نقدم اليوم احداث رواية سر غائب البارت الخامس والاربعون من روايات سماح نجيب . والتى تندرج تحت تصنيف روايات رومانسية ، تعد الرواية واحدة من اجمل الروايات رومانسية والتى نالت اعجاب القراء على الموقع ، لـ قراءة احداث رواية سر غائب كاملة بقلم سماح نجيب من خلال اللينك السابق ، أو تنزيل رواية سر غائب pdf كاملة من خلال موقعنا .
سر غائب الفصل الخامس والاربعون
سر غائب
البارت الخامس والأربعون
البارت الخامس والأربعون
حاول إلهاءها حتى لا تعاود سؤالها بشأن عودته باكراً ولكنها لم تفه بكلمة لم تفعل شئ سوى أنها ظلت تقترب منه أكثر تطوقه بذراعيها تغوص بوجهها بين كتفه وعنقه تجعل أنفاسها الحارة تداعب بشرته كلسعات الجمر الحارق فغمغت بصوت ناعم:
–أيسر أنا عايزة أعرف أنت رجعت بدرى ليه علشان عارفة أنك عمال تتوهنى فى الكلام علشان مسألش أنت مش وعدتنى أنك متخبيش عنى حاجة
رفعت رأسها عن كتفه تحدق به فى إنتظار سماع تفسيره لها فزفر بقلة حيلة قائلا:
–أنا مكنتش عايز أقولك علشان متقلقيش أو تضايقى علشان متتعبيش
أنبأها حدسها بأن شئ مروع قد حدث حتى يصل الأمر بزوجها بأخفاءه عنها خشية عليها من أن يصيبها مكروه فأزدردت لعابها تحاول أن يخرج صوتها هادئاً:
–لاء بجد فى إيه يا أيسر أنا كده قلقت أكتر أنت كويس حسام كويس حد حصله حاجة
ضمها إليه يربت عليها بحنان فقص عليها ما حدث اليوم فوجدها تنتفض من بين ذراعيه صارخة:
–إيه حسام كان هيجراله كده كان هيتأذى يا أيسر كان فى حد عايز يأذيه وهو عامل إيه دلوقتى
لم تنتظر أن يجيبها زوجها فسحبت هاتفها سريعاً تهاتف شقيقها الذى وصل إليها صوته ناعساً:
–ألو أيوة يا ثراء خير فى إيه
–حسام أنا عرفت اللى حصل النهاردة أنت كويس
هكذا تمتمت ثراء جملتها بخوف على شقيقها الأوحد فى إنتظار سماع رده عليها
رد حسام قائلا بهدوء:
–حبيبتى أنا كويس وعدت على خير الحمد لله متقلقيش كده تصحينى مفزوع من النوع هو أخوكى ناقص خضة
قالها حسام ممازحاً للتخفيف من وطأة خوف شقيقته فأستطرد قائلاً:
–يلا تصبحى على خير وليا كلام مع جوزك الفتان ده لما أشوفه سلام
أنهت مكالمتها مع شقيقها نظر إليها زوجها قائلاً:
–كان بيقول عليا إيه أخوكى ده أبو لسان طويل سمعته بيشتم
أفتر ثغرها عن ابتسامة خفيفة وعادت لتجلس بجواره ثانية وهى تزفر براحة بعد سماع صوت شقيقها:
–مبيقولش حاجة ويلا بينا ننام علشان عايزة أنام عندى شغل كتير أوى بكرة فى الشركة
تركت مكانها ولكن لم تتقدم خطوة أخرى فقبض هو على رسغها جعلها تستدير برأسها إليه تطالعه بصمت وجدته يقف أمامها بطوله الفارع يدنو بوجهه منها قائلاً بهمس:
–يعنى جيتى وقعدتى مفيش وحشتنى أشتقتلك أى حاجة خالص كده وكمان راحة تنامى
خلصت يدها من يديه تحيط عنقه بكلتا ذراعيها تقف على أطراف أصابعها تهمس قائلة:
–إزاى بقى الكلام ده أنت لو قدام عينيا بتبقى واحشنى
داعب طرف أنفها قائلاً:
–كلام وبس
لا تعرف كيف تخبره بعدم إسهابها فى إخباره بإشتياقها له فهى لديها ما يمنعها من أن تجعله يقربها تلك الأيام
فتلعثمت قائلة:
–ماهو ماهو أصل يا حبيبى أنا هو يعنى
قطب حاجبيه من تلعثمها الواضح بحديثها فحثها أن تكمل حديثها قائلاً:
–مالك بس يا حبيبتى فى إيه قولى ومالك زى ما تكونى مش عارفة تقولى إيه
فماذا تخبره ؟ مالت على أذنه تهمس له بما تريد ، علم مدى خجلها مما قالت فحاول الترويح عنها قائلاً:
–ماشى يا قلبى يلا ننام بس ده ميمنعش أنك تقولى وحشتينى يا حبيبى يلا قوليلى بقى
ضحكت ملأ فاها على حديثه فوجدته يحملها يولج للغرفة فهمست بأذنه قائلة:
–أنا بعشقك يا أيسر
سرت القشعريرة بجسده من همسها له ومن حرصها على تضمين حروفها كل رقة ونعومة صوتها فيكفيه فقط النظر لعينيها وأن يعلن قلبه راية الاستسلام لتلك الحروب الضارية من العشق التى أعتملت بقلبه
__________
هرولت ميرا مسرعة على الدرج بعد علمها بما حدث مع زوجها فهى عندما عادت للمنزل اخبرتها فيروز بشأن عودة حسام وما حدث معه وصلت أمام الغرفة فتحت الباب تولج بخطى واسعة حتى وصلت للفراش وجدت زوجها نائما بتلك الثياب التى خرج بها صباحاً جلست بجواره ،ربتت على كتفه عدة مرات تناديه بصوت منخفض فهى تريد الإطمئنان عليه:
–حسام حسام حبيبى إصحى
فتح حسام عينيه وجدها تنظر إليه بقلق فرد قائلا:
–فى إيه يا ميرا مالك
اعتدل بجلسته وجدها تقترب منه تطوقه بذراعيها تلقى برأسها على كتفه قائلة بصوت متحشرج:
–حسام هو إيه اللى سمعته من طنط فيروز النهاردة أنت كان ممكن تتأذى ويجرالك حاجة
رفعت رأسها عن كتفه تحدق به بإهتمام ودموعها على وشك أن تنزلق من عينيها فربت على وجهها بحنان قائلاً:
–حبيبتى أنا كويس الحمد لله
فألقى برأسه على كتفها هو هذه المرة يزفر بخفوت تناهى إلى مسامعها صوت أنفاسه المضطربة فظلت تربت على ظهره تمسد على رأسه بحنان فهى تحمد الله على أن عاد إليها سالماً
شعر بتحسن حالته قليلاً فهتف بها قائلاً:
–ميرا هاتيلى هدوم عايز أخد شاور وكمان جعان بس هاتيلى أكل هنا مش قادر أنزل أكل تحت
أومأت برأسها فذهبت لغرفة الثياب خرجت تحمل بيدها ثيابه البيتية قائلة :
–الهدوم أهى يا حبيبى وهنزل أجبلك اكل وأجى
أخذ ثيابه وذهب للحمام جلس بالمغطس يستند برأسه على حافته وهو يحملق بالسقف بشرود ظل وقتاً طويلاً حتى شعر ببرودة الماء فأغتسل وخرج من الحمام وجد زوجته أحضرت له الطعام جالسة بإنتظاره فنظرت إليه قائلة:
–إيه يا حبيبى قعدت ده كله فى الحمام ليه أنا مرضيتش أنادى عليك قولت أسيبك براحتك بس أنت أتأخرت أوى جوا
ألقى حسام المنشفة التى كان يجفف بها رأسه على حافة الفراش وجلس بجانب زوجته يتناول طعامه بصمت فتعجبت ميرا من حالته فتلك ليست طبيعته أبدا فهذا ليس حسام زوجها الذى كان يقضى معظم وقته بالمزاح والفكاهة
زاد القلق بقلبها فتمتمت قائلة:
–حسام مالك يا حبيبى
ترك حسام الملعقة من يده يضع وجه بين راحتيه يدمدم بصوت منخفض:
–المنظر يا ميرا كان بشع شكلهم والنار ماسكة فيهم وبيتحرقوا مش قادر يطلع من دماغى موقف صعب أوى بالرغم من أن مكنتش طايقهم هم إلاتنين بس مكنتش اتمنى اشوفهم فى الوضع ده أبدا ربنا يكفينا شر النار وعذابها من ساعتها وانا حاسس إن نزل عليها سهم الله حتى الكلام حاسس أنه بيوجعنى اللى حصل النهاردة شئ صعب
سحبت ميرا يده التى يغطى بها وجهه وجذبته إليها تحتضنه تحاول بث الطمأنينة والسكينة بنفسه فظلت تهدهده بين ذراعيها كأنه طفلها،فضلت أن تظل صامتة فهو بحاجة للشعور بالراحة أكثر من أى شئ أخر ،فبالرغم من الضيق الذى أصابه اليوم إلا أنه يشعر بالسعادة لكون زوجته متفهمة لحالته المزاجية والنفسية فهى كل يوم تجعله يتيقن من أنه لم يخطئ بأختيارها زوجة له
__________
فاض الحنان بعين منير وهو يطالع ضحى بعد أن أن أرتدت ذلك الثوب الجميل تتهيأ لمقابلة شهاب ووالديه من أجل خطبتها فربتت ثراء على كتفها ممازحة :
–إيه رأيك يا عمو منير عروسة عسل مش كده نحطها فى برواز
إبتسمت ضحى على مزاح ثراء التى أصرت على الحضور باكراً هى وطفلتها من أجل مساندة صديقتها المقربة فى هذا اليوم الهام بحياتها
تقدم منير من إبنته يقبلها على جبينها يهتف بصوت تخلله الدموع:
–عروسة زى القمر ربنا يتم فرحتك على خير يا بنتى
أخذت ضحى يد والدها بين يديها ترفعها إلى شفتيها تقبلها بحنان بالغ:
–تسلملى يا بابا ومتحرمش منك ابدا يارب
بعد خروج منير من الغرفة إستدارت ضحى إلى ثراء وهى تستطرد قائلة:
–ولا يحرمنى منك يا ثراء يا بنت الأكابر يا غالية أنتىيا غالية أنتى
أسندت ثراء جانب رأسها إلى رأس ضحى تطوق كتفيها بمحبة ظاهرة وهى تقول:
–ولا يحرمنى منك انتى كمان أنتى صاحبتى واختى وحبيبتى وكمان دلوقتى هتبقى من عيلتى دا شهاب محظوظ أوى بيكى يا ضحى
تلون وجه ضحى عند ذكر ثراء لإسم شهاب فضيقت ثراء عينيها قائلة بمكر وبصوت هامس بأذنها:
–هو إسم شهاب بس يخليكى تحمرى أومال لما ييجى هيحصلك إيه هيغمى عليكى يا ضحى ونجيب بيرفيوم ونفوقك بقى لاء أنا مش فاضية لكده
ضربتها ضحى بخفة على ذراعها قائلة بخجل:
–بس بقى إسكتى ثم ده من بعض ما عندكم ياثراء دا أنتى مبتشوفيش وشك لما بس تسمعى إسم أيسر جوزك عينيكى تطلع قلوب وتعمليلنا فيها صغيرة على الحب
أرتد ثراء برأسها للخلف ضاحكة :
–صغيرة على الحب ! أعمل إيه يا بنتى ما هو مش مخلينى أشوف قدامى هو عملى عمل ولا إيه مش عارفة
ضيقت ضحى ما بين عينيها قائلة :
–عملك عمل ! أنتى متأكدة أنك ثراء بنت العز وأكل الوز واللى واخدة الدكتوراة من لندن
قرصتها ثراء بوجنتها قائلة:
–أه يا أختى ثراء ثم يلا بقى زمان شهاب على وصول
أسرعت ضحى فى الوقوف أمام المرآة تتأكد من وضع حجابها و أن كل شئ على ما يرام فهى تريد ترك أثر طيب بنفس والد ووالدة شهاب فهى تعلم أن والدته إمرأة أرستقراطية من الطراز الأول
بعد مرور عشر دقائق ..دق جرس الباب أسرعت ثراء فى فتح الباب تبتسم لشهاب وعمها وزوجته وميرا قائلة بترحيب:
–أهلا أتفضلوا نورتوا
دلفوا جميعاً أشارت إليهم ثراء الجلوس بغرفة الصالون لحين مجئ منير ،اتخذ كل منهم مقعده فولج منير يهتف قائلا بإبتسامة:
–أهلا بيكم منور يا ابنى أنت وأهلك
إبتسم شهاب إبتسامة واسعة قبل أن يضع باقة الزهور التى يحملها قائلاً:
–دا نورك أنت يا عمى منير
عادت ثراء ثانية لغرفة الصالون ولكن تلك المرة برفقة ضحى التى تعلقت بيد ثراء وهى تشعر بخجل العالم أجمع فهى بدأت بالضغط على يد ثراء من شدة توترها فنظرت إليها ثراء قائلة بهمس:
–ضحى إهدى مالك متوترة كده ليه حرام عليكى شوية وهتكسرى إيدى
أزدردت ضحى لعابها قائلة:
–أنا أسفة يا ثراء بس بجد حاسة ان عايزة الأرض تتشق وتبلعنى
إبتسمت ميرا على ملامح وجه ضحى المتشنجة فهى تعلم كيف يكون ذلك الشعور وخاصة عندما تقدم الفتاة على تلك الخطوة الهامة بحياتها فتركت مكانها تقترب منها قائلة:
–أهلا بيكى يا عروستنا تعالى أقعدى جمب ماما
أخذتها من مرفقها تجلسها بجانب لبنى وجلست هى بجانبها على الطرف الآخر
نظر عزام لمنير قائلاً بصوت رزين:
–إحنا النهاردة يا حاج منير جايين نطلب إيد بنتك لإبنى شهاب رأيك إيه
ضمت ضحى يديها تفركها بتوتر فى إنتظار سماع رد والدها على ما قاله عزام فمدت لبنى يدها تربت على يدها بابتسامة قائلة:
–مالك يا عروستنا متوترة ليه كده
ردت ضحى بصوت خافت:
–أبدا أنا كويسة مفيش حاجة
رفعت لبنى بصرها عن وجه ضحى لتنظر لمنير قائلة:
–مقولتلناش رأيك يا حاج منير وصدقنى بنتك هنشلها فى عينينا بس أنت وافق
دام صمت منير لحظات يفكر هل ستكون إبنته سعيدة بتلك الزيجة ؟ فهو رأى شهاب وعائلته فهو علم الآن مدى ثراء تلك العائلة التى كان يسمع عنها من إبنته ولم يرى ذلك سوى اليوم ولكن رأى أيضاً سعادة إبنته فهو لا يخفى عليه تلك السعادة المتوارية خلف خجلها ولكن أيضاً أخبرته بشأن أنها أستخارت الله قبل أن تخبرهم بموعد للمجئ لخطبتها فربما سيكتب الله لها الخير بتلك الزيجة
هتف منير باسماً وهو يقول:
–وأنا موافق
زفر شهاب بإرتياح بعد سماعه كلمة الموافقة من والد عروسه المستقبلية فنظر إليه قائلاً:
–إن شاء الله مش هخلى بنتك تتندم على جوازها منى ولو سمحت يا عم منير نكتب الكتاب بعد بكرة والفرح يبقى فى أى وقت على العروسة ما تجهز براحتها بس عايز نكتب الكتاب
فهو يريد أن يعقد قرانه عليها حتى يستطيع أن يتحدث معها بحريته حتى يحين موعد أخذه لها إلى منزله لتصير ملكه للأبد
قطب منير حاجبيه بتفكير قائلا:
– بعد بكرة بسرعة كده
فهو بالرغم من سعادته بأنه سيرى إبنته عروس وستزف إلى زوجها ولكن لا يتخيل ان يستيقظ يوماً بهذا المنزل ولا يرى وجهها أو يستمع لصوتها الرقيق وهى توقظه من نومه كل صباح،ولكن فكر أن هذه هى الحياة آباء ينجبون أطفال ينشئون ويكبرون بكنفهم ويأتى الوقت ويتركون المنزل كالعصافير التى تهجر أوكارها لتبنى أعشاشها وتبدأ فى خوض حياتها الخاصة
أفتر ثغر شهاب عن إبتسامة مطمئنة قائلاً:
–متقلقش يا عم منير أنا برضه عارف أنك متعلق ببنتك وملكش غيرها وزعلان على أنها هتسيب البيت بس أنا عمرى ما همنعها عنه ولا أخليها تغيب عنك
إبتسمت ميرا بدورها قائلة:
–وأنا برضه البنت الوحيدة لهم واتجوزت ورحت بيت جوزى وثراء هى كمان يعنى دى سنة الحياة بس طبعا عمرنا ما بننسى أهلنا ولا حبنا ليهم بيقل
حدقت ثراء بميرا وهى تتحدث وتذكرت كيف كانت ميرا سالفاً وكيف أصبحت الآن ؟ فزادت إبتسامتها إتساعاً بحظ شقيقها حسام بإقترانه بميرا الحالية التى أصبحت أشد لطفاً ورجاحة عقل ،بعد محاولة إقناع عزام لمنير بالموافقة على عقد القران وافق منير مرحباً بذلك ،فعندما سمعت ضحى كلمة الموافقة من والدها زادت دقات ذلك الخافق بين ضلوعها وهى تشعر بالسعادة تتسلل إليها رويداً لتستوطن بداخل قلبها ،فما أجمل ذلك الشعور عندما تجد من يريد قربها بميثاق شرعى أحله له الله لتصبح نور دربه رفيقة عمره
_____________
ولجت ثراء غرفة صغيرتها وجدتها تُعد ذلك الشاى الوهمى بألعابها فبعد إنتهاءها ناولت أيسر ذلك القدح الفارغ الذى يجب عليه أن يتناوله
فهتفت مليكة به قائلة بمرح:
–حلو الشاى يا بابى
نظر أيسر داخل تلك القطعة الصغيرة التى تتخذ شكل فنجان صغير قائلاً:
–أوى أوى يا مليكة بس ناقص سكر
وضعت ثراء يدها على فمها تكتم ضحكتها وهى ترى زوجها يجلس على أحد تلك المقاعد حول المائدة الصغيرة التى أعدتها مليكة
فأقتربت منهم قائلة بضحكة عالية:
–هو الشاى ناقص سكر بس دا ناقص الشاى كله
طالعها أيسر يحمل قطعة صغيرة بشكل حلوى يدمدم بصوت منخفض:
–أومال لو شفتى الكيك اللى هى عملهولى ومقدرش اقول لاء يا ثراء
حدقت بملامحه الوسيمة والجذابة تراه كمن يجلس بأمر قهرى ولا يستطيع مخالفته فهى تعلم مدى تعلقه بصغيرته ودلاله لها وعدم رفضه لأى شئ تريده حتى وإن كانت ستجعله يجلس ويلهو معها بالدمى الخاصة بها ،فهو معها ينسى كل شئ سوى أنه يريدها أن تكون سعيدة
جلست ثراء على أحد تلك المقاعد الصغيرة بجواره قائلة:
–وأنا عايزة شاى وكيك أنا كمان يا كوكى
زاد الحماس لدى مليكة لتسرع فى إعداد قدح من الشاى ترفق معه قطعة الحلوى وضعتهم أمام ثراء قائلة:
–أهو يا مامى أتفضلى
طرأت فكرة برأس أيسر فهتف بهن قائلاً:
–ما تيجوا نعمل كيك بجد يا مليكة
تركت الصغيرة مكانها تقترب منه بحماس كبير قائلة:
–يلا يا بابى بسرعة
تعلقت بعنقه فحملها على أحد ذراعيه ومد يده الأخرى لزوجته قائلاً:
–يلا يا ثراء علشان نعمل كيكة أو تقريباً هنخرب المطبخ
ضحكت ثراء ووضعت يدها بيده وهبطوا للطابق السفلى ولجوا للمطبخ وضع أيسر مليكة على تلك الطاولة التى تتوسط المطبخ
اقتربت منهم الخادمة قائلة بتهذيب:
–أؤمرى يا ست هانم
ردت ثراء قائلة بهدوء:
–حضريلى طلبات الكيك ولو عايزة تروحى ممكن تروحى علشان ولادك وأنا هعمل الكيك
أحضرت الخادمة كل ما تريده ثراء وبعد أن انتهت خلعت مريول المطبخ وأخذت أغراضها وخرجت للذهاب لمنزلها
بدأت ثراء فى إعداد الكيك يساعدها أيسر ومليكة ولكن أصبح المطبخ بحالة فوضى مما فعلته مليكة فهى ظلت ترشق والديها بالطحين
نظرت إليهم ثراء تشهق بصوت عالى:
–يا خبر أبيض دا المطبخ مبقاش مطبخ والدنيا أتبهدلت خالص يلا بقى زى الشطار نضفوا معايا البهدلة دى
تصنع أيسر عدم إستماعه لما قالت فأقتربت منه تستطرد قائلة:
–هو أنا مش بكلمك أنت وبنتك
رفع أيسر أصبعه يشير لنفسه قائلاً:
–أنتى بتكلمينى أنا يا نور عيونى
رفعت ثراء إحدى حاجبيها تعقد ساعديها أمام صدرها قائلة :
–لاء يا روحى بكلم خيالك هتنضف معايا ولا لاء
إبتسم أيسر بدهاء قائلاً:
–من عينيا يا روحى
نظر لصغيرته يكمل حديثه :
–كوكى يلا يا قلبى روحى للدادة خدى شاور وغيرى هدومك اللى أتبهدلت دى
ردت الصغيرة قائلة بطاعة:
–حاضر يا بابى علشان كوكى تاكل الكيك وهى نضيفة
ركضت الصغيرة خارج المطبخ فأقترب منها يهمس بأذنها قائلاً:
–يلا علشان ننضف المطبخ
بدأت بمسح تلك الطاولة ولكنها وجدته يقف خلفها يمد يده يضعها على يدها يستند بذقنه على كتفها وذراعه الآخر يطوق خصرها قائلا بهمس:
–لسه فى دقيق فى الحتة دى منضفتهاش كويس
فتحت ثراء عينيها على إتساعها فهتفت بتوتر قائلة:
–أيسر إيه اللى بتعمله ده أبعد لحد يدخل ويشوفنا
لم يتزحزح من مكانه قيد أنملة بل زاد بضغط ذراعه حولها جاعلاً وجيب قلبها يتزايد حتى شعرت بألم خفقاته فتملمت بين ذراعيه تريد الفكاك منه فقدميها لن تسعفها بالوقوف كثيراً وخاصة وهو مازال يهمس لها بصوته القوى:
–مين اللى هيدخل الشغالة ومشيت والدادة بتاعة كوكى فوق وزمانها مع كوكى دلوقتى ثم نضفى بقى وأنتى ساكتة ولا بتتلككى
كيف لها أن تتجاهل دفء تلك المشاعر التى تسرى بعروقها من جراء قربه المهلك منها فأغمضت عينيها تستند عليه فرفعت وجهها بعد برهة تطالع وجهه المطل عليها بإبتسامة فهتفت بصوت ناعم:
–ويبقى إسمه إيه ده بقى ها أنت هتيجى معانا كتب كتاب شهاب صح
أومأ برأسه بالايجاب فمرت أنفاسه على وجهها وهو يدنو بوجهه منها يقطف من زهور وجنتيها ورحيق تلك الشفاه المُسكرة شعر بحاجتها للهواء فأطلق سراحها من بين قضبان ساعديه فوجدها هى من تعود ليأسرها من جديد ،ولكن وجدها تهتف فجأة بصوت عالى :
–الكيكة دى زمانها أتحرقت
فتحت ثراء باب الموقد وأخرجت قالب الكيك وضعته وهى تتنفس الصعداء قائلة:
–الحمد لله متحرقتش شوية كمان وكانت هتتحرق
حدقت بوجه زوجها تكمل حديثها:
أيسر متتدخلش معايا المطبخ تانى مفهوم يا حبيبى
إبتسم أيسر على تهديدها له فهتف بها قائلا:
–براحتك أنا كنت عايز أساعدك بس الظاهر أنتى اللى مش عايزة هطلع أخد شاور بقى عايزة منى حاجة تانية
غمزة من خضراوتيه جعلت الدماء تتسابق فى الوصول لوجنتيها تجعلها أكثر توهجاً وإحمراراً فرأى أنه من الأفضل له الذهاب الآن فهى أخذت حصتها كاملة من مشاكسته لها اليوم بعد خروجه أسرعت ثراء فى ترتيب المطبخ ووضعت الكيك بالأطباق تحملها له صغيرتها وزوجها دلفت غرفة مليكة وجدت المربية تمشط لها شعرها
فأقتربت منهن ثراء قائلة بإبتسامة:
–الكيك أهو يا مليكة علشانك أنتى والدادة
نظرت إليها المربية بإحترام قائلة:
–تسلم إيدك يا ثراء هانم
ردت ثراء قائلة:
–تسلمى كليها ونامى يا كوكى علشان تصحى بدرى علشان حضانتك يا روحى
أقتربت من صغيرتها تقبلها على وجنتيها فإبتسمت مليكة قائلة:
–خلى بابى يجى يبوسنى قبل ما أنام يا مامى
–أنا جيت أهو يا قلب بابى
تمتم بها أيسر وهو يولج الغرفة فقفزت الصغيرة من مكانها تقترب منه تندفع إليه ليضمها و يقبلها قبل نومها فأطمعها من الحلوى ثم وضعها بالفراش يدثرها جيداً فلم يشأ الخروج قبل أن يراها تغرق بنعاسها بعد إطمئنانه على أنها غفت أخيراً أخذ زوجته وذهبوا لغرفتهم ولجوا للداخل أخذ منها الطبق يضعه على المنضدة ليبدأ عناقها من جديد ولكن تلك المرة بحرية تامة فهم الآن بعالمهم الخاص فتلك اللحظات الحالمة لن يستطيع أحد أن يقاطعها فطفق يردد إسمها ونسائم الليل تردد معه تنير هى درب العشق من بهاء وجمال وجهها ترشده عينيها لطريق النعيم
فغمغم لها بصوت دافئ:
–بعشقك يا أغلى ما فى حياتى
عاد يخبرها إياها من جديد تلك الجملة التى لا تعادلها أو توازيها أى كلمة أخرى فست كلمات ضمنها كل معانى الحب فهى لا تستطيع وصف شعورها بتلك اللحظة التى يخبرها بتلك الكلمات التى تجعلها تسبح بغيمة وردية من الأحلام والأمنيات
____________
برحاب مسجد الحسين بالقاهرة، وبعد الإنتهاء من تأدية صلاة العشاء، أجتمعت عائلة الرافعى، وجلس شهاب يضع يده بيد منير والد ضحى لعقد القران ،ظل شهاب شهاب يردد مثلما أخبره المأذون لينتهى عقد القران بتلك الجملة الشهيرة التى يطلقها المأذون بالاخير:
–بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير
تقدم أيسر وحسام يوقعون على قسيمة الزواج ليكونا بذلك الشاهدان على عقد القران ،لتقترب النساء من تقبيل ضحى وتهنئتها ،فظلت ثراء وقت لابأس به وهى تطوق صديقتها ودموع السعادة تغشت عينيها فهتفت قائلة:
–مليون مبروك يا ضحى ربنا يتمملك بخير يا حبيبتى
ربتت ضحى على ظهر ثراء وهى قائلة:
–حبيبة قلبى متحرمش منك ابدا يارب يا ثراء
تلقى شهاب التهنئة من جميع أفراد عائلته ولكن عيناه صارت تتبع تلك الجميلة التى يراها تبتسم لنساء العائلة المحيطين بها ليجد والدها يقترب منه
شد منير على يد شهاب مصافحاً وهو يخبره بتلك الكلمات التى يريده أن يوفى بها :
–شهاب خلى بالك من بنتى أنا مليش غيرها فى دنيتى وأوعى فى يوم تزعلها أنا عارف أن بنتى إن شاء الله مش هتحاول تزعلك
ربت شهاب على يد منير يريد أن يطمئنه فهو يرى بعينيه خوفه على فراق إبنته الذى بدا جلياً على وجهه فطالعه بهدوء:
–أطمن يا عم منير بنتك فى عينيا مش عايزك تقلق خالص
شعر منير بصدق صوته فهذا ما جعله أن يطمأن أن إبنته ربما ستسعد بزيجتها من هذا الشاب الذى ما عاودت عيناه عن البحث عنها من جديد وسط الجمع المحيط بها،فكم يتحين هو ذلك الوقت الذى يجلس معها يحدثها بما يكنه لها بقلبه
فهتف جمال بالحاضرين قائلاً بصوت سمعه الجميع:
–يلا بينا يا جماعة علشان شهاب عازمنا كلنا على العشا ولا ايه يا شهاب
لم يستطيع شهاب منع ضحكته على ما أقترحه عمه فيبدو على الجميع أنهم على دراية بما يريد شهاب فعله فأرادو المزاح معه فرد شهاب قائلاً:
–بس كده يلا بينا وفى أفخم مطعم كمان
خرجوا جميعهم من المسجد،فأخذ كل منهم سيارته يسبقهم شهاب بسيارته التى يرافقه بها عروسه ووالدها ،وصلوا لأحد أرقى المطاعم الشهيرة المطلة على النيل، رحب العاملين بشهاب وعزام فهم يرتادون هذا المطعم كثيراً
أقترب شهاب من المدير قائلاً:
–أنا عايزك تعملنا قاعدة خاصة بينا كلنا شوف عدد الأفراد قد إيه وأعملنا مائدة كبيرة وعايزة أحسن أكل موجود عندكم النهاردة
أومأ المدير برأسه بتهذيب قائلا:
–أمرك يا شهاب بيه حضرتك صاحب مكان مش مجرد زبون سواء حضرتك ولا عزام باشا منورينا عن إذنك
أسرع العاملين فى تجهيز تلك المائدة التى ألتف حولها الجميع ،جلست ضحى بين شهاب ووالدها، وتلك الدماء الحارة التى صبغت وجهها تشتد إلتهاباً ،حتى وجدت شهاب يميل برأسه قليلا إليها يهمس لها:
–مبروك يا عروسة يعنى مفيش ولا كلمة كده ليا خالص وعماله تهربى منى
أزدردت ضحى لعابها لاتعرف بما تجيبه فهى سابقا كانت تتعمد إغاظته وإثارة سخطه بحديثها فماذا حدث لها الآن ؟ فهى كمن فقدت النطق فجأة إلا أنها أستطاعت القول بصوت مبحوح:
–عايزنى أقولك إيه
رفع شهاب أحد حاجبيه يحدجها بإبتسامة عريضة يقول ممازحاً:
–يعنى مفيش مبروك يا حبيبى يا اللى بقيت زوجى وقرة عينى
أفلتت إبتسامة من بين شفتيها على ما تفوه به فتلك هى المرة الأولى التى تسمعه بها يمزح معها ،فربما لديه من الخصال الجيدة ما لا تعلم عنها شئ ، ولكن تلك الخصال القديمة من العجرفة والغرورة تدعو الله أن لا تراها به ثانية
خيمت المحبة والمودة على جلسة العشاء،سعد عزام بحضور أيسر فبالرغم من أنه لم يوجه له كلمة منذ حضوره إلا أنه لم يفتعل الضيق أو الحزن من رؤيته بل هو جالس يمازح حسام وشهاب وصغيرته التى لا تنفك عن أن تستأثر بإهتمامه بها وملاطفته إياها
بعد إنتهاء العشاء ،أنصرفوا تباعاً عند خروج عزام من المطعم لم ينتبه للدرج فأنزلقت عصاه وكان على وشك السقوط هو الآخر إلا أنه وجد يد تقبض على ذراعه تحول بين ذلك إلتفت عزام ليرى من فعل ذلك وجد أيسر يحدق به قائلاً:
–حاسب أنت كان ممكن تقع ،أنت كويس
لم يصدق عزام أن من سانده هو أيسر فقبل أن يراه يسحب يده عن مرفقه شد عليها بيده الأخرى قائلاً:
–أنا الحمد لله شكراً يا أيسر
زفر أيسر بهدوء قائلاً:
–الشكر لله عن إذنك ومبروك لشهاب
أما ثراء فكانت تتابع ما يحدث لاتنكر شعورها بالسعادة كون زوجها مازال قلبه حانياً حتى على من أراد به السوء سابقا ،وصل إليها يدير محرك سيارته ينطلق بها سريعاً ،ومازال عزام واقفاً وتلك الإبتسامة الهادئة تغزو شفتيه
_____________
ظل يدور حول نفسه بغرفة مكتبه فى إنتظار مجئ ذلك الحارس المكلف بمراقبتها ليأتى له بكل المعلومات اللازمة عنها فهو لايعلم لما يفعل ذلك ولكنه يعلم شئ واحد أنه يريد معرفة كل شئ عن تلك الطبيبة الحسناء المسماه سما ولكن فكر قليلاً هل من الممكن أن تكون هى تلك الفتاة المنتظرة التى حدثته والداته بشأنها ولكن لا ينكر هو شعوره بالخوف من الإقدام على تلك الخطوة ويحدث ما حدث سالفاً عندما رأى ثراء أول مرة ولكن لا يعرف لما يشعر تلك المرة بشعور مغاير لذلك الذى شعر به تجاه ثراء لم يدوم تفكيره طويلاً فهو خرج من دائرة أفكاره على طوت طرقات على باب الغرفة
فجلى صوته قائلاً بصوت هادئ:
–أدخل
ولج ذلك الحارس يقدم التحية بتهذيب فحاول أمير أن يوارى تلهفه لسماع أخبارها فأشار إليه بالتقدم فوضع الحارس الأوراق من يده قائلا بإحترام:
–أتفضل يا أمير باشا دى كل المعلومات عن الدكتورة سما مهران
نظر أمير للأوراق نظرة شاملة إلا أنه أراد سماع المعلومات منه فهتف به قائلا:
–أه وعرفت عنها إيه عايز كل حاجة بالتفصيل
بدأ الحارس يسرد له كل تلك المعلومات التى حصل عليها من كل الاماكن التى تتواجد بها كالحى الذى تقطن به وأيضاً مكان عملها:
–هى حضرتك عندها ٢٨ سنة باباها متوفى من حوالى سنة كان شغال مدير بنك ومامتها شغالة فى منصب كويس بوزارة التربية والتعليم هى ملهاش أخوات وحيدة كانت مخطوبة من حوالى سنتين بس العريس سابها وأتجوز واحدة تانية أنا معرفتش سبب الخلاف بينهم إيه بس هى من ساعة فسخ الخطوبة وهى رافضة الجواز مع أن فى شبان كتير أتقدمولها بس هى مش موافقة على حد نهائى
وضع أمير إحدى يديه أسفل ذقنه قائلاً:
–وأنت عرفت الحاجات دى كلها إزاى
إبتسم الحارس قائلاً:
–أبدا يا باشا بواب العمارة ومراته أديتهم قرشين قروا بكل حاجة على طول أى خدمة تانى يا أمير باشا
رد أمير وهو يتفحص الأوراق ولكن تلك المرة بعناية :
–لاء خلاص روح شوف شغلك
خرج الحارس وظل أمير يفكر فيما سمعه فربما خطيبها السابق قد خلف بنفسها مأساة ليجعلها رافضة الزواج هكذا ،وجد نفسه يسحب سترته يرتديها فاليوم موعد ذهابه إلى العيادة حسبما أخبرته هى بضرورة مجيئه ،وصل إلى سيارته ينطلق بها سريعاً حتى وصل أمام تلك البناية التى تقع بها العيادة ،ولج للداخل أخبر الممرضة بشأن حضوره لمقابلة الطبية فاشارت إليه بالجلوس ،جلس أمير فى إنتظار أن يحين موعد دخوله ولكن طال الوقت كثيراً إلا أنه رفض الإنصراف قبل رؤيتها قبل أن يصيبه السأم كان قد حان دوره أغلق أزرار سترته يتأهب للدخول كأنه على وشك خطبتها
ولج أمير الغرفة قائلاً بلباقة:
–السلام عليكم يا دكتورة سما أنا جيت زى ما حضرتك قولتى
رفعت سما رأسها لترى من يحدثها فنظرت إليه بملامح وجه خالية من أى تعبير يستطيع به معرفة إذا كانت سعيدة أو أصابها الضيق من رؤيته
ردت سما بهدوء:
–أهلا يا أستاذ إيه
حاولت أن تتذكر أسمه ولكن عقلها لم يسعفها بتذكره فهى يأتى إليها يومياً العديد من المرضى وليس لديها الوقت بتذكر أسماءهم
أصابه الضيق من عدم تذكرها إياه فهتف بنبرة مقتضبة:
–أسمى أمير أمير الصواف يا دكتورة سما مهران
ضمت سما حاجبيها بغرابة من حدة صوته كأنها أرتكبت شئ خاطئ بعدم تذكره فرفعت إحدى حاجبيها قائلة:
–وحضرتك مضايق كده ليه وأنت بتقول أسمك ولا ضرسك لسه بيوجعك يلا ما علينا أتفضل أقعد
جلس أمير وبدأت هى بمباشرة عملها أخرجت إبرة مخدر تحقنها بلثته أنتظرت قليلاً وسألته قائلة:
–حاسس أن عندك المكان ده منمل حقنة المخدر اشتغلت علشان أبتدى
أومأ أمير برأسه فعادت ثانية وأخرجت أدواتها الطبية لتبدأ فى معالجته مر الوقت حتى أنتهت مما تفعل فهتفت به قائلة:
–خلاص كده يا أستاذ أمير النهاردة حطتلك حشو مؤقت وكمان كام يوم هنحط الحشو النهائى أتفضل حضرتك
ترك أمير المقعد فشرعت سما فى خلع قفازيها تلقيهم بالقمامة وسحبت قناعها الطبى ولكن عندما إستدارت وجدته ما زال واقفاً مكانه فنظرت إليه قائلة بغرابة:
–فى حاجة تانية يا أستاذ أمير حاسس إن ضرسك وجعك أو حاجة
جاءها رده أسرع مما كانت تتوقع فهتف قائلا بلهفة:
–لاء دا قلبى اللى واجعنى مش ضرسى يا دكتورة سما من ساعة ما شوفت ضرسى خف وقلبى وجعنى
أتسعت حدقتيها مما قاله فهل هو مصاب بداء الجنون ؟ حتى يأتيها ويخبرها بحديثه هذا فأزدردت لعابها تهتف به بغضب:
–أنت شكلك مجنون يلا أمشى من هنا أنت أتجننت
ظلت تتراجع بخطواتها للخلف حتى إصطتدمت بالحائط خلفها فرفعت إحدى أدواتها الطبية الحادة تلوح بها أمام وجهه قائلة:
–أنت لو ممشيتش من هنا أنا هوديك فى داهية أنت فاهم متفتكرش أن أنا خايفة منك
فهى حقاً خائفة بل مرتعبة فتلك الذكرى السوداء التى حدثت لها منذ عامين عندما حاول خطيبها السابق الإعتداء عليها وأنقذت هى نفسها من بين براثنه بصعوبة وهى أصبح لديها رهاب شديد وخوف عندما تجد رجل يخبرها بهذا الكلام أو يقترب منها حاولت كثيرا التغلب على خوفها ولكن فى أقرب فرصة تعود لخوفها ثانية
–أهدى يا دكتورة أنا والله قصدى شريف ومالك كده خايفة هو أنا هاكلك اهدى متخافيش والله ما قصدى أخوفك
قالها أمير وهو مازال متعجباً من هجومها المفاجئ عليه عندما سمعت تصريحه لها
أصبحت أنفاسها ثقيلة وفرت دمعة من إحدى عينيها فمسحتها بإصرار قائلة:
–أنت كداب أنتوا كلكم زى بعض واغرضكم دنيئة كلكم زى بعض كلكم سفلة
لم يعى مغزى حديثها ولكن يعى شئ واحد أنه عندما رأى خوفها وتلك الدموع التى ملأت عينيها شعر بوخز بقلبه فمن تقصد بحديثها ومن جعلها هكذا فتذكر عندما اخبره الحارس بشأن خطبتها السابقة وترك خطيبها لها فهل هو من فعل بها ذلك وجعلها تفقد ثقتها بالمحيطين بها
رفع يده يشير إليها أن تهدأ من ثورتها العارمة عليه فهتف قائلاً:
–أهدى يا دكتورة سما أنا ماشى وأسف لو كنت ضايقتك
خرج أمير من العيادة بينما هى أرتمت على مقعدها تضع وجهها بين يديها وظلت تبكى مسحت دموعها بإحدى المحارم الورقية وضغطت على الزر الموضوع على مكتبها فدلفت الممرضة هتفت بها سما قائلة:
–أنا هروح دلوقتى علشان تعبانة لو فى مرضى برا اعتذرلهم علشان أنا مش قادرة أكشف على حد تانى دلوقتى
خلعت رداءها الطبى وأخذت حقيبتها،خرجت من العيادة أخذت سيارتها تقودها بهدوء فعادت الدموع تملأ مقلتيها من جديد حتى وصلت إلى البناية السكنية التي تقطن بها وسؤال واحد يلح على عقلها وهو متى ستتخلص من ذلك الخوف الذى يصيبها من رؤية رجل يتودد لها ؟
_____________
نفخت تمارا بضيق وهى تذرع الشارع ذهاباً وإياباً فى إنتظار خروج شهاب من الشركة فاليوم سيتم تنفيذ ذلك المخطط الذى أخبرتها به تلك المرأة ،نظرت لساعة معصمها وجدت أنه تأخر اليوم بالخروج من الشركة،عندما رفعت رأسها لمحت خروج أيسر برفقة ثراء فأسرعت فى الاختباء خلف إحدى السيارات المصفوفة أمام الشركة،بعد إطمئنانها لرحيلهم خرجت من خلف تلك السيارة التى كانت مختبأة خلفها ثوانى ووجدت شهاب يخرج من الشركة فأسرعت الخطى شبه راكضة حتى وصلت إليه
هتفت قائلة بوداعة:
–شهاب بيه
إلتفت شهاب إلى مصدر الصوت فضم حاجبيه يتمتم بغرابة:
–تمارا هو أنتى ! إيه اللى جابك هنا تانى وصحيح اليوم اللى خرجتى تجرى فيه من الشركة وأيسر قالى أنك كنتى بتدورى على حاجة فى مكتبه انتى إيه حكايتك بالظبط
أحنت تمارا رأسها قائلة :
–أنا هقولك على كل حاجة يا شهاب بيه بس فى حاجة حضرتك لازم تشوفها علشان لما اقولك اللى عندى تصدقنى ممكن تيجى معايا وهعرفك كل حاجة
شعر بالريبة منها فحاول صرفها قائلاً:
–مش عايز أسمع منك حاجة يلا أمشى من هنا بخيرك وشرك
تركها شهاب وذهب لسيارته فتح الباب يتخذ مكانه خلف المقود وجدها تفتح الباب الآخر للسيارة تتخذ مقعدها بجوارها
هتف شهاب بها بصوت صارم:
–هو فى إيه يلا أنزلى قولتلك مش عايز أسمع منك حاجة
نظرت إليه تمارا بوداعة وهتفت بصوت منخفض:
–طب حضرتك إسمعنى ولو الكلام معجبكش ممكن تنزلنى على أول الشارع أشوف تاكسى وأروح
قاد شهاب السيارة بروية حتى إبتعد عن مبنى الشركة فنظر إليها قائلا:
–ها قولى عايزة تقولى إيه خلصينى
أخرجت تمارا تلك الزجاجة الصغيرة التى تشبه زجاجة العطر فالقت رزازها على وجه شهاب وماهى إلا ثوانى حتى غط شهاب فى نوم عميق نتيجة ذلك المخدر الذى أستنشقه
أخرجت هاتفها ووضعته على أذنها قائلة:
–خلاص هو فى العربية معايا أهو فين الرجالة اللى هتشيله
دقائق وسمعت تمارا طرق على زجاج السيارة فرأت رجلين ضخام الجثة يشبهون المصارعين فعلمت أن هذان الرجلان هم المخولين بأخذ شهاب ففتحت الباب وترجلت من السيارة قائلة:
–أهو نايم هتوه وحطوه فى العربية التانية ويلا بينا
حمل الرجلان جسد شهاب المتراخى ووضعوه بإحدى السيارات جلس أحدهم خلف المقود تجلس بجواره تمارا والآخر يجلس بجوار شهاب فى الخلف ،وصلت السيارة إلى أحد تلك البنايات السكنية المهجورة التى تنتظرهم بها تلك المرأة حمل أحد الرجلين شهاب على كتفه حتى وصل للداخل وضعه على مقعد
فهتفت به تلك المرأة قائلة:
–أربطة فى الكرسى كويس ماشى وبعد ما تخلص فلوسكم أهى ومش عايزة أشوف وشكم تانى
تقدم الرجل الآخر يأخذ من يدها النقود يشير لصديقه بأن يتبعه،بعد خروجهم إلتفت إليها تمارا قائلة:
–أهو جبتهولك أهو لحد عندك فين الشيكات والفلوس
إبتسمت تلك المرأة بخبث قائلة:
–عايزة فلوسك يا تمارا والشيكات حاضر
أخرجت من حقيبتها سلاح نارى اطلقت منه على جسد تمارا التى سقطت على الأرض تلتقط أنفاسها بصعوبة قائلة:
–ليه هو ده وعدك ليا تغدرى بيا
اقتربت منها وأنحنت إليها قائلة :
–أصلك كنتى زى الصداع يا تمارا ووجعتى دماغى كتير والصراحة مش ضامنة بعد ما تسبينى تعملى إيه هتوحشينى يا تمارا
رمشت تمارا بعينيها بضعف قبل أن تغمضها للأبد وتلك الدماء تسيل من جسدها ،استقامت بوقفتها واقتربت من مقعد شهاب حملت بين يديها دلو من الماء سكبته بوجه شهاب الذى انتفض يشهق بصوت عالى التقط أنفاسه والماء يقطر من رأسه ووجهه عندما حاول رفع يده يمسح وجهه وجد جسده مكبل بالقيود بالمقعد الذى يجلس عليه
حدق بوجه تلك المرأة قائلاً:
–أنتى مين
حول بصره لجسد تمارا الملقى على الأرض غارقة بدماءها فاتسع بؤبؤ عينيه قائلاً بذهول:
–إيه ده أنتى قتلتيها ليه عملتى كده وعايزة منى إيه
أقتربت منه تضع فوهة سلاحها النارى أسفل ذقنه ترفع به وجهه لتجعله ينظر إليها فتمتمت بإبتسامة جانبية قائلة:
–عارف أنا عايزة منك إيه عايزة أحرق قلب أبوك عليك زى ما كان هو السبب فى حرق قلبى لازم يدوق النار اللى دوقتها لما يروح منه إبنه الوحيد وأكيد من حسرته عليك هيموت هو كمان وأبقى كده ارتحت
طغى الحقد والكره على صوتها طالعت شهاب بحقد أسود فظل شهاب يتذكر ماذا فعل والده بها حتى تريد إلانتقام منه هذا الانتقام الغاشم ،فهل هى عانت منه فى الماضى،فوالده أخطأ كثيرا بماضيه فحاول كسب مزيد من الوقت للتعرف على هويتها
ضيق شهاب ما بين عينيه قائلاً:
–بس أنتى علاقتى إيه بوالدى تعرفيه منين أو هو يعرفك منين
إبتسمت بسخرية قائلة:
–أبوك مكنش يعرفنى أنا شخصياً كان يعرف أخواتى شريف وسيرين فاكر سيرين اللى كانت مرات أبوك اللى دخلها السجن هى وأخوها أنا بقى أبقى أختهم وأعرفك بنفسى سالى
رد شهاب قائلا بعدم إكتراث:
–تشرفنا يا سالى بس هو حضرتك خطفانى ليه أخواتك غلطوا وكان لازم يتعاقبوا ثم إحنا منعرفش عنهم حاجة من ساعة ما أتحبسوا احسنلك تفكينى وتسبينى أمشى أحسن مش هيحصل كويس أنتى فاهمة
شعرت بالسخط الشديد من نبرة صوته الغير مكترثة بما هو فيه فهى تريد أن تذيقه الويل جراء ما فعله والده بأشقاءها فهى تريده أن يتجرع من كأس الحسرة والندم الذى تجرعت منه هى سابقاً
أقتربت منه بشرار يتطاير من عينيها قائلة بنزق:
–ليه هو أبوك مقلكش أن شريف وسيرين أنتحروا فى السجن وماتوا بعد دخولهم السجن بشهر واحد...
يتبع....!!!!
الاكثر قراءة هذا الشهر :
موعد البارت الجديد الساعة ( 4 م ) يوميا ان شاء الله
هنا تنتهى احداث رواية سر غائب البارت الخامس والاربعون ، يمكنكم اكمال باقى احداث رواية سر غائب البارت السادس والاربعون أوقراءة المزيد من الروايات المكتملة فى قسم روايات كاملة .
نأمل أن تكونوا قد استمتعتم بـ رواية سر غائب " متاهة العشق والإنتقام" ، والى اللقاء فى حلقة قادمة بإذن الله ، لمزيد من الروايات يمكنكم متابعتنا على الموقع أو فيس بوك ، كما يمكنكم طلب رواياتكم المفضلة وسنقوم بوضعها كاملة على الموقع .