رواية وبالحب اهتديت الفصل الثانى والعشرون 22 بقلم سلمى خالد

الفصل الثانى والعشرون من رواية "وبالحب اهتديت" بقلم سلمى خالد.

رواية وبالحب اهتديت الفصل 22 بقلم سلمى خالد

وبالحب اهتديت الحلقة الثانية والعشرون

وبالحُبِ اهتديت

«هُدايا وهُداكِ وبينهما العشق»

سلمى خالد إبراهيم

استغفر الله العظيم وأتوب إليه 3 مرات

حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم 7مرات

( قولهم مش هياخدوا وقت يا سكاكر♡)

بسم الله الرحمن الرحيم

الفصل الثاني و العشرون

( إنتهاء قضايا 1)

الغريب أن ما نريده يبقىٰ يغادر وما نريده يغادر يبقى، فنظل بصراعٍ لا نهاية له!

صوت شهقة ضعيفة مستغيثة التقطتها أذناه، ليسير بحذرٍ اتجاه الغرفة، يرى تجمد جسد الطبيبة مكانها، فشعر بوجود خطبًا ما أسرع بإخراج مسدسه يستعد لأي هجوم، وما أن دلف حتى رأي ذلك الشاب ذو ملامح حادة، بشرة سمراء وجه قاسي مُخيف، اتجه نحو الطبيبة ليقف جوارها يردف بجدية متحفزة يصوب اتجاهه بالمسدس:

_ اللي بتعمل دا غلط... سيب البنت وقول مين بعتك؟

ضحك حسين بشدةٍ ينظر باتجاه شقيقته متمتمًا بشرٍ يتقطر من كلماته:

_ عيب يا باشا تبقى أختي معاك المدة دي كلها ومتعرفش أنا مين؟

نظر له عاصم بتدقيق، ثم أردف بهدوء:

_ أنت اللي لعبت في فرامل العربية ولعبت بتقارير؟

نظر له بسخريةٍ يجيبه وهو يغرس طرف السكين برقبة وتين حتى قطرت بالدماء:

_ الله ما أنت طلعت شاطر أهوه أمال بيقولوا عليك غبي ليه؟

حاول عاصم تمالك أعصابه من سخطه وطريقته، ينظر بعيني وتين التي تستغيث به، يتشنج وجهها بألمٍ من سكينه، نظر لها حسين يردف بنبرة مخيفة:

_كنت ناوي اقتلك بالمسدس بس فلتي منها المرة اللي فاتت ولقيت لما تدبحي زي اللي قبلك هضمن موتك.

ألتمعت فكرة برأسه عاصم يردف وهو يتطلع لزاوية الغرفة، متمتمًا بسخرية:

_ برڨو عليك اديتنا اعتراف رسمي منك إنك مرتكب جرايم القتل اللي عملتها ونسيت تاخد بالك من الكانيرات أصلها بتسجل فـ خلاص يعني مش وتين بس اللي هتكون شاهد في القضية فموتها أو عدمه مش هيفرق كتير بعد ما الكاميرات سجلت.

ضيق حسين عينيه ينظر باتجاه الكاميرات التي أشار لها عاصم ولكن فجأة هجم عليه بقوةٍ يلكمه بوجهه مما زاد من جرح وتين ولكن بالنهاية تخلصت من تلك السكين المصوبة اتجاهها، ترنح حسين إلى الخلف بينما أكمل عاصم تسديد اللكمات له ويدفعه بقوةٍ إلى زاوية الغرفة حتي يستطيع تقيد حركته، بينما لم يشعر حسين بأي شيء فلحظة المفاجأة جعلته يضعف للحظات مما أطاح به يسقط أسفل براثن عاصم.

*********

تخطو على ورقة بيضاء لتضع بعض الكلمات تصبح ذكرى هادئة حنونة نلجأ لها عندما تلجمنا القسوة، تظهر ابتسامة بائسة ضعيفة بينما يسقط نظرنا على تلك الكلمات فنتذكر أننا كنا بخير وأنه من الممكن أن نعود مجددًا بخير.

بعثرت أغراضها بالغرفة، تبحث عن تلك الورقة التي قررت أن تعطيها لغفران ولكنها ضائعة...

نفخت بضيقٍ يكسو ملامحها الحزن كما تكسو الملابس الممزقة الأجساد العارية، نهضت من الأرض تجلس على الفراش متأملة الخزانة بعدما أفرغتها، فلا تتذكر هل أعادتها أم لا المتأكدة منه أنها لم تعطها إياها.

_ إيه اللي قلب الأوضة كده؟

كلماتٌ مذهولة خرجت من فِيه بعدما تحرك بخطواتٍ بطيئة للداخل بالقرب منها، نظرت له بوجهٍ عابس تجيبه وهي تشير بكفها بضيقٍ نحو الخزانة:

_ كان في ورقة هنا مهمة أوي بنسبة ليا واخدتها معايا لما جتلك وبعدها روحت ومش فاكرة أنا شيلتها فين!

جلس جوارها ببسمةٍ ماكرة يتسأل بعدم فهم مصطنع:

_ ورقة إيه؟

خجلت فاطمة من النظر له تفرك كفيها بتوترٍ، تجيبه بارتباكٍ يزداد:

_ ورقة عادية يعني؟

ابتسم لتوترها وخجلها، ثم اقترب هامسًا بأذنها بمكرٍ:

_ أيها الرفيق للدربِ بعشقكَ اهتديتُ وبعشقيّ اهتديتَ وأصبحت السُبل بيننا سبيلًا واحد...

اتسعت عينيها بصدمةٍ من معرفة ما كتبته بتلك الورقة، أدارت رأسه نحوه بوجهٍ مذهول، بينما ضحك غفران ينهض لاتجاه محفظته الجلدية يخرج منها ورقة ذات لون وردي مطوية نصفين، يفتحها ليرى ما بها من كلماتٍ، ثم أمسك بالقلم الخاص به وخطى بكلماتٍ أخرى وتقدم لها يعطيها الورقة، تعجبت من تصرفه ونظرت بتلك الورقة فوجدته كتب بالجهة الأخرى:

“ اندثرت أحلامي وأصبحتُ بلا هواية، واقتطفت الأيامِ مني أغلى النعمِ، ولكن كنتِ أنتِ العوضُ"

زحفت بسمة مطمئنة لها، تتمتم تلك الكلمات بهمسٍ كما لو كانت لحن تدندنه، ثم نظرت نحوه متسائلة:

_ جبت الورقة دي منين؟

جلس جوارها يجيبها بهدوءٍ مبتسمًا:

_ وقعت منك في مكتب عاصم وهو شافها وادهاني.

أومأت برأسها متفاهمة، تعود للنظر إلى تلك الورقة بينما هتف غفران بمكرٍ:

_عندي ليكِ مفاجأة خلال أيام هنشوفها.

ضيقت عينيها بشكٍ بينما ضحك غفران عليها متمتمًا بمزاحٍ:

_ دِين وبرده متخفيش.

بادلته الضحكة بعدما علمت أنه سيفعل شيء ليسعدها ولكن أمسكت بتلك الورقة وبدأت تفكر بكيفية توثيق مثل تلك اللحظة.

*********

اضطربت أنفاسها وهي تجلس على مقعد جواره بالمكتب الموجود بتلك الشقة، تستمع لكلماته العملية في نقل الخشب بالموعد المناسب كي لا تحدث خسائر، وما أن أنتهى حتى عاد يجلس على الكرسي ينظر إلى جهاز الحاسوب يحرك إصباعيه بحرافية وسرعة على الأزرار، فلم ينتبه لتوتر يقين ورغبتها بأن تخبره عما تريد، حمحمت بصوتٍ عالي لينتبه لها وبالفعل نجحت بمهمتها الأولى، رفع بصره نحوها يردد بانتباهٍ:

_ معلش يا يقين مخدتش بالي منك محتاجة حاجة؟

أومأت برأسها متوترة، بينما لاحظ جبران صمتها وتوترها الجالي بملامحها، ليغلق حاسوبه ينظر لها باهتمامٍ قائلًا:

_ مالك يا يقين حصل ايه؟

تحاشت النظر له تخشى رفضه، فإن رفض فلن تستطيع فعل شيء، ستحزن وتغضب ولكن لن تخبره، هي لا تريد خسرته لأجل أمرٍ لم يظهر برأسها إلا بعدما أخبرتها مريم به، نهضت من أمامه تحرك رأسها برفضٍ قائلة ببسمة باهته:

_ لا مفيش دا موضوع كده عادي وملهوش لزمة خلص أنت شغلك وأنا هدخل أعمل الغدا.

كادت أن تستدير ولكن نهض جبران يمسك كفها قبل أن تغادر المكتب، استدارت تنظر له فاستمعت له قائلًا:

_ استنى بس قولي موضوع ايه أنا عايز اسمعك.

حركت رأسها بنفيٍ تسرع بالرد:

_ لالا خلاص أنت مشغول.

سحبها سريعًا يجلسها على المقعد ثم جلس بالمقعد بمواجهتها يتمتم بجدية يتخلل حنو:

_ الشغل ممكن نفتحه ونشتغله في أي وقت إنما كلامك معايا لو ضيعت دقيقة منه مش هيتعوض تاني.

زحفت بسمة مطمئنة لها تنظر له بامتنانٍ لقدرته على امتصاص توترها، فأجابته بخجلٍ ممزوج بتوتر طفيف:

_ أنا كنت عايزة اشتغل.

صمت جبران ولم ينطق، ينظر لملامحها التي ازداد توترها، ثم قال بهدوءٍ:

_ ليه؟

زفرت بحزنٍ تجيبه بعدما استشفت رفضه:

_ عشان مكنتش ناجحة قي أي حاجة في حياتي... نفسي أعمل حاجة وأنجح فيها... يمكن اتعلمت الأكل وكده بس برضو مش حاسه إني ناجحة... فاهمني يا جبران؟

لم يتحرك بل ظل ساكنًا، يتأمل ملامحها الحزينة للغاية، ثم نهض من مكانه يعود لمكتبه، داخله يرفض ذلك الشعور، لا يريدها أن تعمل فقط يريد أن تستريح ولا تشعر بالألم، زفر باختناقٍ يردف بعدما رأى دموعها المختنقة بحدقتيها:

_ متأكدة من قرارك دا؟ أنا مش عايزك تتعبي؟

نفت برأسها سريعًا متلفهة لموافقته، ليزفر جبران متمتمًا ببسمة هادئة:

_ بكرة الساعة 9 الصبح تكوني صاحية هبدأ معاكِ أنا الأول شغل وتكوني السكرتيرة بتاعتي ولما اتأكد إنك تمام هتنزلي تشتغلي براحتك.

شعرت بالراحة من قراره لها، لتنهض سريعًا تندفع نحوه بضمه كبير بينما ضحك جبران لطريقتها المبهجة وردد بحبٍ:

_ كل اللي يهمني راحتك.

**********

اختتم صلاة بالسلام عليكم ثم نهض يطوي سجادة الصلاة لم يعد يفعل شيء سوى الصلاة والدعاء لشقيقته، اتجه نحو خزانتها كي يحمل ملابسها ويعطيها للفقراء كـ صدقة جارية لها، وبدأ بجمع حاجاتها حتى رأى صندوق هدايا كبير بشكلٍ مبالغ فيه وكأنه صُنع خصيصًا لها، قطب جبينه وحمل ذلك الصندوق بصعوبةٍ بالغة يخرجه من تلك الخزانة، ثم بدأ بفتحه بحذرٍ وما أن كشف عن محتواها حتى رأى صنديق صغيرة مصنوعة تحمل كل واحدة منها اسم لأحد أفراد عائلة آل جبران، أدمعت عينيه بحزنٍ عليها ثم ردد بألمٍ:

_ ربنا يرحمك يا ناهد ويغفرلك... هكلمهم وأجمعهم يا حبيبتي عشان يعرفوا أنك بتحبيهم والحقيقة اللي دمرتهم.

***********

أغلق حاسوبه يفرك عينيه بإرهاقٍ واضح، يعيد رأسه للخلف مع تدليك رقبته، ولكن يدها الحانية تربت على كتفه متمتمة:

_ هو الشغل كان كتير كده؟

فتح عينيه بإرهاقٍ، يجيبها مبتسمًا:

_ للأسف جدي كان شايل عننا كتير يا فاطمة دخوله الغيبوبة مأثر علينا أنا وجبران يمكن جبران مش أوي عشان مع جدي في الشغل بس أنا مجهود عليا عشان بركز فيه.

أومأت برأسها متفاهمة لحديثه، ثم نهضت تحمل قدح القهوة الفارغ من أمامه وقررت صُنع عصير كي يهدأ من أعصابه التي اتلفها الإرهاق، وما أن سكتبه حتى عادت تجلس جواره مجددًا تفتح التلفاز ليشهدا مسلسلها المفضل ولكن أثناء تغييرها للقنوات رأت خبر بدأ الامتحانات لصفوف الانتقال فشهقت بشدة متمتمة:

_ ملك.. ملك امتحاناتها هتبدأ بكرة.

وضعت الكوب الخاص بها من بين يديها وانطلقت نحو هاتفها أسفل نظرات غفران المراقبة لها، ثم قامت بالاتصال على شقيقتها يقين تتمتم على مسمع غفران:

_ أيوة يا يقين قوليلي ملك امتحانها امتى... تسعة الصبح وهتخلص امتى بكرة.... حلو اوي... لالالا يا حبيبتي خليكي المرادي حضري الغدا وأنا هروح أجيبها متقلقيش... يلا سلام.

انتهت المكالمة بسلام تبتسم بسعادة، بينما انتظر غفران أن تحدثه لن يندفع ضدها وبالفعل انتظاره أنصفه حيث نظرت له فاطمة بتوترٍ قائلة:

_ أنا مش قصدي أدبسك بس أنا أهملت ملك أوي وهي محتاجني دلوقتي وخاصة بعد موت ماما... فلو مش حابب..

قاطعها مرددًا بضيق:

_ في ايه يا فاطمة لو كنت قولتي من قبل ما تتكلمي مع أختك مش هعترض وعارف إن ملك وحيدة دلوقتي... أنا مش هكسفك مع أختك بس على الأقل احترميني وعرفيني بتفكري في ايه... تصبحي على خير.

نهض يدلف لغرفتهما بصمتٍ ضايقها، عضت على شفتيها بغضبٍ من ذاتها بعدما أدركت ما فعلته، لتنطلق سريعًا خلفه ولا تعلم ماذا ستقول ولكن لا تريد الفراق بينهما، ما أن دلفت حتى وجدته قد نزع نعله الخفيف يرفع قدمه العرجاء برفقٍ كي لا تتأذى ولكن اقتربت منه تمسك بقدمه قائلة بحزنٍ فلم يناديها لتساعده كما كان يفعل:

_ مهما كان في زعل بينا أوعى تبعدني عنك كده.

نظر لعينيها اللتان تلتمعان بحزنٍ ليتنهد بصوتٍ مسموع قائلًا بنبرة حانية:

_ طب هو ينفع اللي حصل برة دا أبقى كيس لب قدامك!

لم تتملك نفسها وأنطلقت ضحكة رنانة من بين شفاها تنظر له باعتذرٍ على عدم قدرتها على السيطرة بضحكاتها، بينما تأملها غفران مردفًا:

_ طالما ضحكتي يبقى اتصالحت.

توقفت عن الضحك بصعوبة تنظر له ببسمة هادئة قائلة بمكرٍ اعتادت عليه منه:

_ مش هعتذر يعني؟

تعمقت نظراته بخاصتها إلى أن خجلت منه، يجيبها بحنوٍ:

_ مش كلمة آسف هي اللي بتصلح كل حاجة... ممكن حضن بسمة وضحكة زي ضحكتك كده.

توترت ملامحها ونظرت بالأسفل، بينما مد يده ليجذبها نحوه قائلًا بجدية:

_ طب يلا ننام عشان ورانا سفر بكرة.

**********

وقف أمامه بجمودٍ، ينظر للقابع خلف مكتبه يرفع ساعديه وعينيه تتأمل جموده، ثم نهض من مقعده وانتقال للمقعد الأمامي للمكتب يديره ويجلس معاكس للمقعد فصدره أمام ظهر هذا الكرسي، يردد ببرودٍ:

_ اتفضل أقعد يا حسين إحنا قاعدتنا مطولة حبتين... دول 3قضاية قتل يا راجل.

ابتسم حسين بسخطٍ يجلس على الأريكة أمام عاصم، يجيبه بسخرية:

_ شكلك مبتعرفش تعد يا باشا اتنين بس.

رفع عاصم حاجبه يردف بسخرية مماثلة:

_ وناهد دي ايه يا روح*** بتحمي بيها سكينة!

حرك حسين رأسه بنفيٍ، يغمغم ساخطًا:

_ تؤ تؤ تؤ هو أنت متعرفش إن منيرة قاتلة وأبوها قاتل برضو يستاهلوا يموتوا على فكرة وأنا كنت بريح الجماعة عندكم وقولت أخلص أنا.

حدجه بنظراتٍ شرسه، يغمغم بغضبٍ:

_ وأنت مين عشان تحقق عدالة... أنت قاضي... حاكم عشان تتكلم وتقتل بمزاجك!

ابتسم حسين ببرودٍ مجيبًا بغرور متغطرس:

_ أنا حسين البدري يا باشا أعمل اللي على كيفي واللي يعجبني.

حرك عاصم رقبته يمينًا ويسارًا ثم قال بهدوءٍ زائف:

_ طيب عشان منحرقش وقت كتير أحكيلي حصل ايه من الأول؟

نظر له حسين ببرودٍ متمتمًا بسخرية:

_ وأحكي ليه مش الدليل معاك؟

ابتسم عاصم يومئ بايجابية متمتمًا:

_ اختك أول واحدة تشهد ضدك... والأنسة سُهى برضو!

اطلق ضحكة صاخبة عقب قوله اسم سُهى بردف بسخطٍ:

_ المجنونة دي أكتر واحدة سببت أذى لعيلتها.

_ مع إن مش باين عليها يا حسين كانت حزينة على أمها جدًا.

نطق بها ببرودٍ ليكملا حديثهما بطريقة مستفزة، ليحدثه حسين بسخطٍ عالقًا به:

_ لو مكنش في دليل ضدي مكنتش هتخلع مني كلمة يا عاصم باشا بس هبرد نارك واحكيلك.

انتبه له عاصم جيدًا، في حين استرسل حسين بتوضيح:

_ كامل بيه كان عنده بنت دلوعة وبتحب شاب بس منفضلها وبيحب واحدة تانية اسمها فاطمة ودايب فيها كمان... وطبعًا عشان أنا كنت أمين شرطة وسبت القسم واشتغلت مع كامل بيه فكنت بشوف سُهى كتير... كنت الصندوق الاسود بتاع عيلتهم، في يوم الغيرة شدة بقى وحمية على ست سُهى أصل فاطمة حجزت مطعم وقررت تصالح أحمد بعد خناقة جامدة بينهم

صمت قليلًا يبتسم بسخطٍ على انتباه عاصم له فعاد يسترسل:

_ فلقيتها بترن عليا وبتقولي أخلص على أحمد وألبس الجريمة في فاطمة... هي كانت بتقول كلام وخلاص بس أنا شعشعت الفكرة لي دماغها واتفقت معاها على خطة هتدلق على هدوم فاطمة اي حاجة في المطعم اللي هتكون فيه وهلعب في الفرامل هناك من بيتها وهي راجعة المطعم سُهى هتقولها تقابلها ورا المطعم ووقتها اتفقت مع أحمد يجي ورا المطعم وفعلًا وقفت أحمد في المكان المطلوب وفاطمة معرفتش تسيطر على العربية وخبطت أحمد والعربية لبست في الرصيف الصراحة مماتش من الخبط بس قومنا بالواجب وخبطنها على دماغه جامد لحد ما نزف ومات بس فاطمة أغمى عليها قبل ما تعرف وافتكرت إنها قتلته والصراحة طلعت في الضياع ولما فاقت فقدت الذاكرة ودا خلاها عايشة لحد دلوقتي وطبعًا حبايبي كتير خلتهم غيروها تقرير العربية وإنها سليمة.

كان يستمع بهدوءٍ صامت يفسر ما قاله فنطق بسؤالٍ:

_ والظرف اللي جالي؟

أجابه بتهكم:

_ كامل بيه استخسر فيا مبلغ صغير فقررت أقرص ودانه وبعتلك جزء من الدليل ولما كامل عرف اتراجع ودفع وأنا خدت اللي يلزمني منك.

فهم سر تلك اللعبة المتدنية منهما، فردد بهدوءٍ ليكمل:

_ قتلت كامل ومنيرة ازاي؟

سخرية واضحة بملامحه، ينظر له بجدية قائلًا:

_ ما تولعلنا يا باشا الموضوع مطول.

ابتسم عاصم بتهكم، ثم قال وهو يمد يده بسيجارة:

_خد وأخلص.

ألتقطه سريعًا يكمل باقي أسرار تلك القضية المعقدة:

_ كامل دا بقى يهددني وخاصة بعد ما بنته فوتت وبقت تقول إنها اللي قتلت أحمد ومرضاش يديني الفلوس اللي بطلبها منه كل شهر فهددته بس منفعش معاه فقررت أراقبه ولما عرفت إن غفران بينكش ورا قضية مراته قررت ألبسه في كامل واستنيت اليوم اللي هيجي فيه وقتلته وطبعًا أي قاتل شاطر بينضف وراه.

أومأ برأسه يضيف سؤال أخر:

_ عرفت كل المعلومات دي عننا ازاي؟

_عيب يا باشا لزمًا نعرف كل المعلومات عشان نأمن نفسنا... كلكم تحت عيني.

نطق بتلك الكلمات ينفث الدخان، ثم عاد يكمل باقي حقيقته:

_ بس بنت **** سمعتني وأنا بتفق مع حد يلعب في الكاميرات على ما اقتله وأضطريت أقول إنها فا*رة وضيعت شرفنا بعد ما خليت صاحبي في السجل المدني يقول إنها متجوزة وبطاقة بتاعتها مش هتطلع إلا لما تجيب القسيمة وبكده لما أقتلها محدش يشك فيا بس فلتت منها ووقعت معاك يا باشا.

نطق بأخر كلمة بحقدٍ دافين، بينما شعر عاصم باحتقارٍ له بعد ما فعله بشقيقته التي أصبحت مريضة نفسية من أفعال شقيقها، أكمل حسين بسخطٍ:

_ متبصش كده يا باشا لتتعب.

_ كمل يا حسين ومنيرة؟

نطق بنفذ صبر لينهي تلك القضية، فقال بهدوء بعدما نفث أخر ما بسيجارة:

_ دي بقى كانت مجنونة وسُهى ورثته منها، أصل ناهد راحت تعزي منيرة فسمعت سُهى وهي بتقول أنا قتلت أحمد فهددت منيرة إنها هتبلغ على بنتها عشان يخدوها ومشيت بس طبعًا منيرة اتجننت ومكنتش عايزة بنتها تتفضح فرنت عليا وقولتلها مش هتسكت زيك لزما تموت... وهي الإجرام بيجري في دمها يا باشا وافقت علطول واتفقت مع ناهد عشان يتقابلوا ومعرفش قدرت تقنعها إزاي بس خليتها تقابلها قريب من بيت غفران عشان الجريمة تلبسه أكتر وتبعد هي عن الصورة، وناهد وافقت واتقابلوا... وقتها منيرة خرجت سكينة وقتلتها ومشيت.

تألم قلب عاصم لأجل ناهد وما حدث لها من غدر، كيف لأولئك البشر القتل! هل يقتلون أشقائهم من آدم وحواء ولكن نختتم حديثنا بأننا أولاد قابيل فلماذا التعجب، استرسل حسين بتهكم:

_ روحت وكلمتها تبعت فلوس بس مرضيتش وهددتني... يرضيك اتهدد يا باشا؟

رفع حاجبيه بسخرية ثم قال:

_ لا طبعًا.

أكمل حسين بايجابية:

_ وعشان كده روحت البيت خلصت عليها بدون مقدمات بالسكينة زي اللي قتلت بيها كامل وخليت سُهى تمسك السكينة بتاعت قتل ناهد والقضية تلبسها وخاصة إنك أثبت إن غفران بريء وهي مفوتة حبيتين فمسكتها السكينة وأنا مشيت وهي فضلت جنب أمها والباقي أنت عارفه.

نهض عاصم يعود لمكانه بالمكتب، ثم قال بأسفٍ:

_ قتلت أسرة كاملة وضيعت مستقبل أسرة تانية ويتمتهم كمان أنت إنسان من حجر وهيكون قرار المحكمة أسوأ مما تتخيل.

علق ببسمة ساخرة:

_ أنا أخدت أسوأ حياة جت على الحكم وهيكون عِدل يلا يا باشا وديني الحجز.

بالفعل أمر عاصم العسكري وأخذ حسين بينما نظر عاصم لما سمعه وقرر أن يكتفي بأن حسين اعترف لهم ولن يخبرهم بالطريقة التي قُتلت بها ناهد.

*********

صباحًا...

وقفا كلاهما أمام مدرسة ملك جوار عامر الذي أصر على تواجده لطمئن قلبه عليها وبالفعل انطلقت الطالبات من المدرسة كلًا منهن تركض باتجاه والدتها والأخريات تسير وحيدات، ظل يراقب من يغادر المدرسة حتى أتت ملك من فناء المدرسة تنظر له ببسمة هادئة صغيرة، تتقدم نحوه ثم أزاحت السماعة عن أذنها لتسمع صوته القلق يتمتم:

_ الامتحان كان عامل ايه؟

اومأت برأسها تخبره بهدوءٍ:

_ متقلقش كان كويس وحليت.

ابتسم عامر برضا لها بينما أتى صوت فاطمة من خلفهما:

_ ايه يا عامر مش تطمنا.

نظرت ملك بصدمة نحو فاطمة التي منحتها بسمة حنونة قائلة:

_ مكنش ينفع أعرف أنك عندك امتحان ومجيش أقف معاكِ.

زحفت بسمة سعيدة، ينير وجهها ببهجة واضحة، لتسترسل فاطمة بحنانٍ:

_ يلا عشان نلحق نرجع بسرعة زمان يقين خلصت الغدا ومستنياكِ.

ركب الجميع السيارة وانطلقا بها عائدين للقاهرة، يتحدثون سويًا تارة بجدية وتارة أخرى بالمزاح.

وصلوا إلى شقة التي يقطن بها جبران وصعدوا إليها تفتح لهما يقين قائلة بسعادة:

_ أخيرًا رجعتوا قلقتوني عليكم.

ابتسمت فاطمة لها ودلفوا جميعًا بينما كان غفران يراقب هذا المشهد برضا تام حتى أتى جبران من المكتب وشاركهم الطعام ولكن نطقت فاطمة بمنتصف الوجبة بحبٍ لأخواتها وحنو:

_ أنا عارفة إني مقصرة معاكم وبعيدة عنكم أتمنى متزعلوش مني وأنا هحاول أتغير وأقرب منكم.

أدمعت عين يقين بسعادةٍ من شقيقتها، بينما ابتسمت ملك لهما دليل عن سعادتها بما قالته فاطمة، نظر لهن عامر بتأثر شديد ثم نظر لغفران على يساره وجبران على يمينه وقال بحسرة:

_ أنتوا الجو دا مش واكل معاكم بحاجة.

تلقى نظراتًا باردة منهما، ليعود مسترسلًا:

_ مش جاية منكم أي حاجة!

نظر غفران إلى جبران ثم غمز له بمكر يشير على الأريكة التي تقبع خلف عامر، لينهض الأثنان فجأة ثم تقدما من عامر حاملينه بقوةٍ ثم ألقوه على الأريكة وسط فزعه وصراخه بأن يتركوه، شهقت الفتيات بصدمةٍ ولكن سرعان ما انقلب بضحك عندما قال غفران وهو يتأهب للضرب:

_ لما أوريك الجو اللي واكل معايا دلوقتي.

وبدأ بضربه بشكلٍ طفيف يمزح معه، بينما أكمل جبران يفعل كنا يفعل غفران:

_ تعالى أديك اللي جاي مني.

ضحكت الفتيات بقوةٍ يجلسون جوار بعضهما يشاهدون هذا المشهد بحبٍ فبالرغم من مزاحهم الشديد إلا أن عامر كان يضحك تلتمع عينيه بسعادة لمزاحهم سويًا.

***********

دلفت للمشفى بهدوءٍ تتلقى التحيا من الممرضات والأطباء بعدما علموا بعودتها لزوجها بعد مرور سنين طوال من العُجاف، أشارت للممرضة برغبتها بالدلوف وما أن دلفت حتى رأت الطبيب مجدي المسؤول عن حالة عمار، أشار لها مجدي بالجلوس يقدم لها التحية متمتمًا:

_ نورتني يا زينب هان تشربي ايه؟

أجابته زينب ببسمة زائف خلفها قلب يلتاع لمعرفة الحقيقة:

_ لالا شكرًا أنا بس عايزة أعرف حالة عمار لأنه مختفي أخر فترة.

شعر مجدي بالأسف متمتمًا بحزنٍ:

_ مع الأسف يا مدام زينب حالة عمار بيه صعبة شوية ولا سيما أنه خسر حاسة السمع بشكل ملحوظ ودا مأثر على نفسيته بشكل واضح جدًا.

صُدمت زينب مما سمعته، تنظر نحو مجدي بتشويش، ألهذا السبب لا يرد؟ لا يغير تعبيرات وجهه أبدًا! حاولت إعادة صوتها الذي تاه بين زوبعة أفكارها قائلة:

_ هو عنده إيه بظبط؟

أجابها بهدوءٍ:

_ الجهاز المناعي عنده في خلل وهجم على أنسجة الأذن الدخلية عنده ودا سببله ضعف تتدرجي وهتلاقي بيفقد توازنه في أغلب الوقت هو يعتبر حالة نادرة جدًا لكن للأسف كانت نصيبه هو.

شعرت زينب بالأسف له تنظر له بحزنٍ ثم قالت:

_ طب مفيش علاج؟

حرك رأسه بأسفٍ متمتمًا:

_ هو للأسف مكلف عليه جدًا وهياخد وقت كبير عشان يتعالج فعشان كده لزم يتعايش مع حالته.

نهضت زينب تحمل الأسى لأجل عمار، أكان يعاني ولم يفهمه أحد إلى الآن؟ لماذا لم تخبرنا يا عمار لماذا!

***********

اجتمعوا بالردهة بشقة خليل، يشعرون بالقلق مما يريده بهم، يجلسون جميعهم غفران... فاطمة... جبران... يقين... عامر... ملك، ظل الصمت بينهم إلى أن أتى خليل حاملًا هذا الصندوق الضخم، تقدم جبران سريعًا يحمله عن والده واضعًا إياه على الطاولة ثم عاد وجلس مجددًا، نظر لهما خليل ثم قال بأسى:

_ الصندوق دا بتاه ناهد بس قبل ما أفتح وأوريكم اللي جواه لزمًا تشوفوا حاجة معينة وأحكيلكم الحقيقة!

"اشتركوا على قناتنا على تليجرام أو قناة واتساب ليصلكم أحدث الفصول والتنبيهات فور نشرها"

واتسابتليجرام
admin
admin
تعليقات