الفصل الثانى من رواية "سلطان الهوى" بقلم سمر رشاد.
سلطان الهوي البارت الثانى
سلمان الهوى
الفصل الثاني
ذهب سلطان ووالدته وأماني إلى بيت "وجد" كان قلب سلطان يرقص من الفرح والقلق في نفس الوقت؛ لا يعرف لماذا ينقلب حاله كلما ذُكرت أمامه سيرة وجد، فما بالكم وهو ذاهب إليها ليخطبها وتكون بين يديه!
هل ستتقبل سلطان؟ سلطان الذي يهابه الرجال وتقع في غرامه النساء، صاحب اللسان العذب، يستطيع إقناع من أمامه بما يريد رجل ذكي، شجاع، قوي البنية، طويل القامة
وصل سلطان إلى منزل وجد بقلب عاشق متيم
استقبلهم الجد بحفاوة كبيرة
جلس سلطان وأمه وأخته، وقال:
أنا جاي النهارده يا عم مجدي طالب منك إيد الآنسة وجد
مجدي: طبعًا يا بني، وإحنا لينا الشرف
قالت حنان: أمال فين عروستنا يا حج؟
حاضر، هاروح أنده عليها
ذهب مجدي إلى غرفة وجد، فوجدها تبكي وما زالت بملابس المنزل قال لها بصوت خافت وبه بعض الحدة:
إنتي لسه ما لبستيش يا وجد؟! قسمًا بالله يا وجد، إن ما لبستي وخرجتي خلال خمس دقايق مش هرحمك، فاهمة؟
وتركها وخرج، صافعًا الباب خلفه بقوة
ظلت وجد تبكي، ثم قامت وارتدت عباءة سوداء وحجابًا باللون الأسود أيضًا لم تضع شيئًا على وجهها، ورغم ذلك بدت جميلة بكاؤها أعطاها مظهرًا آخر؛ أنفها محمر قليلًا ووجنتاها حمراوان من البكاء والغضب
خرجت وجد تحمل أكواب العصير وهي تُخفض وجهها إلى الأرض عندما دخلت، بدا الغضب واضحًا على وجه جدها، بينما ارتسمت على وجه حنان وأماني ابتسامة حنونة
أما سلطان الهوى فكان هائمًا بها، يتأمل كل تفصيلة في ملامحها، شعر بها وبحزنها تنهد قليلا لأنه يشعر أن دقات قلبه ازدادت وكأنها ستخرج من مكانها
بعد قليل انتبهت اماني لما يحدث
فبادرت قائلة:
إزيك يا وجد؟ عاملة إيه؟
واحتضنتها وجد بحب، فهي تعرف أماني جيدًا رغم قلة حديثهما معًا وقالت: الحمد لله بخير يااماني
قالت السيدة حنان:
إزيك يا وجد يا بنتي؟ ما شاء الله قمر تعالي يا بنتي اقعدي جنبي
قال الجد:
سلطان يا وجد جاي يطلب إيدك مني النهارده إحنا هنخرج ونسيبكم شوية علشان تتعرفوا على بعض يلا يا حجة، نسيبهم شوية
عندك حق يا حج مجدي يلا يا أماني
بعد قليل، ساد الصمت في الغرفة، وما زالت وجد تنظر إلى الأرض
تحمحم سلطان قائلًا بصوت أجش مصحوب ببحّة:
إزيك يا آنسة وجد؟
رفعت وجد وجهها قليلًا ونظرت إليه بغضب مكتوم وقالت:
ليه؟!
تعجب سلطان من سؤالها وقال:
هو إيه اللي ليه يا وجد؟
ليه عايز تتجوزني؟ واشمعنا أنا بالذات؟ البنات اللي تعرفهم كتير
كاد أن يقول لها: "علشان بحبك… علشان مفيش غيرك قلب كياني… علشان قلبي ما دقش لواحدة غيرك رغم إني أعرف بنات كتير"، لكنه سكت
وقال:
علشان أنا عايز كده
غضبت وجد وقالت:
برافو! علشان سلطان الهوى المفروض محدش يكسر له كلمة علشان سلطان لازم يأمر والكل يقوله نعم وحاضر علشان سلطان مغرور… علشان سلطان بياع كلام
سكت سلطان وكظم غضبه من كلماتها؛ فهي لا تعرف سلطان بحق، لا ترى إلا الظاهر، لكن لم ترَ قلب سلطان بعد
أنا عارف إنك مش عايزاني ومش عايزة تتجوزيني لكن أنا عايزك يا وجد وعايز أتجوزك، وخلص الكلام أنا هاتفق مع جدك نعمل كتب الكتاب والفرح خلال شهرين
قالها بحدة طفيفة
قالت وجد بعناد
بس أنا مش عايزاك يا أخي، إنت مش شبهي أنا عايزة واحد يكون بيصلي وعارف ربنا، ياخد بإيدي للجنة، مش واحد بتاع ستات وخمورجي، ويا عالم فلوسك دي حلال ولا حرام
قام سلطان من مكانه منتفضًا مما سمعه وقال:
أنا خلصت كلام! وهاتفق مع جدك يكون الفرح خلال شهرين بعد إذنك
خرج سلطان إليهم وقال:
بعد إذنك يا عم مجدي، أنا عايز كتب الكتاب والفرح بعد شهرين والآنسة وجد موافقة
لجمت الصدمة لسان وجد توقفت الدنيا بها، ولم تقدر على نطق كلمة واحدة
خرج سلطان ومعه أمه وأخته وهو شارد الذهن، لم يتحدث طوال الطريق، رغم فرحة أمه وأخته وكثرة كلامهما عن الشقة وماذا سيفعلون خلال الأيام القادمة
أما وجد، فقد انهارت في مكانها وظلت تبكي بشدة
جلس جدها بجانبها، ولأول مرة يشعر بالحيرة فهل أخطأ عندما وافق؟ أم المال أعماه؟
لكن ليس المال ما جعله يوافق، بل لأنه يعرف سلطان جيدًا؛ تعامل معه كثيرًا يعرف أنه ذكي، أمين في معاملاته، يحظى باحترام الناس كما أنه يشعر أن سلطان هو الأنسب لحفيدته
قال الجد بصوت هادئ حنون استشعرته وجد لأول مرة منذ دخولها هذا البيت:
حقك عليا يا بنتي إني ضغطت عليكي لكن سلطان راجل كويس وهيصونك اسمعي من جدك يا بنتي، أنا عمري ما هظلمك ما تفتكريش إني بقسى عليكي يبقى مش بحبك دا أعز الولد ولد الولد وانتي بنت سليم، أعز واحد في أولادي… الله يرحمه إنتي نسخة منه، من كلامه وطريقته وقربه من ربنا ربنا يهديكي ويرتاح قلبك قومي يا بنتي استخيري ربنا، وربنا يكتبلك الصالح
لأول مرة، ترمي وجد نفسها بين أحضان جدها بحب صادق، هي تحبه ولكنها تهابه
قامت، توضأت وصلت، ودعت ربها: إن كان خيرًا لها فقربه، وإن كان شرًا فاصرفه. ثم خلَدت إلى النوم، وظلت ثلاثة أيام تتضرع إلى الله أن يكتب لها الخير
والعجيب أن وجد بدأت تشعر بالراحة، وتريد أن تكمل هذه الزيجه
وفي يوم، رن هاتفها برقم غريب
ردت:
السلام عليكم
جاء صوته قائلًا:
وعليكم السلام. إزيك يا وجد؟ أنا سلطان
ازدادت ضربات قلب وجد، وقالت:
الله يسلمك… ثم صمتت
استشعر سلطان صمتها، ولم يسمع غير صوت أنفاسها
فقال:
أنا كنت باتصل عليكي علشان أقولك إني هعدي عليكي أنا وأماني علشان ننزل ننقي العفش البسي، ونص ساعة هكون تحت البيت
ثم أغلق الخط
نظرت وجد إلى الهاتف بغيظ: "يأمرني وكأني لازم أطيعه!"
ذهبت إلى جدها وسألته، فعلمت أنه استأذن منه أولًا
قالت في نفسها: الحمد لله، طلع بيفهم في الأصول
ثم ذهبت وبدلت ملابسها؛ عباءة سوداء ضيقة، وفوقها قطعة واسعة قصيرة باللون البيج، وحجاب طويل من نفس اللون
بعد قليل، أخذها سلطان ومعه أخته كان سلطان صامتًا يتأملها وهي تتحدث مع أخته بكل أريحية، ولا تعيره أي اهتمام، كأنه ليس موجودًا تركها كما تريد، يكفيه أنه بجانبها ينظر إليها
حركاتها، ضحكاتها، تعابير وجهها عندما لا يعجبها شيء… كلها كانت مضحكة وجميلة
مرت الأيام سريعًا، ولم يتحدث إليها سلطان بناءً على رغبتها إلا في الضرورة
أما هي، فكلما اقتربت الأيام، زادت ضربات قلبها لا تعرف، أهو قلق؟ خوف؟ أم راحة؟ لأول مرة تتعجب وجد من نفسها؛ ليست نافرة منه ولا كارهة له، بل بالعكس، تشعر في وجوده براحة غريبة
أما سلطان، فقد ابتعد عن المكان الذي كان يسهر فيه، رغم مكالمات زيزي له قال لها إنه سيتزوج ولن يعود مرة أخرى
أما سعد، فكان سعيدًا هذه الأيام لأنه بقرب أماني، رغم وجود زوجها الذي يمقته كثيرًا ولا يحبه وزوجها أيضًا لا يحبه، ويشعر أن سعد ينظر إلى زوجته نظرات عاشق، وهذا ما يجعل علاء دائم الغضب، يخرج جم غضبه على المسكينة أماني
كانت تحكي لوالدتها، فكانت والدتها تقول لها أن تتحمل زوجها؛ فليست كل الأيام بطعم العسل وتحذرها ألا تبوح لأخيها بشيء، لأنها تعلم أن سلطان لن يسكت، وقد تصل الأمور إلى مشكلة كبيرة
"اشتركوا على قناتنا على تليجرام أو قناة واتساب ليصلكم أحدث الفصول والتنبيهات فور نشرها"
"اشتركوا على قناتنا على تليجرام أو قناة واتساب ليصلكم أحدث الفصول والتنبيهات فور نشرها"
.png)