رواية أصبحت أسيرته البارت السادس عشر 16 - روايات سماح نجيب ( سمسم)

   نقدم اليوم احداث رواية اصبحت اسيرته البارت 16 من روايات سماح نجيب . والتى تندرج تحت تصنيف روايات رومانسية ، تعد الرواية  واحدة من اجمل الروايات رومانسية  والتى نالت اعجاب القراء على الموقع ، لـ قراءة احداث رواية اصبحت اسيرته كاملة بقلم سماح نجيب من خلال اللينك السابق ، أو تنزيل رواية اصبحت اسيرته pdf كاملة  من خلال موقعنا .


رواية أصبحت أسيرته البارت 16 - روايات سماح نجيب ( سمسم)



أصبحت اسيرته الفصل السادس عشر

* أصبحت أسيرته *
١٦– "وجه من الماضى "

وقع جواد فى حيرة من أمره ، أيلحق بزوجته التى ركضت خارجة من المشفى بعد مطالبتها له بطلاقها ، أم بهلينا التى أنفجرت بالبكاء وخاصة بعد إعلان الطبيب وفاة جدتها ، أقترب منها وجدها تتشبث بقميصه وهى باكية وتنتحب بملأ فاها:
– جواد تيتة ماتت ماتت

ربت عليها وهو يحتويها بين ذراعيه وعيناه عالقة بأخر الرواق الذى فرت زوجته هاربة منه ، أخرج هاتفه للإطمئنان على وصولها المنزل ، فأجابته الخادمة بأنها جاءت منذ خمس دقائق فأمرها أن تذهب بالهاتف لها ، فهو يعلم أنها لن تجيب على هاتفها

دق الخادمة على الباب جعلها تترك الفراش بعد أن كانت دافنة وجهها بالوسائد تبكى ، فتحت الباب فناولتها الخادمة الهاتف وانصرفت

لم تكن تعلم هوية المتصل حتى سمعت صوت زوجها قائلاً بلهفة:
– تالين حبيبتى أنتى كويسة تالين ردى عليا

ردت تالين قائلة ببكاء:
– أنت عايز منى إيه تعال علشان ترجعنى مصر مش عايزة أقعد هنا تانى ولا عايزة أفضل على ذمتك قولتلك طلقنى يا جواد

حاول التخفيف من حدة غضبها فهتف بها قائلا:
– والله العظيم هقولك على كل حاجة يا تالين وهتعرفى كل حاجة بس دلوقتى جدة هيلينا ماتت وممكن معرفش أرجع البيت دلوقتى علشان....

لم يكمل حديثه ، فهى أغلقت الهاتف بوجهه ، فزفر بيأس ، ولكن شعر قليلاً بالراحة لكونها بالمنزل ، وانها لن تستطيع مغادرته حتى يعود ، فهو يعلم أن غضبها منه وصل ذروته الآن ، ولكن هو لديه واجب أخر يجب تأديته
______________
مسدت ديما على ذراع كريمة بحنان لتسترعى أنتباهها ،بشأن وصولهما للمشفى من أجل المعاينة الطبية التى نصحها بها طبيبها الخاص ، فهى تعانى من وعكات صحية من حين للأخر ، خاصة إذا أصابتها نوبات حزن أو تتذكر رحيل زوجها الحبيب

هتفت بها ديما بصوت هادئ:
– طنط كريمة يلا بينا وصلنا المستشفى أنتى سرحانة فى إيه كده

تبسمت كريمة تتنهد بحزن :
– أفتكرت عمك حسنى يا ديما كل ما افتكر انه سابنى ومات قلبى يوجعنى وخصوصا ان جواد هو كمان مسافر كان هو اللى بيصبرنى على فراق باباه

أيماءة ديما الرقيقة ،أفهمتها أنها تتفهم حزنها ، فلم تشأ ان تطيل الأمر عليها ،فترجلت من السيارة تتبعها ديما ، التى أقتربت منها تجعلها تتأبط ذراعها تسير بخطوات متمهلة ،حرصاً على راحة زوجة عمها

وصلا للداخل وأقتربت ديما من إحدى الممرضات تسألها عن إسم الطبيب الذى أتت كريمة من أجل معاينته لها
أشارت لها الممرضة بالرواق الذى يقع به غرفة الكشف الخاص بذلك الطبيب

طرقت ديما الباب بتهذيب لتستمع لصوت من الداخل ،ولجت على أثر سماع إذن الدخول

رفع هادى رأسه ليرى من ولج للتو فعلقت عيناه بتلك الحسناء التى تبسمت برقة قائلة:
– حضرتك الدكتور هادى

تبسم هادى إبتسامة عريضة وهو يترك مكانه قائلاً:
– أيوة أنا خير مين حضرتك

إطالته التحديق بها ،جعل وجهها يكسوه حمرة الخجل ، فإستدارت برأسها تشير لزوجة عمها التى تقف خلفها قائلة:
– كتا جايين علشان طنط تعبانة والدكتور نصحنا أن نيجى لحضرتك

تبسم بهدوء لكريمة يشير لها بالجلوس ،وعاد ليجلس على مقعده خلف المكتب وهو يقول بمهنية:
– حضرتك بتشتكى من إيه بالظبط يا مدام كريمة

تنهدت كريمة بخفوت قائلة:
– عندى حالات صداع شديد وساعات بيحصل حالات اغماء انا عملت تحاليل كتير واشعة ومفيهاش حاجة بس مش عارفة بيحصلى ده من إيه

حرك هادى رأسه بتفهم فنظر إليها قائلاً:
– تمام يا مدام كريمة انا هعملك اشعة تانى وتحاليل وهكتبلك حاجة تخفف الصداع لحد ما الأشعة تتعمل وبعدين هنشوف هنعمل ايه

خط هادى بيده على ورقة بيضاء بعض أسماء العقاقير الطبية والأشعة المطلوبة ، وناولها إياها وإستطرد قائلاً يوجه حديثه تلك المرة لديما :
– انا كتبتلك كمان على الأشعة اللى هتتعمل خلى بالك منها يا أنسة متشرفتش بالاسم

ردت ديما قائلة:
– ديما النصراوى وإن شاء الله الأشعة هتكون عندك فى أقرب وقت يا دكتور يلا بينا يا طنط كريمة

كمن يرغب أن تترك عيناه محجرهما وتسير خلف تلك الحسناء التى كانت تجلس أمامه منذ قليل

تبسم لنفسه وهو يتمتم بإسمها:
– ديما النصراوى

شرد بخياله لما يعجز لسانه عن قوله ، ففتاة لم يقابلها سوى منذ دقائق جعلت أفكاره تتمحور حولها ،كأنه لم يرى حسناوات من قبل ، ولكن تلك بها شئ مميز سيحرص هو على معرفته ، فيالسخافة تفكيره التى تجعله من مرة واحدة يمنى نفسه بها
______________
بإبداء موافقتها المبدئية على إنجاب وريث له ، جعله لا يدخر جهداً بتدليلها ، وجعل كل مطالبها محل التنفيذ الفورى ، من أجل أن يحصل على مبتغاه منها ، فها هو يرسل لها السائق الخاص به يحمل من الهدايا ما تكفى نصف دزينة من النساء

تبسمت جوليا وهى ترى السائق يلج يحمل ما عجزت يداه عن حمل تلك الاغراض فهتفت به باسمة:
– إيه الحاجات دى كلها يا قاسم

إستقام قاسم بعد انحناءه لوضع الهدايا من يده على الطاولة العريضة فأجابها بتهذيب:
– دى حاجات بعتها طلعت بيه علشان حضرتك هروح اجيب الباقى من العربية

خرج قاسم ليعود بعد دقائق يحمل ما تبقى من أغراض يضعها بجانب ما تم وضعه سابقا

أخرجت جوليا نقوداً من حقيبتها تمد يدها له بها وهى تقول:
– شكرا يا قاسم وخد دول علشانك

تناول قاسم النقود من يدها يبتسم إبتسامة كارهة ،فأعتصر النقود بين قبضة يده ، فهو سعيد الحظ بانشغالها بأن تتفقد ما ارسله زوجها ،ولا ترى قسمات وجهه التى ملأها شر عظيم ، فهو حرص على إخفاء ملامح وجهه الحقيقية بلحية كثيفة ،وقصة شعر وعدسات لاصقة ليخفى لون عيناه ،حتى لا يتعرف عليه طلعت ،ويكشف أمره ويعلم أنه إبن غريمه القديم بسوق الأعمال ،والذى حاول أكثر من مرة كشف حقيقته ،فما كان من طلعت وولده رامز سوى نصب فخ له ، عانى منه قاسم حتى الآن

فهمس بداخله :
– صبرك عليا يا جوليا أنتى وطلعت أما خليتكم تندموا الباقى من عمركم مبقاش قاسم لازم تدفعوا تمن أخطأكم كلها وبالفوايد كمان

رفعت جوليا رأسها وجدته مازال واقفاً ، فزوت ما بين حاحبيها تمهيد لسيل السباب اللاذع الذى يمكن ان تغرقه به كعادتها مع العاملين بالمنزل ، فهى إمرأة صعبة المراس ، لا يريد أحد أن تطاله بعجرفتها
– فى إيه انت وافق ليه هنا يلا على برا مش جبت الحاجة يلا أخرج

أولاها قاسم ظهره يسرع بالخروج ، قبل أن يجد يده قابضة على عنقها يزهق روحها
فما كان منه سوى إصتطدامه بأحد من هؤلاء الذين تصدروا لائحته السوداء بالانتقام

دفعه رشدى عنه بحدة قائلاً:
– فى إيه مش تفتح يا بتاع أنت وتشوفك ماشى فين

إبدى قاسم إعتذاره بخنوع إجاد رسمه على محياه وهو يقول:
– أنا أسف يا رشدى باشا

عدل رشدى من ياقة قميصه بزهو ، وهو يستمع لتبجيل قاسم ،كمن أغرته نفسه على أن يصبح مثلما قال ، ولكنه أفاق على حاله سريعاً ،بتذكره وجه طلعت

خرج قاسم يلتفت خلفه من الحين للآخر ،يبتسم بمكر فسيكون رشدى ثانى ضحاياه ، وسيبدأ اليوم فى تنفيذ ما أعده له من مكائد ، فهو ينتظر فقط أن يحل المساء ويذهب رشدى إلى بيت البغاء والفسق الذى يقضى به أوقات السمر خاصته

بالمساء ...جلس قاسم مترقباً حضور رشدى فهو يعلم أنه اليوم سيأتى باكراً ، بعد إستراق السمع وهو يهاتف إحدى الفتيات بتلك الشقة التى يعتاد الذهاب إليها

لم يدم إنتظاره طويلاً ،فها هو رشدى يترجل من سيارته ، يطلق صفيراً من بين شفتيه ،ولج للبناية السكنية التى تقع بها تلك الشقة

طرق رشدى الباب طرقات عدة ، حتى فتح الباب فتاة لا يسترها سوى ثوب فاضح ، تتعالى أصوات الضحكات والمجون بالداخل

تغنجت المرأة قائلة:
– منور يا رشدى منور يا حبيبي

وضع رشدى ذراعه حول كتف المرأة وهو يلج للداخل قائلاً:
– ليليتنا فل الفل يا قمر أنتى

لم يكد يكمل ما يقول حتى جرها خلفه لإحدى الغرف ،التى شهدت على نزوات كثير مما يرتادون هذا المكان الفاسق

لم يدم على بقاءه برفقتها بالداخل سوى عشر دقائق ،واستمعا لأصوات جلبة عارمة بالخارج ، لم يكن لديهما الوقت الكافى لارتداء ثيابهما ،حتى وجدوا رجال الشرطة يقتحمون المكان يلقون القبض على كل من كان بالشقة

حاول رشدى أن يأخذ ثيابه ليوارى فضيحته ،فأبى العسكرى أن يناوله إياها ،يصر على خروجه كما هو لا يستره سوى شرشف السرير

صرخ رشدى قائلاً:
– بقولك سيبنى ألبس هدومى أنت مش عارف أنا مين وبشتغل مع مين أنا مش هسكت

أغضب حديثه المتفاخر ضابط الشرطة المكلف بأداء تلك المهمة فما كان من الضابط سوى أن أقترب منه يصفعه قائلاً:
– هتكون مين ياروح أمك انت مفكر نفسك مين ياض أنت دا انا جايبك من شقة دع*** ياننوس وعلى الكلمتين الحلوين اللى قولتهم دول
هتأنسنى شوية هعرفك أنت مين ومين أنا يلا خدوه من هنا

جره العسكرى بعنف ،يكاد يسقط على وجهه ،من قبضة يده القاسية على ذراعه ، ولكنه لا يهمه كل ذلك ،فهو يخشى ما سيحدث لاحقاً عندما يعلم طلعت بأمر إلقاء القبض عليه بأحد بيوت البغاء ، فهو من سيقضى عليه وليس حكم القانون

زادت إبتسامة قاسم إتساعاً برؤية ذلك المشهد الذى أنشرح صدره لرؤياه ، فتلك هى العثرة الأولى التى سيضعها بين رشدى وطلعت وستتوالى الكوارث حتى يصل الأمر بطلعت بأن لا يتوانى عن التخلص من رشدى ،وبذلك يكون حقق أنتقامه من الذراع الأيمن لطلعت الزينى بدون أن تتلوث يداه بدماءه
______________
رن هاتفها للمرة الخامسة ، تأبى هى فتحه وسماع صوت تلك الفتاة ، فهى تعلم بأى شأن هى تريدها ، فهى تريدها من أجل نقود أخرى ستطالبها بها ، فهى وإن كانت إستطاعت تدبير المال بالمرة الأولى ، فلا تعلم إذا كان سيحالفها الحظ تلك المرة أو لا

عندما يأست من سماع رنين الهاتف المزعج ، فتحت الهاتف تضعه على أذنها قائلة بصياح:
– فى إيه يا نايا عايزة منى إيه تانى أرحمينى بقى

ردت نايا بصوت ساخر:
– عايزة سلامتك يا ديما بس بفكرك بخصوص فلوس الدفعة النهائية اللى كنت هطلبها منك ولا نسيتى يا روحى

نفخت ديما قائلة بضيق:
– وأجبلك فلوس منين تانى دلوقتى جواد لسه مرجعش مصر علشان أطلب منه فلوس أعملك إيه أنا

خيم الصمت قليلاً حتى سمعت صوت نايا قائلة بخبث:
– لو مش عارفة تجيبى الفلوس عندى حل تانى يا ديما

فكرت ديما لوهلة فتسألت بغرابة :
– حل تانى إيه ده يا نايا تقصدى إيه

رنت صوت ضحكة بشعة من نايا وهى تقول:
– فى واحد شافك وهيموت عليكى يا ديما ويتمنى بس تقعدوا مع بعض قعدة لطيفة وهيدفع مبلغ كبير أوى

كأن صاعقة ضربت رأس ديما ، فما الذى تهذى بيه تلك الرعناء ،وماذا تقصد بحديثها المهين هذا ؟ ألا تعلم من تكون هى ؟ وما بإمكانها فعله بها ،فهى لم تصمت على إبتزازها لها إلا من أجل جواد ، فهى لم تريده أن يقع بمأزق بسبب حماقتها

فصرخت ديما بجماع صوتها الغاضب:
– لاء دا أنتى فعلا أتجننتى يا نايا ايه اللى بتقوليه ده انتى مفكرانى إيه يا نايا وازاى تتجرأى وتطلبى طلب زى ده أنتى لو قدامى دلوقتى كنت قطعتك حتت بسنانى يا نايا

أغلقت ديما الهاتف وألقته من يدها على الأريكة ،ووجهها يكسوه حمرة الغضب ،من ذلك الطلب الفج الذى تقدمت به تلك المدعوة نايا ، فتتابعت أنفاسها بغصب ساحق ،توسوس لها نفسها بالذهاب لمنزل نايا والقضاء عليها

سمعت طرق على باب غرفتها ، تلج على اثره كريمة التى تبسمت لها وهى تقول:
– ديما نائل أبن خالتك جه تحت وعايز يشوفك

شعرت ديما بغرابة من مجيئ نائل مرة أخرى ، فهو لم يكن معتاد على زيارتها إلا بين وقت وآخر ، فحتى بالرغم من الصداقة بينه وبين جواد ، كان عمله وسفره الدائم يمنعه من المجئ

خرجت من تفكيرها على صوت كريمة وهى تقول بإبتسامة عريضة:
– هى إيه حكاية نائل بقى ييجى هنا كتير يا ديما

زوت ديما ما بين حاجبيها ، كأنها تزن كلمات كريمة بعلقها لتعلم مدلولها ، فإتسعت عيناها مما فطنت إليه قائلة:
– تقصدى إيه يا طنط كريمة هو بييجى يشوفى عادى يعنى ابن خالتى وبيطمن عليا مفيش حاجة تانية من اللى بتفكرى فيها خالص

افتر ثغر ديما عن ضحكة خافتة، عندما علمت ما تقصد كريمة بتلميحها هذا ، نائل فكيف لها ذلك ؟ فبصغرهما لم تتشاجر مع أحد مثلما كانت تتشاجر معه ويثير حنقها ، وبالتالى كانت تشعر بالكره ناحيته أوقات كثيرة ، ولكن ربما خفت حدة مشاداتهما الكلامية وشجارهما ، عندما أصبحت فتاة يافعة وتركت مصر من أجل إتمام دراستها بالخارج ، وأصبح هو رجل اعمال شاب ذائع الصيت بمجاله ، فأصبحا راشدين بتعاملهما سوياً

باغتتها كريمة بسؤالها:
– ديما أنت مفيش حد بتحبيه ، أو نفسك تتجوزيه

ربما اليوم أصابتها الغرابة من إلحاح كريمة بسؤالها عن أحوالها العاطفية ، فهى لا تعلم لما كثرت أسئلتها اليوم ، حتى أنها تتخيل بوجود شئ خفى بين نائل وبينها

ولكن سؤالها الأخير ، جعل عقلها يذهب بلمحة خاطفة ، فنبض قلبها كوميض على بدء علامات إشارة الخطر ،الذى شعرت به من تلك المرة التى رأت به صاحب ذلك الوجه الوسيم ، والذى أنطبعت صورته بعقلها ،تستدعيها كلما دعتها الحاجة لتشعر أنها كأى فتاة بمثل عمرها ، بخفق قلبها لرؤية وجه معين أو تتذكر صاحبه

حاولت ديما إخفاء توترها بتلك الابتسامة الهادئة وهى تقول:
– أكيد يا طنط كريمة لو فى حاجة هقولك أنتى عارفة انا مش بس بعتبرك مرات عمو لأن أنتى أمى كمان وصدقينى لو فى حد معين وأكون متأكدة هاجى أقولك كمان وأقولك بحبه وجوزهولى وساعتها جواد هيرقص من الفرحة أنه هيخلص منى ويلا زمان نائل زهق من الانتظار تحت وأنا عرفاه ملوش طولة بال عامل زى جواد

نطقت بجملتها الاخيرة متفكهة ، فهى تعلم أن جواد ينتظر ذلك اليوم الذى سيزفها لزوجها ، يوفى بذلك العهد الذى قطعه لوالداها وعلى نفسه بأنها ستظل برعايته وكنفه ، حتى يأتى من سيأخذها تصبح سيدة منزله

زفرت بخفوت وهى تفكر ،هل سيأتى حقاً ؟ أم أن ذلك حلم كباقى الأحلام ،التى تظل عالقة كثمار بشجرة عالية ،لا تستطيع اليد الوصول إليها ، وقطفها لتستلذ بحلاوتها ، فتتبقى المرارة والعجز بالنفس
________________
يقف جواد بحُلته السوداء ، وقميصه الأبيض المفتوح أسفل عنقه ، ضامماً كفيه مستقيم بوقفته ، بجوار هيلينا التى أرتدت الثياب السوداء حداداً على جدتها ، تجفف عينيها بالمحرمة القطنية التى تحمها بيدها التى ترتدى بها قفاز اسود من الدانتيل ، وتضع حجاب أسود على رأسها

وقف القس أمام ذلك التابوت الخشبى الذى يحوى جثمان جدة هيلينا ،يحمل بيده الكتاب المقدس ، يتلو منه لإنهاء الطقوس الجنائزية ، وبعد أن ردد جميع الحاضرين كلمة " أمين "

أشار القس بحمل التابوت لإنهاء الطقس الأخير ، وهو وضعه بتلك الحفرة التى تناسب حجمه تماماً
ساهم جواد مع الآخرين بحمل التابوت ، حتى أستقر مكانه ، وبدأوا بنثر التراب عليه
حملت هيلينا حفنة من التراب تلقيها على التابوت وهى تلقى عليه النظرة الأخيرة قبل إختفاءه تحت طبقات من التراب
أنصرف الحاضرين وظلت هيلينا أمام القبر ، تبكى وتتألم لفراق جدتها ، فهى من كانت تأنسها عند مجيئها لألمانيا ، فهى الآن لا تملك أقارب لها هنا

لم يعد لديها سوى ذلك الواقف بجانبها ، تعلم ما يشعر به ، وأنينه الصامت ، فهى ساهمت بدون قصد ، فهى هدم حياته مع زوجته ، التى ربما فسرت وجودها معه تفسير خاطئ

صرفت بصرها تلقاء وجهه قائلة:
– جواد أنا عايزة أقابل مراتك

قطب حاجبيه بحيرة فلما تريد فعل ذلك ؟ ولكنه يعلم أنها لن تكون مواجهة سهلة بينها وبين تالين ، فحتى وإن لم يكن يعلم تالين منذ وقت طويل ، فيكفيه أن يعلم أنها من النوع الغيور ، لا يخفى عليه نظراتها الغيورة ،حتى قبل أن تصارحه بحبها له ، فنبرتها الهازئة كانت تطوى خلفها نيران الغيرة

ولكن نزعته كرجل شرقى عاشق لزوجته ، فهو يشعر بالسعادة كونها تغار من أى أنثى أخر تقترب منه ، أو تربطه بها علاقة لا تعلمها

رفع جواد يده يحط بها على كتف هيلينا ، فهزها برفق قائلاً:
– هيلينا إسمعينى تالين دلوقتى لو شافتك صدقينى مش بعيد تمسكوا فى بعض وتضربوا بعض ، وأنتى نفسيتك دلوقتى تعبانة بسبب موت جدتك ، فالافضل استنى يومين وتحصل المواجهة بينكم علشان تكونى محافظة على أعصابك ماشى يا حبيبتى

أومأت برأسها موافقة ، ولكن تشبست بسترته قائلة بدموع:
– جواد بليز بلاش تسيبنى اليومين دول أنا بجد تعبانة وخايفة ، عارفة أن تقلت عليك وبوظتلك حياتك بس دلوقتى مبقاش ليا غيرك يا جواد

وضعت رأسها على صدره وانتحبت بقوة ، فأخذته الشفقة عليها ، فهو أيضاً لا يستطيع رؤية حزنها ،أو أن تستجديه لشئ ،ويخيب ظنها به

ولكن ماذا يفعل مع زوجته ؟ التى يهاتفها كل ساعة تقريباً ، وهى لا تجيبه ، علاوة على ذلك أن ذلك المكان الذى تم دفن جدة هيلينا به كما كانت توصى دائماً بمدينة أخرى غير تلك المدينة التى يقع بها منزله بألمانيا ، ولكن شدد أوامره للخدم بضرورة الاعتناء بها لحين عودته

طوقها جواد بذراعيه ،يهدهدها قائلاً:
– إهدى يا هيلينا أنا معاكى واليومين دول هفضل معاكى لحد ما تيجى معايا على بيتى لأن مش هسيبك فى ألمانيا قاعدة لوحدك وأنتى كده

تنفست هيلينا براحة ، وتبسم ثغرها رغم بكاءها ، فهو كالصخرة ، التى تعلم أنها لن يصيبها مكروه إذا ظلت تحتمى بها وتختبئ خلفها

أخذها وسار بطريقهما ، تلتفت هى من الحين للأخر تنظر للقبر ، حتى وصلا لإحدى السيارات ، تتخذ مكانها بجواره ، تستند برأسها على طرف المقعد ، تحاول أن تنال قسط من الراحة التى لم تنالها منذ دخول جدتها المشفى ،حتى تم دفنها اليوم
_____________
دلو الماء البارد الذى أنسكب على رأسه ونصف جسده الأعلى ، جعله يشهق كأنه غريق يواجه موجة مياه عاتية ، فتح عيناه ينظر حوله يتذكر ما حدث
فتمتم قائلاً:
– هو إيه اللى حصل

فكل ما يتذكره أنه بعدما أتى له الحارس بالماء والثياب النظيفة ، ومحاولته إستدراج ذلك الحارس للداخل ، وضربه على رأسه بقطعة من الحديد الصدأ وجدها بالقبو ، ومحاولة فراره ، فما كاد يخطى خارج القبو ، ظناً منه أن الحارس الآخر ،ذهب لقضاء حاجته ، حتى شعر بشئ معدنى يضرب رأسه من الخلف، فخر ساقطاً فاقداً للوعى

سمع صوت الحارس هادراً بفحيح :
– بقى أنا أعمل فيك معروف يا كلب تقوم تضربى على راسى صحيح أتق شر من أحسنت إليه

تتابعت أنفاسه وأزدرد لعابه للمرة التى لا يعلم عددها ،عندما رأى الحارس المصاب برأسه ينظر له شرزاً بكراهية ، ومازالت الدماء على رأسه ، تتساقط على جبينه العريض المنغض بتجعيدات أنبأت نبيل بأنه سيلقى حتفه الآن لا محالة

فحاول أن يبدى أسفه ،فظل يتراجع بجسده للخلف بخوف وهو يقول:
– أنا أسف والله مش قصدى أنا أسف أبوس إيدك بلاش تموتنى

أقترب منه الحارس بخطوات حثيثة ،تثير الرعب بقلب نبيل أكثر ، فأنحنى إليه يمسكه من تلابيب ثيابه ، وأخرج سلاحه النارى قائلاً:
– إيه رأيك دلوقتى بطلقة واحدة من المسدس ده وتطلع روحك على طول

– لاء أبوس إيدك متموتنيش أنا أسف
قالها نبيل بإستجداء ، حتى أنه لم يكتفى بذلك بل ظل يقبل يد الحارس ليتركه وشأنه ، ولكن كأن الحارس مستمتعاً بإذلاله ، فكلما زاد بإرهابه ،زاد نبيل بإستعطافه وإبداء أسفه

حتى سمعا صوت خلفهما يصيح بهما قائلاً:
– هو فى إيه وبتعملوا إيه وانت فاكك الحديد من إيديه ليه هى دى الأوامر اللى قولتلكم عليها

أنتفض الحارس بعد سماع ذلك الصوت ، فسارع بإخفاء سلاحه النارى ،يهتف بخنوع وطاعة:
– أنا أسف يا باشا والله الواد ده كان عاملينا قلق وكان عايز يهرب بس لحقناه

مال نبيل برأسه جانباً ،ليرى ذلك الرجل الواقف أمام الباب ،والذى لم يستبين ملامحه جيداً ،بوقوف الحارس أمامه يحجب عنه الرؤية

زوى نبيل حاجبيه الكثيفين قائلاً بهمس:
– هو مين ده أنا أول مرة أشوفه

صاح الرجل بالحارس ثانية:
– يلا رجعه مكانه واربطه زى ما كان بسرعة

إلتفت الحارس لنبيل ،يسحبه معه بقسوة ،يجلسه على المقعد ثانية ،يحكم إغلاق أصفاده الحديدية ، فهمس له قائلاً:
– حسابنا مع بعض لسه مخلصش اصبر عليا الباشا بس يمشى وهوريك

رجف بدن نبيل من تهديد الحارس ، ومن وجود ذلك الرجل الذى سحب مقعد خشبى يجلس عليه ،يضع ساق على الأخرى ،فلم يمنع نبيل فضوله بتلك اللحظة فهتف قائلا:
– هو أنت مين وعايز منى إيه وحابسنى هنا ليه انا عملتلك حاجة أنا حتى أول مرة أشوفك فيها

أنحنى الرجل بجزعه قليلاً للأمام قائلاً:
– عايز تعرف أنا مين أنا دعوت أمك وأبوك عليك لما أنت كنت مزهقهم ودعوا عليك وقالولك يبتليك باللى ينكد عليك عيشتك أهو انا بقى اللى هنكد عليك وعلى عمرك وهخليك فاكرنى لحد ما تموت

لم يكن بإنتظار تلك الإجابة ،التى كانت كفتيل أشعلت وألهبت خوفه ورهبته أكثر ، فهو صادق القول ،فربما ما يحدث معه دعوة أبويه الساخطة له ، فهو من أثار غضبهما عليه ، بإتخاذ طرق ملتوية فى الحصول على المال ، فهما من أنذراه مراراً وتكراراً بترك أكل المال الحرام ، ولكنه ضرب بكلامهم عرض الحائط
_______________
ثلاثة أيام وهى لم ترى له وجه ، سوى تلك المكالمات الهاتفية التى تمتنع هى عن الإجابة عليها ، ولكن كم من مرة حالت بين إمتداد يدها للهاتف وأن تجيبه وتطالبه بالعودة للمنزل ، وأن يحل أرتباطهما ، ويمنحها الطلاق ويعيدها لبلادها

فلو رأت ذلك المتعجرف الآن ، لا تعلم ماذا ستفعل به ، فربما ستطبق بيديها على عنقه وتزهق روحه ، أو ربما ...
ربما ماذا ؟
هل مازالت تشتاقه ؟ تشعر باللوعة لغيابه وعلمها بوجوده مع أنثى أخرى ، هل قلبها يخفق يناشدها بسماع صوته ليريحيه قليلاً من خفقانه المهلك

فهى أن طاوعت ذلك ستكون حقاً أنثى بلا كرامة أو كبرياء ، فليس الحب مذلة بين الرجل والمرأة ، فاللحب كرامة أيضاً ، بأن يحافظ كل طرف على عدم المساس بالاخر والانتقاص من شأنه وأهميته ، فالحب ليس علاقة غرامية أو عاطفية ، يهدر بها كبرياء العاشقان ، فإن لم يزد الحب من حفاظ كل طرف على شعور نصفه الآخر ، فمن الأفضل ألا تستمر تلك العلاقة السامة ، فسم الحب إذا سار بالأوردة جعلها كالتفاحة المهترئة التى لا تهواها النفس ، بل نتخذ كل الوسائل للتخلص منها

منذ متى وهى لديها نظرة فلسفية بالحب ؟ منذ أن وافقت على أنه تهبه قلبها بخفقاته ودقاته ، منذ أن صارت له زوجة حقاً تعرف ما لها من حقوق وعليها من واجبات

فشعورها بالعجز هنا لعدم التصرف ، هو من يأجج نيران الغضب بداخلها أكثر ، فهى لو بمصر ،لكانت ذهبت لمنزل أبويها

جلست على تلك الأرجوحة بالحديقة ، فأستندت بظهرها عليها براحة تغمض عينيها، لعلها تريح عقلها من التفكير

ولكن صوت خطوات داعسة على أوراق الشجر ، جعلتها تفتح عينيها لترى من القادم

فرأته يلج بخطاه الواسعة تجاهها عندما رأها تجلس بالحديقة ، فاقترب منها متلهفاً لرؤياها متمتماً:
– تالين حبيبتى عاملة إيه مكنتيش بتردى عليا ليه

قبل أن تفه بكلمة ، لمحت هيلينا تلج خلفه تحمل حقيبة على ذراعها وأخرى تجرها خلفها ، فاستشاطت منه غضباً فصرخت بوجهه قائلة:
– أنت لسه ليك عين تقول حبيبتى وكمان جايبها معاك إيه البجاحة دى طب أستنى أما أنا أمشى من البيت وأبقى هاتها جايبهالى لحد هنا يا جواد أنت مستحيل تكون بنى إدم وبتحس زينا

أنتظر حتى أفرغت ما بداخلها من غضب وإستياء ، فهو لا يلومها على سوء ظنها به ، فأى أنثى أخرى كانت ستفعل ما فعلت ، وهى ترى زوجها برفقة إمرأة أخرى لا تعرفها ولا تعرف من تكون ؟

حاول أن يقترب منها ولكن مازاده تقربه منها ، سوى إبتعادها هى عنه ، فهى لا تريده أن يضع يده عليها ، فلو بإمكانها ربما لنشبت مخالبها بوجهه ، لصرخت بملأ جوفها ، ولكن هى كمن تشعر بالعجز لفعل ذلك

قبل أن تطلق ساقيها للريح هروباً من المكان ، وجدته قابضاً على كفها يمنعها من الحركة :
– تالين إستنى قولتلك لازم تسمعينى وتعرفى مين دى

نفضت يده عنها بقسوة قائلة:
– وأنا مش عايزة أعرف مش عايزة أشوف وشك أصلاً ،قولتلك رجعنى مصر وطلقنى فاهم ، والا مش هيحصل طيب ، أنا مستحيل أعيش مع واحد خاين وكذاب زيك ، والحلوة معاك هتنسيك كل حاجة

خرجت هيلينا عن صمتها فهتفت بها متمتمة:
– أنتى لازم تسمعيه هيقولك إيه متخليش غضبك يعميكى

جزت تالين على أسنانها ،تحدق بهلينا بشرار يتطاير من عينيها ،فرفعت سبابتها بوجهها قائلة:
– أنتى بالذات تخرصى خالص وإن كان عليه أنا سيباهولك خالص أشبعى بيه

اعتلى الغضب ملامح هيلينا هى الأخرى وهى تقول:
– أنتى باين عليكى إنسانة سطحية بتاخد بالمظاهر بس من غير ما تفهم

هذا أكثر ما تتحمله أعصابها الثائرة ، فأقتربت منها بدون وعى ،ولكن قبل أن ينشب عراك بينهما ،كان جواد يقف حائلاً بينهما ، فعلا صوته قائلاً :
– بس أنتى وهى انتوا كمان هتتخانقوا وأنا واقف

أغتاظت من بروده أكثر ، وانه ليس متأثراً بكشفها لخيانته لها ، يتعامل مع الأمر كأنه لم يفعل شيئاً ، ولكن هذه هى عادته دائماً ، فهى من تفقد دائما برودها أمامه

فخرج صوتها ساخراً:
– أنت خايف أضرب الحلوة بتاعتك لاء متخافش مش هضربها أنا سيبالكم المكان وماشية

ركضت للداخل ، وهى تمسح عينيها بظاهر يدها ،ولكن قبل أن تضع قدميها على الدرج تصعد للطابق العلوى، وجدته يقبض على معصمها ، فألتفتت إليه تنفض يده عنها بقسوة وبشدة ، تحاول أن تكمل طريقها

ولكن أصتطدم ظهرها بالجدار بخفة بعد جذبها ،ودفعه لها برفق، حتى يتسنى له الحديث معها ، فرفعت عيناها تتلاقى بعيناه فى صراع عنيف أبت أن تخسره عيناها

فعقدت ذراعيها أمام صدرها ،تحول بين إقترابه منها أكثر ، فهتف هو بها قائلاً:
– اللى متهمانى فيها دى يا تالين دى الوحيدة اللى مش ممكن و مستحيل يكون فى بينا علاقة من اللى فى دماغك دى عارفة ليه يا تالين علشان جدة هيلينا كانت مرات أبويا وهيلينا بنت أختى وانا أبقى خالها
_________
يتبع ....!!!



موعد البارت الجديد الساعة ( 4 م ) يوميا ان شاء الله 

هنا تنتهى احداث رواية أصبحت اسيرته البارت 16 ، يمكنكم اكمال باقى احداث رواية اصبحت اسيرته البارت 17  أوقراءة المزيد من الروايات المكتملة فى قسم روايات كاملة .

نأمل أن تكونوا قد استمتعتم بـ رواية أصبحت أسيرته ، والى اللقاء فى حلقة قادمة بإذن الله ، لمزيد من الروايات يمكنكم متابعتنا على الموقع أو فيس بوك ، كما يمكنكم طلب رواياتكم المفضلة وسنقوم بوضعها كاملة على الموقع .
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-