رواية وبالحب اهتديت الفصل الثالث عشر 13 بقلم سلمى خالد

الفصل الثالث عشر من رواية "وبالحب اهتديت" بقلم سلمى خالد.

رواية وبالحب اهتديت الفصل الثالث عشر 13 بقلم سلمى خالد

وبالحب اهتديت الحلقة الثالثة عشر

وبالحُبِ اهتديت

«هُدايا وهُداكِ وبينهما العشق»

سلمى خالد إبراهيم

استغفر الله العظيم وأتوب إليه 3 مرات

حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم 7مرات

( قولهم مش هياخدوا وقت يا سكاكر♥)

بسم الله الرحمن الرحيم

الفصل الثالث عشر

( ماضي لا يموت!)

بين العشية وضحاها تحدث أشياءًا غير متوقعة، فنظن أن الماضي مضى ولكنه كان العائق للحاضر الذي سيرسم المستقبل، الآن في مواجهة لما تركه بالماضي ليصبح حاضرًا من جديد!

(ايه يا عامر مش هتستقبل بنت خالك)

امتلأت عينيها مكرًا بعدما دفعت تلك الكلمات، تنظر لعامر الذي لا يزال يقف بصدمته، بينما ازدرد الأخر لعابه بتوترٍ يتمتم دون حساب لكلماته:

_ دا أنا استقبل عزرائيل وأنتِ بذات لاء.

رفعت هناء حاجبها باستنكارٍ، ثم تحركت نحو الداخل إلى أن وصلت للردهة، تجلس باريحية مريبة بينما دلف أشقائها ولكن ربما ورثا المكر من شقيقتهما، منحهما عامر نظرة اشمئزاز يتمتم بنفورٍ:

_ هو أنتِ ايه اللي جابك عندنا؟

لم تُجيب هناء، بل اندفعت شقيقتها أميرة ولكن بصوتٍ بارد:

_ سوري يا عمورة بس دا بيت خالو ونيجي براحتنا انما لو كان بيتك عمرنا ما هنجيلك.

استنشط عامر غضبًا منها ونهض من مكانه حاملًا كتابه، ليهتف نادر ابن خاله بصوتٍ لا يبث سوى الضيق:

_ ابقى اتعلم واجب الضيافة يا عمورة عشان عيب نيجي من برة ومتحضرش لينا حاجة نشربها مش كده ولا إيه؟

رمقهم عامر بنظرةٍ نارية، ثم تحرك حاملًا نيران الغضب التي تحترق داخله بصمتٍ يصعد نحو غرفة شقيقه يطرق الباب بهدوءٍ قائلًا:

_ افتح لو سمحت يا جبران.

انتظر بضع دقائق ثم انفتح الباب ليظهر منه جبران ومن خلفه يقين، تعجب كلاهما من ملامح عامر المتضايقة ليردف جبران بدهشة:

_ مالك يا عامر مضايق ليه؟

أخذ عامر شهيقًا كبير ثم اطلقه ببطءٍ لعل غيظه يهدأ قليلًا يجيب ببسمة زائفة ولا يزال الغيظ ظاهرًا بحدقتيه:

_ مفيش دا في تلت عقارب... قصدي تلت بني آدمين تحت أنزل خد الصدمة بتاعك لإني هعتكف اوضتي لحد ما يغور من هنا.

تحرك عامر من أمامهما دون إضافة اخرى، بينما دُهش كلاهما من طريقته لتتمتم يقين بحيرة:

_ عقارب ايه؟

مط جبران شفتيه يحرك رأسه بنفيٍ قائلًا:

_ تعالي نشوف بيتكلم على إيه!

اومأت برأسها وتحركت معه نحو الأسفل يهبطان الدرج ببطءٍ عينهما تتعلق بمن يجلس على الأريكة ويوليهم ظهرهم، وصل للردهة ثم ارتفع صوته مردفًا:

_ السلام عليكم.

لم يرد أحدهم السلام ليقطب جبران جبينه بتعجبٍ ينظر إلى يقين التي ظهر على معالمها التعجب، تحرك كلاهما ليرى من يجلس متمتمًا:

_ حضرتك سمعانـ...

اتسعت عينيه بصدمةٍ واضحة، يتطلع نحو وجهها الماكر لا يعلم أهي حقيقة أم لا، نظرت يقين نحو جبران بدهشةٍ من صمته، تمسك كفه ليفيق من تلك الصدمة قائلة:

_ مين دي يا جبران؟

نهضت هناء تبتسم بخبثٍ تتقدم نحو يقين التي نظرت لها بعدم ارتياح قائلة:

_ تؤتؤتؤ عيب بجد هو غفران محكاش عني خالص.

رفعت بصرها باتجاه جبران قائلة بعتابٍ زائف:

_ كده متقولش لمراتك أنا مين!

عادت بنظرها نحو يقين مرة أخرى تنظر بتعالي واضح قائلة:

_ أنا هوني بنت خالهم.

ضيقت يقين عينيها قليلًا تشعر بأن هذا الاسم مؤلف، تتذكر حديث جبران عن ابنة خالهم ولكن تُدعى هناء، أيعقل هي؟، تمتمت سريعًا محاولة الفهم:

_ هو أنتِ بقى هناء بنت خالهم صح كده؟

اتسعت عين هناء من نعتها باسمها الحقيقي، بينما نظر جبران لطريقة هناء وضحك لما فعلته يقين، في حين تمتمت أميرة سريعًا بغضب:

_ أنتِ طرشه ولا إيه ما قالتلك هوني!

اتسعت عين يقين من تحدث تلك الفتاة معها، في حين احتدت نظرات جبران بشدةٍ، يغمغم بصوتٍ مخيف:

_ كلمة كمان يا أميرة وصدقيني هنسى أنك بنت خالي وهتزعلي مني... يقين احترامها من احترامي فاهمة!

شعرت بتوترٍ من تغيّر ملامحه إلى أخرى مخيفة، لتلين نبرتها بطريقةٍ أنوثية ماكرة متمتمة:

_ آسفة يا جبران مكنتش اقصد اضايقك.

ظلت يقين تحدق بها بصدمةٍ من تغيرها المفاجئ، تقترب برقبتها نحوها، بينما أمسك جبران يدها سريعًا قبل أن تفعل شيء متمتمًا ببرود:

_ قصدك ضايقتي يقين واللي يزعلها هيخليني أزعلك.

ابتسمت أميرة بمضضٍ، بينما شعرت يقين بسعادةٍ بالغة مما فعله جبران، تمسك بكفه تشبك أصابعها به، تستند برأسها على صدره، ترمق أميرة بنظراتٍ منتصرة، بينما منحتها الأخرى نظرات حاقدة تنم على نوايا داخلها ليست خيرة.

عاد جبران بنظراته إلى هناء التي تجلس باريحية على الأريكة، تبتسم لهذا المشهد الغريب، فشعر بالقلق نحوها ولكن حاول اخفاؤه متمتمًا بمغزى:

_ اتمنى الزيارة تكون خير.

تحرك من أمامهم يتجه نحو الأعلى، وإلى جواره يقين التي شعرت بالقلق من نظراتهم جميعًا، وصل كلاهما إلى الغرفة ثم أغلقا الباب ليسرع جبران بأمساك هاتفه مردفًا:

_ طلعيلي رقم فاطمة يا يقين.

قطبت جبينها بتعجبٍ، تتسأل بحيرة:

_ ليه؟

نظر لها بأعينٍ حاملة للقلق، يحرك رأسه بنوعٍ من التوتر يجيبها:

_ محتاج فاطمة تساعدنا... وتعرف قبل غفران أن هناء هنا لأن شكلها جاي في شر.

ازدردت لعابها بتوترٍ، تومئ برأسها ثم تحركت نحو هاتفها تعطيه الرقم وما أن انتهت من إملاء الرقم حتى رفع الهاتف لأذنه ينتظر استجابتها، يفكر بحلٍ كي يبعد تلك الحيّة من طريقهما.

**********

أغلق العلبة التي وضع بها العينة الخاصة بأرض المورثة عن والدته، يتحرك نحو الحقيبة كي يضعها بها بينما جلست فاطمة تشرب العصير على الصخرة، تغمض عينيها باستمتاع عندما تلفح نسمات الهواء وجهها فتنعش خلاياه، ابتسم لها غفران عندما لاحظ اندماجها الكبير مع ما تحتسيه، ولكن أتاه اتصال للرقم مجهول الهوية، أخذ الهاتف يستجيب للمتصل.

بالجهة الأخرى فتحت عينيها بعدما تشتت ذهنها أثر رنين هاتفها، نظرت نحو غفران لتجده منشغل مع هاتفه بجوار حقيبته، رفعت هاتفها لترد على المتصل بهدوءٍ:

_ ألو مين معايا؟

أجابها جبران سريعًا:

_ أنا جبران يا فاطمة غفران جنبك؟

قطبت جبينها تسقط بصرها نحوه فكان يبتسم تارة ويؤمئ برأسه تارة، أجابته بعدم فهم:

_ لا مش جنبي بيتكلم في التلفون.

اتسعت عين جبران خاشية من علم غفران قبل فاطمة، ليسرع بالاندفاع في الحديث:

_ هو بيكلم مين؟ عرف حاجة؟

شعرت فاطمة بالقلق من حديث جبران المبهم، لتجيبه بحيرة:

_ لا معرفش بس شكله شخص بيحبه لأنه بيبتسم له... هو في إيه؟

زفر جبران براحةٍ، ثم قال يوضح سر تصرفاته العجيبة:

_ هفهمك بس الأول خلي بالك عشان غفران ممكن يتحول ويرجع أسوأ من الأول.

استمعت فاطمة لسرده لما حدث بالمنزل وحضور هناء إلى البيت وشعرت بمأزق كبير وقعت به بحضور تلك الفتاة، ليختتم جبران حديثه بتحذير:

_ خلي بالك يا فاطمة هناء شكلها جاي في شر هي واخواتها.

بقت صامتة لا تعلم بماذا تجيب، أو ماذا تفعل فمنذ لحظات كان يعاملها بلُطف ماذا إن علم بوجود ابنة خاله هل سيعود لما كان عليه!، همهمت بصوتٍ يحمل غصة تقبض على قلبها من الخوف:

_ متقلقش يا جبران أنا هكون مع غفران لحد ما يتخطى بنت خاله.

ابتسم جبران برضٍ ثم أغلق معها تلك المكالمة، في حين نهضت فاطمة تتقدم نحو غفران ببسمةٍ زائفة احترفت برسمها، متمتمة بعدما أغلق غفران مكالمته:

_ شكلك فرحان؟

نظر لها بسعادةٍ يجيبها:

_ آه... ليا صديق عايش في القاهرة جه وهيعيش مدة هنا هو ظابط واتنقل.

ابتسمت له فاطمة بتوترٍ، ليسترسل غفران حاملًا حقيبته:

_ أنا اخدت العينة خلاص هروحك وأروح لصاحبي عشان أجيبه من محطة القطر.

أومأ برأسها وتحركت معه نحو المنزل، بينما استرسل غفران عن هواية صديقه:

_ كنا سوا في القاهرة اخدنا سكن سوا عشان كل واحد كان في كلية مختلفة هو في كلية الشرطة وأنا زراعة واتعرفنا على بعض وبقينا صحاب لما بنزل القاهرة بيقعدني معاه ولما بيجي هنا بجيبه ونقعد سوا في الشقة هنا ليا... بس المرة دي هوصله وأروح و...

قاطعته فاطمة سريعًا تردف ببسمة تحمل الحبور:

_ مش مشكلة يا غفران بات معه الليلة دي على الأقل وأنا هقعد مع ملك النهاردة.

نظر لها قليلًا يردد بشكٍ:

_ مش هتزعلي إني هسيبك لوحدك!

نفت برأسها سريعًا، تحاول اقناعه كي لا يأتي الليلة بأي طريقةٍ حتى تستطيع فهم ما يحدث حولها:

_ لالا مش هزعل يا غفران كده كده محتاجة أشوف ملك واطمن عليها ومسبهاش لوحدها.

ابتسم لها بسعادةٍ، يتضخم حبها بقلبه، لينظر أمامه في الطريق يفكر بشيءٍ ما، في حين وصلا كلاهما إلى المنزل لتقف فاطمة أمامه قبل أن يدلف للمنزل قائلة ببعض للتوتر:

_ هات أنا هطلعها وأنت ألحق صاحبك عشان ميزهقش من الواقفة.

أومأ برأسه ومنحها الحقيبة، ثم استدار يذهب نحو السيارة الخاصة بعائلة آل جبران، ليغادر المنزل متجهًا نحو صديقه، في حين زفرت فاطمة براحةٍ ثم استدارت لتدلف إلى الداخل، تفكر بما ستفعله في مواجهة غفران لماضيه، نظرت للسماء تدعو الله بخوفٍ:

_ يارب أكيد ليك حكمة إن غفران يواجه هناء دي دلوقتي وهو لسه مكملش تعافي منها... ساعدني يارب أقدر أخلص الموضوع دا بخير وغفران يبقى كويس.

أغلقت باب المنزل بهدوءٍ ثم استدارت لتصعد نحو الدرج ولكن عينيها تتأمل الردهة لعلها تجد أحدهم، لم تجد أحد لتصعد الدرج بهدوءٍ ولكنها تفاجأت بصوتٍ رجولي خلفها:

_ أنتِ مين؟

استدارت تنظر خلفها لتجد شاب طويل ذو بشرة بيضاء وشعر بني لا شبه أحد من أبناء خالها، نظرت له بتعجبٍ مردفة:

_ هو المفروض أنا اللي أسأل أنت اللي مين وبتعمل ايه هنا بقى؟

ضيق عينيه قليلًا ليرى ملامحها ثم فتحهما ببسمة ماكرة مردفًا:

_ آه عرفتك أنتِ بقى مرات غفران.

رفعت حاجبها باستنكارٍ، في حين أسترسل نادر بصوتٍ خبيث:

_ اهدي كده... أنا نادر ابقى ابن خال غفران.

تشنجت معالمها بضيقٍ ما أن علمت هويته، لتستدير كي تغادر إلى غرفتها ولكن اوقفها نادر يردد بكلماتٍ ماكرة:

_ ما لزم عقدة غفران من البنات تروح.

تجمد جسد فاطمة مكانها، تتسع عينيها بصدمةٍ، تقبض على الحقيبة بتوترٍ بعد كلماته الخبيثة، ليسترسل نادر ببسمة أكثر اتساعًا بعدما رأى تجمد جسدها:

_ ما اللي هيشوفك لزما تحليله أي عقدة... عقبال عقدتي أنا بقى.

ازداد حدقتيها اتساعًا دون النظر له، تواليه ظهرها منذ أن عرف بنفسه، لم تتحمل أن يتحدث مرة اخرى لتسرع تصعد الدرج قبل أن يتفوه بكلماتٍ مقززة مرة أخرى، بينما ابتسم الأخر بمكرٍ قائلًا:

_ دا أحنا هنلعب حلو أوي.

***********

أغلقت باب الغرفة بخوفٍ، تضع يدها موضع قلبه بعدما زادت نبضاته فأصبحت تؤلم صدرها، أخذت شهيقًا كبيرًا، ثم تحركت ووضعت حقيبة غفران جانبًا، تجلس على الفراش نازعة حجابها لعل الهواء يغذي رئتيها ولكن ما من جدوى، نهضت تضع الحجاب باهمالٍ تتقدم نحو الشرفة تجلس بها تحاول التفكير بحلٍ لما وقعوا به الآن!

***********

:_ بسيوني بسيوني.

ضحك غفران على طريقة صديقه، يتقدم نحوه بعكازه قائلًا:

_ حازم حازم منور يا عاصم كوم حمادة كله.

عانقه عاصم بحبٍ، يردد بصوتٍ حزين:

_ بنورك يا غفران... طمني عليك عامل ايه؟ وحياتك ماشية إزاي؟

نظر له بهدوءٍ ثم قال:

_ اتجوزت.

أومأ عاصم برأسه ظنًا أنها اجابة عادية، ولكن اتسعت حدقتيه ينظر نحو صديقه قائلًا:

_ نعم اتجوزت... أزاي وأنت حالف أن مفيش نون نسوة تخطي لسانك حتى!

رفع غفران كتفيه بلامبالاة ثم اجابه:

_ سُنة الحياة بقى يا عاصم.

دفع عاصم حقيبته لتسقط أرضًا، يمسك بكتف غفران بغضبٍ متمتمًا بغيظ:

_ أنت هتستعبطني! لا بقولك ايه مش تروح تقولي مفيش جنس حوا يقرب مني وارجع القيك متجوز كمان ياريتك خاطب!

ضحك على طريقته المتعصبة، ثم تحرك بعكازه قائلًا بمكرٍ:

_ طب تعالى هات الشنطة ويلا بينا على الشقة.

نفخ بغيظٍ من برودة اعصابه، ثم حمل حقيبته وتحرك معه إلى السيارة، يتحركان نحو الشقة في صمت قاصده غفران،إلى أن وصل كلاهما يصعدان إلى الطابق المطلوب ثم دلف إلى داخل ليجلس غفران يزيح هذا العكاز عن يده، ولكن ارتفع صوت عاصم المغتاظ:

_ يلا قعدنا... اتجوزت إزاي؟

زفر غفران ببطءٍ، ثم سرد له ما حدث منذ البداية حتى تلك اللحظة، ولكن ارتفع صوت عاصم بعتاب:

_ في حد يعمل كده في بنت عمته يا غفران... بتقسى عليها بالطريقة دي؟

أغمض غفران عينيه بندمٍ، يجيبه بصوتٍ مختنق من غصة قابضة على صدره:

_ غصب عني يا عاصم... أنا عمري ما كنت قاسي أنا كنت موجوع.

:_ ودا مبرر للي عملته؟

انطلق هذا السؤال من فاه عاصم، ليفتح غفران حدقيته قائلًا:

_ مش مبرر لكن أحيانًا بنتحط في مواقف بتوجعنا وتخلينا نوجع اللي حولينا من غير ما نحس ولما بنفوق بنندم.

شعر عاصم بمدى ندم صديقه، لينهض من مكانه يجلس إلى جواره على الاريكية يربت على كفه قائلًا ببسمة هادئة:

_ خلاص اللي حصل عدى بس المهم تصلح في اللي جاي... أنت عارف هتصالحها ازاي؟

أومأ برأسه مبتسمًا، في حين ربت عاصم على كفه يشير له بهدوءٍ:

_ طب قوم وروح لمراتك يا غفران... دلوقتي هي مسؤولة منك ولزمًا تشيلها.

نظر له بترددٍ أيتركه أم يبقى معه كما أخبرته فاطمة، قاطع تفكير صديقه الذي حمل العكاز ويشد ذراع غفران قائلًا ببرود:

_ يلا يالا من هنا عايز أريح شوية وانت طابق على نفسي.

رفع غفران حاجبه باستنكارٍ، يقف على قدميه بصعوبةٍ، ثم أمسك بعكازه قائلًا:

_ طابق على نفسك! تمام يا عاصم.

توتر عاصم من صمت غفران، يتابع تحركه نحو الباب، لا يرى ابتسامته الماكرة بعدما علم أنه نجح في بث القلق بقلب عاصم، أوقفه عاصم سريعًا متمتمًا بتوتر:

_ هو.. هو انت بتفكر في ايه؟

أدار رأسه ينظر له رافعًا أحد حاجبيه، ثم قال ببرودٍ:

_ رايح أطبق على نفس مراتي... سلام يا حضرة الظابط.

أغلق غفران الباب خلفه، يينما نظر له عاصم بغيظٍ ولكن سرعان ما تحول إلى قلق مما ينويه غفران فبالرغم من كونه هادئ وطيب إلا أنه ماكر.

**********

انتفضت من مكانها وهي ترى سيارة التي قادها غفران لصديقه تصف أسفل المنزل، اتسعت عينيها أكثر وهي تراه يمسك بعكازه يعرج به نحو الداخل، لتتحرك سريعًا دون أن تعي لخصلات شعرها التي تمردت أسفل حجابها، وانطلقت نحو غرفة جبران، تطرق الباب بقوةٍ، ما أن فتحه حتى قالت:

_ ألحقني يا جبران غفران جه تحت.

انتفض جبران من مكانه، ثم تحرك سريعًا نحو الأسفل ومعه يقين وفاطمة، وبالفعل وصلوا ثلاثتهم للأسفل مع دخول لغفران المنزل، تقدمت نحوه فاطمة قائلة باندفاع:

_ أنت ايه اللي جابك؟

رفع حاجبه مستنكرًا سؤالها، بينما ضرب جسدها رجفة من نظراته لتردف بتوترٍ:

_ آسفة قصدي أنت اتفقت تبات برة يعني ايه اللي غير كلامك.

كاد أن يجيبها ولكن رأى تلك الخصلات يتقدم نحوها يمد كفه نحوها يدخلها أسفل الحجاب مرددًا:

_ لينا حساب بعدين على شعرك دا.

انتبه جبران لكلماته ليردف سريعًا:

_صح لزمًا تحاسبها فوق... خدها فوق وانتصافوا.

شعر غفران بوجود خطبًا ما، لينظر إلى نحو جبران بدهشة ولكن ازدادت دهشته أكثر ما أن نطقت فاطمة بارتباك:

_ أيوة بحب اتنفخ فوق تعالى يلا.

أمسكت ذراعه لتسحبه وبالفعل تحرك معها دون فهم ما يريدوه يصعد الدرج مع فاطمة ومن خلفهم جبران ويقين التي تنظر لما يحدث بقلقٍ إلى أن ارتفع صوت ظل يتردد بعقله طيلة أربع سنوات، نعم لطالما تمنى فناء هذا الصوت وصاحبته:

_ غفران خليل أخيرًا وصلت.

قبض على عكازه بقوةٍ لاحظتها فاطمة، بينما تجمد جسد جبران ويقين معًا لتحرك يقين رأسها بنفيٍ أنه لا جدوى سيقعان عاجلًا أم أجلًا، استدار بجسده نحو الصوت ليراها بكامل غرورها أمامه، تقف تضم ساعديها لصدرها، تقف بكبرياءٍ لم يتزحزح عما كان، ابتسم غفران ساخرًا من كونه كان يخطبها، ليردف ببرودٍ اتقنه:

_ ويا ترى عايزة إيه يا هناء من غفران خليل؟

نظرت لفاطمة بمكرٍ ثم عادت تنظر لغفران قائلة بخبثٍ انوثي:

_ هوني يا غفران أنت نسيت ولا إيه؟ كنت بتناديني بيه واحنا مخطوبين!

فرغ فاه فاطمة بصدمةٍ من حديثها، تشعر بأن هناك شيء يؤلم قلبها ويزيد من اندفاع الأدرلالين فيشعرها بالرغبة بالاندفاع نحوها لضربها، لاحظ غفران تغير ملامح فاطمة إلى أخرى غاضبة مخيفة، ولكن جاهد لاخفاء ابتسامته ليجيب ببرودٍ ثلجي:

_ لا مش فاكر.

تلونت كالحية سريعًا تزيد من نعومة صوتها، قائلة:

_ إزاي مش فاكر اخص عليك كده أزعل وتبقى مشكلة!

رفعت يقين شفتها العلوي تنظر نحو هناء باشمئزاز، في حين اهتز جسد فاطمة بعدما اندفعت براكين الغضب منها ولكن أمسك يدها غفران قبل أن تندفع لأفعالٍ متهورة، يرد بصوتٍ أشعرها بالاهتمام:

_ عارفة المشكلة مش فاكرك ليه يا هناء؟

نظرت له باهتمامٍ لحديثه ولاستجابته، ليكمل غفران ببسمةٍ باردة:

_ عشان أنا مش شايفك يا هناء... أنتِ محدش هيبصلك أصلًا عايزني افتكرك.

اتسعت عين هناء بصدمةٍ من حديثه، تصك على على أسنانها بغضبٍ، لتردف بغلٍ واضح:

_ بدليل كنت بتجري ورايا وأنا سبتك!

اتسعت عين فاطمة بصدمةٍ، بينما نظر لها جبران بكراهيةٍ واضحة، في حين ابتسم لها غفران قائلًا:

_ معاكي حق فخميها في حق نفسك... بس أقولك على حاجة طلعنا شبه بعض فيها!

ضيقت عينيها قليلًا، بينما رفع غفران قدمه العرجاء قليلًا قائلًا بسخطٍ:

_ أنا أعرج في رجلي وأنتِ عرجة في دماغك.

ارتفع صوت ضحك يقين بشدةٍ، تصفق بكفها قائلة:

_ لا حلوة دي بجد.

ابتسم جبران لها ثم سحب يقين خلفه بعدما فشلت في السيطرة على ضحكها، بينما نظر غفران بحنوٍ إلى فاطمة قائلًا:

_ يلا بينا.

اومأت برأسها تنظر له بحبورٍ، يصعدان سويًا تاركين تلك الشمطاء تشتعل من الغضب بنهاية الدرج، تتوعد بالمزيد من الخراب.

**********

دلف للشرفة دون التفوه بكلمة تاركًا إياها تشعر بتوترٍ منه، تفكر بما حدث وما فعله، تتهامس مع نفسها:

_ هو هيرجع تاني لعادته ويعاملني وحش... ياربي دا لسه كنا كويسين من شوية... يوووه وأنا يهمني في إيه.

نفخت بضيقٍ واضح، يسقط بصرها عليه، ثم حسمت قرارها وتحركت نحو الشرفة تدلف بأقدامٍ مرتجفة، تفرك كفيها ببعضهما، وما كادت أن تفتح فمها حتى ارتفع صوت غفران متمتمًا:

_ متقلقيش يا فاطمة من حاجة... طريقتي معاكي زي ما هي بس سبيني لوحدي دلوقتي محتاج أكون لوحدي.

أغلقت فمها ونظرت له وهو لا يزال يواليها ظهره، ثم تقدمت منه تربت على كتفه هامسة بهدوءٍ مشجع:

_ أنا هسيبك دلوقتي بس خليك عارف إني معاك في أي خطوة هتاخدها.

ربتت على كتفه بهدوءٍ ثم تحركت من جواره إلى الغرفة تركت إياه بين صراع صفحات الماضي وما سيُكتب بالحاضر ومجهولٌ بالمستقبل، لم يتوقع عودتها أو وجودها هو بالكاد استطاع التخلص من جزءٍ صغير من عقدته من النساء، ولكن الآن أصبحت الأزمة أكبر ولا يعلم كيف يتخطاها!

**********

صباحًا...

دلف عامر من باب بعدما أوصل ملك إلى المدرسة، يتحرك نحو الطاولة التي تجمع عليها أفراد عائلة آل جبران، يجلس على مضض بعدما وجد هناء وأشقائها جالسون، لاحظ عدم وجود جبران ليتسأل بدهشة:

_ هو جبران فين يا يقين؟

كادت أن تجيب ولكن سبقتها أميرة تردد برقةٍ غريبة استنكرها الجميع الجالسين:

_ سافر لجدو جبران عشان شغل ربنا يرجعهولي قصدي يرجعهولنا بالسلامة.

قبضت يقين على الخبز بقوةٍ حتى أصبح ككرة صغيرة من العجين، نظر عامر بأعين مذهولة مما فعلته يقين بالخبز، ثم رفع بصره نحو وجهها فوجد براكين تشتعل بوجهها، ازدرد لعابه يحاول السيطرة على الموقف قائلًا:

_ هو أنتِ غيرتي اسمك وبقى يقين ولا ايه؟

رفعت أميرة حاجبها باستنكار، بينما استرسل عامر ببسمة باردة:

_ لما أسألك أنتِ ابقى جاوبي عشان عندنا عيب نجاوب مكان حد موجود.

منحته نظرة ساخرة ثم عادت لتناول الطعام، في حين أخذت يقين شهيقًا كبيرة لعل هذا الحريق المندلع بقلبها يهدأ، وعادت تأكل مع الباقية، وما كاد عامر أن يتناول طعامه حتى لاحظ نظرات نادر نحو يقين التي لا تنذر بالخير، أمسك بمعلقة صغيرة بها جبنة قديمة (مِش) ثم ادعى عدم الاتزان وألقى الملعقة على نادر الذي انتفض من مكانه ينظر باشمئزاز لملابسه يزمجر بعصبية:

_ أنت غبي يالا.

ضرب غفران بكفه على الطاولة مما أفزع الموجودين، يردد وهو لا يزال يتطلع لطبقه:

_ اللي هيقعد هنا يقعد باحترامه… مفهوم.

رفع بصره نحو نادر بنظراتٍ مخيفة، في حين تحرك نادر بغيظٍ من أمامهم نحو غرفة النوم الخاصة بالضيوف، جلس عامر باريحية يعود لتناول الطعام وما كاد أن يضع تلك القطعة الصغيرة من الخبز بفمه حتى ارتفع صوت هناء تردد بإدعاء الشفقة:

_ شكلك تعبان أوي يا فاطمة... أكيد غفران تعبك أوي عشان يبقى شكلك تعبان كده.

لم ترفع بصرها عن الطعام، بل أكملت تناولها للطعام بهدوءٍ، بينما همس عامر بحنق:

_ هو فطار باين من أوله.

اغتظت أميرة من عدم رد فاطمة لتهتف بسخطٍ:

_ ايه يا فاطمة مسمعتيش هوني وهي بتكلمك ولا معندكيش رد.

نظرت لها فاطمة مبتسمة ثم نظرت إلى غفران الذي ترك ما بيده متمتمًا بسخرية مماثلة:

_ لا كلنا سمعناها بس اعتقد اختك قالت رأيها بدون ما حد يطلب منها.

ابتسمت فاطمة ببرودٍ، تمسك بكف غفران قائلة بصوتٍ حنون:

_ بالعكس أنا شايفة إن غفران أكتر انسان مريح في الدنيا.

منحها بسمةٍ هادئة يومئ برأسه لها، ثم عاد بنظره نحو أميرة التي شعرت بالحرج قائلًا:

_ فاطمة قالت قرارها فاعتقد تخلي اختك ترمي رأيها في أي صفيحة زبالة جنبها ومتتبرعش بيه تاني عشان هيترمي تاني.

نهض من مكانه يمسك عكازه يسير إلى جوار فاطمة نحو باب المنزل يتحدثان بخفوتٍ حتى غادر المنزل بأكمله لتتحرك فاطمة نحو غرفتها، بينما كبح عامر ضحكته لينظر نحو يقين قائلًا:

_ يقين سمعتي اغنية كاف قبل كده؟

قطبت يقين ما بين حاجبيها تحرك رأسها بنفي، ليبدأ عامر بالضرب بكفيه بطريقة تصدر ايقاع موسيقى قائلًا:

_ شيفاكي متكادة ومتغاظة... آه ياعيني عليكِ يا حمارة... شيفاكي متكادة ومتغاظة... آه ياعيني عليكِ يا حرباية.

وضعت يدها على فمها تكبح ضحكتها، تتسأل ببسمةٍ جاهدت في الاحتفاظ بها:

_ ودي جبتها منين يا عامر؟

نظر لها بفخرٍ مرددًا:

_ أنتِ عارفة إن روح الفن عندي عالية وأي حاجة بطلع فيها إبداعيّ وحسيت اللحظة دي روح الفن عالية عندي فألفت الأغنية دي.

نهضت هناء وأميرة تشعران بالغيظ من عامر وحديثه الساخر، يتوجهان إلى غرفتهما دون التفوه بكلمة، لترتفع ضحكت يقين عليهما قائلة من بين ضحكها بتشفي:

_ والله أحسن يستاهلوا.

رفع أكمام عن ساعديه يردف بحماسٍ للطعام:

_ كده الواحد ياكل بنفس.

***********

(شوفلك حل مع بنتك يا كامل أنا تعبت منها ومن جنانها)

قالتها والدة سُهى السيدة منيرة بضيقٍ، نظر لها كامل دون اهتمام ثم عاد بنظره نحو جهاز الحاسوب الخاص به يكمل عمله باهتمام:

_ سبيها براحتها يا منيرة متخنقيش البنت.

انتفضت منيرة من مقعدها تحدق به في غيظٍ يرتفع صوتها بضيق:

_ أرحمني بقى أنت وبنتك... أنت مش عايش معها ومركز في منصبك والانتخابات وهي عايش في عالم افلطوني مش بتفكر غير في خيالتها وبس.

نهض كامل بالامبالاة لحديثها، ثم تحرك يحمل هاتفه بعدما نظر للساعة يردف وهو يتوجه نحو الباب:

_ على الأقل العالم دا بيخليها تبتسم فسبيها ومضايقهاش.

أغلق الباب خلفه يغادر إلى المجلس، بينما وقفت منيرة تضع وجهها بين راحتي يدها تردد بنحيبٍ:

_ يارب أنا تعبت وحاسه بنتي هتضيع مني.

*********

كادت يقين أن تدلف إلى المطبخ ولكنها سمعت صوت أميرة بالغرفة القريبة منهما الخاصة بنوم الضيوف تردف بعصبية:

_ أنا هخلي جبران ينسى اسمها ايه دي ويجري ورايا.

انتفضت هناء تضع يدها على فم شقيقتها قائلة بغضب:

_ هشش أنتِ غبية لو حد عدى هيسمعك اسكتي خالص واهو عندك اعملي اللي عايزاه.

وقع هذا الحديث على مسمعها بصدمةٍ، تشعر بأن من شعر بوجودها سيختفي هو الأخر، انسحبت سريعًا إلى غرفتها، تغلق الباب سريعًا ويديها ترتجف قليلًا من شدة توترها ورغبتها في السيطرة على أنفلات اعصابها، هتفت بمحاولة تهدأت ذعرها:

_ أهدي يا يقين جبران هيقعد يومين تلاتة برة أهدي.

انتفضت من مكانها تنظر للهاتف بعدما ارتفع رنينه، فتحركت نحوه بقلقٍ تمسك الهاتف لتجيب على زوجها، فردد جبران بنبرة تحمل السعادة:

_ أنا هرجع بليل يا يقين.

اتسعت عينيها بصدمةٍ تشعر بالخوف وعدم الأتزان بعدما ألقى قرار عودته مجددًا على مسمعها، سيتركها حتمًا هي ليست الزوجة المثالية، كل هذا تبلور عقلها حوله!

*********

رفع كفه بقدح الشاي يحتسي منه بتلذذ شديد، بينما نظر له غفران بهدوءٍ متمتمًا باستفهام:

_ وأنت جاي زيارة ولا اجازة؟

وضع قدح الشاي على الطاولة الخاصة بالمقهى الذي يجلسون به، ينظر نحو صديقه بسحابة حزن غيمت على وجهه، يجيبه بسخطٍ:

_ لا دي ولا دي جيت بالوسطة.

رفع غفران حاجبه باستنكارٍ مرددًا:

_ نعم! أنت بتتريق؟

حرك عاصم رأسه نافيًا يجيبه بغصةٍ تمزق روحه:

_ مسكت قضية واحدة ظهر لينا أنها قتلت شاب وظهر لينا أنها حادثة وغلطة من البنت في السواقة بس اتفاجأت في يوم التقارير الحقيقية وفيديو قدام باب بيتي و طلع في عيب في فرامل العربية وحد بدل التقارير الحقيقية بتقارير تانية فيها العربية سليمة عشان القاتل الحقيقي ميدخلش السجن وميظهرش في الصورة والفيديو فيه الشاب اللي لعب في الفرامل بس دا ملقتهوش ولما دورت وراه أبو القاتل عرف وقرر يقرص ودني شوية ووداني هنا وهددني بوالدتي!

زفر غفران بضيقٍ لما به صديقه، يربت على كفه لمواساته، ثم قال بتساؤل:

_ هي اسمها ايه اللي عملت الحادثة؟

أجابه عاصم دون حساب لما سيقوله:
_ اسمها فاطمة محمد بس هي للأسف فقدت الذاكرة وخرجت بكفالة واختفت بعدها!

   الفصل التالى   

"اشتركوا على قناتنا على تليجرام أو قناة واتساب ليصلكم أحدث الفصول والتنبيهات فور نشرها"

واتسابتليجرام
admin
admin
تعليقات