رواية أصبحت أسيرته البارت الثامن 8 - روايات سماح نجيب ( سمسم)

   نقدم اليوم احداث رواية اصبحت اسيرته البارت الثامن من روايات سماح نجيب . والتى تندرج تحت تصنيف روايات رومانسية ، تعد الرواية  واحدة من اجمل الروايات رومانسية  والتى نالت اعجاب القراء على الموقع ، لـ قراءة احداث رواية اصبحت اسيرته كاملة بقلم سماح نجيب من خلال اللينك السابق ، أو تنزيل رواية اصبحت اسيرته pdf كاملة  من خلال موقعنا .


رواية أصبحت أسيرته البارت 8 - روايات سماح نجيب ( سمسم)



أصبحت اسيرته الفصل الثامن


* أصبحت أسيرته *
٨– " كفاكٍ وخزًا بالقلب "

رمشت بعينيها عدة مرات ،كأنها تخشى أن تفتحها مرة واحدة ،ولكن تشعر بدفء ذراعان ملتفان حول كتفيها ،تستند عليهما بوداعة ،كمن لم تعد تملك طاقة على الفرار ،فما حدث منذ لحظات جعلها خائرة القوى فهى كانت على وشك إصطتدامها بإحدى الشاحنات وكان سينتهى أمرها فوراً ،لو ذراعان أمتدت إليها لتحول بين حدوث ذلك فما كان منها إلا انها خرت ساقطة فاقدة الوعى بفعل ذلك الخوف الرهيب الذى سكن خلايا جسدها وجعل نبضات قلبها تسرع فى الخفقان

شعرت بكفه العريض وهو يربت على وجهها بدفء وخوف وهو يقول:
– تالين أنتى كويسة تالين ردى عليا

ما الذى يحدث له بتلك الآونة ؟ فلاشئ يحدث يخفف من وطأة ضغوطه النفسية بل تزيد من تعقيدها ،فمن أتى إليها راغباً فى ان تمنحه شئ من الهدوء ، فرت هاربة بعد رؤيته كمن رأت وحشاً أو مسخاً

تململت بين ذراعيه كمن لا تشعر بالراحة تجيبه بإقتضاب هامس:
– أنا كويسة وإبعد بقى الناس بتبص علينا مينفعش كده

فهو لا يخفى عليه نظراتها الكارهة له ،ولكن ذلك السخيف الذى يكتنفه بشقه الأيسر لاينشد سوى قربها ولا يجد بغيرها رجاء ، ولكن بفعلتها كمن اشعلت النيران ببستان أحلامه ،فأحترقت ورود الود قبل أن تزهر ،فحمد الله أنه لم ينجرف خلف أوهامه كمراهق حديث العهد بتلك المشاعر التى توخز القلب كالاشواك ،فهو لا يجب أن ينسى من يكون ،فهو من تقربت إليه من أشد منها جمالاً عازفاً عنهن غير راغباً بهن فهو لايسلك ذلك المسلك ردئ المستوى ومتدنى الأخلاق من أنه ربما يصاحب النساء دون خوف او وجل من الله ، فهو من ملك زوجة بماضيه لايوجد أنثى تضاهى جمالها وحسنها ، وبإمكانه الحصول على أى إمرأة يريد ،فمن تكون هى حتى تجابهه بكل هذا الكره والمقت ،فحثه عقله عن الإقلاع عن كل تلك الأوهام مكتفياً بتنفيذ ذلك الأمر الذى اخبرها به عندما تقدم بعرضه للزواح منها ولم يكن سوى إنجاب طفل له عوضاً عن طفله الراحل

تخشبت ذراعاه وهو ينهض واقفاً ينهضها معه قائلاً:
– مكنش ليه لزوم أنك تعملى كده وتأذى نفسك عرفت ان بتكرهينى ومش طايقة تشوفى وشى بس معلش استحملى لحد ما تنفذى شرط جوازنا يا تالين

تشدق بإسمها بإبتسامة هازئة على جانب ثغره الرجولى ،فتتابعت أنفاسها الناقمة ، فوجدته يسير قابضاً على رسغها يجرها خلفه حتى عاد للداخل ووصل إليه سيارته ،فترك يدها وفتح باب السيارة ،فنظر إليها نظرة مطولة قبل أن يدير المحرك ، ينطلق مغادراً تاركاً إياها بدون ادنى كلمة يوجهها لها قبل ان يغادر
___________
عيناها الجميلة لا تكف عن ذرف الدموع، منذ تلك الأمسية التى كانت على وشك أن تخسر بها كل شئ ،فتمثلت لها تلك الليلة كأنها مضت منذ برهة وجيزة
عودة للسابق
رأسها المثقل تحركه بتململ ،وهى تشعر بعدم الراحة فكأن شخصاً يجثم على طرف فراشها ، بدأت بفتح عينيها رويداً ،لمحت طيف وجه كريمة المذعور الذى لم تعهدها به من قبل يشرف عليها من علياء

خرجت همساتها مترردة ذاهبة الأنفاس وهى تقول:
– طنط كريمة هو فى إيه

كمن إستعادت عافيتها فجاءة، بعد رؤية تلك الطبيبة المسنة التى أوشكت على الانتهاء من فحصها ،فنهضت تضم جسدها تنظر لهما بذعر قائلة:
– طنط كريمة هو فى إيه وبتعملوا ايه فيا بتعملى ايه يا طنط سعاد

رفعت سعاد جسدها عن الفراش تقف بجوارها قائلة بهدوء:
– إهدى يا ديما إهدى يا حبيبتى مفيش حاجة

حولت بصرها لكريمة معقبة :
– كل حاجة تمام يا كريمة اطمنوا انا لازم امشى تصبحوا على خير

خرجت سعاد من الغرفة ،فتهاوى جسد كريمة بجوار ديما على الفراش ،كمن لم تعد قدميها تقوى على حملها أكثر من ذلك، قبل أن تتمكن ديما عن سؤالها عما يحدث، وجدت جواد ولج الغرفة بوجه لم تراه من قبل ،كمن يوشك على قتلها ،لا تعرف ذلك الخوف الذى ملك حواسها جعلها تنكمش بجانب كريمة التى مدت ذراعيها تطوق كتفيها بحنان

وقف جواد بمنتصف الغرفة واضعاً يده بجيبه قائلاً:
– قوليلى بقى يا ديما كنتى بتعملى ايه فى بيت اللى اسمه نبيل ده ومش بس كده دا انتى كنتى كمان فى سريره

فغرت فاها وجحظت عينيها ،تكاد مقلتيها تترك محجرهما مما تسمعه منه فتأتأت بحروفها :
– ججواد بتقول إيه ، ايه اللى بتقوله ده أنا مستحيل اعمل كده ثم انا رجعت البيت إزاى

خرج جواد من الغرفة ،ليعود وهو يحمل بيده تلك الكاميرا التى أخذها من منزل نبيل فأقترب من فراشها فسحب كف يدها بقسوة ووضع به الكاميرا يفح بصوت غليظ:
– أفتحى الكاميرا دى وهتعرفى أنا قصدى إيه، علشان تبقى تسمعى كلامى لما اقولك ابعدى عن اصحابك المقرفين دول، يلا يا أمى علشان ترتاحى

ربتت كريمة على جسد ديما بحنان قبل أن تنهض من مكانها ومازالت لم تتخلص بعد من أثار الذهول والدهشة اللذان أصباها

صوت إغلاق الباب العالى ،جعلها ترتعد على فراشها ، فتحت الكاميرا لترى ذلك الأمر الذى استعصى عليها التفكير به وأن تفهم منه مغزى حديث جواد معها

أنتظرت حتى بدأت الكاميرا بعرض ذلك التسجيل الذى بدأ برؤيتها لنفسها وهى على فراش غريب بجانبها نبيل الذى بدأ بالتقرب منها بشكل حميمى ،وضعت يدها على فمها من هول ما تراه ، انتظرت لترى ماحدث بعد ذلك ولكنها لم تجد سوى تسجيل لمدة دقيقتين فقط ،ألقت الكاميرا من يدها كمن تحمل جمرة مشتعلة أصابت يدها بحروق بليغة

دمدمت لنفسها بذهول :
– مش معقول مش ممكن إزاى ده حصل ازاااى

إنهالت على ساقيها ضرباً براحتيها ،تنتحب وتعلو صوت شهقاتها كلما تتذكر ما رأته ،تركت الفراش ووقفت أمام المرآة تتحس عنقها ووجها بقهر من أن أحدهم أستحل لمس جسدها ،فركت وجنتيها بباطن يدها وهى تنتحب قائلة:
– أنا غبية غبية غبيييية

أطاحت بكل ما وجدته أمامها ،ومازالت تصرخ بعلو صوتها الناعت بالسخط على حماقتها ،فهى تعلم أن جواد لن يمرر لها ما فعلته مرور الكرام

الآن..
أفاقت من شرودها على صوت فتح الباب ،ورأت كريمة تلج الغرفة تحمل بين يديها طعاماً لها ،فهى زاهدة فى طعامها منذ ما حدث ومازاد بإعتكافها بغرفتها رفض جواد رؤيتها
____________
ولجت زينب غرفة إبنتها التى تنكفأ على مكتبها الصغير تذاكر بجد ، وبسام يجلس على فراشها يذاكر هو الآخر، فهو لايذاكر بمفرده خاصة بأوقات أختباراته ،فتالين تصر عليه بالمذاكرة وتجعله أمام عينيها لتراقبه

أفتر ثغر زينب عن إبتسامة محبة وهى تقول:
– يلا يا حبايبى السندوتشات والعصير بتاعكم اهو

ألقى بسام الكتاب من يده ،يترك مكانه مسرعاً يأخذ الصينية من والدته ،وجلس على مقعد يتناول الطعام بشراهة

حدقت به تالين ترفع حاجبيها بدهشة مما يفعله فهى رأته منذ نصف ساعة تقريباً وهو يتسلل للمطبخ يلتهم ما يقابله بمبرد الطعام

هتفت به قائلة:
– ايه يا اخ ما تسيبلى حاجة أكلها ما أنت لسه واكل التلاجة من شوية

إبتسم بسام بفمه الممتلئ بالطعام يخرج صوته مكتوماً قليلاً:
– المذاكرة بتجوعنى يا تالين وانا مش واخد على كده

نظرت لهما والداتهم بطيف إبتسامة على مزاحهما سوياً ،ولكنها حدقت بتالين قائلة:
– تالين هو جوزك مش بيكلمك ولا إيه من يوم كتب الكتاب ومحدش شافه

يصيبها التعجب كلما سمعت تلك الكلمة من فم أحد ، كأنها لن تعتاد على سماعها ولكنها حاولت رسم إبتسامة خفيفة وهى تقول:
– لاء يا ماما بيكلمنى كل يوم طبعا و بيطمن عليا بس انتى عارفة امتحاناتى فهو مش عايز ييجى ويعطلنى

اومأت زينب برأسها كمن أقتنعت بما أخبرتها به فخرجت من الغرفة ليعودا ثانية لمذاكرتهما ،إستند تالين بوجنتها على يدها تفكر فى تلك الكذبة التى قالتها لوالداتها ،فهو منذ مجيئه لرؤيتها بالجامعة ، وحدث ما حدث لم تراه او تسمع صوته ،تركت كل هذا جانباً لتعود لمذاكرتها ،ولكن سمعت رنين هاتفها ،رفعت الهاتف فإزدردت لعابها بعد رؤية ذلك الإسم الذى يضئ شاشة الهاتف ، تقاذفتها أفكارها بين أن تجيبه أم لا ،فحسمت قرارها وتركت الهاتف مكانه مغلقة صوته الصادح والذى جعل بسام يناظرها بصمت كأنه على علم بهوية المتصل ، عاد الهاتف للرنين للمرة الثالثة ،فلم تجد مفر من الرد
فتحت الهاتف ولكن قبل أن تفه بكلمة

سمعت صوت والدة زوجها يصل لمسامعها وهى تقول:
– أزيك يا تالين أخبارك إيه يا حبيبتى

حمدت تالين ربها أنها لم تفه بكلمة ،فهى كانت على وشك أن تجيبه بصوت عالى مقتضب من إلحاحه بطلبها

حمحمت تجلى صوتها قائلة:
– الحمد لله يا طنط كريمة أنا كويسة اخبار حضرتك ايه

أجابتها كريمة قائلة بصوتها الرقيق :
– الحمد لله يا حبيبتى انا قولت اطمن عليكى علشان من يوم كتب الكتاب حصل ظروف ومعرفتش اكلمك بس نمرة تليفونك مش معايا فرنيت عليكى من تليفون جواد

فكرت تالين فى تلك الظروف التى حالت بينها وبينهم ،فهى ببادئ الأمر كانت تشعر بالراحة من عدم سؤاله عليها ولكن بعد علمها بما قالته والداته ساورها القلق وخاصة أنها شعرت بمحبة خالصة لوالدة زوجها لرقتها بالتعامل معها وودها الظاهر بتصرفها وحديثها

ردت تالين قائلة بإهتمام:
– ولا يهمك يا طنط المهم انك بصحة وخير

ثرثرتا لمدة دقائق ،تطمئن كل منهما على أحوال الأخرى ،حتى ختمت كريمة الحديث قائلة:
– طب يا حبيبتى أن شاء الله انا كنت عايزة أعزمكم على الغدا عندنا فى البيت علشان تشوفى البيت والجناح اللى هيبقى بتاعك أنتى وجواد وجواد معاكى أهو عايز يكلمك

أضطربت بعد سماع إسمه ،شعرت بحرارة تغزوها كمن تقف أمام موقد شديد الحرارة فأنبعث إليها صوته فاتراً وهو يقول:
– أخبارك إيه واخبار الامتحانات بتذاكرى كويس

كمن يحافظ على ماء وجهه أمام والدته بتصنع تلك الابتسامة على وجهه لإيهامها بأنه سعيد بالحديث مع زوجة حديث العهد بها ،فتركته والداته ونهضت لتركه يتحدث بحرية

وما كادت والداته تبتعد حتى هتف بصوت بارد كالصقيع :
– مع السلامة علشان أسيبك تذاكرى

أصدر هاتفها صوتاً يعلن عن إنتهاء المكالمة ،فأبعدته عن أذنها تحدق به بغيظ ،فدائما له الأسبقية بإنهاء أى حوار أو موقف بينهما ،فهى لا تستطيع مجاراته بذلك البرود الذى يكتنف صوته أو تصرفه معها ، ولكن تلك المرة التى مازالت عالقة بذهنها يوم أن طبع على يدها تلك القبلة كمن مازالت تشعر بدفئها على باطن يدها ،رأت جانب أخر به وهو أن بإمكانه إغواءها بلحظة ويثير حنقها وغيظها باللحظة التالية
___________
علا صوت رشدى وهو يصرخ بوجه إحدى الممرضات بعد مجيئه لرؤية نبيل واخذه معه طبقاً لذلك الأمر الذى أصدره طلعت بضرورة جلبه لنبيل من المشفى

فعاود رشدى صياحه ثانية:
– يعنى إيه مش موجود فى المستشفى لبس طاقية الاخفاء وخرج

أجابته الممرضة بهدوء:
– قولتلك حضرتك هو طلب يخرج وخرج نعمله إيه يعنى وبطل تعلى صوتك والا هطلبلك البوليس

بعد أن قذفت بتهديدها بوجهه تركته ورحلت من حيث أتت ، دار حول نفسه بجنون مغمغماً:
– إزاى الغبى دى يخرج من غير ما يقولى

فكر فى ان يهاتفه ولكن وجد الهاتف مغلق ، خرج مسرعاً من المشفى حتى وصل للخارج ، فأخذ سيارته المصفوفة أمام مبنى المشفى ،فقاد السيارة حتى وصل لمنزل نبيل ،ولكنه لم يجد أحد بالمنزل كأنه مهجور

– أعمل إيه دلوقتى دا لو طلعت بيه عرف ان مش لاقيه هيقتلنى فيها

ما كاد ينهى جملته الساخطة ،حتى سمع صوت رنين هاتفه فأخرجه من جيبه ،ورأى ما كان يخشاه فطلعت يهاتفه بإلحاح

ففتح الهاتف يزدرد لعابه بتوتر شديد قائلاً:
– افندم يا طلعت باشا

جاءه صوت طلعت أمراً:
– أنت فين يا رشدى كل ده بتجيب نبيل من المستشفى

أراد معجزة تنقذه مما فيه الآن ،فما عساه أن يفعل أو أن يقول ، فأستجمع شجاعته الواهية قائلاً بإضطراب:
– ما هو يا طلعت باشا أصل نبيل ملقتهوش فى المستشفى

ران الصمت على طلعت لثوانى كمن يزن تلك الكلمات بعقله لمعرفة مغزاها ، إلا ان صوته خرج هادرا:
– يعنى إيه ملقتهوش فى المستشفى عارف لو مرجعتش وهو معاك يا رشدى مش هعرف هعمل فيك إيه

رفع الهاتف عن اذنه بعد غلق طلعت الهاتف بوجهه فدمدم رشدى بغيظ:
– دا ايه الشغلانة المنيلة بستين نيلة دى انا كان مالى ومال ده كله بس لما اشوفك يا نبيل هكسرلك دماغك مش ضلوعك بس

عاد لسيارته وهو لا يعرف أى درب يسلك لمعرفة أين أختفى نبيل ؟

بمكان اخر مهجور ...
غرفة رطبة تفوح منها رائحة العفن لا يوجد بها سوى ضوء شحيح يأتى من نافذة بأعلى أحد الجدران الأربعة ، رأى نبيل تلك القوارض التى تملأ المكان ،فاقترب أحدهم من قدمه فركله بحدة قائلاً:
– أبعد عنى إيه القرف ده أنتوا يالى هناااااا

صرخ بصوته لعل أحد من هذان الرجلان اللذان أتوا به لهذا المكان يجيبه ، فأنفتح باب الغرفة المصنوع من الحديد وأصابه الصدأ يصدر صريراً قوياً يزعج الأذن

فاقترب رجل ضخم الجثة من المقعد الجالس عليه نبيل مكبل بأغلال حديدية محكمة الإغلاق ،فوضع كفه الضخم على كتفه يهزه بعنف قائلاً:
– فى إيه يا ض انت عمال تصرخ وتوجع دماغنا ليه أنت هتهمد ولا برصاصة واحدة فى دماغك وأرتاح منك

أزاح الرجل سترته قليلا عن خصره ليكشف عن سلاحه النارى الذى حدق به نبيل بخوف وظل يزدرد لعابه مرة تلو الأخرى

فخرج صوته خائفاً هامساً:
– أاانا بس كنت عايز أشرب ثم أنتوا عايزين منى إيه أنتوا جيتوا وهددتونى وخلتونى أطلب اخرج من المستشفى وأنا أساساً تعبان وجبتونى على هنا انا بعمل إيه هنا وعايزين منى إيه أنا عايز أمشى من هنا

علا صوته بمطلبه المُلح بخروجه من هذا المكان ،فلم يجد الرجل سوى قطعة قماش بالية فأحكم بها غلق فمه لكى لا يستمع لصوته ثانية ، زادت حركة نبيل بمقعده كمن يريد أن يحل وثاقه ومازاد بجنونه استنشاق تلك الرائحة الكريهة و شعوره بطعم الغبار بفمه من قطعة القماش الموضوعة على فمه

خرج الرجل من الغرفة فرفع زميله رأسه إليه قائلاً:
– هو الواد ده ماله عمال يصرخ ليه كده واحنا هنفضل حابسينه هنا لحد أمتى والغريب ان احنا مطلوب نحرسه بس ومنمدش إيدنا عليه

سحب الرجل مقعد يجلس عليه وهو يقول :
– الأوامر اللى عندنا كده وكمان متوصى عليه ان ناكله ونشربه ونديله علاجه كمان يلا روح هاتله الاكل علشان يطفح زى ما نكون هنسمنه وهندبحه على العيد

تشارك الرجلان الضحك على تلك الدعابة التى ألقاها الاخير ،فأنصرف الرجل الآخر لجلب الطعام والشراب
فأخرج الرجل هاتفه ليأتيه الرد سريعاً فهتف بطاعة :
– أوامرك يا باشا كله تمام وهو تحت عينينا بس عملنا دوشة كل شوية بصريخه فقفلته بؤه خالص علشان مسمعش صوته واحنا فى إنتظار اوامر سعادتك

إستمع لكل ما امره به ليرد قائلاً:
– تمام يا باشا

أغلق الرجل الهاتف وفتح التلفاز ليشاهد إحدى مبارايات المصارعة حتى لا يستمع لصوت نبيل المكتوم أو صوت تلك الاصفاد الحديدية التى تصدر صوتاً بإحتكاكها بالأرض أو بالمقعد كلما حاول نبيل أن يتحرك من مقعده
___________
فتحت كريمة ذراعيها مرحبة بتالين تضمها بود ظاهر تقبلها على وجنتيها ، لتعود وتضم زينب هى الأخرى بترحيب

فهتفت بود قائلة:
– أهلا وسهلا بيكم نورتونا أتفضل يا أستاذ جلال ازيك يا بسام

رد بسام بصوت خفيض:
– الحمد لله يا طنط

اقترب جواد مرحباً بوالد زوجته وعائلتها فصافح والدها بحرارة ووالداتها وأكتفى بإلقاء تحية على ذلك الشاب الذى يكاد أن يتوارى خلف أبيه كمن يرهب رؤيته

رفع جواد يده يشير إليهم بالجلوس :
– أتفضلوا البيت زاد شرف ونور بحضوركم

رد جلال بإبتسامة مهذبة وهو يقول:
– دا نوركم انتوا يا ابنى ربنا يزيدكم

كمن لا يراها لم يخاطبها سوى بتحية مقتضبة أقتضتها الظروف أن يلقيها عليها حتى لا يساور أحد الشكوك حول فتوره بحضور عروسه ، حاولت تالين تصنع البهجة بحضورها لرؤية منزل زوجها كمن تلجه للمرة الأولى ،فلا احد يعرف بشأن مجيئها لهنا مرتين من قبل سواه هو وإبنة عمه ديما وشقيقها بسام ،فحتى والدته لم تراها إلا يوم خطبتهما

تركت كريمة مقعدها قائلة بإبتسامة:
– أتفضلوا معايا اتفرجوا على البيت على ما يجهزوا الأكل

نهضوا جميعاً فكان جواد اخرهم سيراً ،فسار خلفهم واضعاً يده بجيبه شارداً ،لم ينتبه على ما يحدث إلا عندما سمع صوت والدة زوجته قائلة:
– بسم الله ماشاء الله ربنا يوسع عليكم يارب

لم تنكر زينب بهجتها برؤية ذلك المنزل الذى ستقطنه إبنتها ، أو سعادتها بأن رزقها الله بزوج تتمناه الكثيرات ووالدته إمرأة طيبة وحنون

بعد الانتهاء من جولتهم بالمنزل ،أعلنت إحدى الخادمات عن تحضير المائدة التى تراصت عليها افخم المأكولات والمشروبات وأشهرها ،تناولوا الطعام بجو هادئ نسبياً ،ولكن لاحظت تالين عدم وجود ديما منذ مجيئهم ولا تعلم لما شعرت برغبة شديدة فى السؤال عنها

فنظرت لكريمة قائلة:
– طنط كريمة هى فين ديما

إبتسمت كريمة بتوتر إلا أنها أجابتها :
– دا ديما مسافرة مش هنا كام يوم كده وهترجع إن شاء الله

حاولت كريمة جاهدة ألا تنكشف كذبتها أمامهم ،فجواد أمر بأن لا تبرح ديما غرفتها وتلازمها لحين إنصرافهم
عادوا لإكمال طعامهم ،فأختلست تالين نظرة لذلك اللامبالى بأى شئ يحدث حوله ، كمن يجلس بمفرده ، بعد الانتهاء ذهبت تالين للمرحاض غسلت يديها وجففتها بتلك المنشفة النظيفة ،وبعد إطمئنانها لحسن مظهرها بالمرآة خرجت من الحمام

أثناء عودتها لغرفة الصالون لم تنتبه لذلك القادم فأصتطدمت بزوجها ،فأراقت محتوى شرابه الساخن على قميصه

شهق جواد بتألم وخفوت من سخونة الشراب على جلده ،فحاول إبعاد القميص عن جسده ولكنه إلتصق به أكثر بفعل الشراب المسكوب عليه

نظرت إليه تالين بذعر تبدى أسفها:
– أنا أسفة والله ما أخذت بالى

لم يرد على ما قالته فأنصرف من أمامها وهو يصعد الدرج بخطوات سريعة وبدأ بحل أزرار قميصه ، ولج لغرفته وتخلص من قميصه ،نظر بالمرآة ورأى إحمرار جلده ،فذهب للحمام وفتش عن دواء لعلاج حروقه الطفيفة وبعد إنتهاءه أخذ قميص نظيف إرتداءه وخرج من الغرفة ،أثناء هبوطه على السلم لمحها ما زالت واقفة بذلك المكان الذى تركها بها

فسار إليها قائلاً:
– أنت لسه واقفة هنا ليه كده

إزدردت لعابها قائلة بتوجس:
– أتمنى متكنش أتحرقت بسبب اللى حصل

رد عليها قائلاً بهدوء:
– الحمد لله حاجة بسيطة متشغليش بالك بس من أمتى الإهتمام ده أنتى لو عليكى تحرقينى كلى مش كده يا تالين

أشاحت بوجهها عنه تزفر من أنفها بتبرم ، ولكن قبل ان تجيبه سمع رنين هاتفه فأخرجه من جيبه ولمحت إبتسامته ،فقطبت حاجبيها علام يبتسم ومن يهاتفه ،فأعتذر منها وخرج لحديقة المنزل

فتح الهاتف قائلاً بإبتسامة عريضة:
– حبيبتى وحشتينى أنا عارف أنك زعلانة منى علشان أتأخرت عليكى المرة دى هعوضهالك ماشى المهم متزعليش وهنقضى مع بعض يوم كامل تعويض عن إنشغالى عنك الفترة دى بس حصل ظروف كتير عطلتى

حاول إسترضاءها بحديثه ،ليصرف عنها غضبها وبعد ثلاث دقائق تقريباً كان خاتماً حديثه:
– سلام يا حبيبتى وخلى بالك من نفسك ماشى

أنهى مكالمته ولكن قبل عودته للداخل لمح خروجهم للحديقة ،فأقتربت منه والداته قائلة:
– جواد أنت كنت فين كنت بدور عليك

إبتسم لها جواد وهو يقول:
– معلش يا أمى كان معايا تليفون مهم

ربتت كريمة على ذراعه قائلة:
– طب خد تالين خليها تتفرج على الجنينة تروح معاهم يا بسام وإحنا هنقعد هنا على ما تخلصوا

هز بسام رأسه بعنف رافضاً كمن يخشى بقاءه برفقة زوج شقيقته بأى مكان حتى وإن كانت شقيقته معه ، اشار إليها بأن تتبعه فنهضت على مضض سارت بجواره حتى وصلا لاقصى طرف الحديقة الشاسعة ،رأت تالين العديد من الورود السوداء ببيت زجاجى ، فتعجبت لرؤيتهم كأنها ترى شيئاً لم تراه من قبل

– بتحبى الورد
قالها جواد وهو يقف جوارها يحدق بتلك الورود السوداء التى زرعها هو خصيصاً بالمنزل مبتعداً عن ذلك المكان الذى تشغله ورود والداته المحبة ، فتلك الورود زرعها بعد وفاة صغيره حداداً عليه

ردت تالين قائلة :
– شكلهم غريب بس بالرغم من كده فيهم لمسة جمال متوحشة

خصها جواد بنظرة مطولة تعجبت هى منها ومن تحديقه المستمر بها حتى سمعته يهتف بغموض:
– وأنتى عاملة زيهم ياتالين

لم تفهم مغزى حديثه لها ،فقبل أن تتمكن من سؤاله وجدته يلج لبيت خشبى ليخرج منه بجوار هر أسود ضخم ،ربما فزعت تالين من سواده الفاحم وغزارة شعره وعيناه المرعبة وصوت مواءه كزئير لوحش سجين وحان وقت خروجه ، فهو اقرب للشبه بالنمور وليس الهررة ، فأقترب جواد منها يرافقه الهر ،فأرتدت هى خطوات للخلف خائفة من رؤيتهم سوياً

فتلعثمت وهى تقول:
– إاايه ده معقول ده قط دا نمر صح مش قط ده أبدا

أنحنى جواد بجزعه قليلاً يمسد على فراءه يداعب وجهه فما كان من الهر سوى الاقتراب منه أكثر يدفن وجهه بصدر جواد فرد جواد قائلاً:
– لاء دا قط بس من فصيلة نادرة جداً أشتريته لما أدم أبنى شاف صورته مرة على التليفون وعاجبه فأشتريته علشانه وكان بيحب يلعب معاه

ألتفت خلفه فشعر بغرابة من رؤية بوادر الخوف على وجهها من رؤيتهم سوياً، ولكنه إبتسم بسخرية فمنذ متى رأى على وجهها نظرة مخالفة لنظرة الخوف أو الكره أو المقت له ،فأخذ الهر بعيداً عنها يعيده لمكانه ولكن عندما عاد لم يجدها فلم يثير الأمر إهتمامه فكفاها وخزا بالقلب لهذا الحد
___________
باليوم التالى ...
فى شقة فاخرة بالطابق السادس فى إحدى البنايات السكنية المطلة على النيل، شقة تحوى أثاثاً فاخراً وبغرفة يضيئها نور خافت وتفوح روائح عطرية قوية وموسيقى ناعمة تنبعث من مسجل موضوع بأحد الزوايا
دفعته بيدها ليرتطم ظهره بالجدار خلفه ،وأقتربت منه حتى أختلطت أنفاسهما سوياً ، وزحفت بيديها كثعبان ناعم الملمس من خصره حتى وصلت لصدره العريض تريحهما عليه

فأقتربت منه أذنه هامسة بإغواء :
– كل ده ومش عارفة أقابلك أيه مش وحشاك ولا إيه

رفع إحدى يديها يقبلها كعاشق مدله بغرامها ،من تلك الفاتنة التى ما أن يراها حتى تتصارع أمواج الشوق بقلبه فدمدم لها بعشق:
– سامحينى يا حبيبتى كان عندى شغل كتير والدنيا ملغبطة على الاخر

إبتعدت عنه تحدق به بغضب وعيناها مثبتة على وجهه قائلة:
– شغل ! ولا علشان لقيت عصفورة جديدة توقعها فى شباكك

قهقه عالياً ملأ فمه وهو يقول:
– وهو أنت فاكرة أن اى عصفورة هتمنعنى عنك أنتى حاجة تانية خالص يا قلبى

دفعته بقبضتيها ومازال الغضب مرسوماً على محياها ،جلست على أحد المقاعد واضعة ساق على الاخرى ، تحدق به بتبرم وتذمر فما كان منه إلا أنه أقترب من مقعدها يستند بكفيه على طرفيه قائلاً:
– أنتى هتفضلى مبوزة كدة على طول يا قمر

وضع يده أسفل فكها يرفع وجهها يتفرس به بعينان على وشك إلتهامها فهمس لها معقباً:
– مفيش غيرك أنتى وبس اللى حبيبتى

حاول صرف غضبها منه بشتى الطرق ،حتى وجدها بين يديه مطيعة لينة ، اغوته كتفاحة محرمة اشتهى تذوقها ،فلم يتركها إلا بعد أن ذاق حلاوتها منتشياً برائحة عطرها

فغمغمت وهى تريح رأسها على صدره :
– فى حاجة عايزة أقولهالك

قبلها على رأسها يطوقها أكثر بذراعه متمتماً:
– قولى يا قلبى عايزة تقولي إيه

أخذت نفساً عميقاً لتعود وتزفره بخفوت قائلة:
– أنا حامل
_________
يتبع...




موعد البارت الجديد الساعة ( 4 م ) يوميا ان شاء الله 

هنا تنتهى احداث رواية أصبحت اسيرته البارت الثامن ، يمكنكم اكمال باقى احداث رواية اصبحت اسيرته البارت التاسع  أوقراءة المزيد من الروايات المكتملة فى قسم روايات كاملة .

نأمل أن تكونوا قد استمتعتم بـ رواية أصبحت أسيرته ، والى اللقاء فى حلقة قادمة بإذن الله ، لمزيد من الروايات يمكنكم متابعتنا على الموقع أو فيس بوك ، كما يمكنكم طلب رواياتكم المفضلة وسنقوم بوضعها كاملة على الموقع .
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-