من كلامه وهتفت باعتراض:

_ هي كل حاجة عنديك الفلوس والخلجات الزينة والبيت المهندم !

فين أني وشعوري وإحساسي كزوجة من حقها جوزها يحسسها بوجوده ، من حقها تحث بأنوثتها اللي قربت أنساها !

وتابعت بتهكم من حالهما :

_ ده إحنا مش بنتقابل زي أي راجل ومراته على السرير ده إلا لما يهفك الشوق كل فين وفين لما قريت أطق من جمودك معاي.

ذهب ناحية الحمام وهو يشير اليها بيداه ويعطيه ظهرها بلا مبالاة:

_ لااا ده إنتي باينك اتجنيتي عاد وفجرتى بكلامك الماسخ ده وانا مفاضيش ليكي ولا لهبلك .

ألقى كلماته وتركها تتآكل غيظا من جموده وبروده، منذ أكثر من عشر سنوات وهي تعيش جسدا بلا روح مع ذاك الكائن المتحجر في مشاعرها ، ونامت على تختها تبكي دموع الحرمان والقسوة من ذاك الزوج الذي يعشق العمل أكتر من نفسه ، ويفضله على زوجته وأبنائه الذين لم يشعرون يوما بأبوته ،

أنهى حمامه وارتدى ملابسه ذات الموضة القديمة فوقته لايسمح أن يشتري تلك الملابس العصرية ، وان اشترت له زوجته ملابسا جديدة لايحبذها ويظل مدخرا لها بخلا على حاله ، وأخذ مفاتيح سيارته وأشياؤه وذهب إلي عمله فهو يعمل مأمورا في الضرائب لدي أحد المصالح الحكومية وبعد الظهر يذهب إلي المكتب المشترك فيه هو واثنان من أصدقائه ، وكعادته يرجع ليلا منهك من العمل طيلة النهار ، ولم يعرف شيئا عن زوجته وأبنائه ،

أما هي فور أن غادر بكت كثيراًعلى حالها وكرهت نفسها بشدة ، وبعد مدة أمسكت هاتفها وظلت تتصفح فيه وقلبها يُلح عليها أن تحادثه وعقلها ينهاها وينهرها ، وظلت هكذا بين قلبها وعقلها ولكن استسلمت لضعفها وأرسلت إليه قائلة :

_ صباح الخير ، انت موجود ولا فينك .

وصلت رسالتها لذاك الآخر وتهللت أساريره وعلى الفور أجابها :

_ ياصباح الهنا على عيونك ياقمر ، فينك من زمان اتوحشتك قوووي يابوي .

قفز داخلها سعادة عندما رد على رسالتها سريعاً ولم يمهلها وقت كي تغلق هاتفها وهي تؤنب حالها بشدة ككل مرة،

رأى انها استلمت رسالته وكعادتها لم ترد عليه فأرسل إليها معاتباً:

_ هو أنا موحشتكيش زي مانتي وحشاني عاد ، ولا إنتي نسيتيني ونسيتى لحظاتنا الحلوة مع بعض.

رجف قلبها تأثراً من كلامه ومن اهتمامه ،

وأرسلت إليه بروح منهكة :

_ أنا كل لما امنع نفسي من إني أتحدت وياك ألاقيني ببعت لك ومش بحرم من المرة اللي فاتت ، أنا بجد في حرب شَديدة بين قلبي وعقلي .

تفهم كلماتها وأردف يهدئها بكلماته المعتادة:

_ يعني حتى الرسايل عايزة تحرمينا منيها ! مش كفاية المكالمات واصل ،إكده إنتي بتصعبيها علينا قوي ياحبيبتي.

بكت ألما من كلماته فالذي تتمني منه الحب والكلمة الطيبة لن يشبعها ولو بقطرات بسيطة ، أما من حرم عليها وانساقت وراء مشاعرها يغدقها بوابل من الحنان والاحتواء والمشاعر الفياضة ، فردت على كلماته :

_ إحنا اللي بنعملوه حرام وميرضيش ربنا والمفروض إني لما أبعتلك تصدني وتقاوم أي مشاعر بينا لو انت بتحبني صوح .

حزن لحزنها فهو في نفس النااار إن انكشفوا سيرون الجحيم بأم عينيه علي الأرض وستقوم رياح شديدة عاصفة تبتلعهم أرضاً ، ولكنها حرب المشاعر ، الاحتياج ، ستؤدي بهم إلي جحيم سعير ، ولكن القوة التى تكمن داخلهم لصد ذاك الحرام وكبح تلك الشهوة التى جعلتهم أمام أنفسهم في مستوى كبير من الانحطاط قوة واهية لا أساس لها تستند عليه، ولكن أردف يهدئها ولأنه يشعر بها وبحزنها وكأنه يراها أمامها الآن :

_ طيب ممكن تهدي ومنتكَلَمش دلوك وبعدين نشوف الموضوع ده ، بس البعد التام مهقدرش عليه ياحبيبتي ، إنتي اكده بتموتيني بالحيا يامها .

قرأت سطور رسالته بحزن عميق لاهي تشعر بالارتياح في وجوده ولا هي تشعر بالسعادة في ابتعاده ، ولكنها ناراً مشتعلة داخلها لاتخمد منذ سنوات في علاقتهما المحرمة تلك ،

وها هي الحياة بنكباتها التى يعيشها بني آدم في صراع شديد بين الحق والباطل وبين الفضيلة والرذيلة شتان مابينهم في كل شيئ ولكن بني الإنسان لنفسه ظلوم جهول ولم يشفق على حاله .

__________________________

أوصلت سكون شقيقتها إلى الجامعة ثم دلفت الأخرى في وقار يليق بشخصيتها المتدينة ، الخلوقة فهى معروفة في الحرم الجامعي بالأخلاق العالية ونظراً لأنها من أوائل دفعاتها كل عام وتحضر ندوات وتقيم معسكرات وتنظم رحلات فهي رئيسة اتحاد الطلبة لدى قسمها ،
صارت تبحث بعينيها على صديقاتها المحبيين إلي قلبها ، فهي تصاحب مجموعة من الفتيات وترفض بشدة أن الاختلاط وصداقة أي شاباً ولو حتى من منطلق العمل الملزمين به في المعسكرات والكل يعلم ذلك ،

وجدت صديقاتها وذهبت إليهم وهي تبتسم لهم بأعينها من تحت نقابها ، وعندما وصلت ألقت تحية الإسلام في وقار :
_ السلام عليكم ورحمه الله ، كيفكم يابنات عاملين ايه ، اتوحشتكم قوي.

ردوا عليها سلامها بحب وأردفت سمر إحدى صديقاتها تخبرها أخر الأنباء:

_ شفتي اللي هيحصل يامكة ،

أشارت إليها مكة أن تكمل وتابعت سمر:

_ بيقولوا إن المطرب أدم المنسي جه هنا يقيم حفلة منظماها الجامعة والمفروض إن بعد مايخلص يتعمل معاه حوار صحفي .

فتحدثت احداهن وتدعى ميرام :

_ يانهار أبيض والله مامصدقة نفسي واصل ،أكن المز ده هياجي الجامعة دلوك واشوفه عيني عينك إكده وأطلع له وش لوش وممكن كمان أتصور وياه ! ده باين النهاردة العيد يابنات وأحسن كمانى .

هنا سخرت منها مكة مرددة باستنكار:

_ ليه إياك هتشوفي سيدنا النبي عاد (عليه الصلاة والسلام) والله ماعرف شكله حتى آدم ده ، وبعدين اش يكون هو مين أهو راجل زي أي راجل من الواجب علينا نغض البصر ومنطلعش فيه .

شهقت رقية بصدمة من كلام مكة وهتفت باعتراض:

_ بتقولي ايه يامخبولة إنتي كانك متعرفيش آدم المنسي اللي نص بنات مصر بتتمنى نظرة منيه ، ده إنتي اتجنيتي في عقلك عاد .

رفعت شفتيها بامتعاض واردفت بحدة إليهن :

_ والله انتو اللي مخبولين وتافهين ، والله لو شفته معدي من قدامي ولا هتحرك من مكاني ولا هعرفه من الاساس ، اتحشمي منك ليها إحنا اصلا مننفعوش نتغزلوا في راجل ولا نتكلم عنيه أيا كان مين هو .

هتفت سمر وهي تضحك على حديثها وأردفت :

_ أمال لما تعرفي إن اللي هيعمل معاه الحوار الصحفي هو إنتي ياموكة هتعملي إيه عاد ؟

اتسعت مقلتيها بذهول وأردفت:

_ مين قال إكده معايزاش أعمل حوارات صحفية مع الملزق ده ، أنا يوم ماعمل حوار صحفي أعمله مع عالم أو راجل دين أو حد إكده له منفعة مش مغني، متنازلة عنيه لواحده فيكم ياناقصات دين انتوا.

حركت رقية رأسها برفض:

_ مش بخُطرك توافقي ولا ترفضي ده قرار من عميد الكلية أن الأولى في الترم الاول لسنة رابعة ورئيسة اتحاد الطلبة هي اللي هتعمل الحوار ومفيش غيرك ياموكة ومفيش تراجع ومتحاوليش عشان لامفر .

تحدثت ميرام بحالمية:
_ يابختك يامكة هتقعدى وياه في أوضة مكتب العميد المكيفة وهتاخدي وتدي معاه في الحوار وهتشوفيه وجها لوجه ، ياه ده أنا لو مكانك هدوب من نظرته .

شردت مكة في ذاك القرار وقررت أن تصعد لعميد الكلية فهو يعرفها عن ظهر قلب ، وتركتهم وتوجهت إلي مكتب العميد ودقت على الباب وأذن لها بالدخول ، وحينما دخلت رأت ضيفان يجلسان معه فغضت بصرها على الفور وأذنته في الحوار فأشار إليها أن تتحدث:

_ بعد إذنك يافندم أني عرفت إن فيه حفلة وهيجي فيها مطرب أو زمانه جه اصلا وإني هعمل معاه حوار صحفي بعد الحفلة ، بصراحة إكده أنا مش حابة إني أعمل الحوار ولا مع مطرب ولا غيره ولا أنا حابة اني أحضر الحفلة واصل .

تصبب عميد الجامعة عرقا وخجلا من الضيوف الموجودين معه وليس هو غير المطرب أدم المنسي ومدير أعماله ، الذي كاد أن يتحدث إلا أنه أشار إليه أن يصمت وحرك إصبعه للعميد ان يجعلها تكمل ، فسألها بنهر:

_ كلام ايه ده اللي بتقوليه ياآنسة ! إنتي إعلامية ومينفعش أبدا ترفضي تعملي أي سبق صحفي ينطلب منك في يوم من الأيام ، وبعدين إزاي متحضريش الحفلة وإنتي رئيسة اتحاد الطلبة 


تحدثت بوقار واردفت بخفوت:

_ يافندم أوعدك إن عمري ماهرفض أي سبق صحفي ينطلب مني عاد في اي يوم من الايام ، بس أغاني ومطرب فوق مستوي تحملي ومهقدرش وهبوظ الدنيا .

وقبل أن يرد استمعت إلي أحدهم يردد بغيظ :

_ ليه هو المطرب ده مش إنسان ولا من آكل لحوم البشر وهيعمل لك حاجة ياآنسة ؟

___________________________

في منزل الحاج سلطان المهدي وبالتحديد في الساعة العاشرة صباحاً ،

نادت زينب زوجته علي ابنتها الصغرى :

_ بت يارحمة خلصى هاتي الفطور عاد علشان أخوكى هينزل دلوك ورايح شغله متعطليهوش زي كل يوم بطلي عادتك المربربة داي .

تأففت رحمة من كلام والدتها وهتفت بسخط
_ وه يا أماي عاد هو مفيش قدامك غير رحمة اللى تسممي بدنها كل يوم والتانى وتصبحيها وتمسيها والله إكده حرام وظلم .

أنهت كلماتها وهي تضع الإناء بحدة على السفرة المستديرة ،
فتحدثت زينب وهي تنهرها:

_ اتأدبي يابت وانتي بتتكلمي مع أمك ، ولا يكونش علامك والجامعة اللي خرجتي لها قوت قلبك وخلتك تردي الكلمة بكلمتها .

تحدث سلطان وهو يهبط الأدراج ببشاشة معنفا زوجته:

_ جرى إيه عاد ياأم عمران هي البونية عملت ايه علشان كل يوم تسمعيها الكلمتين دول ،

وتابع حديثه وهو يلقي الصباح بتواضع يليق برجولة سلطان المهدي:
_صباح الخير الاول ، وبعدين خفي علي البنتة شوية دي لسه صغار وإن مكانتش تتدلعوا في عز أبوها هتدلعو وين يا أم عمران .

مطت شفتيها بامتعاض واردفت:

_ طول مانت مدلِعها إكده مش هتنفع وتبقي تقابلني إن عمرت في بيوت ناس ، اللي زاي داي هترجع لي بالكحك سخن .

تأففت رحمة من كلام والدتها المعتاد وأثناء حديثهم دلفت حبيبة ابنتهم الكبرى وهي تتهادي في مشيتها فهي حامل في شهرها السادس ملقية تحية الصباح:

_ صباح الخير يابوي صباح الخير ياأم عمران .

تهللت أسارير زينب حينما تُنادى باسم عمران وردت صباحها وهي تربت على ظهرها بحنو :

_ اصباح الخير عليكي يابتي كيفك وكيف الحبل تعبانة لسة من دور البرد ولا شفيتي ؟

أجابتها حبيبة بحمد:

_ الحمد لله ياأمي أنا اتحسنت كَتيير عن الاول وبقيت زينة ،

وتابعت كلماتها وهي تنظر يمينا و يسارا:

_ أمال فينه عمران مش هيُفطر وياكم ولا ايه ؟

أجابها عمران وهو يهبط الأدراج بوجه عبوس كعادته فهو يحمل الما داخله يكفي العالم أجمع:

_ صباح الخير ياحبيبة انا أهه نزلت سألت عنك العافية .

ردوا جميعا الصباح وكبرت والدته في وجهه:

_ الله أكبر عليك ياولدي الله الحارس ، ربنا يحميك ويحفظك من كل شر ، طلتك ولا طلة البدر في ليلة تمامه .

تحدثت رحمة باعتراض:

_ أه حبيبة تتبسمي لها وعمران طلته تشرح القلب وأنا اهنه بنت البطة السودا ، اللي كل شوية تحسسيني اني مش كيف ولادك دول وانك لاقياني على باب جامع.

ربت عمران على ظهرها مرددا بحنو:

_ وه مين قال إكده عاد ! ده إنتي الباش محامية رحمة باذن الله على سن ورمح ، وفاكهة البيت اهنه.

اتسعت مقلتيها سعادة وأردفت بابتسامة:

_ بجد ياعمران بتتحدت بصحيح ! اني هبقي الباش محامية ؟

أشار برأسه بتأكيد وأجابها بثقة:

_ وليه متكونِش رحمة سلطان المهدي اللي بتاكل الكتب أكل وزهجتنا من القانون المدني والجنائي لما مصدعانا باش محامية كد الدنيا بحالها !

قامت من مكانها مسرعة وذهبت إليه واحتضنته مرددة بسعادة:

_ وه ياناس عمران بذات نفسيه شهد لي إني هبقي باش محامية كد الدنيا بحالها ، تسلم لي من كل شر ،

واسترسلت حديثها وهي تنظر إلى السماء بدعاء:

_ إلهي ربنا يرزقك اليوم ببت الحلال اللي توقع قلبك من أول نظرة وأفرح بيك ياأخوي يابن أمي وأبوي .

بنفس واحد وصوت واحد أمنوا جميعاً على حديثها ، وأردفت زينب بحزن:

_ ليه ياولدى مرايدش تفرح قلبي وتفرحني بيك عاد !

انت بقي عنديك ٣٣ سنة واللي من دورك عنديهم عيلين وتلاتة ، ليه يانن عيني ده إنت البكري بتاعى وولدي الوحيد اللى منى عينى أفرح بيه وأشوف ولاده قبل ماأموت .

وأنهت كلماتها وهبطت دموعها بسبب ذاك الموضوع الذي يؤرق حياتها بشدة ،

أما عمران فور أن رآها تبكي ذهب إليها واحتضنها ، وهدئها وهو يوعدها أنه سيفكر ،

ثم ودعهم وخرج من المنزل وقبل أن يصعد سيارته ليذهب إلى المشفى كي يرى صديقه ، جلس جانباً على الأريكة وهو يضع وجهه بين يداه مرددا بداخله:

_ بتطلبي مني المستحيل ياماي وأنا مهقدرش عليه ، وربنا عالم بأحوالي وعالم إني عملت كل اللي في وسعي علشان أفرح قلبك ياأم عمران لكن هعمل ايه كله بأمر الله وأني مبيديش حاجة أعملها ،

كانت حالته صعبة ومميته ورأته من بعيد احداهن وهي تنظر إليه بابتسامة تشفي وكأنها تعلم مابه وتدري ما سر وجعه وقلبها يرقص فرحا ،

بعد قليل هدأ من حاله وخرج من المنزل رأى ابن عمه الأصغر متجهاً ناحيته ما إن رآه مرددا:

_ صباح الخير يابن عمي كيفك ؟

بادله عمران السلام:

_ الحمد لله بخير ياجاسر ، ايه رايح فين إكده عندك محكمة ولا ايه ؟

نظر جاسر في ساعته وأصحابه:

_ عندي كذا مشوار هقضيهم الاول وبعدين عندي محكمة ، معايزش منى حاجة قبل ماأمشي.

أجابه عمران بابتسامه:

_ لا تؤكل على الله انت ياأبو عمو .

ودعا بعضهم وانطلق كل منهم إلي وجهته وانطلق عمران بسيارته إلي المشفى كي يقابل صديقه وقلبه يئن وجعا وحيرة مما يمر به منذ سنوات ولا يقدر أن يتفوه به لأي إنسان مهما كان .

____________________________
دلفت سكون إلي المشفى التى تعمل به والإبتسامة تزين محياها فما يزيدها جمالاً أن سنُّها يضحك دائما ، وطيلة الوقت تحبذ التفاؤل وعلى ثقة تامة بأن ربها لم يهيئ لها إلا الخير ، ودائما بشوشة ومن ينظر إلى وجهها يشعر بالارتياح والهدوء والسكينة فحقا "سكون" لها نصيب من اسمها ،

ذهبت الي مكتبها وارتدت المعطف الطبي وأخذت النوتة الخاصة بها وصارت تتجول غرف المرضى كى تؤدي عملها بحب ،

بعد ساعتين تقريباً وهي تقف أمام تخت أخر مريضة تفحصها ، اندهشت بشدة وهي ترى على وجهها علامات الوجوم فسألتها سكون باهتمام:

_ مالك ياماما الحاجة مين اللي معكِر مزاجك إكده ؟

أجابتها تلك السيدة المسنة :

_ مضايقة من الخلق وأحوالهم وقلوبهم اللي مبقتش صافية واصل .

دارت بأعينها تبحث عن مقعداً تجلس عليه كي ترى لما تتوجع تلك السيدة ، أتت بالمقعد وجلست عليه وأمسكت يداها بحركة عفوية منها وأردفت باستفسار:

_ خبريني ياحاجة مين بس إللي مزعِلك ومخليكي مضايقة ومزاجك عكران إكده وإنتي مريضة ولازمن تاخدي بالك من حالك ؟

ابتلعت تلك السيدة أنفاسها بصعوبة وتحدثت بشجن وهي تحاول أن لاتلتمع عيناها بالدمع وأجابتها :

_يابتي هقول ايه ولا ايه ،صدق المثل اللي قال "ربي ياخايبة للغايبة" ربنا معاطنيش غير ولد واحد ومنع عطاياه لأسباب من عنديه وشاكراه وحامدة فضله عليا ، ربيته أحسن رباية وعلمته أحسن علام لحد ما بقي محاسِب قد الدنيا وجوزته وكبرت بيه قدام الخلايق وعمري بحالَه محسستهوش بأنه يتيم ولا خليته اتحوج لخال ولا لعم وفي الاخر بعد ماتجوز نساني ومبقاش يسأل فيا ، ولا مراته تسأل عليا حتى لو حجته إنه مشغول يوماتي ،

وزي مانتي شايفة حالى إكده من ساعة ماتعبت وجيت إهنه وهو بياجي يسأل عليا كل فين وفين ، وهي تاجي معاه زيارات على الماشي ومبتسألش فيا واصل ،

ولما عاتبته عنيه اتحجج بالشغل أما عنيها رد عليا وقال لي هي مش ملزومة بخدمتك يا أمي .

وأنهت كلماتها وألقت قناع التمسك عرض الحائط وانفجرت دموع عينيها العزيزة ،

تأثرت "سكون" لحالة تلك المسكينة ولمعت عيناها بغشاوة الدموع وأردفت تهدئها :

_ صحيح قليل الأصل مايجيش بالعتاب فكك منه ده الأصل غلاب ، متزعليش ياماما الحاجة ربنا مبينساش عباده أبدا ، وبعدين أنا بشوف جيرانك كل يوم يجولك ويونسوكوا ويقعدوا جارك بالساعات ، بلمحهم كل يوم في الرايحة والجايه .

أخذت تلك السيدة أنفاسها بصعوبة وأردفت بحمد :
_ الحمدلله نحمده ونشكره على أنه وضع محبتي في قلوب اللى حواليا ولولالهم يابتي بعد ربنا مكانش حد هيسأل عني ولا هيعرفني ، أصل ربك رب قلوب.

ربتت سكون علي كتفيها وتحدثت بابتسامة:

_ خلاص بقي متبكيش تاني عاد دموعك غاليين أووي على قلبي وأوعدك أني اللى هروحك لبيتك بعربيتي بعد ماتخفي بأمر الله وكل يوم والتاني هتلاقيني ناطة لك زي فرقع لوز إكده بس متزهقيش مني واصل .

ابتسمت تلك المسنة على دعابتها وشكرتها بامتنان:

_ منحرمش منيكي يابتى ولا من حنيتك وطيبة قلبك الجميل اللى شبه ملامحك اللي مليانة قبول .

أنهت حديثها ووجدت صديقتها تشاور لها وهي تحمل كوبان من القهوة الفرنسية المعتادين على شربها في ذاك التوقيت كل يوم كي يفصلون بها في يومهم ،

هبطن الأدراج وذهبتا إلي مكانهن المعتاد في الحديقة الخاصة بالمشفى وجلسن في مكانهن المفضل على أريكة متنحية جانباً ولكن أعينهم ترى البوابة الرئيسية للمشفى لحاجة ما في نفس تلك السكون ،

فتحدثت فريدة صديقتها :

_وه ما هنغيرش المكان ده عاد كل مره تجيبينا إهنه وتصممي ان احنا نشربوها قدام الخلق اللي داخله واللي خارجه،

والله مخك ده وتفكيرك هيجيب لي شلل،

يا بنتي ارحمي نفسك من اللي انتي شاغله بالك بيه وهو ما شايفكيش من الاساس .

نفخت سكون بضيق من حديث صديقتها الذي لا تمل من سرده لها كل يوم وهتفت بحدة:

_أباي عليكي يا فريدة كل يوم لازم تسمعيني حديتك الماسخ ده واني اقول لك انا حرة يا ستي روحي اشربيها مكان ما يعجبك .

نفخت تلك الاخرى بنفس الضيق وأردفت بتمنع:

_واه وانا احب اشربها وياكي،
القهوة بتحب الونس وكمان بتحب تتشرب في مكان هادي بعيد عن الزحمة واصوات الضوضاء علشان خاطر تروق البال وتستمتعي بيها،
شرب القهوة له أصول ياغشيمة إنتي .

كانت تستمع اليها ولكن عيناها مثبته على البوابه وهي تتمنى ان تراه اليوم فمنذ أربعة ايام لم ياتي الى المشفى ولم تراه فباتت ايامها حزينة على فراقه وكأن رؤيتها فقط له تشفي قلبها فماذا إن حدثها حتماً سيخفق قلبها سعادة ،

رأت فريده أنها ذهبت في عالمها الخاص بها فأشارت بيديها أمام وجهها مرددة بضيق:

_شوفي انا بكلمك في ايه وسرحانة في ايه دلوكت عاد!
يا بنتي فوقي لنفسك واطلعي من الوهم اللي انتي عايشه فيه وفكري في حالك ومستقبلك، ربنا بيبعت لك فرص كَتير حلوه وانتي مصممة على حد مش شايفك واصل .

أجابتها بتيهة مغلفة بالحزن:

_هو أمر القلوب بايدينا !
هعمل ايه في قلبي اللي متعلق بيه وفي عيني اللي عايزه تطلع له كل يوم ومش شايفه غيره وفي كلي اللي بيتلهف لشوفته ،

وتابعت بحزن علي حالها في عشقها المكتوم :

_ غصب عني مش بارادتي ولو هفضل العمر كله مستنياه مش هفقد الامل ابدا .

واثناء حديثهما على صدرها صعودا وهبوطا ولمعت عيناها عندما رأته دالفا بطلته الرجولية المهلكة لقلبها المسكين العاشق ، فتلقائيا وضعت يدها على صدرها في حركة عفوية منها كي تجعله يهدئ من ضرباته ، وحدثت حالها وهي مثبتة بنظرة عيناها المتابعة لخطواته :

_ اهدأ ياقلبي من عشقك اللعين لذاك العمران ،
فأنا أشفق عليك ايها المسكين ،

تع حبيبي وألق نظرة واحدة من عيناك على سكون فهي في غرامك تعدت الزمان والمكان وسكنت الجفون ،

أحتاج ربي إلي فرصة واحدة كي يرى عيناي وهي تتلهف لرؤياه وبدوره سيكشف عن السر المكنون ،

وفجأة قامت من مكانها كي تتابع خطواته من بعيد حتي يدخل إلي صديقه كالمعتاد ولكن لن يراها فهي في اتجاه وهو في اتجاه أخر ولكن عيناها ترصده ،

وأثناء سيرانها كالمسحورة إذا بها تصتدم في جذع الشجرة المتين وتصرخ صرخة عالية من شدة الاصطتدام جعلت جميع من في المكان انطلقوا إليها وأولهم ذاك العمران ،

وصل إليها قبلهم وإذا بيداه تتلمسها كي يكتم دماؤها وهو يردد:

_ متقلقيش عاد هتُبقي زينة وبخير .

وقبل أن يمد يداه أشارت إليه بيداها تمنعه أن يلمسها مرددة بخفوت قبل أن يغشى عليها ولكن عيناها تتعمق داخل عيناه بعشق دفين جعل قلبه يرجف من نظرتها التي اخترقت حصونه المنيعة وأردفت:

_ إوعاك تلمسنى لو حتى هموت ، سكون ميلمسهاش راجل غير مِحْرم أبدا .

أنهت كلماتها وغابت عن الوعى ونظر لها بقلب يخفق لأول مرة ، وأخيراً دق قلب العمران من نظرة وهمسة وعلامة .

فكانت العلامة نظرة عيناها الذي فهمها من أول وهلة وكأن القلوب تآلفت مع محبيها ونظرات العيون تجانست وشعرت بعاشقيها .

وتحدث هامسا بخفوت وهو ينظر إليها بتدقيق كي يحفظ ملامحها عن قرب:
_ "سكون" اسمك جميل ومختلف زي ملامحك.

البارت الثاني


_ أحقاًّ ساقتْهُ قدماهُ إليَّ كي يطمَئِن على حالي !

لااا ياربِّي لمْ أستطِع أنْ أتحملُ فقلبِي يرجُف وعيناي ستبوحُ وتكشفُ أسرارِي،


أحقاًّ هوَ بذاتِه يقفُ أمامِي وأستنشقُ رائحتَه وأسمعُ صوتَه ويُحدِّثُني لذاتِي !


اهدأْ قلبِي فأنْت فِي حضرةِ ذاك العمرانِ تنقبضُ وتنبسطُ في نفسِ الوقتِ ولا تُبالِي ،


#خاطرة_سكون_الجندي

#بقلمي_فاطيما_يوسف


في المشفى تجمهر الجميع حول الملقاه على الأرض ، هرولت إليها صديقتها وهي تنفض الجميع بعيداً عنها ، موجهة حديثها إلي عمران بالتحديد:


_ من فضلك متلمسهاش لما تفوق وتعرف إن راجل لمسها هتضايق جدا ،اسمح لي بعد عنيها وأني هفوقها .


تنحى جانباً وترك لها مساحة كي تنعش صديقتها ولكن كانت أعينه مثبتة على ملامحها الهادئة والتى لم يرى مثلها قبل ،


ولكنه لم ينظر إلي أي امرأة من الأثاث فهو حرم على نفسه النظرة حتى تطيب روحه من ألمها المم،يت له ،


ظل ينظر إليها ولم يحيد نظره بعيداً عنها ، يحفر ملامحها في أعماق قلبه التي اختر،قته منذ لحظات ، وكأن القدر بتلك الصدفة أقسم على أن يزيد وج،عه الذي يحياه إلي وج،عٍ أكبر يضاهى ذلك الو،جع بل ويزيد ، فمرارة العشق ونبض وج،ع القلوب دم،اراً يُكمل على قلبه البرئ الذي لم يحن يوماً لجنس حواء ،


قامت صديقتها بإفاقتها وأثناء غفوان تلك السكون وقبل أن تفيق رددت :


_ له ياعمران متلمسنيش ، ماريداش لمستك غير في الحلال ، بعد عني .


على الفور وضعت صديقتها يدها على فمها وهي تري ملامح الاندهاش على وجه ذاك العمران بشراهة ،


أما هو شرد في كلمتها وحدث حاله متعجباً:


_ يالها من غرابة نطقت اسمي وتحدثت حديث المحبين وخصصته لأجلي وأنا لم أعرفها !


عجيب أنت أيها القدر ! ماذا بها تقصد بكلماتها تلك ؟ أمن الممكن أنها تعشقك عمران؟!

كيف ذلك وهذا أول لقاء ، وتلك أولى النظرات ، وهذه بداية الكلمات !


ولكن انتبه أيها العمران وعد الي رشدك فالعشق لايليق لك ، وجنس حواء ليس من حقك ،


ولكن كيف أعود وأنا قدماي الآن غرست تحت أقدامها ولم تستطيع الحراك ،


لااا ياربي كفانى من العذ،اب الذي أحياه ، ماذا عساني أن أفعل حين أتركها ؟

حين اشتاقها ؟

فذاك احساسي لها منذ لحظات فماذا عن الساعات والأيام ، إنها لح،رب ضارية شُنَّت عليك أيها العمران فلتستعد وتربط جيوش التمنع لأن الح،رب تلك المرة صعبة ولن تستطيع الإفلات ،


انتبه من حديثه لحاله علي صوتها وتشتتها وهي تلملم حالها مرددة بذ،عر :


_ ايه حوصل ايه ،


وتابعت وهي تنظر لصديقتها :


_ اوعي يكون راجل لمسنى يافريدة طمني قلبي ؟


هدأتها فريدة وهي تربت على كتفيها مرددة :


_ متقلقيش ياحبيبتي محدش جه ناحيتك واصل ، أني اللي فوقتك ، وهاتي يدك علشان أطهِرلِك مكان الواقعة وإنتي جَبِينك اتع،ور أهه .


تذكرت أنها وقعت ووجدته أمامها قبل أن تغيب عن الوعى ، فدارت بأعينها تلقائياً حولها تبحث عنها بمتاهة وقلبها يسوقها بلا إرادة ، وأخيراً استقرت أعينها في أسهم عينيه ، وتلقائيا وضعت يدها على صدرها تهدئ من ضرباته حينما وجدته بذاته واقفاً بين الجموع كي يطمئن عليها ، وحدثته عيونها :


_ أنا سكون حبيبتك من سنين وأوقعني القدر بين يداك منذ لحظات وتهت في عالمى وعيناك أخر من رأت عيني ، قل لي حبيبي وصل لك عشقي من نظرة عين ؟


أما هو انتبه جيداً لتحول نظرتها المثبتة عليه هو بالتحديد من بين الجموع من نظرة سعادة الى نظرة تيهة إلي نظرة حيرة وأخيراً إلى نظرة أمل ، ووجد حاله يسألها بعيناه:


_ من أنتي تلك الأنثي التى تنظرين لي نظراتك المتحولة في الثانية من نظرة الي أخرى ،


أحقا نطقت شفاكِ اسمى وتقصديني لشخصي وأنتي تائهة في عالمك ؟


انتبهت فريدة لنظراتها التى لم تقدر تلك المرة أن تحيدها بعيداً عنه وكأنهم وحدهم في العالم وليس يوجد غيرهم فهو تسمرت قدماه أرضاً وهى تسهمت عيناها نظراً له ، ضرب،تها فريدة بخفة على ظهرها وحدثتها وهي تضغط على أسنانها كعلامة لها أن تفيق :


_ سكون همي عاد وقومي يالا علشان في د،م نازل علي وشك قومييييي .


انتبهت على حالها وقامت معها بجسد متوتر فهي في حضرته الأن وأول مرة فباتت لاتستطيع أن تلملم شتات جسدها ، وصارت بخطى بطيئة من أمامه وما إن وصلت أمامه ، وجد لسانه ينطق بلا شعور وعيناه تسبح داخل بحور عيناها:


_ كيفك ياداكتورة دلوك لسة حاسة بدوخة ؟


ابتلعت أنفاسها بصعوبة من نبرة صوته التى جعلتها أسيرته أكثر من ذي قبل ، لااا ليس فقط إنه يطمئن عليها ويريد أن يعرف مابها فردت بصعوبة:


_ ها أنا زينة الحمد الله ، شكراً على سؤالك واهتمامك يا ...


وصمتت بخجل ولم تريد أن تذكر اسمه كي لا تكشف نفسها أمامه ،


أما هو رفع حاجبه باندهاش مرددا :


_ عمران اسمي عمران ياداكتورة متهيألي سمعتك نطقتي الاسم وانتي غميانة من شوي .


فج،ر كلماته وانطلق من أمامها وتركها تراجعها ووجهها انقلب الى علامات الطيف خجلاً ، فوجهت أنظارها إلى صديقتها مرددة باستنكار:


_ هو إيه الكلام اللي بيقوله دِه يافريدة هو أني صوح نطقت اسمه وأني غميانة ؟


مطت فريدة شفتيها وهزت رأسها بموافقة وأجابتها تأكيداً:


_ تقريبا إكده وهو ماشاء الله عليه كان واقف متنح لك ومركِز معاكي أوووي لحد ماخلصتي خترفتك المخبولة ياصاحبتي الهبلة.


اتسعت مقلتيها بذهول وأردفت باستفسار:


_ وه وه بتقولي ايه يامنيلة إنتي ؟!

قولي لي بالظبط أني هببت قلت ايه اُخلُصي ؟


ابتسمت بعبوس وألقت عليها كلماتها ،وما إن استمعت إلي فريدة وحكواها حتي أمسكتها من يدها ومشت بها ناحية الأريكة وهي تستند عليها هاتفة بسخط:


_ وه كاني اتجنيت عاد ، ومقدرتش أتحكم في حالى وهو موجود ؟!


وتابعت كلماتها وهي تنهر حالها:


_ ليه إكده ياسكون ! ليه إكده مقدرتيش تتحكمى في حالك حتى لو غايبة عن الوعي.


رأت صديقتها جلدها لحالها حتى أدمعت عيناها وتحدثت بشرود:


_ لحد مي،تة هتفضلى إكده تعشقيه وهو مش عارف ولا شايفك من الأساس ، أنى تعبت لك سلف والله ياسكون .


ضمت ملامح وجهها بعبوس وتحدثت بروح منهكة:


_ مفيش وقت محدد علشان أجاوبك ، بس اللى أعرفه إني مهحبش غيره ولا هفكر في حد غيره حتى لو هعيش عمرى كلياته وأني هحبه بيني وبين نفسي.


ربتت فريدة على ظهرها ورددت بحنو وهي تري وج،عها نابعاً من بين عيناها:


_ طب خلاص مش عايزين نتكلَم في الموضوع ده تاني ، وسيبي ربك يدبِرها كيف ماتكون ، وبإذن الله ربك مش هيخيب أملك واصل وهيجعله من حدك ومن نصيبك بس انتي قولي يارب ،


أمنت سكون على دعائها وتابعت فريدة وهي تسحبها من يدها :


_ طيب يالا قومي نطمن على جرحك ده وبعدين تروِّحي البيت تستريحى من تعب النهاردة.


نزعت يدها بحدة وهتفت برفض قاطع:


_ أعمل إيه ! وأروِح فين! كانك اتجنيتي عاد ، مهمشيش من المستشفى طول ماهو موجود فيها ،


وتابعت بسخط:


_ هو إنتي معندكيش ذرة إحساس ده أني مشفتهوش من أربع أيام بحالهم يابعيدة .


لوت فريدة شفتيها بامتعاض واردفت:


_ الله الوكيل محدش اتجن غيرك ، طيب قومي أداوي لك جر،حك وخليكي مرزية إهنه براحتك يختي .


تثبتت سكون في مكانها وتحدثت برفض:


_ إنتي مبتفهميش ياغبية انتى بقولك مهتحركش من مكاني ،


وتابعت بعيون زائغة:


_ هاتى الأدوات وطيبي لي الجرح إهنه وخليكى جدعة يافوفا .


ضربت فريدة كفا بكف وتحدثت باستنكار:


_ والله ماحد هيش،لني وهيجل،طنِي في الدنيا داي غيرك ياسكون ،


واسترسلت حديثها وهى تقوم من مكانها:


_ حاضر هروح أجيبهم أهه متؤمريش الخدامة الفلبينية بحاجة تانية واصل ؟


ابتسمت سكون على عبوسها وحركت رأسها برفض ، نظرت إليها فريده بغضب وذهبت من أمامها كي تحضر لها الأدوات لتداوي جر،حها .


أما هي نظرت إلي غرفة صديقه الذي يأتي إليه بحالمية وما إن رأت طيف أحدهم آتيا ناحية الشباك حتى حولت نظرها إلى الجهة الأخرى فيكفيها ماحدث منها اليوم .


في منزل ماجدة والدة سكون تجلس على تختها تتصفح هاتفها وهي شاردة في صورها القديمة قبل أن يجور عليها الزمان صارت تتصفح الصور وعيونها تلتمع دمعا على ملامح كساها الزمن حملا ثقيلا انساها انوثتها التي دفنتها فور مو،ت زوجها تحت اقدام بناتها ،


ثم وجدت يديها تتوقف عند صورة ظلت تنظر اليها وتقوم بتكبيرها وتصغيرها فقد كانت صورتها وهي ابنه العشرين عاما فحقا كانت جميله قبل ان تدهسها هموم الحياه،


وحدثت حالها بشرود:


_ لحد مي،تة هتفضلى دافنة نفسك بالحيا يا ماجدة والزمن بيروح وياجي عليكي وياخد من شبابك وعمرك !


والبنات كبروا وكلها سنين بسيطة ويبَعِّدوا عنِّيكي خالص وينشغلوا في حياتهم واني هفضل وحيدة !


لحد مي،تة هتفضلي قافلة على حالك وترفضي أي فرصة تَجِيلِكْ وتخليكي تتنفسي وتعيشي اللي باقي من عمرك واللي ما لحقتيش تعيشيه من الاصل ؟


وأثناء شرودها استمعت الى جرس الباب ،على الفور مسحت أثر دمعة وهبطت من عيناها وارتدت خمارها وخرجت لترى من الطارق واذا بها مها ابنتها ،


ابتسمت عندما رأتها وأفسحت لها المجال وهي تردد بترحاب :


_ ياأهلا بأم الغاليين ، فينهم نور عين ستهم مجيبتيهمش معاكي ليه عاد .


دلفت تلك المها بملامح وجهها العابسة وتحدثت بلا مبالاة:


_ سيبتهم نايمين وبيصحوا من نومهم متأخرين ، فقلت أستغل الوقت وأجي أقعد وياكي شوي .


مطت شفتيها بامتعاض واردفت:


_ لع متَجِيش من غيرهم تاني ، اتوحشتهم أووي ونفسي أشوفهم ، دول أول احفاد ليا متتصوريش من يوم ماولدتيهم وأنا بحبهم كد إيه ، دول غالييين على قلبي واغلى منيكي كمان ،


وتابعت كلماتها وهي تدلف الى المطبخ :


_ مالك ملامح وشك متبشِرش بالخير واصل ،


متخانقة إنتي ومجدي ولا ايه ؟


جلست مها على الأريكة بملل وهتفت باستنكار:


_ ومن مي،تة واحنا مبنتخاقوش ! قصدي ومن مي،تة واحنا متصالحين يا أما .


خرجت ماجدة من المطبخ وبيدها كؤوسا من الأرز بلبن الطازج والذي تعشقه مها منها بشدة وتحدثت بملل:


_ يادي الحديت اللى كل لما أشوفك تزهِقِيني بيه ده ، يابتي جوزك بيسعى على وكل عيشه كل يوم ، عيشي ومتنغصيش عليه عيشته .


انتفضت من مكانها وأردفت بصوت عال:


_ وه ياأما كل لما أجي لك علشان أفك عن حالى تقفليني قبل مااتكَلَم وتحسيسني بالذنب وأنا في الاساس المج،ني عليها واللى عايشة ومش وأني معرفش طعم المودة والرحمة اللى بين الراجل ومرته .


تحدثت فريدة وهي تناولها كأساً من الحلوى بيد وباليد الأخرى تشير إليها أن تجلس :


_ مالك عاملة كيف العيال اللصغيرة ، تعالى اقعدي جارى إهنه وهدي خلقك وخدي طبق الرز بلبن واستطعمى عمايل أمك الي اتوحشتك بالأكيد.


أطاعتها مها وجلست بجانبها وتحدثت بتعب نفسي حتماً لو استمرت على هذا الحال سيد،مرها :

_ إنتي ليه مفهمنيش عاد ياأما ! أني تعبت من عيشتي وياه وأني بالنسبة له زيي زي الكرسي ولا أي حاجة مهملة ملهاش عازة عنديه ،


واستطردت حزنها :


_ كل لما أبص حواليا علشان ألقاه في أشد أوقات احتياجي ليه ملقيهوش ،


حياتى كلها وياه ورقة وقلم وحسابات ودفاتر داخل وخارج بيها ،


ده ممكن يقعد بالاسبوع ميشفش ولاده ولا حتى ساعة واحدة وميسىألش عنيهم غير لما يشوفهم صدفة .


كانت والدتها تشعر بها وبآلامها فقلب الأم دائما يشعر بأبنائه ووجعهم ، ولكن عرفهم يحتم عليهم أن تتحمل فهى لن ترضى بطلاق ابنتها مهما كلفها الأمر ،ولا ترضى لها خراب البيت مهما كان ،


فربتت على ظهرها بحنان أم وأردفت تهدئها:


_ يابتى عيشي وارضى بحالك وأهو ضل راجل ولا ضل حيطة ، علشان خاطر ولادك اللى مكملوش عشر سنين لسه ، كل الحريم إكده والبيوت مدارية بلاوى مايعلم بيها إلا ربنا ، عيشي وارضى وتنك وراه لحد ماينظبط .


وضعت مها رأسها بين يديها فلن يشعر أحداً بحر،بها الداخلي ، ولم يشعر أحداً بما غرست به حالها ويجعل قلبها يتقطع كل ليل على ماتقترفه من جُر،مٍ كبير ،


وتحدثت كي تستعطف والدتها كالغر،يق الذي يتعلق في قشة نجاته:


_ بس أبوي الله يرحمه مكانش إكده ، عاش ويانا أكتر من ١٢ سنة وكان ويانا نعم الأب ،


كان بيحبك وبيعاملك كيف الملكات ، وكان بيخاف على زعلك وعمره ماقصر معاكى ، علشان إكده مهتحسيش بيا ولا بالإنسان الآلى اللى متجوزاه ،


وتابعت بدم،وع غزيرة انهمرت على وجهها :


_ ياأمي ده أنا ساعات من كتر الحرمان من عطفه وحنانه أجي على نفسى وألبس وأبقى في أحسن شكل يتمناه أي راجل من مرته ، وياجي ميشوفنيش أصلاً ولا ياخد باله من اهتمامى بنفسي ليه ، ولا يجبر خاطري بكلمة حلوة ، وأقول يابت جاي تعبان قرِّبي إنتي منيه ولاغيه هيحس بيكي ، مهما أعمل بيبقي في عالم تانى ، يابيتكَلم في التليفون في شغل ياهيخلص ميزانية لمكتبه ، ياهينام من كتر الشغل والتعب وأنا أرجع لفرشتي بحسرتى على عمري اللى بيضيع وياه من غير ماأتهنى بأايامى الحلوة ولا بشبابي ، وكل ده تقولي لي أتحمل ! صعب ياأما أتحمَّل أكتر من إكده عاد .


أحست بوجي،عتها بشدة ولكن لن تساعدها على خر،اب بيتها وأردفت بتقليل من حزنها :


_ كانك مزوداها شوي ! أنا شايفة كلامك كله ميصحش يطلع من بت أصول عاد مش متحملة جوزها ، فوقي يامها لحالك واوعي لبيتك وجوزك إنتي من زمان وإنتي إكده بتكبرى الصَغيرة وتعملي من الحبة قبة ، وطول عمرك متدلعة وكنتي مغلبانى وإنتي بت بنوت ومشيبانى بسبب دلعك الزايد عن اللازم ، عيشى على طبع جوزك وكله إلا خر،اب البيوت العمرانة من رابع المستحيلات إنه يُحصُل .


اجتمعت جيوش الغضب أمام عينها من عدم رحمة والدتها بها وهتفت باستنكار:


_ يعنى بعد اللى حكته لك ده كلياته أني بتجلع !


وكل اللى همك إن البيت ميتخربش وبس ، أما أني واحساسي ومشاعرى وحقي البسيط في الدنيا المفروض أتنازل عنيه من وجهة نظرك ،


واسترسلت حديثها وهى تحمل حقيبتها مرددة بشرود:


_ حلو إكده مفيش خرا،ب بيوت بس متلومنيش بعد إكده عن أي تصرف هعمله يحسسنى إني بنى أدمة من حقها تعيش وتحس ودي أبسط حقوقي .


اتسعت مقلتيها بذهول:


_ معناته ايه حديتك الماسخ ده يابت بطنى ! هتمشي في الحرام عاد ولا ايه!

ده أنا كنت دب،ح،تك بيدي ودف،نتك مُطرحَك ومحدش يعرف لك طريق جرة .


انطلقت من أمامها بعد أن رددت :


_ والله تُبقي عِمِيلتى فيا جِميلة مهنسهلكيش واصل .


ألقت كلماتها وتركتها وغادرت المكان تاركة اياها تجوب بعقلها في تلك الكلمات التى رددتها في عز بكائها ، وعقلها يصور ألاف التصورات وينكرها في نفس الوقت


وتحدثت بلسان حالها بصوت عالي:


_ والله عال ياست مها ، ربنا يسامحك يابعيدة وقال يامخلفة البنات ياشايلة الهم للم،مات ، إنتي ملكيش غير خالك مسعد ياجي يشوف حل وياكى علشان زهقت منك ومبتقش حملك واصل.


وظلت على حالها تتآكل نا،را على ابنتها وكلماتها المو،جعة .


&&&&&&&&&&&&&&&&&&


في كلية الصحافة والإعلام وبالتحديد في مكتب عميد الكلية،

تحدثت بوقار واردفت بخفوت:


_ يافندم أوعدك إن عمري ماهرفض أي سبق صحفي ينطلب مني عاد في اي يوم من الايام ، بس أغاني ومطرب فوق مستوي تحملي ومهقدرش وهبوظ الدنيا .


وقبل أن يرد استمعت إلي أحدهم يردد بغيظ :


_ ليه هو المغني ده مش إنسان ولا من آك،ل لح،وم البشر وهيعمل لك حاجة ياآنسة ؟


استمعت الى صوت رجل فلم تعيره انتباه ولم تنظر اليه وردت على حديثه وهي تنظر الى عميد الكلية فهي تغض الطرف ولا تخشى في اخلاقها لومة لائم:


_ ومين قال إكده ياحضرة ، كل الناس على عيني وراسي وليهم تقديرهم وكلنا ولاد تسعة في الآخر ، والموضوع ملهوش علاقة بالإنسانية نهائي ، ده قناعاتى في أمور ديني وأنا مهغصبش حد عليها ، أنا ماشية عليها لحالي.


أحس أدم بالإهانة الشديدة لانها تتحدث معه ولم تنظر اليه وترد على كلامه دون ان تعيره أدنى انتباه وهذا في عقله يسمى قله ذوق وليس كما تحكي هي فتحدث معنفا اياها:


_ومش عيب لما اكون بكلمك يا آنسه وما توجهليش وشك !

هو انتي ما تعرفيش ان الكبر حرام ،ولا إن من الذوق ان لما حد يكلمك تدي له ضهرك ما تبصلوش اصلا .


هنا التفتت إلي وجهته وأجابته دون ان تنظر الى وجهه ولكن عيناها مثبتة حوله:


_ايه علاقه غض البصر بالكبر هو أني مطالب مني ان انا اتكلم مع حضرتك وأبص لعيونك عاد ، أما عن ردي أنا رديت بكل ذوق بدون مااغلط ولا أراعى حدود الأدب.


احسه بغل،يان الد،م في عروقه من تجاهلها لأن تنظر اليه مرة ثانية فهو لم يعهد امرأة الا ولن تتأمله وتحلم ان تجلس أمامه فكل ما رآه من جنس حواء لم تفعل معه مثل ما فعلت تلك المرأة فوجه كلامه الى عميد الكلية مرددا بغضب:


_انا اتهانت جامد في وجود حضرتك يا دكتور بقى دي اللي انتم جايبينها تعمل معايا انا آدم المنسي حوار صحفي ؟!


أحرج عميد الجامعه بشده من غضبه وخاصة ان مكة زادتها معه بكثير فلم يكن متوقعا ما حدث منها فتحدث معتذرا بلباقة:


_معلش هي ما تقصدش حاجه يا فنان اهدى بس كده وانا هخليها تعتذر لك حالا .


ثم تابع كلماته وهو يأمر مكة بالاعتذار الى آدم عن طريقتها الفظة معه:


_اتفضلي يا آنسة اعتذري لآدم على معاملتك معاه بقلة ذوق خاصة واني شايف اسلوبك في الكلام ،وبعدين انتي مش من حقك توافقي او ترفضي تعملي الحوار الصحفي اللي كان هيبقى ليكي نقلة جامدة في بداية مشوارك الإعلامي وخسرتى النقلة دي .


اتسعت مقلتيها بذهول واردفت:


_اني غلطت في ايه علشان اعتذر لحضرته !

انا يا دكتور اتكلَمت بكل ذوق ، واذا كان على النقلة داي مش عايزاها إذا كنت هغضب ربي فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .


هنا فاض كيل آدم من تلك الجريئة التي تحدته امام مدير اعماله وعميد الجامعة وأودت بالبرستيج الخاص به أرضاً وقام من مكانه وخطى أمامها مرددا بتحدي:


_طب ايه رأيك بقى بسبب عجرفتك دي وقلة ذوقك ان ما فيش غيرك هيعمل معايا الحوار الصحفي والا مش هحضر الحفلة دي ومش بس كده هخرج اتكلم على اني اتعاملت هنا بطريقة مش كويسة من طالبة في الجامعة وشوفي بقى السوشيال ميديا وحواراتها واللي هتتعرضي له بسبب بس طريقتك الغير لائقة معايا .


رفعت عينيها اليه صدفة ولأول مرة ترى من ذاك الآدم الذي يتحدثون عنه ويصفون شموخه وطلته وللعجب أنها رأته عاديا كأي رجل ولم يحرك مشاعرها لحظة ، أما هو استفزته قوتها ورأي نظرة عدم الانبهار به الذي يراها في أعين كل امرأة قابلها ، فحقا أثارت حفيظته من نظرة عين فقط رأها من تحت نقابها واستفزت داخله بطريقة لا توصف ،ثم تحدث عميد الكلية مرددا لآدم:


_طيب ممكن تقعد يا ادم هنتفاهم دلوك ولا سوشيال ميديا ولا الحوارات داي ،


وتابع كلماته وهو يأمر تلك المكة:


_تمام إنتي شايفه انك ما غلطتيش وأني شايف انك هتعملي الحوار الصحفي ده ومش بس اكده اي حاجة هتنطلب منك كإعلامية في حدود عملك هتعمليها وبرده وانتي محتفظة بأخلاقك بدون ما تعصي ربنا زي ما انتي ما بتتكلمي هي مهمة مش مودينك بيت دعاره استغفر الله العظيم يعني .


فركت أصابع يداها بتوتر فقد وضعوها في خانة اليك وقررت أن تجري معه الحوار الصحفي كما طلبوا منها ، فتحدثت بإنهاء للحوار:


_ تمام يادكتور أني هعمل الحوار الصحفي مع الأستاذ .


هتف أدم بطريقة مستفزة لها كما استفزته :

_ أنا مش أستاذ أنا الفنان أدم المنسي ياآنسة .


بابتسامة عابسة استشفها من عينيها هتفت ببرود :


_ تمام يا نجم أنا هستنى حضرتك تخلص حفلتك وقت ماتخلصها وهعمل الحوار .


رفع حاجبه باندهاش :


_ يعنى إيه تستني إنتي المفروض تحضري الحفلة هو إنتي مش صحفية ولا ايه ولازم تغطي الحفلة كاملة .


فتحت فاهها على وسعه مرددة برفض قاطع:


_ أحضر حفلة فيها أغانى وموسيقى وشباب مختلطة ببنات كيف يعنى !


وتابعت كلماتها وهى تنظر إلى عميد الكلية:


_ اعذرنى يادكتور أنا لايمكن أحضر الحفلة دي ، أنا من يوم ماجيت الجامعة وأني باعدة حالي عن الحوارات داي عاد ولا باجي ناحية المسارح نهائيا.


ض،رب أدم بغضب على المكتب من تلك المتمردة وهتف لمدير أعماله بص،ياح :


_ إيه ده يا أستاذ انت جايبني هنا أتهان من عيلة أصغر منى ب١٢ سنة ، وكمان تتجرأ وترفض تحضر حفلتى ومش عاملة لي اعتبار خالص ، إنت ازاى متركزش في شغلك معايا ؟!


أصبحت المشا،حنات بين جميع الأطراف متأهبة وانطلقت ح،رب المغرور والمتمردة ، فتحدث مدير أعماله يهدئه:


_ اهدى يافنان مفيش إهانة ولا حاجة دي مشكلة بسيطة وهتتحل .


هنا تحدث عميد الكلية كي ينهى ذاك الجدل المقام :


_ خلاص ياأدم أنا هغطي الحفلة بمعرفتى وهي هتعمل معاك الحوار الصحفي ،مش عايزين نعمل مشكلة على تفاهات ، اتفضل جمهورك مستنيك ومجلس الجامعة عاملين لك حفلة جامدة تليق بيك .


نظر إليها أدم بغيظ وتوعد لها بشدة وأقسم أن يجعلها تتمنى منه النظرة ولن تطولها منه ،


وخرج بغضب من تلك الحجرة ذاهبا إلي الحفلة وفور خروجه وجد الجموع من الفتيات والأولاد حوله بشراهة فتبدلت معالم وجهه فوراً لأن الكاميرات محاطة به من جميع الاتجاهات ، أما هو اخت،طف نظرة كبرياء إليها كي يريها أهميته وسط الجموع من الفتيات قبل الصِبيان ، ورجع بنظرته خائبا فوجدها لم تنظر إليه ولم تعيره أدني اهتمام فدق قلبه نا،را لتك الأنثي التى لم يقابل مثلها يوماً ،


وخطى إلى الحفلة بقلب ينبض تحديا بأن يجعلها تخضع كمثلها ، ولكن هل ستخضع تلك الأنثى الصعيدية المتدينة ذات الرداء الاسود الذي يزيدها جمالاً واحتراماً ، فلنرى أيها الأدم كيف ستجعلها تخضع اليك ،


فور انفضاض الجميع من أمام مكتب العميد تحدث إليها ناهرا إياها:


_ ينفع اللي حصل ده ياأنسة مكة ! إنتي أحرجتيني وكسفتيني جامد ، كان ممكن تعترضي لما يخرج وكنت هفض المشكلة طوالي من غير ما حد يدرى ولا تخلى موقف الجامعة سئ إكده .


أجابته بح،زن لما سببته له من إحراج :


_ والله يادكتور ماعرِف إنه هو المغنى ولا أعرف شكله حتى ، واتكلمت بصفو نية وتلقائية ، وبحسبهم دكاترة معانا إهنه علشان إكده اعترضت بدون ماخد بالي .


عذرها وذلك لأنه يعرفها بشدة فهي منذ قدومها الي الجامعة معروفة بتفوقها وأخلاقها وكما أنها رئيسة اتحاد الطالبات منذ السنة الثانية لها في الجامعة ومعروفة لدي الجميع وذلك لإجرائها عدة ندوات دينية لتعليم الفتيات أمور دينهم وكانت دائما تأتي إليه وتأخذ الإذن بخصوص تلك الندوات ،


فتحدث متأسفاً:


_ بس خلاص انتى اللى هتعملى الحوار الصحفي لامفر ، هتتفضلى تشغلي الشاشة دلوقتي وتشوفى أجواء الحفلة علشان تعرِفي هتبدأي اللقاء وياه كيف ، وقبل ماتعترضي علشان الموسيقى اكتمى الصوت وشوفي الأجواء علشان توصفي اللقاء والنجم كويس في السبق الصحفي اللى صدقينى هيبقى نقلة كويسة ليكي وخاصة على صفحتك على الانستجرام والفيس بوك .


رأت أن حديثه مقنعا ونظرت الى الموضوع بصورة عملية بحت وقررت ان تجري اللقاء بحرفية دون ان تغضب ربها وتعتبره سبقاً مثل اي سبق طالما لم تؤذي احدا ،


بعد ساعتين تقريباً انتهى الحفل وبعد أن غادر المسرح بسرعة قبل أن يهجم عليه الجمهور كعادته انطلق إلى مكتب العميد ،


دلف إلي المكتب بإنهاك فحقا هو متعب فهو يقف ساعتين كاملتين على قدميه يلقي غناؤه فتلك المهنة متعبة وشاقة أيضاً للغاية ،


كانت في انتظاره في مكتب العميد تدوِّن النقاط التي تتناقش معه فيها ،


وفور قدومه تعاملت معه بعملية شديدة ،ذهبت إلي الاستراحة الموجودة جانباً في مكتب العميد وهي تشير إليه بوقاار:


_ حمد لله على سلامتك يا نجم ، اتفضل حضرتك هنا علشان هنبدأ الحوار الصحفي.


لم يرد على سلامها قاصداً استفزازها وذهب إلى المكان التى أشارت إليه دون أن يعيرها أدنى اهتمام كي يثير حفيظتها ،


ولكنها لم تعتاظ ولم تعير ردة فعله أي انتباه وهو شعر بذلك فتآ،كل غيظاً منها ،وتنفس غاض،باً بصوت عالي وصل إلى مسامعها ،


استقرا في المقعد فتحدثت بعملية:


_ تحب تشرب قهوة أو عصير فريش ولا نبدأ علطول ؟


أجابها بإنهاك وهو يفرك جبهته من صداع الرأس :


_ ممكن قهوة مظبوطة لأنى مصدع جداً.


قامت من مكانها وطلبت من المسؤول عن مكتب العميد فنجاناً من القهوة وانتظرته حتى أتم قدحه وأخذته منه و عادت به ، وضعته أمامه بعملية:


_اتفضل القهوه دلوقتي نقدر نبدأ حوارنا الصحفي يا فنان ولا لسه ؟


كان يظن أنها ستناوله القهوة في يده وتقترب منه كما فعلت غيرها من الصحفيات كمحاولة منهن للاقتراب منه ولكن بائت تخيلاته فشلاً ككل مرة فنظر إليها بشرود محدثاً حاله :


_ غريبة نعم أنتى عجيبة لم أقابل مثلك يوماً من الأيام ،

متمردة ،شرسة ،أبية ، لم أرى فى عالمك الخفى مثيل ، أثرتى حفيظتى وجننتينى وصار بالى بك مشغول في لحظات ،


لااا لم أعهد مثلك ولن تفلتى من قبضتى وسأعدك أنى سأخترق خفائك وسأراكى أنثي كاملة لي فالبطبع ستكونى مختلفة عن كل النساء.


رأت شروده وتركيزه بها اللامتناهي فمطت شفتيها أسفل النقاب وتحدث داخلها:


_ ابتدينا من أولها محن زيادة عن اللزوم ، شكله مفكِرنى من إياهم المعتوه ده .


أنهت حديثها الداخلي وتحدثت وهى توجه الكاميرا الخاصة به وتظبطها على الرينج لايت ، وتمسك دفترها وقبل أن تضغط زر البدأ أردفت :


_ ها تمام كدة نبدأ ولا ايه ؟


أشار إليها أن تبدأ وأنه مستعد فضغطت على زر التشغيل والكاميرا موجهة كليا إليه مرددة وانطلقت في حوارها الصحفي ببراعة نالت إعجابه ،


كان ينظر إليها بإعجاب شديد ، صوتها هادئ وناعم رغم عدم خضوعها في الحديث ، حركاتها محسوبة ولم تتلاعب معه ولم تفتعل إيقاعه كغيرها من النساء ، حقا تركيبتها مختلفة واخترقت مشاعره دون أن تقصد ، ودون أن يرى وجهها ودون أن يعرف ملامحها ،أممن الممكن أن تولد قصة غرام بين المغني والمنتقبة ؟


أممن الممكن ان تسحبه لعالمها أو يسحبها هو لعالمه ويغير أيا منهما مسار حياة الأخر ؟


فلنرى ماذا يحدث مع ذلك الثنائي المختلف كليا شخصية كل منهم عن الأخر ،


انتهى الحوار وتنفست الصعداء بعد مغادرته ، وأصبح عقلها يراجع ماحدث اليوم ألاف المرات ، فحقا كان أمامها هادئا واحترم تدينها ولم يزعجها بنظرة خبيثة ولا كلمة جريئة مما جعل عقلها يراجع المشهد بينهما مرارا وتكرارا ،


أما هو صعد إلى سيارته وفور انطلاقه تحدث إلى مدير أعماله أمراً إياه :


_ عايز كل بيانات البنت دي وأرقام تليفونها وكل حاجة تعرفها عنها من يوم ماتولدت لحد دلوقتي ، مش هوصيك بقى إنك متتأخرش ياراشد .


أطاعه راشد مرددا:


_ حاضر يا فنان متقلقش النهاردة بالليل هتكون عندك أخبارها كلها من يوم ماتولدت لحد دلوقتي.


نظر إلي الأمام بشرود وهو يتذكر يومه وبالتحديد لقاء تلك المتمردة التى لم يعهد مثلها قط .


&&&&&&&&&&&&&&&&&&&


عودة إلى المشفى جلس عمران مع صديقه الدكتور جلسته المعتادة يومان في الأسبوع ، فتحدث محمد صديقه :


_ مجيتش المرة اللى فاتت ليه كنت مستنيك ؟


أخذ نفسا عميقا ثم زفره بهدوء وأجابه:


_ تعبت من كتر ما باجي ومفيش فايدة ولا تقدم ، أنا تعبت من كتر مابدور على سبب ومش لاقي .


قام محمد من مكانه وجلس أمامه مرددا بأمل:


_ متفقِدش الثقة في ربنا وهو قادر على كل شيء ، بس انت قول يارب .


شبك كلتا يداه في بعضهما وأردف بنبرة حزينة:


_ بقالي سنين بعافر وبقول يارب ، إنت مش متخيل صعيب كيف على راجل صعيدي يحس إحساسي ، انا بدمر كل يوم عن اليوم اللي قبليه ياصاحبي.


ربت محمد على فخذيه وهتف باستجواد :


_ أهه الشيطان بيضحك عليك وبدا يوسوس لك في دماغك انك تفقد الامل اصبر التجربه الأخيرة اللي احنا بنعملها هتجيب نتيجة باذن الله بس انت ادي لنفسك داعم وامل ومتقلقش .


مط عمران شفتيه وقام من مكانه وسار ناحية النافذة وهو يردد :


_ اديني اهه بقالى شهرين وزيادة بمني نفسي عاد إنه خير ،


ثم وقف أمام النافذة وعيناه تجول المكان حتي استقرت على تلك السكون التى حقا حركت ساكنه ، وسأل محمد :


_ بقول لك ايه تعالى إكده .


سار محمد إلي مكانه ونظر حيث تنظر عيناه ، فسأله باندهاش:


_ فيه إيه بتبص عليه إكده وشاغل انتباهك ؟


أجابه عمران وهو على نفس نظرته:


_ شايف البنتين اللى قاعدين هناك دول .


حك محمد رأسه وعيناه تمشط المكان وردد :


_ جرى لك إيه عاد ! الجنينة مليانة ستات مين تقصدهم ؟


أشار بيديه عليهم قائلا:


_ بص عاد ناحية الشمال عند البوابة اللى لابسين البالطو الأبيض وواحدة فيهم بتطيب جرح التانية .


رآهم محمد وهتف باستيعاب:


_ أه إنت تقصد الدكتورة فريدة والدَكتورة سكون .


_ آه هي سكون دي ..... كلمات خرجت من فمه باستمتاع لذكر اسمها وأكمل متسائلا:


_ تعرف حاجة عنيها سكون دي ؟


سحب محمد وجه عمران وجعله ينظر إليه ويحيد بصره عنهم كي لايلفتوا انتباههم:


_ أه أعرفهم زمايل عمل وفي بيناتنا كل ود واحترام ،


واسترسل بتعجب من استفساره:


_ ليه بتسأل عليهم معتقدش أنهم ضايقوك في حاجة ، دول في حالهم على الأخر وملهمش علاقة بحد .


تحدث عمران بإبانة :


_ لع هما معملوش حاجة واصل ، اني بسأل عادي ، أصلها ص،دت في الشجرة بدون ماتاخد بالها وجريت عليها لما سمعت أهاتها ولسه هقرِب منيها أقومها ، منعتني قبل ما تغيب عن الوعي وقالت لي متلمسنيش ، غريبة أوي لسه في بنات إكدة بيخافوا ربنا .


ابتسم محمد وهو يعيد نظره إليهم :


_ ياه في كَتيير الدنيا فيها الحلو وفيها العفش وزي ماده موجود زي مادول موجودين ، بس الدَكتورة سكون وكمان فريدة محترمين قووي ومتدينين وعمر العيبة ماتطلع منيهم واصل .


ظل محمد يراقب رد فعله وهو ينظر إليهم وبالتحديد نظرات عيناه كانت مثبتة على سكون ، الى ان جال في باله فكرة عرضها عليه سريعا:


_ تِعرِف ياعمران إن مشكلتك ممكن تتحل بالحب ، يعنى لما تحب وتتحب وتجرب تشتاق هتلاقي كل حاجة جواك اتغيرت وتُبقى عايز حبيبتك جمبك وتلاقيك بتتغيِر وياها وبيها ، ماتجرب كدة تدي فرصة لنفسك وأنا متأكد إن ده حل هيجيب نتيجة بإذن الله.


ضم عمران حاجبه باندهاش وهتف برفض:


_ أحب كيف وأعلِق إنسانة بيا وأربطها معاي وأظلُمها يا محمد ، وغير إكده مهقدِرش .


تنهد صديقه من تيبس عقله ورفضه لأي حل يجعله يخرج من قوقعة المجهول وهتف منزعجا:


_ كل حاجه لع ومهقدِرش ورافض أي نصيحة أو استشارة بدلك عليها عاد !


وتابع كي يلفت انتباهه وهو يرى نفس نظرته المثبتة على سكون:


_ لعلمك بقى انت وقَعت وطبيت خلاص وانت بنفسك اللى هتطلب مساعدتي ووقتها هتمنع عليك وهرفض أساعدك هه .


التفت إليه عمران متعجباً وهو يردد :


_ معناته إيه كلامك ده عاد ؟


أمسكه محمد من كتفيه وأداره ناحية النافذة مرة أخرى وهو يفهمه معنى كلامه :


_ معناته إنك من ساعة مادخلت اهنه النهاردة بالتحديد عن كل يوم سابق وانت عنيك هتتطلع على الدَكتورة وبتلمع بنظرة أول مرة اشوفك بيها .


_وه ! وأنا ايه اللى هيخليني أبص على الدكتورة سكون دي عاد ! .... كلمات خرجت من فمه تلقائية دون أن يدري أن ذاك المحمد منتبه معه بشدة ، وأكمل دفاعه:


_ سيبك من التخاريف والخربطة بتاعتك دي واصل.


بحاجبين مرفوعين وابتسامة شامتة أردف بمشاغبة:


_ وانت ايش دراك إني أقصد سكون مش فريدة ، ماهم الاتنين دكاترة وقاعدين جار بعضهم ،


وتابع بإرشاد :


_ فكر بس ياصاحبي في اللى بقول لك عليه ، يوضع سره في أضعف خلقه وخلي عندك ثقة في ربك أنه مهيضمكش أبدا .


شرد بعقله وهو يفكر في كلام صديقه ويعيده مرارا وتكرارا وهو على نفس نظراته ثم حمل مفاتيحه وهتف :


_ حاضر هفكِر ، أنا ماشي معايزش حاجة .


ربت على ظهره واجابه بابتسامة:


_ لع في رعاية الله يازينة شباب قنا كلياتها .


توجع من كلمته بالرغم من إطرائه إلا أنه تأنَّ وجعا ، القى سلامه وخرج من الغرفة ونزل الأدراج وعقله يجوب بالفكر ، وما إن اقترب من باب الخروج المؤدي إلى حديقة المشفى حتى وجد نفسه يقف على أعتابه ينظر إليها من بعيد ، يراقب حركات وجهها المريح لقلبه ،


نعم فقد شعر براحة كبيرة اجتاحت أوصاله ما إن تقع عيناه عليها ، ووجد قدماه تسوقه تجاهها بلا إرادة ، رأته صديقتها فريدة يقصدهم بقدومه فتحدثت إليها وهي تقوم على عجالة لعله يبادر معها بأولى لحظاتهم وبدايته لعشقه لها كما تعشقه صديقتها :


_ بصى متتلفتيش عمران جاي وراكى وشكله قاصد ياجي يطَمن عليكي ، أنا هسيب لك الفرصة دي وهرجع لك تاني ، خليكي طبيعية.


ونظرت في اتجاه معاكس وأشارت بيدها كأن أحدهم يناديها فتركتها بلباقة دون أن يشعر ذاك العمران ،


انطلقت مسرعة وجلست سكون تحاول أن تستدعي هدوئها ولكن كيف وحبيب الروح يأتى إليها ، يا الله كم صعب ذاك الشعور فهو مؤلم ورائع في نفس الوقت ، المعنى ومضاده في كل شئ تشعر به الآن ، استنشقت رائحته التى حفظتها عن ظهر قلب فعلمت باقترابه ،


اعتلى صدرها صعوداً وهبوطا بدقات مفرطة ، حاولت أن تبدو طبيعية ولكن لم تقدر ، وكان ذاك الشعور والإحساس رغماً عنها ، فالمحبين بصدق وخاصة المحرومين كسكون فعشقها له من طرف واحد لن يستطيعوا التحكم في دقات قلبهم عند رؤيتهم لمحبيهم وهى كانت كذلك ، ومن العجب أنه أحس بشعورها ورأى عدم انتظام أنفاسها ،


وعلامات الخجل تجول على وجهها وهو قادم إليها ، فاندهش من تعابير وجهها وتوترها الشديد ، فوصل أمامها فرفعت أنظارها إليه وتلاقت أعينهم للمرة الثانية وأحس بنفس الرجفة في جسده كما قبل ،


وتفوه يطمئن عليها بنبرة صوت حنونة :


_ كيفك ياداكتورة دلوك اتحسنتي من الوقعة وفقتي وبقيتي زينة ؟


رعشة اجتاحت جسدها بأكمله وصار حدسها لايصدق وتسائل داخلها:


_ أحقا ساقته قدماه إلي كي يطمئن على حالي !

لااا ياربي لم أستطيع أن أتحمل فقلبي يرجف وعيناي ستبوح وتكشف أسراري،


أحقا هو بذاته يقف أمامي وأستنشق رائحته وأسمع صوته ويحدثني لذاتي !


اهدأ قلبي فأنت في حضرة ذاك العمران تنقبض وتنبسط في نفس الوقت ولا تبالي ،


فأجابته بعد حيرتها سريعاً:


_ بخير الحمدلله ، شكرا لذوقك ولكرم أخلاقك على انك افتكرتنى وجيت تطَمن علي .


انطلق لسانه مرددا دون أن يدري هو الآخر:


_ ومين يشوف السكون بيتألم وميرقِش قلبه ليه وياجي يطَمن عليه .


ذهلت من كلامه فحقا كان بارعاً فى جعل مشاعرها تثور داخلها بسبب كلماته وأردفت بخجل وهى تلقي مرمى أنظارها بعيدا عنه من شدة خجلها:


_ كلك ذوق متشكرة جدا لشهامتك .


ابتسم لها ودار بجسده ناحية عيناها الخجولتين منه مرددا:


_ هو أنا مضايقك علشان إكده بتداري عيونك عني أو بتطفل عليكي.


ألقى كلماته كنوع من المشاغبة كي يفتح معها حوار ويكشف منها ما يريده والذي وصل إليه من أول نظرة من عيناها ، ولكنها هتفت باستنكار:


_ لاااا مين قال إكده ! بس أنا طبيعتي الخجل شوي لكن انت معميلتش معاي حاجة تستدعي إني أنفر منيك ياولد الأصول ، بس كل الحكاية اني متفاجئة بس فتلاقيني متوترة .


تابع مشاغبته:

_ وايه اللي مخليكي متوترة إكده للدرجة اللي واصلة لي دي وحاسسها ؟


لااا كفى حديثك ذاك فعدت لا اتحمل ولكن أجابته وهي تحاول استدعاء الهدوء أكثر:


_ ممكن من أثر الوقعة بس متحطش في بالك .


انتوى المغادرة وتحدث بترحاب:


_ عموما حوصل خير ، أني همشي مش محتاجة حاجة أجيبها لك لو تعبانة قبل أمشي .


انفرجت أساريرها من اهتمامه وثبتت نظرة عيناها داخل عيناها قائلة :


_ معايزاش غير سلامتك ياعمران .


ما إن استمع إلي حروف اسمه خرجت من فاهها بتلك النبرة الرقيقة حتى دق قلب العمران لتلك السكون ، فقد رمت سه،م عشقها حتى اخت،رق قلبه وسدد رم،يه ونفذ بأوردته وذاق طعم جماله وانطلق من أمامها وبداخله منتويا تكرار الحديث معها آلاف المرات ،


وبدأت شرارة العشق توقد قلب العمران ونبض قلبه بغرامها ولكن هل سيصدق قانون العشق ويشفي الوجع ويخلق من نبضه غراماً يحيى ذالك العمران أم للقدر رأي آخر .

البارت الثالث 

وأخيراً بادرَ العُمران وشعُر بح،ربِ العشقِ لكي سكون ،
أعدُكَ حبيبي سأطوفُ لأجلِ عشقِك بلاداً ووُديان حتى أصلُ إلى نبضِ قلبكَ ذاك العمران ،

فلِعِشقك لحنٌ أنتَ أُعذوبَته ، وسحراً أنتَ ترنيمتَه، ونهراً أنتْ سماؤُه ، فلك أحيا عشقاً وبكَ أتنفسُ هياماً ومنْك خُلِق ضلعِي الأعْوج الذي أُريدُه أن يستقيم بيْن يداكَ انتَ .

#خاطرة_سكون_المهدي

في أشهر مكاتب المحاماة في مدينة قنا تدلف رحمة المهدي إلي ذاك المكتب الذي حلمت أن تتدرب فيه من أول سنة دخلت فيها الجامعة ،

كانت تتمشي في الرواق المؤدي إلى مكتب ماهر البنان صاحب ذاك المكتب الفخم ، ذاك الرجل الأربعيني المعروف بلقب "خُ.ط المحاكم" فلديه شهرة واسعة في الصعيد بأكمله ومعروف عنه الذكاء الشديد والمهارة العالية في جلب البراءة لموكليه من أول جلسة ، فحقا اسما على مسمى ،

كانت دقات قلبها ترتعش من تلك المقابلة التى ستجرى لها من ضمن المتقدمين للتدريب تحت يد خُ.ط المحاكم ، جلست في غرفة الانتظار تحاول تهدئة حالها وتنظم من أنفاسها المتلاحقة اثر صعود الأدراج ،

نظرت حولها وجدت عدداً من الإناث المتقدمين فاليوم حدد مقابلة الإناث فقط لينتقى منهن خمس فقط للتعيين ، لوت شفتيها بامتعاض وحدثت حالها :

_ وإنتي هتاجي ايه في المتقدمين دول ! هما مالهم مظبِطين حالهم على الأخر إكده ليه وكأنهم جايين ملهى ليلي مش مكتب محاماة محترم علشان يشتغلِوا !

وبتلقائية أمسكت هاتفها ونظرت في شاشته واتخذتها مرآة لها وتابعت حديثها وهي تنظر إلي ملامح وجهها بدقة:

_ ده أني شكلي عفش اووي جنبهم بالنضارة اللى اني لابساها داي ، ولا البدلة اللى مخلياني كيف الراجل والكوتشي وكاني رايحة النادى ،

إيه اللي عميلته في حالي ده !

كانت تارة تنظر إليهم وتارة تنظر إلى حالها ، وبعد حديث دار أكثر من عشر دقائق مع حالها قررت أن لا تحضر المقابلة اليوم وتأتي في وقت لاحق ، وقامت من مكانها وكادت أن تغادر الغرفة إلا أنها استمعت إلي إسمها ينادى من مديرة مكتبه ، فهو بنفسه ينتقي المتدربين دون تدخل من فريق العمل الخاص به كى ينتقيهم بعناية فائقة ،

زاغ بصرها خ،وفاً من المقابلة وخاصة أنها رأت سابقتيها اللاتي أجرين المقابلة ، فقد كانوا في أبهى حلتهم وهي بجانبهم صفراً على الشمال ، وبالرغم من جمال وجهها وعيونها الواسعة وبشرتها الخمرية التى زادتها جمالاً بعينيها ذات العسلي الفاتح ، إلا أنها كانت تقلل من حالها بشدة،

عادت بخطى بطيئة إلي الداخل بعدما نودي علي اسمها عدة مرات ووقفت أمامها تردد بتوتر :
_ بعد إذنك يافندم هو ينفع المقابلة دي تتأجل النهاردة وآجي المرة الجاية ؟

لم ترفع مديرة مكتبه أعينها من على اللابتوب واصابعها تعمل بمهارة فائقة وهي تردد بعملية:

_ هنصحك نصيحة لوجه الله في السريع إكده ، إللي تاجي مكتب ماهر البنان وتأجل تُبقى خسرانة لأنها مش هتدخله تاني ،

وتابعت تحذيرها وهي ترفع عيناها إليها اخيرا وتشاور بيدها ناحية الباب:

_ اللي يخرج من الباب ده متردد مبيرجعهوش تاني ، اهم حاجة بيحبها المتر إن اللى شغالين معاه يبقوا عندهم ثقة في حالهم ،

ها هتدخلي علشان إنتي كدة هيتحسب عليكي عدم الالتزام عند المتر وخسرتي أول بونت في انطباعه عنك ،

ولا هتاخدي حالك وتمشي وانادم علي اللي بعديكي ؟

فكرت سريعاً في كلماتها ودون أن تنطق دلفت إلي المقابلة وهي تخشى خسارة الفرصة الوحيدة للتدريب في ذاك المكتب ويضيع حلمها ،

دلفت إلى الداخل بخطي سريعة ووقفت أمامه ورددت السلام وهو منكب على اللابتوب أمامه يراجع الملف الخاص بها ،

فتحدث ذاك الماهر مرددا بتساؤل دون أن ينظر إليها :

_ عندك استعداد تتس،جنى لو ملف عميل هنا ضا،ع منك او لقيناه مع الخصم وكنتي إنتي المسؤولة عنه ؟

جالت علامات الطيف على وجهها من أول استفسار ، وفكرت سريعاً لما استمعت إليه من نصيحة تلك المديرة:

_ علشان أبقى محامية ناجحة لازم تكون عيني وسط راسي ومسمحش للظروف ولا الخي،انة يقرِبوا مني ودايما هاخد احتياطاتي من القريب قبل الغريب ولو حوصل ابقى مهملة والمهمل يتعا،قب علشان يتعلم .

دون إجابتها دون أي انبهار وأكمل استفساره :

_ ايه هي مواصفات المحامى الناجح في أي قضية يمسكها من وجهة نظرك ؟

جالت بتفكيرها إلى أن أجابته بثقة :

_ يكون عنده سرعة بديهة ويمسك في أول نقطة يستبعدها في نجاح قضيته ويحافظ على ملفاته في مكان ظاهر خفي في نفس الوقت.

دوَّن إجابتها تلك المرة بإعجاب ولكن على وضعه دون أن ينظر إليها ، وتابع تساؤلاته:

_ لو قدامك قضية والمكسب فيها مضمون لكن الأتعاب فيها قليلة وجالك الخصم عرض عليكي مبلغ أضعاف الأتعاب بكتييير هتوافقي تسيبي موكلك حتى لو مش هيتسبب له ض،رر علشان الأتعاب الزيادة ولا هتعملي إيه ؟

أجابته بتأكيد :

_ المحاماة مهنة العدالة والفلوس مش أولى أمنياتي وشرف المهنة يحتمني إني معملش عملية إبدال حتي لو النتيجة واحدة ومش هت،ضر الطرفين بس هعمل اسمي بشرف تتحاكى عنيه محاكم قنا بحالها .

إلي هنا ورفع أنظاره إليها ليرى من صاحبة تلك الإجابات المنمقة والغير مفتعلة وتفحصها جيداً ، ووجدها ليست كمن سبقوها وعلى الفور قرر تعيينها فهو لم يلفت انتباهه واحدة ممن سبقوها بمظرهم الملفت للأنظار فهو ينتقي فريقه الجاد والعملي وفي نفس الوقت ذو مظهر منمق وهي لاقت استحسانه وردد بأمر وهو يشير ناحية الباب :

_ تمام اتفضلي والسكرتيرة برة هتفهمك كل حاجة ، المقابلة انتهت .

اغتاظ داخلها من حدته وطريقته المتكبرة وخرجت من أمامه ونفذت الأمر ،

وجدت السكرتيرة تعطيها ملفا كاملا وهي تهتف بنفس العملية:

_ اتفضلي الملف ده ادرسيه كويس جداً ومن أول الشهر تاجي تستلمي مكتبك هنا مع الفريق اللى هتدربي معاه .

اعتلت الفرحة معالمها بشدة وصفقت بيداها وهي تردد باندهاش:

_ إيه ده هو أني إكدة اتقبلت إهنه في مكتب الأستاذ بجد ؟

أشارت إليها السكرتارية برأسها بموافقة وهي تتابع عملها بمهنية ، ثم خرجت من المكتب وأقدامها تكاد تط،ير من شدة سعادتها وهي تنتوى الذهاب إلي جامعتها تكمل يومها الدراسي وهي تشعر بأنها أتمت أهم إنجاز في حياتها اليوم ، وأثناء سيرانها للخارج رأت ابن عمها دالفا إلى المكتب تلاقت أعينهم ، فوقفت أمامه بيها مرددة بسعادة:
_ جاسر بارك لي مش اتوفقت واشتغلت اهنه في مكتب الخ،ط ماهر البنان ،

وتابعت سعادتها وهي تنظر إلى المكان بانبهار :

_ مش عارفة أتشكرك إزاي يابن عمي على وقفتك وياي وأنك قدمت لي اهنه وعرفتني شوية معلومات عن عوايد المتر ، منحرمش منيك ياأجدع أخ .

كان ينظر إلى سعادتها العارمة وقلبه فرحا لها وهو مبتسم وعند كلمتها الأخيرة بوصفه كأخ شعر بالح،زن الشديد داخله فهو يسعى دائماً أن يريها محبته بأقواله وأفعاله ونظراته وهي لاتراه إلا أخا بعد كل ذاك المجهود الذي يفعله ،

فبارك لها بخفوت :

_ مبارك عليكي يابت عمي ربنا يفرِح قلبك ويرزقك التوفيق والنجاح دايما.

لاحظت حز،نه وتبدل ملامحه ولم تعى السبب وراء تبدل وجهه في لحظات فسألته باندهاش :

_ ايه اللهجة دي ! كنت في الاول بتضحك ومبتِسم وفي ثانية أحوالك اتغيرت مالك إكده مش فرحان لي عاد ؟

رأى حز،نها البائن على وجهها لطريقته الباردة وأعطاها عذرها فهي لاتعرف بمدى عشقه لها منذ الصغر وأومأ لها بابتسامة:

_ كيف إكده ! ده أني اللى مقدِملك إهنه ومعرِفك كل التفاصيل اللصغيرة قبل الكَبيرة ، وكنت واثق إنك هتجتازي الاختبار ببراعة كماني ، بس معلَش دماغي مشغولة في قضية مكلفنى بيها الاستاذ ووج،عالي دماغي ،واكيد شفتي جديته الشَديدة في الشغل عاملة كيف فلازم أنجزها وأشوف لها طريقة.

التمعت أعينها بالسعادة وفورا سألته بتركيز :

_ قضية صعبة ، طيب إيه رأيك أشرب وياك الشاي بالليل ونفكِر فيها زي اللى قبليها ومنها أخد خبرة زي مانت معودني .

فرح كثيرا من اقتراحها فمجرد لحظات يقضيها معها حتى ولو كانت كلها عملاً إلا أنه يكفيه وجودها أمامه وهتف بموافقة:

_حلو قوي يابت عمي جهزي حالك ٨ بالدَقيقة هتلاقيني عنديكم وبشرب الشاي مع عمي عقبال ماتنزلي .

أشارت بوجهها مبتسمة وودعته وذهبت إلي جامعتها فهي في سنتها الأخيرة في كلية الحقوق ومنذ السنة الأولى لها وهي شغوفة بتلك المهنة ودوما تجلس مع جاسر تراجع معه جميع القضايا فهو يكبرها بتسعة أعوام ،

وهو في سنته الثالثة في الجامعة جاء الي مكتب ماهر البنان يتدرب فيه والآن اكتسب خبرة عشرة أعوام وأصبح ذراعاً أيمنا لذاك الماهر ولكنه نصحها الا تذكر قرابتها له أمامه ، وهي منذ دلوفها إلى تلك الجامعة تجلس معه وتشاركه في جميع القضايا إلى أن علمها كل صغيرة وكبيرة في أمور المحاماة ولم يبخل عنها بأي معلومة .

______________________________

في فيلا آدم المنسي حيث يجلس مسترخيا على الشزلونج الموجود في حديقته الخاصة أمام حمام السباحة وبيده السيناريو الذي يراجعه منذ اسبوعين ، فقد قرر ان يقبل بذاك المسلسل الذي قدم له فقصته نالت إعجابه ولكنه كان متردداً دخول عالم الدراما فتجربته في السينما نالت اعجاب الجميع وحقق إيرادات فائقة وخاصة في فلميه الأخيرين ويخاف أن يخوض تجربة الدراما ويفشل العمل ويخسر جمهوره السينمائي ، ولكن راشد مدير اعماله شجعه على القدوم وخوض التجربة وهو متوقعاً نجاحها ،

وأثناء قراءته لمشهد ما تتحدى فيه البطلة البطل وتشاغبه جال أمام عيناه عيناي صاحبة أكبر تحدي في حياته الصعيدية ذات الرداء الاسود " مكة" فوجد لسانه ينطق بصوت مسموع:

_ مكة ،
ردد اسمها منق،طعا بتلذذ على لسانه وتذكر أمرها فترك مابيده وأمسك هاتفه طالبا مدير اعماله الذي رد عليه قائلا:

_ أنا داخل عندك على الفيلا اهو ثواني وأكون قدامك .

أغلق الهاتف معه وعاد إلي تفكيره في تلك المت،مردة الصعيدية الذي لم ينسى عيناها قط وهي الشئ الوحيد الذي رآه منها ، ولكن احس بأنها تخبئ وراء ردائها الأسود جمالا آخاذا كجمال عينيها ، تذكر اللقاء الذى أجرته معه وتذكر صوتها الهادئ الرقيق وتذكر جديتها في التعامل ، حقا كانت بالنسبة له كالجوهر المكنون وأحس بانجذابه ناحيتها بالرغم من تمردها عليه ، شعر بأنه يحتاج أن تجلس أمامه مرة أخرى كي يكتشف شيئا جديداً غير معتاد عليه في أي أنثى قابلته فحقا كانت مختلفة ومثيرة وهادئة وفي نفس الوقت تحفظها عاص،فة تبت،لع من يقترب ، أثارته بتحفظها الشديد ، كان اللقاء الذي أجرته معه خالياً من أي اهتراءات ولا تدخل في حياته الشخصية ولا مروجاً لأي إشاعة من التى تحوم حوله ،

أخرجه من تخيلاته صوت راشد الذي يلوح بكفيه أمام عيناه مرددا :

_ ايه يا فنان رحت فين كدة أنا واصل بقالي شوية وانت ولا انت هنا ،

وتابع كلماته بمشاغبة:

_ قول بقى إن المزة الايطالي اللى كنت بتمثل معاها امبارح الفيديو كليب شاغلاك ومط،يرة عقلك بصراحة عندك حق .

لوح أدم بكفيه وبسط فمه بسخرية هاتفا:

_ مزة مين وإيطالية ايه ، ماكلهم شبه بعض من برة الله الله ومن جوة يعلم الله ،

واسترسل حديثه متسائلا:

_ها عملت إيه في الموضوع اللي طلبته منك وصلت لحاجة ولا لاء ؟

قطب راشد جبينه ونطق مستفسرا:

_ موضوع إيه بالظبط ، إحنا بنا مواضيع كتيير فكرني تقصد انهي فيهم .

ض،رب أدم كفا بكف وهو مغتاظا من برود ذاك الراشد مرددا بسخط :

_ موضوع البنت الصحفية اللى عملت معايا الحوار في الجامعة ، جبت لي المعلومات ولا لسه ،

واستطرد بتحذير وهو يشير بأصبعه أمام عيناه :

_على الله تكون معملتش حاجة أو مطلعتليش بالحوار كله دلوقتي حالا .

مط راشد شفتيه بامتعاض وأردف معترضا على طريقته :

_ جرى إيه نجم طريقتك معايا ناشفة وحادة أووي ، لاحظ انك معاك أهم مدير أعمال في الوطن العربي كله ومينفعش تتعامل معايا بالطريقة دي .

تأفف أدم من ثرثرته وألقى الاوراق من يديه بحده مرددا :

_ ماتخلص ياعم المهم وجاوبني وسيبك من اللوك لوك بتاعك اللي بتسمعه لي كل يوم .

اندهش ذاك الراشد من حدته ومن اهتمامه الزائد عن الحد بذاك الموضوع الذي يراه لايليق بشخصية مثل ادم قائلا بتعجب :

_ هو ايه سر الاهتمام الزايد بحتة بت لسه جامعية ومبقتش صحفية زي ما بتقول ودي تالت مرة من امبارح بس تسألني عنها ، مش شايف إنك مزودها شوية ومدي الموضوع أكبر من حجمه ؟

قام من مكانه ووقف ناظرا للمسبح بشرود وهو يربع يداه أمام صدره هاتفا بهدوء
_ ملكش فيه جبت المعلومات ولا أتصرف أنا بمعرفتي وكمان ساعة بالظبط هعرف كل حاجة عنها بس مترجعش تزهق وتن،دب اني عملت حاجة من غير ماتعرفها.

اعتدل راشد في جلسته باختناق متحدثا :

_ لا يا سيدي متتصلش بحد جبت لك المعلومات اللي تخصها كلها من ساعة ماتولدت لحد امبارح بس .

ثم مد يده بورقة مدون بها كل شئ عنها ،التقطها ادم منه على عجالة وهو يأك،لها بعيناه ، ثم تذكر وجود راشد فتركه مكانه وصعد إلي غرفته كي يتطلع عليها بهدوء دون الإستماع الي ثرثرة راشد ،

وصل إلي غرفته وأوصد الباب خلفه ثم أخرج الورقة وقرأ محتواها :

_ اسمها مكة جمال الجندي وساكنة في قرية دشنا وفي آخر سنة كلية صحافة وإعلام ، متش،ددة جداً ومنتقبة من وهي في ثانوى شخصيتها قويه ومينفعش أي راجل يقرب منها ولو حد حاول ين،دم على اليوم اللي قرب لها فيه ، ملهاش سقطات ولا ليها في الشمال والدها متوفي وليها أختين بنات واحدة متجوزة ومخلفة والتانية دكتورة في مستشفي عندهم بس لسة أنسة وهي الوحيدة اللي منقبة في اخواتها ، حلمها تبقي من
أكبر إعلاميات الوطن العربي بل والعالم كله ،

والدتهم بتحبهم جداً وبتخاف عليهم ومتجوزتش بعد موت باباهم ، ودي أرقام تليفوناتها الشخصية ورقم التليفون الأرضي بتاعهم.

قرأ تلك الورقة مرات عديدة ، كان لأول مرة ينشغل بإحداهن بتلك الدرجة ، فكر كثيرا في حل كي يصل إليها ويتعرف عليها ،ظل يفكر ويفكر إلي أن جالت في باله فكرة عزم على تنفيذها في التو والحال ،

أخرج هاتفه من جيبه ودون أرقامها على رقمه البرايفت وقرر أن يرسل لها .

في نفس الوقت في كلية الصحافة والإعلام ، حيث كانت مكة تجلس مع صديقاتها المقربين إليها فقد أوج،عوا رأسها وسب،بوا لها صد،اعا من أسئلتهم المتكررة عن ذاك المغنى ،

فسالتها ميرام بحالميتها المعهودة:

_ له احكي لنا كل حاجة بالتفصيل يامكة ومتقعديش تتنكي علينا إكده وتحسسينا إن احنا بنر،تكب كب،يرة من الكبائر لاسمح الله.

تأففت مكة من ثرثرتهم وأجابتها باختصار:

_ يعني أخترع لكم حوارات يعني ولا ايه !
أهو لقاء زي أي لقاء بس بالنسبة لي فارغ وملهوش أي تلاتين لازمة ،

اغتاظت رقية بشدة من كلامها وهتفت باستنكار:

_ بذمتك ده حديت يطلع من خشمك عاد يامف،ترية !
ده إنتي كنتي قاعدة قدام الفنان ادم المنسي بجلالة قدره ياللي معندكيش ذرة إحساس إنتي .

وأكملت سمر صديقتهم الرابعة:

_ والله إنتي بو،مة ووش فقر واحدة غيرك كانت مسكت في الفرصة دي بإيديها وسنانها واتدلعت عليه وأخدت رقمه وحاولت تفتح معاه حوارات ده إنتي ملكيش في الشهرة وانك تقبي على وش الدنيا ياوش الفقر إنتي .

هنا قد أرهقوها بكلامهن وأسئلتهن البائخة وأحاديثهن المهترئة وطاحت بهن جميعا :

_ والله انتوا اللى لابقي عنديكم ذرة دين ولا ايمان وقسما عظما اللي هتجيب لي فيكم سيرة التافه ده تاني مهكلمهاش تاني واصل بلا قلة حيا منك ليها وعقول فارغة ، وبعدين أني مش فقيرة ولا ناقصة مال بوى مي،ت أه لكن سايبنا مستورين وأحسن من الدنيا بحالها ، والستر ده نعمة عظيمة لاتفقهو عنها شئ ،

ثم لملمت أشيائها وهى تردد لهم بسخط:

_ وأدي القعدة اللى كلياتها ذنوب فايتهالكم وماشية .

أنهت كلماتها اللاذعة لهم وتركتهم وانطلقت إلي مكان هادئ كي تنهى فيه أشغالها ، فهي ستبدأ بتنزيل مقاطع لذاك اللقاء على صفحتها الموثقة على الانستجرام فقد مضي أكثر من ٢٤ ساعة المحددة لها بعدم النشر ، وبدأت تعمل على تقط،يع الفيديو لكى تنشره على عدة مرات فهي قررت أن تنشر فيديوهين للقاء يومياً ، وبدأت بفحص المقطع الأول والذي كان عبارة عن سؤالها له :

_ امته بدأت مرحلتك الفنية وحسيت إن عندك موهبة تستحق الظهور ؟

كانت في اللقاء لاتنظر إليه مباشرة تقرا السؤال من المفكرة التي أمامها وتتابع الرينج لايت وتحاول ظبطه كي تتفادي أخطاء المونتاج التي وقعت فيها كثيراً ، ولوهلة قررت سماع الفيديو ، نظرت إليه وهو يتحدث ويجيبها ، لاحظت نظراته المثبتة عليها كما لاحظت اندهاشه وهو ينظر إليها بتلك الغرابة ولكن نفضت تفكيرها ، وتابعت المشاهدة وحقا كانت ردوده هادئة فيها نوعا من الكاريزما التي يجب أن تتوافر في أي فنان ولكن أكثرهم يصطنعوها أما هو كانت تخرج بتلقائية واضحة لمن يراه ،

وأثناء مشاهدتها له كانت تحدث حالها:

_ ماله يعني ماهو بني آدم عادي زي أي راجل ، له إيدين ورجلين وعنين وشعر زي أي راجل مفيهوش حاجة مختِلفة تثير الإنتباه عاد ،

ولكن نهرها عقلها أيضاً في نفس اللحظة فأكملت :

_ علشان وسيم وأنيق وأبيضاني وشعره كيرلي وطول بعرض ، بس بردو عادي ولا يفرق معاي واصل ولا يهزِلي شعرة ،

وفجأة نهرت حالها ككل وأردفت بسخط :

_ وه ياحزينة قاعدة تتغَزلي في راجل وتتفرجي عليه كيف البنتة اللي مهيختشوش اظبطي حالك يامكة وفوقي عاد منقصاشي ذنوب من رب العباد ،

عادت إلى رشدها وتابعت مهمتها وبعد نصف ساعة أنهت المقطع الأول ، وكادت أن تضغط على زر النشر تراجعت في لحظة وهي تفكر بصوت عال:

_ بس كيف انشر مقاطع مغني على صفحتي وأغضب ربنا ! كيف علشان أعمل جمهور سريع ومتابعين كَتيير أخالف أمور ديني ،

لع مهنشرش حاجة على صفحتي من النوعية دي عمري وتغور الشهرة اللى تغضب ربنا دي .

وبالفعل قررت أن لا تنشر تلك المقاطع ابدا مهما كانت المغريات فعدم نشرها ماهو إلا ابتغاء مرضات الله ، وهاهي ابنة الصعيد الفتاة الجامعية صاحبة الرداء الاسود ترفض مالا يخطر على بال بشر ، فبنشر ذاك الفيديو كانت ستنقل الي مرحلة جديدة وقوية في مشوارها الصحفي وهي في أولى بداياته ولكن في نظرها فلتذهب الدنيا بما فيها إذا فعلت شيئا يغضب ربها ،

وبعد عدة أيام في نفس الجامعة أرسل إليها العميد فذهبت إليه ، فسألها باندهاش:

_ ليه منزلتيش الفيديو على صفحتك لحد دلوك يامكة ؟

فركت أصابع يداها بتوتر وأجابته :

_ ها ، معرفاشي ، لااا بصراحة إكده وبدون كذ،ب مش هنزل حاجة من النوعية داي عندي ولا عايزاها.

سهم عيناه عليها مندهشا وأردف بنبرة متعجبة:

_ كيف إكده مهتنزليش ؟ إنتي واعية لحديتك ده ؟

هزت راسها بموافقة واردفت:

_مش حابة أغضب ربنا وإذا كان على المتابعين اللى هياجوا من ورا الحوار ده معايزهمش أني الحمد لله صفحتي اتوثفت من شهرين وهكبرها بحاجة تليق بيا وبفكري .

مازال العميد على اندهاشه منها ولكن هي في الغالب حرة فاللقاء نُشِر علي صفحة الجامعة وتناولته جميع المواقع ، استأذنت من العميد وخرجت وجدت صديقتها سمر في انتظارها ،

وهي تطلب منها ذاك الطلب الذي تتحايل عليها منذ أن علمت أنها لم تنشر تلك المقاطع:

_ متجيبي الفيديوهات الأصلية بقي وأنشرها على صفحتي ينوبك صواب ياصاحبتي .

مطت شفتيها بامتعاض:

_ عاملة كيف النحلة الزنانة بقي لك يومين وزهق،تيني ياسمر ، حاضر هديهم لك وإنتي حرة بس خليت ضميري قدام ربنا واتبرأت منيهم .

انطلقت الفرحة العارمة من سمر وهتفت:

_ بلاش تحبِكيها للدرجة دي أمال ياموكتي ، ده مكانش فيديوهين تلاتة يخلوا الواحد يتشاف شوي .

أعطتها الفيديوهات وتركتها وغادرت المكان ، وقامت هي في نفس اللحظة بالعمل عليهم ونشرتهم علي جميع مواقع السوشيال ميديا على أنها هي التى أجرت اللقاء ،

في نهاية ذاك اليوم علم راشد بتلك الفيديوهات من المسؤول عن إدارة الاعمال لدي آدم ، فاندهش للاسم الذي نزلت به فسأل أدم :

_ هي إللي كانت عاملة معاك اللقاء اسمها سمر ولا مكة ؟

اندهش آدم من استفساره وسأله :

_ بتسأل ليه السؤال اللي مش في وقته ده خالص ، عموماً تقريباً اسمها مكة ، ليه بقي ؟

قال إجابته وهو يدعي عدم التذكر ولكن كان يجاهد حاله طيلة الأسبوع الا يحادثها ولكنه لم ينسى التفكير في أمرها يوماً ويجاهد حاله أن لا يتنازل ويهاتفها .

أجابه راشد بلا مبالاة:

_ فكك بلا وجع دماغ ، أصل اللي نزلت على صفحتها وبتقول أنها هى اللى عملت معاك اللقاء اسمها سمر مش مكة.

اندهش آدم وطلب منه:

_ إزاي ده ؟ طيب وريني كده الفيديو اللى نزل .

أعطاه راشد الفيديو وشاهده مرارا وتكرارا وأخيراً وجد الحجة التي يهاتف بها تلك المكة ويستمع إلي صوتها الذي استوحشه بشدة ولأول مرة يشعر باللهفة لمحادثة إحداهن في سابقة لم تحدث بعد ،

وترك المكان لراشد وجلس في مكان بعيد وفورا ضغط زر الإتصال على تلك المكة ،

ومن هنا ستنطلق شر،ارة الفتاة الصعيدية مع تسلية ذاك المغني فلنرى ماذا يحدث حين ذاك ؟

_______________________________

في منزل سلطان المهدي يجلس عمران في حديقة المنزل يراجع بعض الحسابات الخاصة بمزرعة الخيول الخاصة بهم ،فعمران لديه ماجستير في المحاسبة والمعلومات ويعشق الحسابات ومراجعة الميزانيات وهو المسؤل المالي عن جميع املاك والده فلما لا وهو ابنه الوحيد علي بنتين ،

وأثناء انشغاله في المراجعة استمع الى صوت إحداهن تردد بدلع وهي تنظر له نظراتها المشتاقة كعادتها :

_ كيفك ياعمران وكيف احوالك ؟

عندما استمع الي نبرة صوتها التى يحفظها عن ظهر قلب ففضل أن يرد عليها دون أن ينظر إليها:

_ مش بخير طول مااني شايفك قدامي ياملع،ونة إنتي .

مطت شفتيها بدلال وكأنها لم تسمع توبيخها منه ودارت بعيناها تمشط المكان لكي ترى إذا كان احدا يراها أم لا ، لم تجد أيا من زينب وبناتها فاقتربت منه وهي تهبط بمستوى جسدها إليه في حركة وضيعة منها كعادتها ، فهي تفعل ذلك لكي تغريه كما تظن ويذوب من رائحتها المفتعلة والتى هو يكرهها بشدة كمن يشُم رائحة كريهة إلي أنفه حينما تقترب ،

ثم همست له بدلال مفرط كعادتها:

_ مبقيتش ملع،ونة إلا بسبب عشقك ياعمران ، منويتش بقي تقدم السبت وتاجي لحدي وتسلم راية العص،يان وتفتح قلبك لوِجد .

انتفض من مكانه كمن لد،غه عق،رب ونطق بغ،ضب وهو يج،ز على أسنانه:

_ بعدي عني يامرة إنتي واياكي تقرِبي مني بالشكل دِه تانى ، إنتي ناسية انك مرت عمى ، بس هقول إيه عاد صنف ميختشيش .

وأخيراً استفزتها كلماته وهتفت برفض:

_ أرملة عمك الله يرحمه ودلوك اني حرة وأصلا إنت عارف أني رضيت أتجوز راجل كبير عني وقد جدي في السن علشان خاطر أقرب منيك ياحبيبي.

نظر لها باشمئزاز يكفي العالم أجمع وود لو يسح،قها بين يداه ض.رباً ولكن لم يريد أن يلفت انتباه أحد لتلك المرأة الملع،ونة وهتف بفحيح:
_ الله في سماه ياملع،ونة إنتي لو لمحت خلقتك العكرة داي مرة تانية قصادي لاهض،رُبك ولا هيهمني إنك حرمة .

بنبرة مستفزة بخَّت سُ،مَّها :

_ طيب والله في سماه وحلفان على حلفانك ماهتكون لغيري ياعمران ، مفاتيحك في يدي وتحت قبض،تي ومحلهاش غير لما تتجوزني وياتكون لوجد يامش هتكون لمرة غيرها واصل ،

واسترسلت وعيدها وهي تردد بغ،ل :

_ مانا معشتش ٣ سنين من عمري إللي في عز صباه مع راجل قدي ٣ مرات علشان اكون بس قريبة منيك وفي الاخر بعد ماربنا ينصفني ويم،وت تاجي إنت وبكل بساطة تقول لي بعدي عني ، نجوم السما أقرب لك من إنك تتجوز غيري وأني عارفة أني بقول ايه .

حقا استفزته بحديثها وأثارت رجولته فحدثها مؤكداً:

_ طيب يمين بعظيم ياملع،ونة إنتي على آخر السنة داي لاهكون متجوز ست ستك وهخليكي تمو،تي بحسرتك يافا،جر ياأم وش مكشوف إنتي .

فج،ر كلماته وتركها تتآ،كل غيظا واتجه إلي الخارج كي يذهب إلى المشفى يقابل صديقه ،

أما هى تحدثت بصوت عال وصل إلى مسامعه قبل أن يخرج من البوابة:

_ لما نشوف هتعملها إزاي وإنت بحالتك دي ياولد أبوك الوحيد ومبقاش وجد أما شوفتك مذل،ول وبتترجانى أتجوزك .

أدار رأسه إليها من الخارج وبحركة أشعلت الن،ار داخلها بص،ق عليها من بعيد وكأنها سلة قمامة ملقاه أمامه ، مما جعلها تست،شيط غض،با أكثر من ذي قبل وتتوعد له أن تزيد من عذا،به وي،لات وتسقيه من كيد النساء أهو،ال وغادرت الأخرى وعادت إلى منزلها المقابل أمامهم .

أما هو انطلق بسيارته الى المشفى وهو يحدث حاله متعجباً من تلك الكلمات التى خرجت من فاه تلك المرأة الملع،ونة ، وقرر أن يأخذ خطوة جدية في ارتباطه ، وما إن تأتي تلك الفكرة يشعر بالاختناق ولكن عزم الأمر ان يجبر حاله ويفعل كما يفعل الرجال ،

وصل إلى المشفى وما إن دلف إلى البوابة حتى صارت عيناه تلقائيا تبحث عنها في كل مكان ، فقد مكث طيلة الأسبوع يفكر بها ولن تتوه عن باله تلك السكون التى سكنت وجدانه بطيفها الهادئ المريح للأعصاب ماإن ينظر إليها فقط ،

أما هى لمحته في نفس توقيت دخوله وكأن عيناها أقسمت على أن ترهن نظراتها لذاك الباب فقط كي تتشبع من رؤياه وتسكن الجفون هدوءا لرؤية معشوق الروح ،

تقابلت نظراتهم أخيراً ولكن هي خجلت أن تطيل النظرات له خوفاً من سه،م النظرة وذ،نبها ، يكفيها فقط شعورها بالراحة والأمان في وجوده ،

فحقا عشق السكون للعمران عشقا فاق الحدود ،

وجد قدماه تسوقه إليها بلا منطق ، أما هي استشعرت قدومه من رائحته التى حفظتها عن ظهر قلب ، وما إن وقف أمامها حتي رفعت راسها كي تتشبع من رؤية ملامحه عن قرب ووجدته يردد:

_ كيفك ياداكتورة سكون ، مش ده اسمك المميز اللي ميتنسيش واصل ؟

قلبها يدق من نبرة صوته المخصصة لأجلها ، عيناها تكاد تقفز السعادة من داخلهما لرؤيته ، وأجابته بهمس رقيق :

_ زينة وبخير ، متشكرة على إنك منسيتش سكون وجيت مخصوص دلوك تتطمن علي .

اقترب بخطواته أكثر منها وهتف بنبرة صوت حنونة:

_ لاشكر على واجب ياداكتورة ، لازم الواحد يحس بواجب السؤال للى اتعرض للأ،ذي قدام عينيه ، فما بالك لما تكون السكون بذات نفسيها يبقي السؤال والاطمئنان فرض ولازم يتأدي .

بنفس الهمس أردفت دون أن تقصد :

_ ولما أهو فرض ليه اتأخرت على السكون ده كله علشان تطمن .

أدلت استفسارها وهي على نفس التيهة فهي في حضرته يغيب عقلها تماما عن المعقول واللامعقول ، فأجابها هو بابتسامة محب بدأ أخيراً طريق العشق ونبض قلبه لأجلها :

_ معلش حقك عليا مهتأخرش عنيكي تاني ، بس خلى بالك اطمئنان عمران على السكون هيز،عجك جامد ، عمران لما يقرِب مابيبعدش وبيك،لبش جامد على اللى هيبقي منيه .

سألته بنفس التيهة:

_ مي،تة ياعمران هياجي اليوم ده تعبت من كتر الانتظار؟

نظر إليها مندهشا ولكن استغل تيهتها وأردف:

_ مش كَتييير بس أتأكد بس من اللى أني حاسه ده صحيح ولا مجرد وهم بنيته في دماغي لوحدي .

ردت عليه بابتسامة:

_ طمن حالك اللى بيخرج من القلب بيوصل للقلب طوالي وأكيد وصل لك .

أردف مبتسماً بعذوبة كابتسامتها:

_ والقلب وصل له المرسال وبيوعدك إنه عن قريب هيتم الوصال.

ألقى كلماته على مسامعها وتركها تجوب بخجلها أنهارا وودياناً وهي تضع يدها على وجهه تتحسس توهجه من أثر خجلها ،

وهي تحدث حالها بغرام:

_ وأخيراً بادر العمران وشعر بحرب العشق لكي سكون ،
أعدك حبيبي سأطوف لأجل عشقك بلادا ووديان حتى أصل إلي نبض قلبك ذاك العمران ،

فلعشقك لحن أنت أعذوبته ، وسحرا أنت خاطفه ، ونهرا أنت سماؤه ، فلك أحيا عشقا وبك أتنفس هياما ومنك خلق ضلعي الأعوج الذي أريده أن يستقيم بين يداك انت .

#خاطرة_سكون_المهدي
#بقلمي_فاطيما_يوسف

________________________________

في منزل مها المهدي أنهت أعمال بيتها من كافة شئ ومتبقي على رجوع أبنائها من المدرسة مايقرب من ثلاث ساعات ،

قررت أن تأخذ شاورا دافئا كي تشعر بالانتعاش بعد أعمال بيتها وبعد نصف ساعة خرجت من الحمام وهي ترتدي المعطف الخاص به "البرنس" وجلست أمام مرآتها تضع بعض من كريمات الترطيب فهي تهتم ببشرتها بشدة وتخاف عليها من التشققات والتجاعيد ، تعشق الاهتمام بنفسها ودوما تحبذ أن تهتم بملابسها البيتية والخروج وتهتم أن تجعل طلتها خاطفة وتسحر جميع العيون ،

كانت تدلك رقبتها وهي تنظر الي حالها في المرآه بحزن وهي تحدث حالها :

_ شكل جميل ووجه كيف القمر وجسم كيف نجوم السيما وريحة جميلة تسحر اللي يقرب مني ومهتمة بنفسي على الاخر وبعد ده كلياته مشايفنيش ولا حاسس بيا ولا بوجودي ،

ياتري هتفضلى عايشة إكده كتييير يامها جسد بلا ، روح وملكيش لازمة غير انك تطبخي وتكنسي وتغسلي كيف الآلة بس !

وأثناء حديثها مع حالها استمعت إلى رنات هاتفها ، قامت من مكانها ومشت ناحية التخت والتقطت الهاتف من على الكومود ، رأت نقش اسمه المستعار "ماجدة &" باسم والدتها ولكن تميزه بتلك الإشارة ، اعتلت دقات قلبها بدقات متعالية وفكرت كثيراً ترد أم لا فهي تحتقر حالها بشدة من حديثها معه فهي تحادثه منذ سنوات وبالتحديد من بعد سنتين من زواجها بمجدي ،

أعاد رناته مرة أخرى بعد أن انتهت الأولي ولم ترد ، وجدت أصابعها تضغط زر الرد دون أن تشعر ، ماإن أتاه ردها حتى تحدث هو بنبرة وحشة :

_ أخيراً حنيتي ورديتي يامها ، اهون عليكي إكده مترديش عليا ولا على رسايلي!

أخذت نفسا عميقا واستلقت بجسدها على التخت وأجابته بح،زن:

_ إحنا مننفعوش نتكلموا مع بعض من الأساس ياعامر ، أني مستحقرة نفسي أووي .

عبس حاجبه بملل وأردف :

_ يعني قلتي لي سافر ياعامر وبعِّد عن البلد وسافرت ، منتكلمش في التليفون خالص غير كل فترة وعميلت ، متبعتليش رسايل غير لما أبعت لك أني وبستناكي تبعت لي كل لما يهفك الشوق ، أعمل إيه تاني عاد اني تع،بت يامها بقالي سنين في الغربة وعايز أعاود وأستقر وإنتي ممانعة ، وعرضت عليكي تتطلقي منيه وتجي لي ونتجوز وإنتي رافضة الفكرة .

زه،قت روحها وفاضت من الهراء الذي تعيشه كل دقيقة لاهي قادرة في الاستمرار مع زوجها الغير مبالي إلا بعمله ولا قادرة أن تأخذ خطوة الطلاق وخاصة أن علاقتها بعامر لو عرفت لدى الجميع سوف تنق،لب حياتها رأسا على عقب وبدلاً من أنها كانت مستورة سيتحدث الصعيد بأكمله عن قصتها ففورا نفضت الفكرة من بالها وأردفت بنبرة متعبة :

_ مهينفعش ياعامر أنا وإنت واقفين على مركبة ملهاش شراع واحتمال الغر،ق مؤكد في اي وقت فلازمن نبعد عن بعض من أصله وأنت اللى كل لما أبعِّد تجر،ني ليك لحد ماتع،بت من كل حاجة وبقيت افكر في الانت،حار كتير وأخ،لُص من حياتي كلياتها .

انق،بض قلبه لمجرد فقد،انها وهتف سريعاً:

_ لع بعد الشر عنيكي ياقلبي مهقدرش أعيش من غيرك دقيقة واحدة ، تعرفي إني عايش على ذكرى لقانا الوحيدة ، الساعة اللي قضيتها في حضنك مرة واحدة من سنين فاكرها يامها ولا نسيتي حضن عامر ياقلبي .

عادت بذاكرتها إلى خمس سنوات من الآن وتذكرت تلك المقابلة الوحيدة التي تمت بينهم وانساقت وراء مشاعرها بلا هوادة وكل مرة تتذكر ذاك اللقاء الذي لم تنساه من الأساس تتوه في لحظاته الجميلة وتذهب بها مشاعرها إلي الاحساس الذي لم تنساه في أحضانه تلك المرة الوحيدة ، وبعد أن تنتهي من تذكرها وتفوق من حالة الحالمية التى عاشتها في تذكر ذاك اللقاء تحتقر حالها بشدة ،

استمع الى تنهدها وفسر حالة أنفاسها المتغيرة وعلم بكل الخناقات التى تدور بخلدها ولكنه استغل حالة التيهة التى تعيشها الآن وأردف هامسا لها بوحشة:

_ ياه وحشني همسك ساعتها ليا ، ووحشني شعرك اللى كيف سبايك الدهب وريحته اللي تجنن ياه يامها كلك على بعضك اتوحشتك قوووي.

غاصت معه في كلامه ووصفه وأغمضت عيناها تستشعر كلماته وردت على همسه بنفس الهمس:

_ ياه لساتك فاكر شعري وريحته ولونه ياعامر ومنسيتهوش من سنين ، دي كانت مرة واحدة بس اللي جمعتني بيك ؟

أسند رأسه على تخته وأجابها باشتياق:

_ وعمري ماأنسي عاد ياقلب عامر اللى اختصر كل ستات الدنيا فيكي انتي ، مشايفش في الكون كله مرة حلوة غيرك ، ماهشمش غير ريحتك اللي بحضنها كل يوم في عبايتك اللي مبتفارقنيش.

اتسعت أعينها بذهول وأردفت:

_ وه لساتك محتفظ بالعباية ياعامر لحد دلوك ؟

أجابها بموافقة:

_ وه وكيف محتفظش بيها وهي من أغلى الاشياء على قلبي ويومي ميكملش من غيرها !
وكل لما احس أن ريحتها قربت تمشي أعطِرها من جديد علشان منسهاش واصل .

ح،زن داخلها فكم تمنته زوجا لها في الحلال بدلاً عن ذاك المتح،جر القلب والاحساس ،

ورددت بوج،ع:

_ ليه مكنتش انت حلالي وسعدي في الدنيا ياعامر ؟

أحس بوجعها وهتف :

_ أمر الله يامها واللي رايده رب الكون هو اللى بيكون بس أنا لآخر مرة بقول لك سيبيه وتعالي وهنتجوز أني تعبت من سنين الانتظار.

ضر،بت بيديها على تختها بغضب وأردفت برفض قاطع:

_ لع مهقدِرش أسيب ولادي ولا أستغنى عنيهم وروحي متعلقِة بروحهم ومقدراش أبعد عنيهم واصل ،

مسحت دم،عة فرت من عيناها وأكملت وهي تردد بروح مت،عبة :

_ خلاص مينفعش تفضل معطِل حياتك معاي أكتر من إكده دور على بنت الحلال اللي تكمٓل وياها حياتك ،وانساني واطلع برة قوقعتي خالص لأني بكدة بدم،رك وأنا مرضلكش الدم،ار واصل.

سألها بعتاب:

_يعني إكده خلاص حكايتنا خلصت ومهكلمكيش تاني عاد ولم أرجع من السفر مبصلكيش حتى لو شفتك صدفة؟

تنهدت بض،يق وأجابته:

_ مش هوريك وشي نهائي وهبعد عنيك خالص علشان انت متستاهلش تتأ،ذي بسببي .

حينما نطقت كلماتها تلك أحس بوخ،زة في قلبه وشعر بأ،لم الفراق تأجج في جسده بالكامل وأردف طالبا منها:

_ طيب ممكن تفتحي الفيديو أشوفك لآخر مرة وأطلع في ملامحك اللى اتوحشتها قوووي يامها .

دقات قلبها ضر،بت في صدرها عقب كلماته وتمنت أن تراه وتمنت أن تكون بجانبه وتمنت أن يكون هو زوجها وبجانبها الآن كانت أغدقته من مشاعر حبها الفياضة والتى لم تجد من يط،فئ نير،انها بعد ولا حتى من كتبت على اسمه حلالاً ووجدت أصابعها بتيهة تفتح زر الفيديو دون أن ترتدي خمارها وبمعطفها الخاص بالحمام الذى ترتديه فنسيت كل شئ وتأثرت بنبرته المبحوحة وطلبه الذي أرق روحها كثيرا ،

وفتحت الفيديو الذي طلبه ، اما هو نظر إليها بعيون لامعة منذ عامين من سفره موخرا لم يراها أمامه فقط يعيش علي صورها ،

نظر إلي ملامحها التي استوحشها كثيرا وردد بوله :

_ اتوحشتك قوووي يامها ولو كنتي موجودة قدامي دلوك كنت سقيتك من حبي ودوبتك فيه .

نظرت هي لملامحه بدهشة فقد تغير كليا ، رأت عضلات صدره وذراعيه البارزتين ، ودقنه النابتة التي أعطت له شموخا ، وانتفاخ وجهه قليلاً عن ذي قبل وشعره الطويل والذي يصل إلي رقبته ومصفف بعناية فحقا ازداد وسامة عن ذي قبل ، وردت بعيون كلها اشتياق:

_ معقولة اني شيفاك قدامي دلوك وبتملي في ملامحك اللى اتوحشتها قوووي ياعامر.

كانت أعينه تتفحصها بشدة عبر الهاتف الذي ود أن يك،سر شاشته الآن لانها حائلاً بينه وبينها وهتف بهمس محب :

_ قلب عامر ، عيونك وحشتني وبسمتك وحشتني وضمتك وحشتني ، ماتيجي بقي واني هيعشك اجمل ايام حياتك ياروح عامر.

ردت عليه بتلهف :
_ لو ينفع أسابق الريح وأجي حدك وأنسى الزمان والمكان وأنسى نفسي !
ياه فكرتني بأجمل يوم عيشته في عمري كله .

نظر إليها وعيناه تتآ،كلها وهتف بصدق :

_ إنتي أول حب في حياتي معقول هقدر أحب بعديكي أو هقدر أشوف مرة غيرك ياعمري .

أغمضت عيناها باستمتاع وداخلها يث،ور عليها ، الأنثى داخلها صحت من غفوتها ركبتها لها وأجابته :

_ الحب الأول عمره مايتعوض ولا يتنسي بس أكيد مسيرك هتفارق ياعامر وأنا هبقي وحدي زي سنيني الوحيدة .

حز،ن داخله لأجل وج،عها وردد بهمس وعيون تريد أن تتشبع رغبة بعيناها :

_ غمِضي عيونك وافتكري لحظاتنا الحلوة واتخيلي حالك في حضني وانسي الدنيا وياي ، أني بحبك أوووي واشتقت لك أوووي ياقلب عامر.

أغمضت عيناها ونفذت ماقاله لها وكانت في عالم أخر عالم تحلم به ولم تجده إلا معه .

تاهت في كلامه ونسيت العالم والزمان والمكان والظروف ، نسيت كل شيء نسيت أنها امرأة متزوجة وتخ،ون زوجها ، نسيت أنها أم وتو،حل أبنائها ، نسيت أنها مسلمة وانغرست في وكر الشيطان ووساوسه ولم تحسب حسبان للستر الذي يحاوطها ورصيده على قرب الانتهاء ، وهو الآخر خا،ن ربه وانغمسا كلتاهما بنظرات الحرام وهمسات الشيطان ونسيا الكون بما فيه بجنون اشتياقهم اللائي يسرقوه كما السارق بالتمام ، وأثناء انشغالهم في ملاذهم الحرام وعيونهم التى تلتهم الآخر وكلماتهم التى لاتصح إلا بين زوجين ، انفتح الباب فجأة ويبدوا ان أحدهم قد استمع إليهم ولسان حاله يردد بذهول ....

البارت الرابع

تاهت في كلامه ونسيت العالم والزمان والمكان والظروف ، نسيت كل شيء نسيت أنها امرأة متزوجة وتخ،ون زوجها ، نسيت أنها أم وتو،حل أبنائها ، نسيت أنها مسلمة وانغر،ست في وكر الشيطان ووساوسه ولم تحسب حسبان للستر الذي يحاوطها ورصيده على قرب الانتهاء ، وهو الآخر خا،ن ربه وخا،ن أقرب الناس إليه وانغمسا كلتاهما بنظرات الحرام وهمسات الشيطان ونسيا الكون بما فيه بجنون اشتياقهم اللائي يسرقوه كما السارق بالتمام ، وأثناء انشغالهم في ملاذهم الحرام وعيونهم التى تلتهم الآخر وكلماتهم التى لاتصح إلا بين زوجين ، انفتح الباب فجأة ويبدوا ان أحدهم قد استمع إليهم منذ قليل وهو يردد بذهول:

_ معقولة ياعامر لسه بتكلمها وكذبت عليا وقلت لي انك قط،عت علاقتك بيها !

انت،فض عامر وفورا قام بإغلاق المكالمة ولكن بعدما استمعت مها الى أولى كلمات صديقه ،

وأصبحت تدور في غرفتها بغضب شديد وهى تج،ز على أسنانها مرددة :

_ ومين ده كمان ، وايه اللي عرِفه بعلاقتي بعامر !

هو معقولة يكون عامر حاكي لحد على اللي بيناتنا !

وظلت تدور في الغرفة حول نفسها تفكر كثيرا إلى أن قررت أن تنهى ذاك الموضوع وأن تستقيم وكفاها عصيان لربها فقد بات قلبها يدق هل،عا عندما أُفشِىَ سر علاقتها مع عامر ولو لصديق بعيد بينها وبينهم آلاف الأميال ،

أمسكت هاتفها وأرسلت له رسالة:

_ مكنتش متوقعة منيك إنك تفشي علاقتنا لأي مخلوق ، وعموماً اكده اتقفلت عليا وعليك أني هعمل لك حظ،ر من كل مكان وربنا يوفِقك ، وياريت متجيبش سيرتي لمخلوق تاني واصل.

أرسلت له الرسالة ثم قامت بح،ظره من كل المواقع وحتى التليجرام كي لايستطيع الوصول إليها ، بل انها فكرت أن تقوم بتغيير شريحة الهاتف وتقوم بح.رق القديمة كي لا يرى وسيلة للتقرب منها في حالات ضعفه ،

أما عند عامر صار محروجا بشدة من صديقه المقرب له في الغربة بل والأدهى أنه من نفس بلدته ويعرف مها ،

فمنذ عامين وقد عرف بمحض الصدفة بعلاقة عامر بها ، ومنذ معرفته بتلك العلاقة المحرمة بينه وبينها لام صديقه وعن،فه كثيرا ونصحه أن يبتعد عنها وقام هو بأخذ هاتفه وحظرها بنفسه والآن تفاجأ أنه مازال على علاقته بها ،

فعنفه بشدة مرددا:

_ مكنتش متوقع منيك عاد إنك لسه بتخون !
ليه كدة ياصاحبي ليه ياجدع ؟

مسح عامر على وجهه بخجل من صديقه وهتف بنبرة حزينة وهو يضع وجهه بين يداه:

_ غصب عني لقتني فكيت الحظر وببعت لها وبكلمها ، ضعفت قدام وساوس الشيطان ومقدرتش .

وقف صديقه مقابله وسحب يداه من على وجهه مرددا بحزم:

_ لع مش هسيبك للمل،عونة الخا،ينة دي تربطك بيها ، ولا هسيبك تدمِر حياتك وتوقِفها على الحرام لحد ماربك يغضب عليك ، فوق ياصاحبي داي عاملة زي الشيطان الرجيم ، فوق قبل مالمستور ينكشف وساعتها هتخسر أقرب الناس ليك وحياتك هتنقلب جح،يم .

انت،فض عامر من مكانه وأمسك هاتفه وقام برميه بحدة ووقع مهشما على الأرض ثم قام بنزع الشريحة من داخله وأمسك الم،قص وقام بتقط.يعها ولم تعد نافعة ،

ثم نظر الي صديقه وهو يردد بحنق:

_حلو إكده استريحت دلوك ، أديني دمرت كل حاجة قدامك اهه علشان تستريح .

أمسكه صديقه من كتفيه وردد بنصح وهو ينظر داخل عيناه بقوة:

_ الموبايل بينجاب غيره والشريحة بأرقامها بتنجاب بردوا ، أما رفضك القاطع للغلط يبقي نابع من جواك داي اللى صعيبة قوي ياصاحبي وهو ده التحدى اللي بجد ،

ثم أكد النظر داخل عيناه مرددا باستفسار:

_ ها عنديك عزيمة المرة دي تبعد عن الملع،ونة داي وتسيبها لربنا يتوكل بيها ، ولا هتفضل مخروط معاها في الوكر ؟

رفع عامر أنظاره الى صديقه وظل يحارب داخله أن لايتذكرها وأن يحا،رب ضعفه أمامها مرددا بحيرة:

_ مش عارف ببقى في أول قراري عندى قوة وببعد وبعد إكده بحس بضعف وبرجع أكلمها تاني أعمل إيه في حالي دلوك ؟

نظر له صديقه بحماس وضر،ب علي كتفيه مرددا:

_انت حاسس إكده علشان مفيش مرة غيرها في حياتك عرفتها وشفت منها اللى مهتشفهوش مع أي واحدة غيرها إلا بعد مشوار طويل .

رأى صديقه علامات الاندهاش التى بدت على وجهه فتابع إرشاده:

_ أيون متستغربش إكده عاد ، اللي بقوله لك هو الصح ، دي واحدة متجوزة وعنديها خبرة بمداخل الراجل وعنديها خبرة إزاي توقِعه ، أما لما تشوف بنت الحلال المحترمة اللي تصونك وتصون عرضك وتتوب لربنا توبة نصوحة على ارتك،ابك لذنب من أكبر الكبائر صدِقني هتعيش وياها أحلى ايام حياتك وهتربيها وتعلِمها الحب على يدك وهتحس معاها بإحساس عمرك ماحسيته مع المُلعب التانية داي ،

صدِقني ياصاحبي انفد بجلدك منيها وبص لحالك قبل مالمستور ينكشف وساعتها هتبدى حر،ب مهتقدِرش على صدها .

كان تائها غر،يقا ولكن كل كلمة من صديقه اقتح،مت عقله وقلبه وعزم تلك المرة أن ينهي تلك العلاقة المحرمة بينه وبين مها فموقفهما حساس لأنها تنتمي لأقرب الناس إليه ولو علم حتما سيق.تل على يده وسيت،دمر كل شيء وسيذهب الأطفال إلى الجح،يم بسببه ،

فردد لصديقه بصدق تلك المرة:

_ لع مهرجعش تاني ولا هكلمها اني فاضل لي شهر وأخلص عقدي إهنه وأرجع البلد أدوِر على بنت الحلال واتجوز وأستقر ومش هكلمها تاني .

ابتسم صديقه لأنه رأى في عينيه تلك المرة إصرار على أن لايعود وهتف بنبرة مشجعة:

_ عال عال ياعامر اتوكل على الله وأني كمان هنزل معاك الأجازة داي أطمن على والدتي ونشوف لك بنت الحلال المناسبة ليك ونتوكلوا على الله نخطبها لك وتسيبك من المشي البطال ده .

ربت عامر على ظهر صديقه مرددا بامتنان:

_ ربنا يخليك ليا يا صاحبي وميحرمنيش من وقفتك جاري ولا إنك بتردني عن الغلط أول بأول.

بادله صديقه الابتسامة قائلا بدعابة كي يخرجه من كئابته:

_لع متشكرنيش حاف إكده ، يدك على ألف دولار أروِق بيهم على حالي مهنصِحش أني ببلاش عاد .

انخرط عامر من الضحك فور أن استمع إلى دعابة صديقه حتي أدمعت عيناه ثم أردف بدعابة مماثلة:

_وه ده إنت طلعت صاحب فشوش بقى ياجدع ، ألف دولار مرة واحدة !

_ إيه كَتيير علي ولا ايه ؟... جملة استقهامية نطقها صديقه وهو يرفع حاجبه بمشاغبة.

ضحك عامر مرة ثانية على دعابته وأردف وهو يشده لأحضانه :

_ والله مايكترش عليك نن العين ذاته ياصاحبي ، بس خليك جنبي ومتسبنيش للبطال يسحبني .

ربت صديقه على ظهره مرددا بتأكيد:

_ متخافش مهسيبكش وعلى قلبك لأخر العمر أمال هعيش على قفا مين عاد غيرك .

&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&

في مزرعة الخيول الخاصة بسلطان المهدى يجلس هو وشريكه يتحدثون في أمور العمل ،فتحدث الحاج سلمان العِمري:

_ كيفها الفرسة اللى كانت بتتلوى من أولة امبارح ، جبتلها الدَكتور ولا سويت لها علاج على الماشي؟

تلقائيا وجه سلطان عيناه تجاه الإسطبل التى تمكث به تلك الفرسة قائلا بطمئنة:
_ لع اتحسَنت وبقيت زينة بس شيعتِلها الدَكتور وطمنا عليها انها زينة كانت مغصانة شوي .

تحدث سلمان باستحسان:

_ عال عال ، بقول ايه ياحاج سلطان فيه حاجة مهمة عايز أتحدت وياك فيها من مدة بس مش عارف أخبرك بيها كيف أو أبدأ من وين ؟

بدت معالم الدهشه على وجهه فأردف مشجعا اياه :

_وه يا سلمان ما تحكي عاد يا اخوي هو من ميتا في بيناتنا اسرار او حد يتلجلج يقول حاجه للتاني .

اخذ سلمان نفسا عميق ثم تحدث شارحا مقصده باستفاضه :

_في حاجه اني عاتب عليك فيها يا سلطان ، كيف تسيبوا البونية ارملة اخوك كده وهي عازبه وعايشه لوحديها في الفيلا الطويله العريضه داي ؟

ولحد دلوك وهي معذبه على حالها مع انها بنتة صغيره ورافضه الجواز من اي واحد يتقدم لها وما ينفعش تفضل عايشه لحالها إكده .

اندهش سلطان من حديث سلمان وتحدث مستفسرا بتعجب :

_طيب وداي نعملوا لها كيف يعني يا حاج سلمان ما بيدنا شيء نقدمه لها وما عمِلناش .

اقترب الحج سلمان من مقعده والتف يمينا ويسارا ليرى ما اذا كان يستمع اليه احدهم ام لا وحينما وجد ان الدار امان تحدث شارحا مقصده :

_لع في حلين ما واخدش بالك منيهم يا سلطان يا اخوي ،

اسمعني عاد حداك واد ياتجوزه له يا تتجوزها انت مش حرام ولا عيبه الشرع حلل للراجل مره واتنين وتلاتة واربعة وانت لساتك عضمة ناشفة واللى يشوفك يقول عليك أصغر من ولدك ، ها قلت ايه في كلامي ده ؟

جال سلطان بعقله يفكر فيما قاله سلمان ويدوره في عقله ثم تحدث رافضاً الفكرة :

_ لع ولدي مايخدش واحدة عدى عليها غير وميكونش هو راجلها الأول وفرحته الاولي ،

عمران زينة شباب الصعيد ومتعلم ومتنور وفارس تلزمه مهرة متعلمة وتليق بالمِحاسب عمران أنا محطش ولدي في أمر ينغظ عليه عيشته أبدا .

قطب سلمان جبينه وتحدث باستجواد:

_ يُبقى تتجَوزها أنت ومتسيبش الغريب يدَّخل في أرضكم وياخد عرضكم ولا ايه ، ومعروفة من زمان أرملة الأخ لأخوه التاني .

احتار سلطان في ذاك الأمر الذي لم يحسب له حسبان في يوم من الأيام منذ أن ما،ت أخيه وتركها تعيش مع ابنه ولكنه ترك مكانه الذي تربى فيه لأجل أنه لا يصح أن يعيش معها في مكان وحدهم حتى لو كانت محرمة عليه ،

وتوقعوا جميعاً أن تعود الي أهلها ولكنها ظلت في مكانها ولم تتركه حتى بعد أن أعطوها حقها في إرثها بما يرضي الله ، ومرت الأيام ولم يفكر سلطان ولا أي منهم في أمرها ،

ولم يكن يتوقع أن يحدثه أحدا في أمرها ولم تأتي بباله يوما ، ولكن كلام صاحبه عنها شغل باله ، فلاحظ سلمان أنه تأثر بكلامه فطرق على الحديد وهو ساخن :

_ مالك بس ياحاج سلطان هي واعرة إكده !
دي البنتة زينة ومش عفشة علشان تقعد تفَكر كتييير .

تحدث سلطان وهو يتمسك بعصاه ويبدو عليه علامات الحيرة :

_ لع مش احكاية عفشة ولا أني بطلع لها حتى في اي وقت ، بس الحكاية ولادي مهيوفقوش وزينب كماني ممكن يجرى لها حاجة لو سمعت عنيه الحوار ده ، وكمان هي ممكن متوافقش إياك .

قطب جبينه باندهاش وهتف معترضا:

_ وه مهتوافقش على الحاج سلطان المهدى بحد ذاته ! كلام ايه اللي بتقوله ده عاد !

هي تطول تبقي جوزها دي هتوافق وهطير من الفرحة كمان ، قال متوافقش عاد !

ضحك سلطان على حديث سلمان وأردف:

_ وه كانك مغسل وضامن جنة ياحاج ، إنت عارف الموضوع ده لو انفتح هنبقي بنفتحوا طاقة جه،نم ومهتتسدش غير لما تحرِ،قنا كلياتنا .

ضر،ب سلمان كفا بكف وهتف بنبرة معترضة :

_ كانك انت اللى مكبِر الموضوع شوي ومانتاش واعي لعوايدنا وتقاليدنا اللى معروفة في الصعيد ، وبعدين زينب سيبها على مرتي اني هخليها تهديها لو شع،للتها اطمن من ناحيتها انت ،اما ولادك هما حد فيهم يقدِر يعترض قرارك ويقف قصادك ويوافق ويرفض ، دول العيال متربين زين وطول عمرهم ليك سمع وطاعة ، قلب بس انت الموضوع في راسك وإنت هتلاقي ان كل كلمة قلتها لك في محلها .

أماء سلطان برأسه وردد بتمهل :

_ خلاص هشوفه الموضوع ده بس متتعجلنيش أني هفكر فيه براحتي بس الأول أطمن على عمران وأفرح بيه وبعدين يخلق في قضاه ألف رحمة واللي رايده ربنا هو اللى هيصير .

_______________________________

في المشفى يجلس عمران مع محمد يتحدثون في مواضيع شتى فسأله عمران :

_ هي الدَكتورة سكون اللى اتكلمنا عنيها المرة اللي فاتَت مرتبطة.

قفز محمد من مكانه ووقف أمامه قائلا وهو :

_ لاااا مش مصدِق وداني اياك ، بقي عمران بذات نفسيه بيسأل عن واحدة ست !
ياجدع قول كلام غير ده !

تأفف عمران من كلامه وهتف بضجر :

_ ماتخلص ياعم الطبيب عاد وبطل مقلتة ولت فاضي ملهش عازة.

استمتع محمد بطريقته المتعجلة وأحس بطفيف من الأمل من أجل صديقه وأجابه بإبانة:

_ هدي خلقك واصل ، لع مش مرتبطة وممكن أجيب لك قرارها من يوم ماتولدت لحد دلوك بس اديني الإشارة بس وأني أعمل لك نفسي المحقق كونان ، بس قبل أي شيء عايز أعرِف بتسأل ليه ؟

حمحم بصوت خفيض كي يستدعي الهدوء والثبات النفسي ثم أجابه :

_ لما حصل الموقف تبعها المرة اللى فاتَت وأني خارج كنت عايز أطمَن عليها معرِفشي ساعتها حسيت تجاهها إحساس غريب ، مكنتش عايز أسيبها وأمشي ، كنت عايز أفضل مطلع جوة عيونها ومهملهاش ولا أبعِد عنيها ، ولما روحت كل شوي تاجي على بالي وألاقيني بفكِر في كلامها البسيط اللي سمعته منيها ، وكله كوم ونظرة عيونها فيها حاجة غريبة حسيت منها كانها عارفاني من زمان أو فرحانة لشوفتي وهي من الاساس متعرِفنيش ، داي نطقت اسمي وهي غميانة وداي كانت أول مرة أشوفها .

كان محمد منتبها بكل تركيزه مع كلامه. وتعجب بشدة من إحساس عمران وهتف بنبرة مندهشة:

_ وه كل داي أحاسيس حسيت بيها من مجرد خمس دقايق وقفتهم وياها ،ولا لمعة عنيك وإنت بتتحدت عنيها دي لوحديها بتحكي حكاوي ياصاحبي ،

ثم أخذ الكرسي وأداره وجلس مستندا على مسنده بكلتا يداه مرددا بتركيز :

_ أني عايز أعرِف وأفهم كل حاجة وأعرِف احساسك ده بيمثلك ايه ، وحالتك الأسبوع ده كلياته وتفكيرك كان عامل ازاي ، وخلي بالك كل كلمة هتقولها هتفيدك في حالتك المحيرة دي اللى ملقينش ليها حل واصل.

تنهد عمران بأحاسيس مختلفة تارة بارتياح لدخول تلك السكون مداخل قلبه وتارة بتعب شديد لدخولها ذاته في توقيت لايصح بالنسبة لحالته ، وتارة أخرى لعقله وقلبه حينما فكروا بها طيلة الأسبوع وتناوبوا عليه كي تكون جزءا من يومه ،

ثم نطق بروح منهكة:

_ لما شفتها واتحدت وياها كاني كنت في الق،بر وحاسس بضلامه ولما تاجي على بالي أحس بشعاع النور دخل عليا وأحس بنبض قلبي الموجوع على حال صاحبه بيتوحع أكتر ونفس اللحظة أحس إني عايز أروح لها وأتكلم وياها وأتوه في تفاصيل ملامحها أكتر ، بس خايف أظلُمها معاي وأنا طريقي صعيب عليا ومعرفش فيه حل واصل ياصاحبي.

ربت صديقه على كتفيه وأردف مشجعاً له :

_ جمييييل جداً ياعمران احساسك ده إنت قلبك بدأ ينبض بالحب والعشق وطالما إكده اخلق من ضلمة الق،بر نور ده ربنا سبحانه وتعالى نوره لنا بالقرآن وإنت كمان سيب نفسك وسيب نور العشق يحتل قلبك وانسي اللى إنت حاسس بيه واخلق من ضلع الوجع غرام يمكن لما العشق يزور قلبك ينسيك إحساسك وحالك وتشفى ياصاحبي من الوهم اللى إنت عايش فيه .

أخذ عمران نفسا عميقا ثم زفره بهدوء وأردف بحيرة:

_ طيب إن مشيت ورا قلبي وحبيتها واتجوزتها وبعدين دخلت الجح،يم اللى أنا عايش فيها ايه هيوبقي موقفي ساعتها عاد !

صدِقني وقتها هبقى بندب.ح بسك.ينة تلمة وبد.بح.ها وياي والله أعلم ساعتها هتتحمل عاد ولا مش هتتحَمَل ؟

بنبرة قوية ومشجعة أجابه محمد:

_ لع ربك خلاف الظنون وبيخلق في قضاه ألف رحمة وصدِقني الدَكتورة بنت أصول ومتربية والعيبة متطلعش منيها واصل ، هي معانا في المستِشفى بقالها سنتين ومعاملتها زينة ومشفناش منيها الغلط ولا لاحظنا عليها الكِبر أبدا ،ولعلمك هى شبهك وشبه طباعك خالص ياعمران .

انتبه عمران بكامل حواسه وأردف مستفسرا:

_ كيف يعنى طباعها شبه طباعي ؟

أجابه بتوضيح:

_ ملتزمة دينيا ومبتسمحش لحد يقرِب منيها ولا بتهزِر مع أي حد ، وجد في شغلها وبتحبه جداً وبتأديه زي ماقال الكتاب وبتعامل المرضى كيف مايكونوا من أهلها وبتساعدهم معنوياً وبتحفِزهم على الشفا ، وغير إكده معاملتها كيف الس،يف مع أي دَكتور إهنه ومش من النوع اللى بيخضعوا بالقول ولو حتى للمدير ذات نفسه، وإنت بردك ملتزم وتعرِف ربنا وبار بوالدك ووالدتك وفوق ده كلياته راجل بمعنى الكلمة ياعمران علشان إكده ربنا هيخرجك من صراعك على خير لأنك بتثق في ربنا ومسلِم له أمرك وعمرك ماعترضت على حكمته في اللى بلاك بيه.

ابتسم عمران ابتسامة أمل مما سمعه وقرر أن يخ،وض المعركة ويترك لقلبه العنان ينبض بعشقها فهو محتاجاً لها ومحتاجا لوجودها في حياته ، فلم يكن يشغله أيا منهن قبل ذلك ولكن عندما وقعت عيناه في عيناها أول مرة أحس بأنه انسحب إلي عالمها ، ذلك العالم الذي افتقده كثيرا وأحس بالحنين إليه مرات ومرات ، فتحدث منتويا على الدخول لعالم السكون قائلاً:

_ أها تمام هتوكِل على الله ، بس مش عارف أبدأ وياها منين ؟

خايف أدخل لها غلط تفتكرني من إياهم وألاقي منها صد يقفلني من أولها .

قوس محمد فمه بانزعاج وهتف باستنكار:

_ وه كيف عمران المهدي يقول إكده عاد ! ده إنت مجرد وقوفك قدامها بس يسحب أنفاسها ،متقلقش خش بقلب جامد وصدر مفتوح وبعدين إنت ناوي الحلال ياصاحبي ومنتاش من إياهم اللى بيلعبوا بعقول البنات وبعدين يسيبوهم ويخلعوا ، انزل وروح قصَادها وإنت هتلاقي الكلام حضر والأسباب اتوجدت وكلمة بتجر كلمة ، مبتسمعش واصل عن حديث المحبين كيف بيبتدي !
من نظرة وابتسامة وكلمة والسلامة وحاجات كَتيرة ياما ، هلحِنها لك عاد بقي .

قهقهه عمران حتى أدمعت عيناه من طريقته في الكلام وأردف وهو يحمل مفاتيحه كي يهبط إلى الأسفل ويبدأ أولى مراحل الوصول لعالم السكون:

_ كانك ملحنتهاش لسه ؟ روح ياشيخ إلهي ربنا يرزقك باللي توقع قلبك وتشحتفه كمان .

ضحك هو الأخر وتحدث وهو يمسك بتلابيب حلته الطبية:
_ لع هو أني شبهك إكده ، أني خلاص وقعت وعيني سهمت على حبيبها ومش بس إكده ده أني خطيت أول خطوة كمان .

رفع عمران حاجبه باندهاش:

_ كيف إكده ومن وراي ياخاين ؟! انطُق مين دي بسرعة .

مط محمد شفتيه وأجابه بمرواغة:

_ بعدين هحكي لك ، امشي بقي علشان ورايا مكالمة مهمة مع حد قَريب لقلبي .

اتسعت مقلتي عمران وهتف بنبرة مندهشة:

_ وكمان أخدت رقمها وبقيت تكَلَمها ! أه منك مطلعتش سهل واصل وعامل نفسك غلبان ولا ليك في الطور ولا الطحين .

وتابع كلماته وهو يخرج من الباب منتويا المغادرة:

_ أني ماشي علشان هشوف هعمِل إيه وبعدين نشوفوا الموضوع ده يامكار إنت.

ألقى كلماته وتركه يبتسم عليه وهبط للأسفل يفكر في حيلة يبدأ بها في الحديث مع سكون ،وفي لحظة تذكر شيئاً ما جعله يهرول بأقدامه كي يصل إليها ،

وجدها تتناول قهوتها في هدوء يشبهها وقف يتابعها ويراقب حركتها من بعيد ، رآها تقترب بأنفها وتشتم رائحة القهوة بتناغم وانسجام وهي تحتضن ذاك الكوب بين كفاي يداها الصغيرتين ، كم أثرته تلك الحركة وجعلته يتمني لو كانت كفاها بين كفاي يداه ويشعرها بالدفء الذي تشعر به من قهوتها ،

كان ينظر إليها بشغف كى يرى علامات وجهها ويفسرها وحدث حاله بانتشاء:

_ جميلة أنتي تلك السكون فبسمتك تعطي املاً لفاقده وهدوئك راقي ،
أتوه في ملامحك كي أكتشف ماورائها وأفسر معالمها فالبسمة تعطيكي بهجة وتعطيني راحة ، والنظرة البريئة تزين وجهك وتعطيني حافز كى أتقدم ، والهدوء النفسي والهالة التى تحيطين بها حالك ككل تحدثني قائلة تقدم عمران واذهب إليها فهى تشبهك وأنت في احتياجها هي فقط ليس غيرها ، ففيكي سأختصر كل نساء العالم سكون وأجعلك بهم كلهم ،

ساقته قدماه إليها ثم ألقى السلام عليها وهي تعطيه ظهرها :

_ السلام عليكم ورحمه الله ، هي القهوة طعمها يشهى للدرجة دي يادَكتورة ؟

قبل أن تراه وتعرف من المتحدث انطلق لسانها غصباً عنها :

_ عمران ! احمم أقصد وعليكم السلام ورحمه الله ،

قالت سلامها وهي تدير وجهها إليه وتابعت بخجل لتسرعها :

_ لع بس دي خصلة فيا بحب أشم ريحة القهوة ، أصل ريحتها بالنسبة لي عاملة شكل الإدمان تلقائي إكده بعمل الحركة دي .

أماء بوجهه باستحسان وأردف:

_ ميعملش الحركة داي إلا كائن إحساسه عالى وبيحب الهدوء ومدي للقهوة قوانينها الصحيحة في شربها .

بوجه مندهش تسائلت:

_ كيف يعني مفهماش! هي القهوة ليها قوانين لما تتشرب ؟

ربع ساعديه أمام صدره واستند بجزعه علي الشجرة مجيبا:

_ وه كانك متعرفيهاش ! عموما هقولك أني عليها أولها إنها مينفعش نشربها واحنا مشغولين إكده مش بنحترمها ، لاااا نشربها واحنا بنخ،تلس من الزمن لحظات هدوء تليق بوجودها بين كفوف اليد ، وتاني حاجة نشربها واحنا بعيد عن الضوضاء علشان نعرف نستمتعوا بريحتها وهي هتاخدنا معاها لعالم جميل عميق زي ساعة العصاري إكده بنخلصوا مشغوليتنا ومسؤليتنا ونقعد نرتاح هبابة فالساعة دي معروفة إنها الراحة المحببة للبني أدم من متاعب يومه .

تعمقت النظر في عيناه دون قصد منها أو إرادة ، فقدت النطق لما تسمعه أذناها في حضرة معشوق الروح ،

وحدثت حالها وهي تسمعه:

_ كفى عمران لقد تخطيت قوانين العشق والغرام لأجل عيناك ،

فقد أنهيت رسم غرامك بجميع الحروف والكلمات فكل الكتيبات صارت جميع سطورها عمران ،

قبل أن تحادثني وكنت أعشقك لحالي كنت مغرمة والآن بعد أن دوى صوتك في أذناي صرت هائمة عاشقة متيمة ،

لاحظ نظراتها وشرودها وفهم معناها بل واقتح،مت أوصاله من أجل صدقها ، لم يريد إحراجها ولا أن يشتت تركيزها بكلامه

فجذب الكرسي الموضوع أمامها محمحما باستئذان:

_ تسمح لي أقعد عايز أستفسر منك على حاجه إكده بخصوص أختي ، أنا سمعت انك دكتورة نسا وتوليد.

انفرجت أساريرها فعمران بذاته يستئذنها أن يجلس معها ،

هدأت من توترها ولملت مشاعرها المبعثرة في حضرته وأجابته بموافقة:

_ اتفضل أني لسة شوية على ماأطلع أمر على المرضى .

جلس مقابلتها تحت ظل الشجرة وأردف متسائلاً كي يخلق معها حديثاً فهو مستمتع جداً بجلسته معها :

_ أختي الكَبيرة حامل وقربت تولد فاضل ليها تلت شهور وتقوم بالسلامة وبتابع في حملها مع دَكتور وأني مضايق من الحكاية داي ،ايه رأيك أجيبها تتابع إهنه وياكي وكمان انتي اللى تولديها .

نال اقتراحه إعجابها وأبدت رأيها بصدر رحب:

_ أه طبعاً معِنديش مانع هاتها والأجهزة اهنه حديثة وأني بعمل متابعات كَتيرة لستات المركز بيَجولي كَتير ، بس ده ميمنعش إن المتابعة مع الدكتور بتاعها حاجة مش حرام .

تبدلت ملامحه لانزعاج وهتف :

_ كيف إكدة معنديش حريم تنكشف على راجل غريب حتى لو قديس عاد ! وده طبع فيا الكل يعلم بيه وأتمني ناس تانيين ياخدوا بالهم منيه علشان أنا غيرتي على اللى مني صعيبة قووي .

دقات قلبها تهتز بع،نف من تصريحه المخبأ فهو أعلنها أمامها أن تأخذ بالها من غيرته بل وتمنى ذلك ، أممن الممكن سكون أن يكون عمران وقع أخيراً في هواكي وأصبح يتمنى جلوسه معكي ؟

اهدأ قلبي واترك العنان لعيني ولساني يتشبعان من جلوس العمران ،

لاحظ نظراتها التائهة والمندهشة فأحب مشاغبتها مرددا :

_ وه هو إنتي عادتك السرحان إكده علطول يادَكتورة ؟

خجلت بشدة من تلميحاته وأردفت بتوتر :

_ لع ، عادي مش سرحان ولا حاجة .

رفع حاجبه وأكمل مشاغبته :

_ الله حاسك متوترة وحاجة مخلياكي مش على بعضك .

فركت أصابع يداها من محاصرته لخجلها وأردفت بتلقائية :

_ وه ياعمران مفيش حاجة عاد .

زينت البسمة وجهه وهتف وهو ناظراً بعينيها :

_ عمران طالعة منيكي حلوة أوووي وكانك تعرفِيني من زمان ، وأنا حاسس بإكده .

أدارت رأسها جانباً بخجل وكان السكوت علامة الموافقة على كلامه ،

لاحظ خجلها الشديد وسكوتها على كلامه ومن هنا تيقن عمران بعشق سكون له وقرر بدأ شرارة العشق لها فبادر بطلبه بشجاعة:

_ طيب ممكن تديني رقمك علشان اتواصل معاكي لما أجيب أختي وأجيلك إهنه علشان المتابعة ، وقبل ماترفضي أو تعترضي لازم تعرِفي إني هكون أمين عليه ومهضايكيش ولا مرة .

نطقت شفاها الرقم بشجاعة فهي تمنت تلك اللحظة من سنوات ، وأخيراً استجاب رب السماء لها وقرب منها عمران وأصبحا على مشارف أبواب العشق ، وبعد أن أملته الرقم تحدثت بثقة :

_ وان مكنتش هثق فيك انت هثق في مين ؟

ودت أن تكمل كلامها وتقول له لقد أعطيتك قلبي وسكنته وأغلقت عليك بمفتاح أقفاله ضاعت في بحر الهوى ولم يعود مهما طال الزمان ، ولكن لن تفعلها سكون فمهما كان حبها له وغرامها به لن تبادر هي الأولي بالاعتراف فهي وعدت حاله أن تتحمل عذاب عشقه حتي لو طال سنينا ولا أن تبادر هي فكرامة الأنثى داخلها لن تتنازل عنها ،

أما هو دوَّن الرقم بأصابع منطلقة وكأنه يدون عقدا من الماس ، ثم انتصب واقفاً وانتوى المغادرة:

_ أنا سعيد جداً إني اتكَلَمت معاكي ياداكتورة وهمشي دلوك وإن شاء الله الجيات أكتر من اللي راحت ، معايزاشي حاجة قبل ماأمشي .

كانت حزينة لفراقه فلم تشبع منه ولكن حمدت ربها داخلها بأنها تقدمت خطوات في عشقها المكتوم واخيرا جائها عمران وأجابته بابتسامة:

_ معايزاش غير سلامتك ، استودعتك اللهم الذي لاتضيع ودائعه .

اندهش من ردها المريح الهادئ الذي ينبعث منه الأمل ورد وديعتها :

_ تسلميلي على دعوتك الجميلة ياغالية .

وتركها وغادر تتصبب خجلاً وهي تنظر على أثره بمحبة نابعة من قلبها الجميل وهي تحدث حالها:

_ احقا وصفني بأنني غالية ثم تركني أحادث نفسي بوله ، لاااا ياذاك العمران تمهل على قلبي يارجل فلم يعد يتحمل طوفان عشقك المبتدئ فكيف عن نهايته ! حقا ستمنحني سعادة وعوضا يجبر قلبي الذي انتظرك سنين .

&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&

كان أدم المنسي يجلس في غرفته ممددا على تخته ومترددا أيرسل لها أم لا فتركيبتها شغلته بشدة لم يقابل مثلها ، ولأول مرة يجري وراء إحداهن ولأول مرة يبادر هو بالتحدث إليهن ، جاهد حاله كثيراً أن يحادثها ولكن انطلقت أصابع يداه رغماً عنه بالاتصال عليها ،

كانت مكة جالسة في غرفتها تراجع دروسها فهي في السنة الأخيرة وتود أن تنجح فيها بأعلى تقدير ، وجدت هاتفها يعلن عن وصول مكالمة فأمسكت الهاتف ونظرت إلى شاشته بغرابة وهي تحدث حالها:

_ مين الرقم ده ، وليه مكتوب برايفت ، معقولة يكون حد تبع الحكومة ! ولا حد تبع أي قناة ، طيب أرد ولا مردش،

أما هو منتظراً ردها ولما تأخرت عليه في عدم الرد انز،عج كثيرا فهو ليس معتاداً على ذلك ولكن هدأ حاله أنها لن تعرفه ، وفجأة استمع إليها تردد :

_ السلام عليكم ورحمه الله ، مين معاي .

صوتها في الهاتف هادئ ومريح ولكن ملتزمة الجدية فرد عليها سلامها :

_ وعليكم السلام ورحمة الله ، آنسة مكة معايا .

ردت بنفس الجدية :

_ أيوه ، مين حضرتك ؟

اندهش بشدة فكان متوقعاً أن تعرفه من نبرة صوته ، يالها من فتاة عجيبة كسَّ،رت كل قواعد النسوة في نظره فهتف :

_ ياه ياترى مش عارفاني ولا فاكرة إن إنتي سمعتي الصوت ده قبل كدة .

تأففت بشدة من ثرثرته وهتفت قبل أن تغلق الهاتف في وجهه :

_ لاااا ده إنت باينك واحد فاضي ولا وراك شغلة ولا مشغلة ، وأني مفضياش للهبل بتاع أمثالكم ده ، ياريت متتصلش تاني ياحضرة معرفش ايه انت .

أنهت كلماتها وأغلقت الهاتف في وجهه ، مما جعله انت،فض من مكانه وهو يلقي الهاتف على التخت بع،نف مرددا بغيظ وهو يدور في الغرفة :

_ بنت المجنونة اتجرأت وقفلت السكة في وشي ، والله لاندمها على الحركة دي ، لااا وكمان بتمثل إنها معرفتنيش إزاي ده ، أنا صوتي مميز ومعروف ،

وظل يدور في الغرفة وهو يتآكل غيظاً من قلة ذوقها في الحديث معه، ثم قرر بعد أن فكر كثيرا أن يرسل لها رسالة عبر الواتساب يعن،فها فيها ، ذهب إلى تخته وأمسك هاتفه وكتب لها :

_ هو من الذوق إنك تقفلي الموبايل في وش اللي بيكلمك ، من الواضح إن قلة الذوق دي طبع فيكي وطلعت مرئية ومسموعة كمان ، طيب قبل كدة عملت اعتبار للعميد وسكت لك عن قلة الذوق لكن المرة دي مش هعمل اعتبار لحد وهعرفك مقامك .

وصلتها الرسالة من ذاك الرقم وقد عادت الي مذاكرتها ونست أمر المكالمة ثم استمتعت إلي رنة رسائل الواتس الخاصة بها التقطت يداها الهاتف واتسعت مقلتيها من ذاك الدخيل الذي اقتحم خصوصيتها وبعث لها ، قررت الدخول لمحتوى الرسالة كي تعنفه بشدة ثم بعد ذلك تضعه ضمن قائمة الحظر ،

قرأت رسالته بتمعن وإذا بها تض،رب بكفها على جبهتها كعلامة لتذكرها وأردفت بلسان حالها بصوت عال :

_ آدم المغنى هو انت ! وده عايز ايه ده لااا وكمان بيشتم وبيقول لي قليلة الذوق هو إيه البني ادم المغرور بزيادة ده ، قال ياقاعدين يكفيكم شر الجايين ،

ثم أرسلت إليه مرددة:

_ أولا مسمحلكش تكلمني بالطَريقة المهينة داي ، وثانيا فيها ايه ما أني سألتك انت مين واتمعظمت علي فطبيعي إني أقفل السكة في وش اللي بيستظرِف ، وثالثا بقي نعم فيه حاجة مطلوبة مني حضرتك علشان تتصل بيا ؟

كان ماسكا هاتفه وهو مندهش لحاله لأول مرة ينتظر رداً على رسالة ، لأول مرة يمسك هاتفه وينظر إلي شاشته منتظرا رد أنثى ، لأول مرة يشعر بالإهانة لمكانته من إحداهن ، أتته رسالتها فتحها على الفور وقرأ محتواها واغتاظ بشدة من تعن،فها في الرد عليها ،

فوجد حاله يرسل إليها برسالة نار،ية كي يح.رق.ها كما أغاظته :

_ هو إنتي متعلمتيش تردي عدل وكيوت كدة زي باقي البنات ولا إنتي مش من ضمن البنات ولا تعرفي حاجة عنهم .

اتسعت مقلتيها بذهول لما قرأت توبيخه وضغطت على شفاها بغيظ وأرسلت إليه :

_ لا اوعى تكون فاكرني من البنات إياهم اللي بيتلزِقوا فيك ولا إني هدوب من نظرة عينيك ، واني هتهبل مثلاً علشان بتكلمني ، لاااا يافندم العنوان غلط مش مكة الجندي اللي تتهاون في أخلاقها وتخضع بالقول أيا كان لمين ، يعني أنت بالنسبة لي راجل عادي شهرتك وشكلك وحجمك مشايفهمش واصل .

قرأ رسالتها والي هنا وانقلب غيظه لانف،جار ووصل غضبه عنان السماء ، وجلس يفكر كيف يرد عليها رداً يقصف جبهتها كما قصفتها هي توًّا ، ثم أرسل إليها رده بعد أن فكر قليلاً:

_ ومين قال لك اني عايزك تتهبلي أو إنك أصلاً حاجة مهمة بالنسبة لي علشان تقولي الكلام ده ، قولي إنتي بقى إن نيتك شمال زي تفكيرك وقلتي خدوهم بالصوت قبل مايغلبوكم ، أو تكوني مفكرة نفسك مارلين مورلوا مثلاً فوقي لنفسك وشوفي بتتكلمي مع مين .

اندلعت ثورة الح،رب بين الثنائي العنيد وكل منهم مستعد لشن الهج،وم على الأخر ، قرأت رسالته بمقلتين واسعتين أثر اندهاشها ، فحقا استفزها وأثار حفيظتها فأرسلت إليه :

_ مارلين مورلوا مين دي اللى أبقي زييها !
ولا يشرفني أكون زييها لو إنت مفكِر إنك بتقارني بواحدة تستحق ، أنا أرد عليك في حالة واحدة لما تشبهني بأم من أمهات المؤمنين دول بقي اللي محلِمش أكون زييهم يعني لو انت تعرِفهم من الأساس ،
يعني تشبيهك ده مستفزنيش واصل يافنان ،

وتابعت رسالتها بنوع من السخرية :

_ممكن بقي نبطلوا وصلة القط والفار داي وتقول إيه سر اتصالك العظيم بواحدة مغمورة زيي ملهاش لازمة ؟

احتقن وجهه من رد تلك الصغيرة التى جعلته يشعر بالمهانة وأنها تكبره أعواما لا هو الذي يكبرها ، أحس أنه أمام جسم صغير لكن ذو عقل كبير ولسان كالمبرد يق،ص من يقت،حم حصونها، وجد حالها ينجذب إلى عالمها المختلف عن أيا منهن ، رغم أنها لم تعطيه حجمه ولا أنها لن تشعره باهتمامها ولا بالانبهار به ، حقا وجد حاله يهدأ من انفعالاته ويقرر مهاتفتها ،

رأت تأخره في الرد ولامت حالها على عنفها معه في الرد فهي بيئته التى نشأ فيها وليس له ذنب ومن الواجب أن لاتسخر منه وأن لاتبادل عجرفته بمثلها وأن تعامله بأخلاقها فالدين المعاملة ، ومن الممكن أن يأخذ عن الملتزمين مثلها فكرة سيئة وتكون هي المثل الذي أوصلته لتلك الفكرة ،

رأت اتصاله فأجابته بهدوء :

_ السلام عليكم ورحمة الله ، فيه حاجة مطلوبة مني يافندم .

لاحظ هدوئها تلك المرة في الرد عليه فقرر مجاراتها وأخذ هدنة فاللعب معها أصبح ملاذا أعجبه بشدة ، فأجابها بهدوء وهو يحمحم صوته :

_ احم كنت عايز أسألك مين اللي نزلت اللقاء اللى صورتيه بنفسك معايا وبتتكلم بصفة إن اللقاء كان معاها هي ؟

تذكرت أمر صاحبتها وأجابته بخجل:

_ أها أنا بصراحة إكده مرضيتش أنزله وهي فضلت تتحايَل علي إني أديه لها وفضلت ماسكة وداني طول الأسبوع لما صدعتني فاديته لها .

انزعج بشدة من تلك المخلوقة التي تثبت له دائما أنه كالحشرة التى لاتستحق وهتف بضيق:

_ إزاي تعملي حركة زي دي بدون ماتستئذنيني ،هو مش ده بردو اسمه كذب ونفاق ولا انتي بتحللي على مزاجك وتحرمي على مزاجك ياهانم .

_هانم ! ... قالتها مكة باندهاش

أجابها بانزعاج:

_ هو ده كل اللي لفت انتباهك من كلامي !

ممكن حضرتك تفسري لي اللى حصل ده إزاي يحصل ؟

إنتي مش عارفة إني نجم وليا اسم وشهرة ومينفعش أسجل لقاء مع واحدة أصلا مش معروفة ولا حتى صفحتها معروفة ولا متوثقة كمان .

أحست أنها ارتكبت خطأً شديداً في حقه ولكنها لم تقصد فتمتمت بخفوت :

_ أني أسفة مكنتش أعرف إن دي حتوبقى حاجة كبَيرة أو حتوبقى مضرة ليك مكنتش عِملتها ، والله العظيم دي الحقيقة ودة اللى كان في نيتي وقتها.

حقا أدهشته بأسفها ماكان يظن أنها ستنقلب بوداعة في نفس حوار الشراسة التى شنته عليه منذ قليل ،

حقا عجيبة أنتي يافتاة تجمعت فيكي صفات الفتاة الشرسة والوداعة والتدين والطيبة وطيلة اللسان وحسن كلامه في آن واحد ،

لقد شغلتي البال وأصبح لكي مكانة في قلبي الضال ، وسأسرق من زماني وقتا لكي على أي حال ، ثم هتف باستغراب من أسفها:

_ عجيبة هو إنتي بتعرفي تعتذري زي البني ادمين العاديين أهو ، أمال ماله لسانك اللى عامل زي المبرد ده ومابتصدقي تبخيه في وش أي حد .

عادت لشراستها من جديد وأردفت بحدة :

_ وه لساتك هتشتم تاني وتطول لسانك ده وأني المفروض إني أسكت لك عاد .

خرج رده عليها من فمه بتلقائية وهو مستمتع:

_ لهجتك الصعيدية جميلة أوووي أول مرة أقابل واحدة شبهك يامكة .

احمر وجهها خجلاً ولأول مرة يغازلها أحدهم وتستمع إليه فكم كانت نبرته هادئة ناعمة أثارت تلك الفتاة التى لاخبرة لها ، عندما سمعته لم تقدر أن تتفوه بالنطق وكأن لسانها ابت،لع من أثر الخجل الذي انتباهها ، فوجدت حالها ترد بخجل ....
_________________________________

في منزل مجدي زوج مها ، حيث تجلس مها مع أبنائها تحاول فك اللغز الذي أعطاه لها ابنها وهي مستمتعة باللعب معهم فحقا الأوقات التى تقضيها مع ولداها التوأم من أحب الأوقات إلى قلبها فالجلوس معهم له لذة تجعلها في قمة سعادتها فهي تعشقهم وتهتم بهم وبأمورهم وتشاركهم كل يومهم ، فبعد محاولات عدة استطاعت تجميع اللغز ببراعة ، فصفق الصغير بسعادة نظراً لنجاح والدته وهتف :

_ ايه ده برافوا ياماما طلعتي شاطرة أوووي ، ممكن تعلميني أعمله كيف علشان أبقي عبقري زيكي إكده ؟

قرصته من وجنته بخفة ولطف وهي تردد بفرحة لسعادته :

_ وه كانك مفكِر أمك مفهماشي حاجة إياك ،

وتابعت كلماتها وهي تشير على حالها بفخر :

_ أني شاطرة قوووي وعلشان مش داكتورة ولا صحفية شكل خالاتك يوبقي مش بفهم ، أني لو كنت غويت العلام كان زماني مِحاسبة قد الدنيا بس أني مرضيتش وعلشان إكده واخده بالي منيكم وعايزاكم تعملوا اللي معمِلتهوش واصل ، ها اتفقنا .

رفع الولد كف يداه يض،ربه بكفها مرددا هو وأخيه التوأم في أن واحد:

_ اتفقنا ياماما هنبقي شطار وحلوين علشان تحبينا وتلعبي ويانا علطول .

احتضنتهم بسعادة وأردفت وهي تربت على ظهرهم بحنو:

_ وه أني بحبكم يانن عيوني من غير أي حاجة ده انتو النفس اللي بتنفسه ، وانتو الحتة الحلوة في قلبي وكلي .

وأثناء احتضانها استمعوا الى جرس الباب يعلن عن وصول ضيف ، ارتدت حجابها وذهبت لتفتح ولكن وجدت الباب ينفتح ويدخل زوجها مجدي وهو يردد بابتسامة:

_ متستغربيش يامها معايا ضيف عزيز هتفرحوا أووي لما تشوفوه ،

ثم نظر إلى الخارج مرددا وهو يفسح المجال للضيف أن يدخل :

_ اتفضل ياعامر ياأخوي بيتك ومُطْرحك ،

ثم وجه كلامه الي أبنائه مرددا :

_ تعالوا سلموا على عمكم ياولاد اتوحشتوه قوي .

أما هي منذ أن رأته أمامها تش،نج جسدها وبهتت ملامحها وطار الكلام من على لسانها ،

وأصبحت واقفة بمشاعر شتى ولكن يغلبها ويسيطر عليها فقدان الراحة من الآن .

البارت الخامس

نظر إلى الخارج مرددا وهو يفسح المجال للضيف أن يدخل :

_ اتفضل ياعامر ياأخوي بيتك ومُطْرحك ،

ثم وجه كلامه الي أبنائه مرددا :

_ تعالوا سلموا على عمكم ياولاد اتوحشتوه قوي .

أما هي منذ أن رأته أمامها تشنج جسدها وبهتت ملامحها وطار الكلام من على لسانها ،

وأصبحت واقفة بمشاعر شتى ولكن يغلبها ويسيطر عليها فقدان الراحة من الآن ،

لاحظ مجدي شحوب وجهها فقوس فاهه وهو يردد باستغراب:

_مالك يامها إكده واقفه متنحة مش تسلَمي على عامر صديقك الصدوق قبل ما يسافر .

تحمحمت بهدوء وفاقت من شرودها عقب استماعها لكلام زوجها هاتفة بترحاب وهي تنظر داخل عيناي عامر وتبتلع أنفاسها بصعوبة:

_ حمد لله على السلامة ياعامر رجَعت ميتي من السفر ؟

ابتلع الآخر أنفاسه بصعوبة أمامها فهو قد عاد من السفر منذ يومان ولم يأتي إليهم كعادته كي يسلم عليهم لحاجة ما في نفسه ولم تكن إلا ضعفه أمامها حينما يراها ولكن احتقر حاله في ذاك الوقت ، وتذكر كلام صديقه وعاد إلى رشده ورد سلامها وهو يؤكد على أنها امرأة أخيه:

_ الله يسلمك يامرت أخوى ، كيفك إن شاء الله تكوني زينة ،

وتابع كلماته وهو يملس على شعر الصغيرين بحنان بكلتا يداه :

_ رجعت من يومين إكده ، بس كنت بظبِط اموري ، بعت للي بتاجي تنضف الشقة فوق لما أخدت منك المفتاح يا أم الزين بس قلت لها متقولش إني جيت .

تحدث مجدي وهو يفسح المجال بيده كي يدلف أخيه إلي الداخل:

_ وه ماتدخل عاد هنتكلموا واحنا واقفين على الباب ، ادخل ياخوي بيتك ومُطْرحك ،

واسترسل حديثه وهو ينظر إلي زوجته آمرا اياها:

_بقول لك ايه يا مها عامر هيتعشى ويانا همي جهزي الوكل واحنا مستنينك عقبال ما تخلصي .

كأنه أعطاها إشارة الإنقاذ كي تنأى بحالها وتهرب من أمامهم كي تستطيع لملمة شتاتها في وجودهم الاثنين، وفرت من أمامهم وهي تردد :

_ حاضر هجهزه حالا دلوك.

دلفت إلى مطبخها وهي تضع يدها على صدرها تهدئ من ضر باته حينما رأته ،

نعم لن ولم تستطيع لملمة حالها في وجوده ولم تنساه بل مجرد أن رأته أمامها دقات قلبها تمردت عصيانا عليها فهي في حضرته تنسى قوانين الفراق ،

حدثت حالها برعب:

_ ماذا بكي ياامرأة اهدئي كي لاتنكشفي وحينها حتماً سيسطر وفا،تك وستصبحين في عداد المو،تى !

اهدأ قلبي ولا تخن،قني برجفتك حينما رأيته واستمعت إلى صوته وتجسدت صورته لحما ود،ما أمام محياك ،

كانت تحدث حالها وتفكر وهي تطهي طعام العشاء بعدم تركيز فتركيزها كله مع ذاك المفاجئ بعودته بل ورأته أمامها على حين غرة ،
دخل عليها زوجها وجدها مرتبكة فسألها بتعجب:

_مالك في ايه عاد عماله تلفي حوالين نفسك وبكلمك مش دريانة مالك ؟

أجابته بتوتر:

_انت ازاي تعزم اخوك من غير ما تعرِفني علشان اعمل حسابي واجهز نفسي؟

افرض ما عنديش امكانيات وانت داخل بيه فجأة إكده ولا دي عادتك الاهمال مش هتبطِلها يا مجدي .

تأفف مجدي من ثرثرتها واجابها بضيق:

_هو انتي بقى مش هتسيبك من الحجج الفارغة داي عمال على بطال !
ولا انتي بتم،وتي في الخناق اخلصي جهزي العشا والموجود هاتيه مش قصة هي .

القى كلماته وتركها وغادر المطبخ وذهب الى اخيه ووجده يلعب مع اطفاله بحب وحنان ظاهران على وجهه فهو ابيهم ولم يلهو مع ابنائه كمثل ذاك العامر الذي انتبه الاطفال اليه فهم محرومون من حنان الأب الذي افتقدوه في ابيهم والذي لم يروه الا صدفه،

فمجدي كل حياته يقضيها في العمل ولم يشغل باله بزوجته ولا أطفاله ،

فتحدثه الى عامر قائلا:

_والله ما انا عارف كيف بيبقى ليك طول بال تلعب مع الاطفال إكده لساتك عقلك اصغير يا عامر مع ان اللي يشوف شكلك المتغِير من السفر يقول نضوجك اكتمل وما بقاش ليك في الحوارات الفارغه داي .

اندهش عامر من حديث اخيه الذي يخلو من الرحمة بأطفاله وهتف منزعجا:

_واه لساتك على حالك يا اخوي وما تغيرتِش وما تعرِفش ان الدنيا منفاتة ومش هناخد منيها غير ضحكة حلوة في وش اطفال او دعوة من زوجة علشان رافقين بحالتها وبيت دافي يلمنا وقت الوجع والشدة !

العواطف عمرها ما كانت ليها نضوج والحنية ما بتتشحتش يا ولد أبوي،

العب مع ولادك واستمتع بكل لحظه معاهم علشان ما تندمش بعد اكده وسيبك من العملية البحتة اللي انت عايش فيها داي عاد .

وكأن اذناه صماء فلم يشغل باله بأي حرف مما قاله له اخيه وسأله عن حاله:

_سيبك انت من الحوارات التافهة داي وقول لي نويت على ايه هترجع السفر تاني ولا هتشوف شغلانه هنا وتستقر بقى ونجوزك ؟

كانت في المطبخ تطهي الطعام واذناها معهم في الخارج كي تستمع الى كل حرف يتفوهانه لم يحزن قلبها من كلام زوجها القاسي فهي اعتادت على بروده ولم تتفاجئ ولكن الذي جعلها تنتبه اكثر أسئلة زوجها لأخيه وبالتحديد عندما سأله عن زواجه ،
القت اذنيها ناحية المكان الذي يمكثان فيه كي تستمع الى رد ذاك العامر ،

اما في الخارج اجابه عامر بإبانة :

_لا مش هسافر تاني تعبت يا اخوي من السفر والغربه نويت استقر وكمان ادور لي على عروسه علشان خلاص دخلت على ال 30 وما ينفعش اتاخر اكتر من اكده .

حينما استمعت الى اجابته دقات قلبها اعلنت العصيان ونسيت كل اتفاقاتها معه وهربت الد،ماء من وجهها وحدثت حالها:

_احقا سيتزوج ويعرف امرأة اخرى غيري !

لا لن اسمح بذلك ،

أحقاًّ كان يتخذني نزوة كي يتسلى معي في اوقات فراغه وهو في غربته !

امسكت سكي،نتها الحادة في قبضة يدها وغر،زتها في المنضدة الموضوعة أمامها بكل قوة مرددة بشراسة :

_الله الوكيل لو حوصل وعرف واحده واتجوزها ما هنيه عليها يوم واحد ويانا يا هي .

كأنها نسيت انها امرأة أخيه !
وأنها وعدته أن تنساه وأن تبتعد عنه وبذاتها أرشدته ان يتزوج ويرى حاله بعيدا عنها ولكن حينما رأته انقلبت موازينها وصارت تهذي بتلك الخرافات بلا جدوى ،

واندلعت الني،ران الحار،قة في صدرها وتأججت في جميع جسدها وهي تقسم بأن القادم نا،ر لا محالة فوالدتها رفضت طلاقها وحبيبها اقسم على فراقها وزوجها مستمر في بروده وحرمانها حسنا فليكن ما يكن وستقلبها نا،را ود،مارا على الجميع،

ولكن حينما تذكرت ابنائها سالت دموع العين ق،هرا وحزنا فهم نبض وجعها ولم تستطيع ان تتخلى عنهم او ان تتركهم فماذا عنها ان تركتهم ؟

فأبيهم لم يمتلك ذرة حنان واحدة لأبنائه وعند هذه النقطة تراجعت واعتبرت أيمانها لغواً وهدأت من حالها رويدا رويدا وأصبحت الآن في موقف مهزوز بين مشاعرها التي توجعها وتؤلمها بغزارة ،

فإحساس الخذلان والكسرة هما طريقاها الآن، أكملت طهي العشاء وخرجت اليهم وهي تضع الأواني على السفرة ثم نظرت اليهم قائلة بفتور:

_اتفضلوا العشا جاهز ،

توجهوا ناحية الطعام وجلسوا جميعا فمنذ عدة اشهر لم يجتمع زوجها معهم على طاولة طعام واحدة فهو يتناوله وحده دائما ،

تناولوا طعامهم بشهية مفتوحة عدا هي ثم ردد مجدي وهو يوجه حديثه الى زوجته بحديث جعلها تسعل بشده

بقول لك ايه يا مها عايزينك تشوفي عروسة لعامر تكون زينة إكده وتليق بيه هو خلاص قرر انه مش هيسافر تاني وقرر هيفتح مكتبة كبيرة ايه رايك ؟

سعلت بشدة من طلب زوجها أما عامر أحس بها منذ ان رآها وشعر بتغيرها والآن تيقن باحت،راق روحها عندما طلب مجدي ذاك الطلب منه فهو لم يكن يتوقع ان يفتح ذاك الموضوع بتلك السرعة فتحدث سريعاً:

_لا يا اخوي مش دلوك ما تشغلهاش ،

اموري أني هدبرها لحالي كفاية عليها مسؤولية الأولاد أني مش بفكر في الموضوع ده دلوك ، لما استقر واشوف أمور المكتبة اللي هفتحها .

___________________________

في مكتب المحامي ماهر البنان استدعى جميع المحامين الجدد الذي قام بتعيينهم منذ أسبوع قائلاً إليهم بعملية:

_من تلت ايام اديت لكل واحد فيكم ملف على انفراد وقلت له إنه ملف مهم جدا ،

دلوك أني عايز الملف من كل واحد فيكم وخلي بالكم اللي الملف بتاعه مش موجود وضايع يعتبر نفسه مرفود من دلوك علشان اني كنت محذر ومنبه بشدة ان كل واحد يخلي باله من الملف ، يالا انا مستني الملف بتاعكم واحد واحد اتفضلوا.

رددوا جميعاً بصوت واحد :

_تمام يا فندم هنروح نجيبه حالا .

أشار اليهم بالخروج كي يأتوا بالملفات انطلق كل منهم الى مكتبه وصار كل منهم يبحث عن ملفه وهو يتابعهم عبر الكاميرات وهو يعلم جيدا من الذي ضاع منه ملفه ومن يحتفظ به وسيأتي به اليه الآن فهو ثعلب ماكر ولن يسمح بالخطأ ان يتواجد في مكتبه ولن يسمح للظروف ايا كانت أن تجعله يخسر قضية وتضيع سمعته التي عاش سنوات يبنيها ،

اما عنهم واقفين في مكاتبهم كل منهم يبحث عن الملف فهم لم يتوقعوا أن يُسرق الملف منهم أو أن ذاك الماهر يدبر لهم اختبارا كي يرى من المستحق بوجوده في ذاك المكتب ولم يكن الا اثنان فقط اللائي وجدوا الملف ولم تكن الا رحمة ومتدرب آخر كان حريصا على اصطحاب الملف معه الى منزله دون أن يدري اذا كان اختباراً أو يعلم شيئا عن طبع ذلك الماهر ولكنه الحرص ،

بعد ربع ساعة بالتحديد وصلوا جميعاً أمامه وضعت رحمة وذاك الآخر الملف أمامه اما الباقيين نظروا اليه متأسفين فتحدثت إحداهن نيابة عن الأخريات:

_للاسف احنا كنا حاطين الملف في درج المكتب الخاص بينا وقافلين عليه وما لقيناهوش وما توقعناش ان ده اختبار من حضرتك أو إن حد يفتح درج المكتب وياخد الملفات .

بعيون ثاقبة نظر إليهم ثم تفوه قائلا بعملية:

_أول يوم جيتوا المكتب اهنه عرفتكم ان مفيش حاجه اسمها احنا اسفين يا فندم دي ممنوعة في قانون ماهر البنان نهائيا والدليل على اكده الاتنين دول رجعوا لي بالملف وهما ميعرفوش اي حاجه زييكم بالظبط،

فيؤسفني اقول لكم ما لكوش مكان في المكتب ده وبدون اي اعتذارات لأن ما بقبلش أعذار اتفضلوا وملكمش فرصة تانية .

اما رحمة فرِح داخلها فهي تعلم كل شيء عن ذاك الثعلب المكار فنظر اليها ماهر قائلا بحنكة:

_تعجبيني عرفتي تهربي من الكاميرات وتعيني الملف في مكان ما حدش يتوقعه ولحد دلوقتي ما عرفتوش يا ترى كنتي عيناه فين ؟

وتابع حديثه وهو ينظر الى ذاك المتدرب الآخر مرددا بإشادة :

_اما انت الملف مفارقش شنطتك اللي رايح وجاي بيها ودي حاجة حلوة انك ما تامنش لاي حاجة ولأي حد ونجحت في الاختبار الأول ليك مبروك وجودك وسط فريق ماهر الريان .

ابتسم الآخر لإشادته ،
ثم وجه ماهر انظاره كي يستمع الى جواب تلك الماكرة الصغيرة والتي لم تخرج بالملف من المكتب واستطاعت ان تخبئه بمهارة أذهلته والى الآن لم يعرف اين خبأته ؟

أجابته رحمة بثقة :

_كنت عيناه في دولاب الأرشيف اللي مليان تراب ومحدش بياجي ناحيته خالص وكنت حريصة جدا ان محدش ياخد باله والحمد لله نجحت في اكده و ياريت اكون عند حسن ظن حضرتك .

هز رأسه بإعجاب وهتف:

_اه شلتيه في سلة الزبالة يعني ،

فعلا مكان محدش يتوقعه ، عجبتيني مشلتيش هم الملف تاخديه معاكي وعنتيه في مكان محدش يتوقعه ،

شابووو ليكي انتي أول متدربة تاجي عِندي المكتب وتُبقى بالمكر ده علشان اكده اعملي حسابك هتبقي مديرة المكتب بتاعي والمسؤولة عن كل الملفات والقضايا الخاصة بالمكتب ،

بعد شهرين لما عزه تمشي لأنها خلاص قررت مش هتشتغل تاني وطول الشهرين دول هتفضلي معاها تتدربي على شغلي وطريقتي كويس جدا ، تمام يا انسه .

لم تصدق ما قاله ذاك الماهر لتوه ففي لحظة وضحاها أصبحت مديرة مكتبه ، وظيفة لم تحلم بها ولن يستطيع حدسها ان يصدق تلك المفاجأة فهي الآن مديرة مكتب خط المحاكم بذاته ،
يا له من تقدم عظيم وفرصة أعطاها لها الزمن ولم تتوقعها ،

فأجابته بموافقه وعيناها فرحتين:

_تمام يا فندم وان شاء الله اكون عند حسن ظن حضرتك وبإذن الله هتشوف مني شغل واجتهاد ينال اعجاب حضرتك .

اما عن ذاك الواقف تحدث اليه قائلا:

_اما انت يعتبر نجحت في الاختبار لكن عملت المعتاد انك اخدت الملف معاك في كل مكان علشان تضمن أمانُه ، لكن ما فكرتش تشغل دماغك زي ما هي عملت علشان اكده اتفضل على مكتبك وهتعرف هتعمل ايه بالظبط .

ثم وجه حديثه الى رحمة:

_وانتي يا انسة اتفضلي مع عزة برة هي هتعرفك كل حاجة وهتفهمك هتعملي ايه بالظبط .

غادروا المكتب اما هو عاد إلى ملف القضية الموضوع أمامه كي يدرسه بعناية وكأن شيئا لم يكن فذاك المعتاد لدى ماهر البنان .

اما هي خرجت وتوجهت الى عزة مديرة مكتبه قائلة بفرحة :

_تصوري هبقى مديرة مكتب الاستاذ ماهر البنان مرة واحدة !
والله ما مصدقه حالي .
ابتسمت إليها عزة قائلة بمباركة :

_مبروك يا انسه رحمة شفتي ربك عاد كنتي هتمشي في اليوم اللي جايه تختبري فيه ودلوك هتبقي مديرة المكتب وداي حاجة تعلمك ان التسرع في القرارات ما يكونش بالسهولة داي وانك ما تضيعيش الفرص من ايديكي مهما كانت العقبات وده قانون من ضمن قوانين الاستاذ ماهر اللي انا هعلمك كل حاجه عن قوانينه وباذن الله هيوبقى ليكي مستقبل باهر في المجال ده بس اهم حاجة الصبر .

كانت تستمع إلى نصائحها بآذان واعية وسجلتها جميعها في عقلها بتركيز والآن ستنطلق رحمة المهدي الى أول طريق نجاحها في مهنتها المحببة الى قلبها .

_______________________________

في منزل ماجدة وبالتحديد في الساعة الخامسة عصراً كانت تجلس هي وبناتها كل منهم تتصفح هاتفها ، فوضعت ماجدة هاتفها على المنضدة ووجهت أنظارها إلى مكة مرددة :

_ عاملة ايه في مذاكرتك يامكة هتقفلى السنة داي وتجيبي الامتياز ولا هتفضلي متابعة شغل السوشيال ميديا بتاعك ده اللى ممنوش فائدة ولا مُصلحة.

قبل أن تجيب تدخلت سكون هاتفة باندهاش:

_ اسكتي ياماما إنتي متعرفيش عِملت ايه ، دي كانت رايحة سلم المجد والشهرة بطيارة لكن بتك وش فقر .

نظرت إليها مكة بسخط وهي تضع يدها على فمها كإشارة تحذيرية لها أن تصمت فهي علمت عن ماذا تقصد ، رأت ماجدة طريقة مكة فأردفت بتحذير :

_ والله ! ياترى عِملتي ايه عاد ومش عايزاني أدرى بيه وبتكتميه يابت بطني ، ماني عارفاكي وش فقر زي ماهي قالت .

أشاحت سكون برأسها لمكة باعتراض ثم تحدثت باستفاضة:

_ البرنسيسة عِملت حوار مع نَجم كَبير ومرضيتش تنشره على صفحتها واللى كان هيجيب لها ملايين المتابعين وقال ايه حرام ومش عايزاهم واصل .

مطت ماجدة شفتيها بامتعاض واردفت بسخرية :

_ خليكي معقدة ودماغك ناشفة وهتفضلي طول عمرك إكده امبارح عنديكي زي النهاردة وبكرة ماهتتقدميش .

كانت مكة تتصفح هاتفها ولم تستمع إلى حرف واحد من حديث والدتها المعتاد عن تدينها ورؤيتها الدائمة بأنها متمسكة بشدة ،

وأثناء حديثهم استمعوا الى جرس الباب ،قامت مكة كعادتها إلى غرفتها ترتدي نقابها عند وصول ضيف ، أما سكون قامت بفتح الباب ونظرت بدهشة إلى الضيفة الآتية وشكلها غير مألوف ويبدوا عليها الإرهاق ،

فتحدثت الضيفة بابتسامة هادئة:

_ السلام عليكم ، انا الإعلامية هند كامل وجاية هنا للأستاذة مكة عايزاها في موضوع شغل ، هي موجودة ولا لا ؟

رحبت بها سكون بعلامات وجه يبدوا عليها الاندهاش ثم أفسحت لها المجال أن تدلف :

_ أهلاً وسهلاً بحضرتك ، اتفضلي هي موجودة .

دخلت الإعلامية منزلهم وهي تنظر إليه تتفحصه بعناية ثم أدخلتها سكون حجرة الصالون ونادت على والدتها ،

أتت ماجدة إليهم وتحدثت وهي تنظر إلى الضيفة نفس نظرات سكون مرددة :

_ أهلا وسهلا مين حضرتك ؟

أجابتها سكون تلك المرة:

_ دي الإعلامية هند كامل وبتقول إنها عايزة الأستاذة مكة في شغل .

رفعت ماجدة حاجبها باندهاش مرددة بتلقائية مغلفة بالذهول:

_ شغل وأستاذة مكة في جملة واحدة ! إنتي متوكدة من انك جاية المكان الصح ياأستاذة ؟

اندهشت تلك الهند من ذهولهم الغير مفهوم مما جعلها تشعر أنها أتت مكانا خاطئاً ثم سألتهم مرة أخرى:

_ إزاي يعني ده مش بيت أستاذة مكة الجندي الطالبة بكلية الصحافة والإعلام ؟

أجابتها سكون وهي تنظر إلى والدتها بأعين محذرة :

_ أه ياحبيبتي هو ثواني هندهالك ، تحبي تشربي ايه ؟

رفضت أن تتناول أي مشروب وعللت بأنها حين تشعر باحتياجها لشئ ما ستطلب ،

ذهبت سكون كي تنادي مكة وهي على نفس ذهولها ، دخلت غرفتها وهتفت بدعابة :

_ الأستاذة مكة ممكن تتكرم وتاجي تقابل ضيوف عايزينها برة في شغل مِهم .

انزعجت مكة من طريقتها ورددت بضيق:

_ شوفي بقى أني مخن،وقة منيكي ولو مبطلتيش مقلتة وانظبطي معاي هطلع عفاريتي عليكي .

قهقهت سكون على طريقتها بشدة ، ثم أردفت بتأكيد :

_ الله وأني مالي عاد هو إنتي بتقولي شكل للبيع ، في إعلامية برة بتقول إنها عايزاكي في شغل واسمها هند كامل ، يالا همي عاد علشان مينفعش إكدة نتأخروا عليها.

حينما استمعت إلى الاسم عرفتها على الفور فهي متابعة جيدة لصفحتها علي الفيسبوك والانستجرام فهتفت باندهاش:

_ إنتي متوكدة عاد ان الأستاذة هند كامل بنفسيها برة وعايزة تقابلني ؟!

ضر،بت سكون كفا بكف من ذهولها وهتفت بتأكيد :

_ والله هي قالت إكده هو أني كنت أعرف جنابها يعني ،

يالا اخرجي عاد وكفاية قر وتتأخري عليها ،

خرجت مكة كالبلهاء من غرفتها وهي تكذب حدسها أن من بالخارج هي من ببالها ،
ولكن خرجت ببجامتها القطنية وشعرها الأسود اللامع ينسدل على ظهرها ويصل إلى منتصفه بل ويزيد وبعض من خصلاته تنسدل على عيونها ذات اللون الأزرق ونسيت أن ترتدي حجابها ولا نقابها ،

ولكن سكون لاحظت ذلك وكادت أن تنادي عليها الا انها انطلقت مسرعة ووصلت الى مكان تلك الإعلامية ،

دخلت اليهم وعيناها تترصد رؤية تلك الهند وقد كان وجدتها هي بذاتها ،

وقفت امامها وهي تردد السلام بانبهار فهي تعشقها بشده وتعتبر مثلها الأعلى في الإعلام نظرا لثقافتها الشديدة واهتمامها بالمواضيع الجادة وكما انها إعلامية ممتازة من الدرجة الأولى ،

فتحدثت مكة بلباقة وهي تسلم عليها :

_ نورتي المكان يا أستاذة والله ما مصِدقه حالي اني شايفاكي قدام عيوني وبسلم عليكي ،
هو ده بجد ولا خيال ؟

بادلتها هند مصافحتها بحرارة وأجابتها بابتسامة وهي تنظر الى ملامحها الجميلة بانبهار وشبهتها بإحدى بطلات الأساطير من شده جمالها الأخاذ:

_لا بجد يا ستي انا جاية لك مخصوص علشان عايزاكي في شغل مالك مسهمة كده ليه .

انتبهت مكة لحالها وأجابتها وهي تجلس أمامها:

_ معقولة عايزاني اني في شغل ! ممكن حضرتك تفهميني اكتر .

اما والدتها تحدثت اليها بسخرية:
_ ايه الجمال ده كله يا مكة يا بتي ، شكلك كيف القمر النهاردة .

فهي تعلم جيدا مدى تشبث ابنتها بأن تلتزم بنقابها حتى أمام السيدات وترفض الجلوس في الأماكن التي تجتمع فيها النساء وهي رافعة النقاب خشية من ان تحكي احداهن او تصف شكلها الى أي مخلوق ولكن عندما ذكرتها والدتها بكلامها ذاك احست بتسرعها ووضعت يدها على شعرها تلقائيا وهي تنظر الى هند بابتسامة شاحبة ،

ثم استأذنت منها مرددة وهي تقوم من مكانها:

_بعد اذنك يا أستاذة ثواني وراجعة لحضرتك .

انطلقت من أمامهم وذهبت الى غرفتها وارتدت الاسدال الفضفاض الخاص بها ووضعت حجابه على راسها ولم تلبس النقاب فهي راتها ،

خرجت اليهم فتحدثت هند بتعجب:

_ليه لبستيه ما انتي كنت زي القمر دلوقتي على راي والدتك ؟

تحمحمت بهدوء واجابتها:

_معلش يا استاذة اعذريني برتاح إكده ،

وتابعت حديثها وهي تسألها باستفسار:

_حضرتك بتقولي عايزاني في شغل ممكن أعرف طبيعة الشغل ده ايه مع العلم ان لسه في آخر سنه في الجامعة .

شرحت هند ما تحتاجه منها باستفاضة:

_شوفي يا ستي انا عرفت ان انت عملتي حوار صحفي مع النجم ادم المنسي وبصراحة شفت الحوار وعجبني جدا ومن مصادري الخاصه عرفت ان انتي صاحبة الحوار عجبتني طريقتك جد ا وحابه ان انت تنضمي لفريقي الإعلامي ايه رايك؟

بنبرة ذهول نطقت متسرعة وكأنها تقلل من حالها:

_عجبك شغلي أني متأكده ان انا اللي تقصديها؟

ابتسمت بخفة وأجابتها :

_اه يا بنتي مالك مستغربة كده ليه؟

تحدثوا مع بعضهم كثيرا وطلبت منها هند ان تأتي اليها غدا وأعطتها عنوان الاستوديو الخاص بها ثم استأذنتهم في المغادرة ،

وبعد ان غادرت نظرت مكة الى سكون مرددة باستعطاف:

_ طبعا إنتي هتاجي معاي ومش هتهمليني اروح لحالي ولا ايه يا دَكتورة .

اجابتها سكون وهي ترفع قامتها بكبر مصطنع:

_دلوك بتحترميني عاد وبتناديني بالدكتورة من شوي كنتي عايزه تبلع،يني،

على العموم اني مش فاضية وراي شغل كَتير في المستشفى شوفي لك حد غيري .

تحايلت عليها مكة وهتفت بإصرار :

_يارب تاخدي الماجستير بتقدير امتياز يا رب يخليكي بالله عليكي ماتسبيني لحالي ....

وظلت تحايلها فأسكتتها سكون :

_خلاص خلاص هاجي معاكي اكتمي عاد جبتي لي صداع بس ابقي افتكري وما تنسيش واصل .

قامت مكة مسرعة من مكانها واحتضنتها ثم ذهبت الى غرفتها وهي سعيدة للغايه بأن حلمها بان يصبح اسمها في الإعلام يحلق الآن امام عيناها ،

اما هند صعدت سيارتها وامسكت هاتفها وقامت بالاتصال على رقم ما وما ان اتاها الرد فتحدثت بإشادة عن حالها :

_طبعا وافقت ومن بكره هتيجي اول ميتنج هنتفق على كل حاجه دي اصلا اول ما شافتني انهبلت .

كان المتحدث مضطجعا على مكتبه ومستمتعا لأدنى حد فقد بدأ يقترب منها ويصل لمبتغاه ،

فسألها بجدية :

_ وامتى المعاد يانودي بالظبط ؟

أجابته :

_ بكرة الساعة اتنين الضهر ، هتيجي ؟

_ياسلام أمال أنا باعتك ليه ياهانم لله وللوطن مثلاً... جملة تهكمية نطقها ذاك المتحدث وتابع كلماته:

_ طبعاً متعرفش حاجة زي مامتفقين ؟

أراحت باله وطمأنته :

_ of course baby
وأكملت بانبهار:

_ بس ايه المزة الجامدة دي يابيبي ده أنا كنت حاسة إني قاعدة قدام باربي ، ده انت وقعت واقف .

نطق ذاك المتحدث :

_ باربي ! إنتي شوفتيها إزاي ؟

______________________________

يجلس عمران في الاسطبل الخاص بمهرته الغالية والمحببة إلى قلبه ، يجلس أمامها ويحدثها وكأنه يتحدث مع إنسان مثله ، يملس على جسدها بحنان وهو يردد :

_ تعرِفي إنتي فيكي شبه منيها قوي ، هي اسمها لايق عليها هادية ورقيقة ، وانتي كيف النسمة ياغالية ، ياترى هترتاحي معاها وتحبيها زي صاحبك عاد ياغالية ؟

وكأنها تتفهم حديثه فحركت رأسها بهدوء يليق بها ، وعندما رأى هدوئها أحس بارتياحها لمجرد ذكر اسمها فقط ، فردد بسعادة:

_ عال عال ياغاليتي شكلكم هتتفقو علي عاد وهتعملوا حلف ضدي،

ثم تذكر أمره الذي ينغص حياته ويمررها كالعلقم بل وأمر :

_ بس أني خايف ياغالية أقرب منيها خطوات وعند الخطوة الأخيرة والمهمة أبعد ألاف الأميال ، وقتها هتنك،سر وهخاف عليها مني ومن اللي هتحس بيه .

أحست بوجيعته وكأنها تعي مايقوله فتحركت برأسها ونظرت بعيناها وثبتتها في عيناه ونظراتها تعي الحزن على صديقها ،

رأى نظراتها الحزينة والغير معتادة فعلم أنه سيدخل حرب العشق الممنوع بشراسة وأنها ستكن معركة شرسة ولكن قلبه يحثه على التقدم فقد وقعت أمامه بمحض الصدفة وانجذب إليها بلا هوادة ، وبات يفكر بها بلا عقل ولا منطق وحينها ينسى مابه وما يحياه من رحلة غامضة لايستطيع تفسيرها إلى الآن ،

وحينما وصل إليها عقله وقلبه تبسمت عيناه وهو يتذكر عيناه ودق قلبه وهو يتذكر نظراتها وارتعش جسده بخفة وهو يتذكر رجفة جسدها حين تراه ، وابتسم سنُّه وهو يراجع ماقالته شفتاها في إغمائها ،

وحدث حاله وهو ينظر إلي السماء اللامعة بشغف وكأنه بها ينسى ألامه وتتبدل إلى أمال:

_ لاتلومنى ياقلبي فأنا الفارس الذي أغرم بها ووقع بأسرها هياما ،

فحرب العشق مباحُ بها كل شيء وما عليها قوانين أخضع لها وما علىَّ ملامة ،

أحببتها نعم أحببتها وقلبي أخيراً وجدها وعرف طريقها ولن يندم علي شقائه ولن يستسلم فاهدئي نفسي اللوامة ،

فعمران قد عشق السكون ولها سيكون وبها سيكشف عن المكنون وبعد أن وجدها لن يضيعها فحقا ذاك الجنون .

ثم وجد حاله يمسك هاتفه وبلا تفكير أتى برقمها وقام بالضغط على زر الإتصال وهو في حالة نشوته بها وانتظر ردها ،

أما هى كانت تجلس ممسكة هاتفها تشاهد صوره وكأن القلوب تآلفت وتناغمت وصارت تشعر بمحبيها ، ولكن تلك حالتها منذ أن رأته وعشقته ودق قلبها غراماً لذاك العمران ، وجدت هاتفها يهتز بيدها ورأت نقش اسمه "عمران" على الهاتف اتسعت مقلتيها بذهول ودقات قلبها كادت تقفز من بين ضلوعها وعقلها لم يصدق ، عمران يحادثها !

العشق الخفي أخيراً ظهر على شاشة هاتفها ،
أحقا ستسمع صوته في أذناها !

أحقا سيتحدث معها وتجيبه ، علي الفور قررت أن تسجل تلك المكالمة قبل أن تضغط زر الإجابة كي تعيدها على مسامعها مرات ومرات،

ثم ضغطت على زر الإجابة بأصابع ترتعش وأحابته بهدوء ورقة :

_ السلام عليكم ورحمة الله.

كان نائما على الأريكة الموجودة في استراحة الإسطبل ، حينما أتاه صوتها الهادئ الرقيق مثلها اعتدل من نومته وقام ثم ذهب تجاه البحيرة الموجودة بجانب الإسطبل وهو يردد بنبرة صوت رجولية أسرت تلك السكون :

_ وعليكم السلام ورحمه الله ، كيفك ياداكتورة ،يارب تكوني بخير .

ابتلعت أنفاسها بصعوبة بالغة ورددت :

_ زينة الحمد لله ، إنت أخبارك ايه ؟

أجابها برد صريح يليق بشخصية العمران :

_ حسيت إني هبقي زين لما أكلمك ، لقيت نفسي بمسك التليفون وبجيب رقمك وبرن عليكي وأني معِنديش سبب لاتصالي غير إني عايز أتكَلم معاكي ، هو أني إكده غُلطت صح .

أحست بحرارة تنبعث من وجهها من عدم تصديقها بصراحة ذاك العمران ، وقررت أن تنطلق في الرد عليه بما يشعر به قلبها وأن تتبع نفس صراحته فهي تعشقه وتريده وتحتاج وجوده في حياتها وفي قانون المحبين التى تحياه سكون ماعلي العاشق ملام ، وبالرغم من أنها على يقين بأن هتافه لها وردها عليه خطأ وحرام إلا أنها لم تستطيع مقاومة قلبها ،

وأجابته بنفس صراحته :

_ وأني كمان هكَلَمك بصراحة أني عايزة أسمعك وانت بتتكلَم وإني مش مضايقة من مكالمتك خالص .

ابتسم وجهه بتلقائية لردها وتحدث وهو يجلس أمام البحيرة :

_ حاسس وكأني أعرِفك من زمان وانك كمان تعرِفيني ، والاحساس ده مسيطِر عليا وإني من ساعة ماشوفتك أول مرة ووقعتي بين ايدي وأنا بفكِر فيكي ، معندكِيش علاج لحيرة عمران ياطبيبة .

لااااا كفى عمران فمفاجئتك بجبر قلبي قد قاربت على الاقتراب ،

اهدأ قلبي واستعد كي تقدر على مواجهة معركة عشق العمران ،

أجابت عليه يخجل:

_ طيب وبتحس بإيه تاني ؟

مسح على شعره واجابها بنفس صراحته :

_ حاسس إني عايز أتكَلم معاكي في كل الأوقات واشوفك بنفس الأوقات وأقضي معاكي كل الأوقات ،

ثم بنبرة صوت مبحوحة انطلق لسانه :

_ أنا عشقتك ياسكون عشقتك عشق الليل للقمر ، هو ده إحساسي وهو ده أملي انك تكوني من نصيبي.

كادت وعيها أن يذهب منها وتسقط مغشياً عليها ، استمع الى أنفاسها المتسارعة ونبضات قلبها التي وصلته ، فأكمل :

_ عارف وحاسس بيكي دلوك وانك خجلانة ،بس مقدِرتش غير إني أعبر لك على اللي حاسس بيه ومحبتش إني الف وأدور وأكذب والف مواضيع ، احساسي بيكي هو اللي خلى لساني ينطقها بالسرعة داي ومش عايز منك رد دلوك بس طمنيني بكلمة ياسكون إني مش بتوهَم .

نطق لسانها قبل أن تضغط زر الهاتف وهي مستمتعة بانتشاء لاعتراف العمران :

_ مبتتوهَمش ياعمران طمن قلبك ده أحب اعتراف لقلبي .

قالتها وأغلقت الهاتف ثم احتضنته فهو شهد علي اعتراف عمران ،

وحدثت حالها وهي غير مستوعبة لما سمعته الآن :

_ أخيراً قالها وأخيراً سمعتُها قال لي أعشقك قال لي أنا في احتياجك ،

مابها تلك الكلمات التى هزتني وجعلت قلبي يرفرف وجسدي يهتز بعنف من اعتراف العمران ،

ماذا بكي سكون اهدأي فتلك البدايات فعدي حالك لطوفان غرامه الذي حلمتي به أعوام ،

ثم أفاقت من شرودها علي رسالته :

_ هجي لك المستشفي بكرة إن شاء الله أني وحبيبة أختي علشان نعمل إللي اتفقنا عليه .

أرسلت إليه ايموشن تأكيد فهي الآن ستراه غداً ولكن بنظرات مختلفة فقد اعترف بحبها وسترى نظرته غدا بعد ذاك الإعتراف ، نظرة عشق لها تمنتها يوماً منه ثم ردت على رسالته :

_ ياهلا وغلا هتنوروا المستشفى.

فأهلا بك أيها العمران فقد سكنت الوجدان منذ قديم الزمان والآن كفاني منك حرمان وعدني بأنك ستأتي إليَّ طالبا قربي وأعدك أنا بأني سأعطيك كلي بنفس راضية وقلب ارتاح بعد ظمآن .

____________________________

بعد مدة عاد عمران الى منزله وجد والدته وأختاه وتلك البغيضة التى يكرهها تجلس أوسطهم وحينما رأته نظرت إليه نظرة اشتهاء كعادتها ألقى عليهم السلام بفتور ثم اتجه ناحية الأدراج منتويا الصعود إلى غرفته ،

فنادت عليه والدته مرددة :

_ عمران على فين ياولدى لسه بدري على النوم ، تعالى اقعد معاي شوية اتوحشت قعدتك .

أدار جسده إليها وهو في مقدمة الأدراج قائلا وهو يدعى النوم فهو لايريد مجالسة تلك الملعونة:

_ مَعلش ياحاجة كابس على النوم ، أوعدك بكرة إن شاء الله أزهِقك مني .

هنا تحدثت وجد قاصدة إياها بحديثها:

_ وه ده إنت لساتك اصغير على النوم بدري ميعملش إكده إلا اللي عضمته كبرت .

كانت تتحدث بطريقة دعابية كي لا تستدعي غضب زينب عليها ، وبالرغم من أنها امرأة تتلون كالحية إلا أن زينب تعاملها كبناتها ولم تنبذها يوماً أو تمنعها من دخول منزلها ،

وعمران الوحيد في هذا المنزل الذي يعرفها ولم يريد الكشف عن لعنتها كي لا يرفع غطاء الستر الذي يمنحها ربها إياه وكما أنه يشعر بشعور الكتمان على تلك الوجد بالتحديد ولكن هذا الشعور يجعله يخت،نق دوماً وبدون اسباب ،وكما أنه يخشى أن يتكلم عنها أو يخوض في سيرتها ليس خوفاً عليها ولكن على أختيه فهو يتقي الله فيهم ،

فضر،بتها زينب على فخذيها مرددة باستنكار:

_ وه تفي من بقك عاد يابت ياوجد ده عمران زينة شباب قنا كلياتها ومحدش زييه واصل ،

وتابعت حديثها وهي تشاور إلي عمران أن يدلف إليهم :

_ حلفتك بالغالي ياولدي تاجي اني عاملة صنية رز معمر بالسمن البلدي تستاهل فمك ، تعالى دوق منيها وهتعجبك قوووي هي لساتها في الفرن وخلاص باقي يجي عشر دقايق وأطلِعها تعالى ياولدي تعالى .

هبط الدرجة التى صعدها فهو يعشق والدته ويخاف على ضيقها بشدة ،

دارت عيناه في المكان كي يرى مقعداً بعيدا عن التى تأكله بعيناها ولكن لم يجد ،

فاضطر أن يجلس أمامها ، أما هي ظلت نظراتها تحاوطه بتلاعب دون أن تأخذ كل منهن بالا من نظرات تلك اللعوب ،

اخرجت هاتفها من جيبها وأرسلت إليه رسالة عبر الواتساب:

_ طالع كيف البدر النهاردة ياعمران ، ايه متوحشتش وجد ومش عايز تقعد وياها .

اعلن هاتفه عن وصول رسالة وتلقائيا جالت سكون بخاطره وابتسم تلقائيا ،

ففتح الرسالة وجدها من رقم لم يعرفه فقرأ محتواها وغضب داخله عندما رآها من تلك الوجد والذي حظرها من عشرات الخطوط كي لاتصل إليه ولكنها لم تيأس ،

رفع أنظاره إليها بحدة ولكنها قابلت حدته بغمزة من عيناها تشاكسه بها ،

اختنق بشدة من حركتها فلفظ لاإراديا :

_ قليلة حيا صحيح قبر يلم العفش.

انتبهن جميعهن إلي توبيخه فسألته والدته باندهاش:

_ وه مالك ياولدي في ايه مين داي .

وعى لحاله فتحمحم بهدوء وهو يعيد ثباته مجيبها:

_ لا سلامتك يا امي دي واحدة إكده شوفتها قدامي علي المحمول ولية من إياهم اللى عايزين الح.رق بجاز أسود ينكب فوقيهم نخل،صوا منيهم .

لوت حبيبة شفتيها مردفة :

_دول بقوا اكتر من الهم على القلب وبقو يتعروا بجسمهم وواخدينَه تجارة يلموا من وراها ألوفات ودولارات ربنا يجحِمهم مكان مايكونوا البعدا دول .

أمرت زينب رحمة أن تتابع ما بالفرن فتأففت بشدة :

_ وه هو مفيش غير رحمة عاد ماحبيبة ووجد اهم .
اتسعت مقلتيها بذهول وأردفت وهي تنهرها بحدة :

_ أما إنتي قليلة الادب بصحيح يعني البَعيدة عميا مشيفاش اختك وبطنها هتدلى منيها اسم الله عليها !

قومي يابت فزي تك طلق .

ابتسمن جميعاً على مشاغبتهن المعتادة وقامت وجد من مكانها قائلة :

_ خلاص خلاص ياحاجة سبيها قاعدة مستريحة البرنسيسة رحمة وأنا عيوني ليها.

_وه يابتي هنشغلك عندينا في الحبة اللى بتقعديهم ويانا.. جملة اعتراضية عقبت بها زينب .

رددت زينب وهي تتجه ناحية المطبخ :

_ لع ولا تعب ولا حاجة ياحاجة أني زي بناتك بردك ومش غريبة عنيكم ولا ايه ؟

شكرتها زينب بامتنان:

_ والله يابتي بعتبرك كيفهم بالظبط وزيادة كماني ، ده إنتي بت ناس والعيبة عمرها ماطلعت منيكي واصل.

هنا احت،رق داخل عمران بسبب طيبة والدته الزائدة عن الحد بسبب نعت والدته لتلك الوجد بالطيبة ،

دلفت وجد إلي المطبخ وجدت الأرز قد اكتمل طهيه وضعته على المنضدة ثم أحضرت الأطباق ثم أخرجت من صدرها كيسا صغيرا وأسكبت محتواه على جميع الأطباق عدا طبق واحد مختلف ومتميز عنهم سكبت عليه شيئا اخر وهي تنظر إلي الخارج خوفاً من أن يراها أيا منهم ، ثم قامت بوضعهم على الصينية الكبيرة وخرجت اليهم بملامح مبتسمة وأعطتهم كل واحد طبقاً وأعطت طبق عمران لزينب قائلة :

_ اتفضلي ياحاجة ادي لسي عمران بيدك .

اخذ عمران من والدته على مضض وهو كارها أن يتناول شيئا من تلك الحية ،

صاروا يتناولون وجبة الارز باشتهاء وتلذذ وهم يتبادلون أطراف الحديث ،

ثم وجه عمران حديثه الي حبيبة مرددا:

_ أني حجزت لك عند داكتورة في المستشفي سمعت أنها شاطرة وزينة هنروح بكرة إن شاء الله اعملي حسابك ، علشان هي دي اللي هتولدي عنديها مهتولديش عند دكاترة رجالة عاد .

أجابته بحنق:

_ طيب ليه إكده ياعمران أني مرتاحة مع الدكتور اللي بتابع وياه فيها ايه داي .

كاد أن يجيبها الا أن وجد أكدت على كلامه :

_ لاا ياحبيبة سي عمران عنديه حق متتكشفيش على راجل اسمعي الكلام وروحي معاه .

وضع عمران الطبق الذي بيده بعد أن أكل مايقرب من نصفه ثم قام مستئذنا وهو منتوي الخروج :

_ تسلم يدك ياامي اني هروح الاستراحة اللي برة أخلص شوية شغل وراجع تاني ، معايزاش حاجة واصل .

أذنت له بالخروج وهي تدعي له أن يكون النجاح والتوفيق حليفه ،

ذهب إلي الاستراحة وجلس فيها بهدوء واسترخاء وقام بخلع قميصه وجلس عاري الصدر فهو وحده وأحس ببعض الدوار في رأسه فأغمضت عيناه واستسلم للنوم ،

بعد ربع ساعة بالتحديد استئذنت وجد في الخروج ،

ثم ساقتها قدماها الي مكان استراحته وهي تتلفت يميناً ويساراً كي ترى ماإذا كان يتابعها أحدا من المارين أمام البوابة ولكن لم تجد ،

انطلقت مسرعة حتى وصلت ونظرت من نافذة الاستراحة ودققت النظر حتي رأته وهو مستلقيا باسترخاء على الأريكة ، انبهرت من جماله ومن بروز عضلات جسده ففتحت باب الاستراحة بهدوء دون أن يشعر أحد بدلوفها ،

ثم ذهبت إلى النافذة وأغلقتها بإحكام وأسدلت الستار عليها وذهبت ناحية الباب وأوصدته بالمفتاح ،

وصارت تتسحب على أقدامها كاللص ثم اقتربت منه وجدته مغمض العينين ، أكلته بعيناها برغبة ثم اقتربت من رأسه تشتم رائحته من الخلف وكل ذلك لم يشعر بأنفاسها ، وصارت تتحسس عضلات جسده بلا حياء ثم أخرجت هاتفها وقامت بالتصوير معه في أوضاع مختلفة وهو يبدو كأنه مغشي عليه ،

اغمضت عيناها وهي مستمتعة بقربها منه وهي تتنفس رائحته ، فحقا تلك اللعينة تعشقه بشدة وتريده بشراهة ، تفعل المستحيل كي تصل إليه ولكنه متيبس الرأس ،

فعلت معه مالا يخطر على قلب بشر كي تجعله يأتي إليها راكعا في النهاية ولن يرى إمرأة غيرها ، وكل مرة ترى منه نبذا فتزيد مما تفعله به ولن ترأف بحاله ،

فحقا جنس حواء مكرهن عظيم وعندما تمشي إحداهن في جعل أحدهم يخضع لها لن تستكين قبل أن تصل وتلك الوجد لديها تصميم متشبسة به ولن تيأس حتى تصل إلى عمران ،

لم تستطيع مقاومته فأكملت يدها تتحسس عضلات صدره برغبة جامحة اجتاحت أوصالها ، ظلت على وضعها هكذا ولم تحسب للوقت حسبان فهي في حضرة عمران تنسى الزمان والمكان وهاتفها يسجل ما تفعله بكل جرأة وعدم