رواية أصبحت أسيرته البارت الحادي عشر 11 - روايات سماح نجيب ( سمسم)

 نقدم اليوم احداث رواية اصبحت اسيرته البارت 11 من روايات سماح نجيب . والتى تندرج تحت تصنيف روايات رومانسية ، تعد الرواية  واحدة من اجمل الروايات رومانسية  والتى نالت اعجاب القراء على الموقع ، لـ قراءة احداث رواية اصبحت اسيرته كاملة بقلم سماح نجيب من خلال اللينك السابق ، أو تنزيل رواية اصبحت اسيرته pdf كاملة  من خلال موقعنا .


رواية أصبحت أسيرته البارت 11- روايات سماح نجيب ( سمسم)



أصبحت اسيرته الفصل الحادي عشر


* أصبحت أسيرته *
١١– " مذاق العسل المُر "

طوقته بذراعيها ،تحتضنه بحنانها المعهود وهى تقبل رأسه ، فتبسمت من بين دموعها على ما رأته من محبته لشقيقته ، فها هو يجلس بغرفتها ، ودموعه تغرق وجنتيه

فرفع رأسه عن صدره والداته يخفضها أرضاً ، فمدت يديها تمسح وجهه وهى تقول:
– أنت بتحب أختك أوى كده يا بسام وبتعيط علشان سابت البيت واتجوزت

أومأ بسام برأسه ، فخرج صوته بنشيج قائلا:
– تالين مش بس اختى يا ماما دى اللى كانت دايما تدافع عنى ولو حد من الاولاد كان بيضربنى فى الشارع كانت بتضربه علشانى حتى لما وقعت فى مصيبة ضحت بنفسها علشانى

أدرك فداحة قوله ، عندما سمع والدته تسأله بدهشة :
– مصيبة إيه دى اللى تالين ضحت بنفسها علشانك

أتسع بؤبؤ عينيه يفتش بداخل عقله على سبب مقنع يخبر به والداته، فأفتر ثغره عن إبتسامة متوترة وهو يقول:
– أنا قصدى يعنى كل مصيبة كنت بقع فيها كانت بتضحى بنفسها علشانى

ربتت والدته على ظهره بحنو بالغ وهى تقول:
– طب يلا قوم إلبس علشان نروح نشوفها ونطمن عليها علشان هتسافر مع جوزها باليل

جر بسام قدميه جراً لغرفته ، ينتقى من خزانة ثيابه ما سوف يرتديه ، ومازالت عيناه تخونه بذرف الدموع على ما فعله بشقيقته ، فهو لم ينم منذ البارحة يفكر كيف حدث كل هذا وأصبحت تالين زوجة لرجل لا تريده وكل هذا لحمايته هو أولاً من مستقبل سيئ كان سيلقاه على يد جواد إذا لم تكن إستمعت تالين إليه ووافقت على الزواج منه
________
سمعت تالين صوت مفتاح يدار بالباب ، فأستدارت برأسها ورأت زوجها يلج الغرفة بملامح مبهمة ، فتصنعت البهجة برؤيته أمام الحاضرين

فنهضت من مكانها قائلة بإبتسامة عذبة :
– حبيبى أنت أتأخرت ليه كده دا كلهم مستنينك من بدرى

خفقة تليها أخرى بعد سماعه تلك الكلمة منها وهو يعلم انها لم تقصدها فهى لم تتفوه بها إلا حفاظاً على صورتهما سويا كعروسين يظن الجميع أن ليلة البارحة كانت أفضل ليلة مرت بحياتهما ، رفع يده موضع قلبه يربت عليه بقسوة كأنه يعنفه على زيادة دقاته وخفقاته المتلاحقة ، ففاض الأسى من عينيه التى لم ترى تالين بهما سوى ظلام مرعب

فأنفرجت شفتيه يبتسم ملأ فاه قائلاً:
– أهلا وسهلا بيكم أعذرونى بس كان ورايا مشوار مهم وعلشان أجيب هدية لمراتى حبيبتى اصل دى عادة فى عيلتنا لازم يوم الصباحية العريس يشترى لعروسته هدية عربون محبة عن ليلة الدخلة ومعرفته ان دى اللى هتصون عرضه وشرفه وبيته

أخرج من جيبه علبة صغيرة بها سوار ماسى ،أخرجه من العلبة فمد يده يسحب يدها اليمنى فشعرت بقسوة اصابعه حول معصمها فتبسمت رغما عن ذلك الألم الذى تشعر به
– دا هدية لأجمل واحلى وأطهر عروسة يازين ما ربيت ياعمى أنت وطنط بنتكم مثال للطهر والبراءة والتربية اللى هتشرفنى بأنها شايلة أسمى

ماكان من زينب سوى أنها أطلقت زغاريد بصوت عالى ، لإشادة زوج إبنتها بتربيتها وأخلاقها الدمثة ، فهى كانت تتحين الفرصة لسؤالها عن احوالها البارحة ،ليأتى جواد حاملاً معه دليل عفة وطهارة إبنتها من هدية يقدمها لها وكلمات تغنى بها لأخلاقها ، فلا سؤال لديها بعد الآن ، فهى اطمأن قلبها بحسن تربيتها لابنتها

نهضت كريمة من مقعدها تقترب منه فما كان منه سوى ان طوقها بذراعيه تشدد هى من ضمها اليه كأنه مازال ولدها الصغير الذى كان يترك العالم اجمع ليأتى ليختبئ بين ذراعيها إذا أصابه هم أو سوء
– ألف مبروك يا حبيبى ربنا يسعدك يارب

تبسم لها قائلاً:
– تسلميلى يا أمى عايزك تاخدى بالك من صحتك وأنا مسافر ولو فى اى حاجة كلمينى على طول وهرجعلك

ربتت كريمة على وجنته قائلة بحنان:
– متقلقش يا حبيبى المهم انت تقضى شهر عسل حلو وتفسح مراتك وتاخد بالك منها هى جميلة وطيبة وانا حبيتها وحبيت أهلها كمان وان شاء الله ربنا يمن عليكم بالذرية الصالحة وتخلفولى احفاد

ما أقسى تلك الأمنيات ، أن يقضى وقت سعيد برفقتها وأن ينجب منها ،فلا شئ من هذا القبيل سيحدث ، فستكون أيامهما القادمة ، كعقاب فرضه على نفسه وعليها ، سيكونان كغريبان يتقاسمان مكان واحد وسقف واحد ولكن كل منهما بعالم اخر لا يضم غيره

فأجابها متبسماً بوهن :
– إن شاء الله يا أمى

أدركه السعال ،فظل يسعل بقوة أنتبه عليها الجميع ، فتقدمت تالين منه قاطبة الجبين وهى تقول:
– جواد مالك فى إيه أنت تعبان يا حبيبى

أطبق شفتيه لبرهة ، فرد قائلاً بهدوء:
– لاء مفيش أنا كويس بس الظاهر أخدت برد لما خرجت الصبح والجو بارد

أشار جلال لإبنته قائلاً:
– أطلبيله حاجة دافية من الروم سيرفس يا تالين علشان البرد ميزدش عليه

إستمعت تالين لما قاله والدها ،فرفعت سماعة الهاتف تخبرهم بضرورة إحضار مشروب دافئ وبعض الدواء اللازم لنوبات الزكام

جلس جواد وهو يشعر بزيادة وهن جسده ، إلا انه تحامل على نفسه حتى ينصرف الحاضرين ،فهو لا يريد إثارة قلق والداته التى رأى على وجهها القلق والخوف ، فتصنع البهجة يطلق النكات ،يضفى جو من المرح على الجلسة ليطمئن الحاضرين

لاحظ صمت ديما وتحديقها المستمر به ،كأن لديها ما تقوله ولكنها خائفة ، فوجه سؤاله لها:
– مالك يا ديما

كأنما عادت لتوها من عالم أخر ، تفكر بما حدث هذا الصباح ، تفكر هل تخبره بما حدث ؟ ولكن لا يجب ان تفعل ذلك الآن فهى لا تريد إفساد سعادته

فحاولت رسم إبتسامة على وجهها وهى تقول:
– لا أبدا أنا تمام بس يمكن علشان منمتش من إمبارح جواد أنا عايزة اتكلم معاك على إنفراد ممكن

أنتبهت تالين على مطلب ديما فى الانفراد بزوجها لأمر هام ، ولا تعرف سر ذلك الفضول الذى أنتابها لمعرفة ماذا يدور بينهما ؟

نهض جواد معتذرا منهم ، يشير لديما تتبعه فوصلا للشرفة ، وجلس جواد على مقعد ينظر إليها فى إنتظار ما ستقوله

جلست ديما على المقعد المقابل له قائلة برجاء:
– جواد أرجوك أنا عايزة نص مليون جنيه من فلوسى

زوى جواد ما بين حاجبيه بغرابة فتمتم قائلاً:
– نص مليون جنيه وعايزة تعملى بيه إيه ده يا ديما مش عوايدك تطلبى مبلغ كبير كده

أزدردت ديما لعابها قائلة بتوتر:
– أصل عيزاهم علشان عايزة أسافر هشترى هدوم جديدة وشنط وجزم وأنت عارف بقى بحب أشترى هدوم كل شوية

لم يقتنع جواد بما يسمعه منها إلا اعلنها صريحة قائلاً:
– مفيش فلوس يا ديما وأنتى عارفة أنتى متعاقبة ولسه عقابك منتهاش

ترك مقعده وهم بالعودة للداخل وجدها تلتقط يده فأحتضنتها بين كفيها تنظر إليه بتوسل ، فزادت دهشته فلم يعقب على ما فعلته لكنه وجدها تواصل رجاءا له قائلة بنشيج ودموع:
– بليز يا جواد أدينى الفلوس علشان خاطرى

إنسابت دموعها ، فأثارت قلقه ،فمنذ متى وهى تبكى من أجل المال ، فهى بحياتها لم تشتهى أخذ المال فهى ما تريده تحصل عليه بمجرد أن تخبره بما تريد

قبل أن يجيبها على ما قالته سمع صوت زوجته الساخر:
– الظاهر الجو فى البلكونة حلو أوى بس بتعيطى ليه ديما حصل حاجة كفى الله الشر ولا زعلانة ان اخدت منك البيبى بتاعك

لم تعى ديما مقصد تالين من تعليقها الساخر على الوضع الذى وجدتهما عليه ، فهى ما يشغلها الآن انها تريد المال لإنقاذه وإنقاذها هى الأخرى من انها ربما تجد زوجها يزج بالسجن وهى ما زالت عروس

أنتفخت أوداجه من حديثها الساخر فرد قائلاً:
– اه الجو جميل أوى وأنتى يا ديما الكلام خلص لحد كده عن أذنكم

تركهما بالشرفة وعاد للداخل ،فاستندت ديما على السور وبكت ،فتعجبت تالين من حالتها لكنها اقتربت منها تربت على ظهرها قائلة بقلق:
– ديما هو فى إيه بتعيطى ليه كده

أخرجت ديما محرمة ورقية من حقيبتها الصغيرة وجففت وجنتيها وهى تقول:
– مفيش يا تالين عن اذنك تروحوا وترجعوا بالسلامة

خرجت ديما هى الاخرى من الشرفة ،تتبعها تالين فوجدتهم يهموا جميعهم بالانصراف ، فتبادلت تالين الاحضان والقبل على الوجنتين مع عائلتها ووالدة زوجها وحتى ديما التى تشعر بوجود شئ مبهم يحيطها لا تستطيع هى تفسيره
__________
يحدق بشاشة هاتفه بإبتسامة عريضة ، من يراها يظن انه اصابته البلاهة وهو يحدق هكذا بالصور التى يشاهدها واحدة تلو الأخرى ، توقف عند أحد الصور يدقق بها جيداً

دمدم بصوت هامس:
– الله أكبر إيه القمر دى

أنفتح باب غرفته ،فأنتفض من مكانه بعد سماع صوت شقيقته الصغيرة وهى تناديه بصياح:
– أبييييييييه سليم

جز سليم على أنيابه قائلاً بغيظ:
– فى حد يدخل على حد كده يا سهى

وضعت سهى يديها بخصرها ترفع إحدى حاجبيها قائلة:
– فى إيه يا أبيه بلاش أنادى عليك علشان تاكل وبعدين أنت مخرجتش من أوضتك من ساعة ما رجعنا من فرح تالين هو ايه اللى حصل

نظرت إليه بفضول فما كان منه سوى أن ترك فراشه ،فأدارها بين يديه حتى وصل للباب فدفعها برفق قائلاً:
– مفيش ويلا أمشى ومش عايز أكل وبطلى زن

وقفت سهى على عتبة الباب وهى تضيق عينيها تحدق به بمكر قائلة:
– أه طالما طردتنى كده يبقى فى حاجة ولا أنت مصور البنت اللى تبقى قريبة جوز تالين وبتتفرج على صورها

أتسع بؤبؤ عينيه، وتدلى فاه يكاد يصل للأرض فكيف علمت بكل هذا فتلعثم قائلاً:
– أاانت عرفتى إزاى يا سهى

ضحكت سهى بصوت عالى وهى تقول:
– طول الفرح وأنا مرقباك وأنت عينيك رايحة جاية وراها وكمان تليفونك اللى من اول ما شوفتها منزلتوش من ايدك دا انت صورتها اكتر من المصور بتاع الفرح نفسه وكمان ...

قبل أن تفه بكلمة أخرى وضع يده على فمها قائلاً:
– بس أسكتى خالص إيه ده عايش معانا جاسوسة من الموساد يا ساتر عليكى بالذمة أنتى عيلة فى إعدادية أنتى دا أنت واحدة عندك ١٠٠ سنة واتسخطت

نظرت إليه سهى بزهو كمن وجدت دليل يدينه فحمحمت قائلة :
– طب تدفع كام بقى ومقولش لماما وأفضحك

نظر إليها سليم من رأسها لأخمص قدميها قائلاً بوعيد :
– أصبرى عليا يا سهى هو الكام سنة اللى سافرتهم علشان البعثة ملقتيش حد يربيكى بس انا رجعتلك وهربيكى أنا بقى

قبل أن ينحنى يلتقط حذاءه كانت فرت هى هاربة ،فأصتطدمت بوالداتها " بدور" فشهقت بصوت مرتفع قائلة:
– بت يا سهى فى إيه كنتى هتوقعينى يا منيلة

أختبأت سهى خلف والداتها قائلة بخوف:
– ماما أبيه سليم عايز يضربى إلحقينى

رأت بدور سليم يخرج كالعاصفة من غرفته بيده حذاءه وهو يصيح قائلا:
– هتضربى بالجزمة يا سهى من عينيا حاضر

نظرت والدته اليه بعدم فهم وهى تقول:
– وأنت من أمتى بتضرب أختك دا انت عمرك ما عملتها حتى من قبل ابوك الله يرحمه ما يموت

خرجت سهى من خلف والداتها قائلة :
– شوفيه عايز يضربنى ليه يا ماما علشان قفشته وهو بيبص على قريبة جوز تالين فى الفرح امبارح وكان بيصورها

قالت سهى ما لديها وبطرفة عين كانت بغرفتها تغلق الباب بسرعة قبل أن يدركها حذاء أخيها

جلست بدور على مقعد خلفها قائلة بتساؤل :
– بجد الكلام ده يا سليم أنت عينيك بصت للعالى ليه كده يا ابن بدور أنت عارف هى مين وتبقى من عيلة مين إحنا مش قد الناس دى يا أبنى

جلس سليم جوارها قائلاً بفخر:
– وأحنا مش أقل من حد يا ماما أنا مهندس ومعايا دكتوراة والحمد لله عايشين مستورين

شدت والدته على يده قائلة بحنان:
– الحمد لله احنا مستورين بس مش فى نفس مستواهم يا سليم أنت يا ابنى مشوفتش عيشيهم ولا البنت نفسها عايشة إزاى ولا تربيتها لو تالين مش عيب ان جوزها يبقى أغنى منها لكن الست تبقى أغنى من جوزها بتعمل حز فى نفسه يا سليم فشيل الموضوع ده من دماغك وبص على قدك يا ابن بدور

أنهت والدته حديثها ونهضت من مكانها فى حين أنه مازال جالساً مكانه ، فقلبه ليس مذنب إذا هتفت إحدى خفقاته بإسم فتاة يرى الفارق بينهما كالفارق بين السماء والأرض
___________
زاد ألم رأسه فأغمض عينيه و أستند به على حافة مقعده بتلك الطائرة التى ستقله هو وعروسه إلى أول دولة سيقوما بزيارتها برحلة شهر عسلهما ، فستكون أسبانيا أول وجهتهما ثم أيطاليا بعد ذلك تتبعها ألمانيا التى سيقضيا باقى أيام عطلتهما بها ولإنجازه أيضا بعض مهام من عمله

أرتجف بدنه عندما باغتته تالين بتعلقها بكف يده الذى يريحه على طرف المقعد ، بل لم تكتفى بذلك فأظافرها نشبتها بجلده ،ففتح عينيه على الفور ينظر إليها ، وجدها تنكمش بمقعدها كأرنب مذعور وشفتيها لا تكف عن الهمس بكلمات لا تصل لمسامعه ولكنه علم أنها تردد أيات من القرأن الكريم ،كمن ستلقى حتفها بعد قليل ،فتتحصن بذكر الله

همس لها بأنين خافت وهو يقول:
– تالين فى إيه إيدى عورتينى بضوافرك

حدقت به وأنزلقت نظراتها ليده ،فوجدت أظافرها أحدثت بعض الخدوش بظاهر يده فأزدردت ريقها قائلة بأسف:
– أنا أسفة ما أخدتش بالى أصل أنا خايفة دى أول مرة أركب طيارة وأنا بخاف

تجمعت الدموع بمأقيها ، فرق قلبه لها ، فإبتسم لها مشجعاً وهو يقول:
– متخافيش يا تالين دا ركوب الطيارات متعة حاولى تستمتعى بيها ولو بالنسبة للضغط الجوى خدى دى

مد يده لها بعلكة ،فقطبت حاجبيها بغرابة قائلة:
– أعمل ايه باللبان ده

قرب جواد العلكة من فمها أمرا اياها بمضغها جيداً فتمتم قائلاً:
– لو اكلتى اللبانة هتقلل احساسك بالضغط فى الطيارة وخدى مجلة أهى سلى نفسك بيها على ما نوصل

لم تفلح اى محاولة منه فى نزع خوفها فزاد ذعرها عندما شعرت بالطائرة تتحرك تمهيداً للتحليق بالجو فخرجت شهقة عالية منها ، كمن تشعر بأن روحها تستل من بين جنبيها

فتحركت بعصبية فى مقعدها وهى تتمتم :
– لاء أنا عايزة أنزل من الطيارة مش عايزة أسافر خليه ينزلنى جواد مش عايزة أسافر عايزة أنزل

أنتبه المسافرين على صوتها وحركتها المفرطة بمقعدها ، ومحاولة جواد بأن يجعلها تكف عما تفعل

زجرها جواد بنظرة غاضبة:
– تالين إهدى الناس بتتفرج علينا أنا لو مسافر مع عيلة صغيرة مش هتعمل كده أسكتى بقى

سكنت حركتها وأنسابت دموعها على وجهها ، فما هذا الرجل الذى منذ أن رأته والدموع أصبحت حليفتها فخرج صوتها باكياً محملاً بغصة قوية وهى تهتف به:
– مش ذنبى أن خايفة من حاجة جديدة أول مرة أعملها أنا أصلا عندى فوبيا من الاماكن العالية أقوم أركب طيارة وأبقى متعلقة بين السما والأرض ولا أنت فاكر كل الناس قلبها جامد ومبتحسش زيك

نفخ بضيق من نعتها الدائم له بصفات الوحشية والقسوة ، ولكن لم يتفوه بكلمة فما كان منه سوى أن طوقها بذراعه يدنيها منه حتى توسدت صدره تخفى وجهها به

فربت على وجنتها يزيل دموعها التى رطبت خديها فغمغم قائلاً:
– اه أنا مبحسش يا تالين حاولى تنامى بقى واسكتى على ما نوصل

كيف علم بحاجتها للنعاس ، فهى حقا تريد أن تنال قسط من الراحة التى أصبحت عصية عليها، فشعرت بغرابة وضعهما ،فهى مستكينة على صدره وذراعاه ملتفة حولها ، زحف الكرى لعينيها ، فأنتظمت أنفاسها وهدأت حركتها المتململة ، شد بذراعه على كتفيها ، كمن يريد إداخلها بين ضلوعه ، يجعلها تبسط رداء وداعتها على متكأ قلبه ، تغفو على صوت نبضات غصت بأنينها الشاكى

تأفف من حاله ، فهى بلمحة تهدم كل ما شيده من أسوار حول قلبه ، تعيث إضطراباً بخفقاته ، تجعل عيناه تتوسل الرفق واللين من رماديتيها ، فكيف أصبح لا يملك زمام أموره هكذا ، فتلك اللعنة أصابته وأنتهى أمره ، وستظل تلازمه حتى يخر صريعاً بهاوية حرص عمره بأكمله أن لا تنزلق بها قدماه

فكيف ستكون مذاق تلك الأيام التى سيقضيها برفقتها ، سيكون مذاقها كمذاق العسل المُر ، الذى تشتهيه النفس والعين للونه البراق ولكنه يترك مرارة وأسى بالجوف و القلب

أشتد الصراع بين القلب والعقل ، فالعقل يحثه على عدم الانجراف خلف أمانيه الواهية ، والقلب يتوسله أن يتركه ينعم بذلك الشعور المتدفق بأوردته ، فهمس بداخله :
– من ساعة ما عرفتك يا تالين وأنتى قربتى تجننينى خلتينى مبقتش عارف أسمع كلام عقلى ولا كلام قلبى ياريتك ما كنتى جتيلى ولا شوفتك يا تالين ياريتنى ما شوفتك

ظل صدره يعلو ويهبط من فرط حنقه على نفسه المتعلقة بأمال زائفة ، فتململت برأسها وحكت وجهها بصدره كمن تدفن وجهها بوسادتها ، ويدها التى كانت متراخية على ساقها ، رفعتها تضعها أسفل وجنتها كمن تعدل من وضعية غفوتها متناسية أنها ليست بغرفتها وأنما تستند على جسد زوجها الذى اتخذت منه ملجأ لغفوتها

همهمت من بين شفتيها وهى نائمة:
–ماما متنسيش تصحينى علشان الامتحان واعمليلى السندوتشات اللى بحبها ماما انا جعانة ...

حاول جواد كبت ضحكته على ما يسمعه من تلك النائمة كأنها تعايش أحداث يومها ، فما كان منه سوى أن أستند برأسه على طرف المقعد يحاول أن يغفو هو أيضاً ،لعل تلك الآلام المبرحة التى فتكت برأسه تهدأ ولو قليلاً.
___________
بصباح اليوم التالى...
هجر النوم عينيها ، وتكالبت الدموع بها ، وذرعها لغرفتها ذهاباً وإياباً لم يزدها سوى حيرة من أمرها ، فماذا تفعل هى الآن ؟ من أين تحصل على المال ، وكل ما تملكه بيد جواد ، فما لديها ببطاقتها الائتمانية لا يكفى لدفع ذلك المبلغ المطلوب منها ، خرجت لشرفة الغرفة تستنشق هواء الصباح النقى لعلها تجد حلاً أو مخرجاً ، ماكادت تلفحها نسمات الصباح حتى سمعت رنين هاتفها ،فعادت أدراجها للداخل ، رفعت الهاتف تحدق به فكورت قبضة يدها عليه كمن تريد أن تعتصره

فتحت الهاتف على مضض قائلة:
– أيوة يا نايا فى ايه وبتتصلى عليا على الصبح ليه كده

جاءها صوت نايا على الطرف الاخر وهى تقول:
– أتصلت بيكى يا روحى علشان تجبيلى الفلوس النهاردة بالليل ضرورى

علا صوت ديما بغضب شديد قائلة:
– النهاردة بالليل وانا اجبلك الفلوس ازاى معرفتش اجيبهم

ردت الفتاة بضحكة ساخرة:
– بقى ديما النصراوى مش عارفة تجيب نص مليون جنيه ليه مفكرانى هصدق كلامك ده دا انتى عيلتك يعنى من أغنى الناس فى البلد شوفى حد غيرى اضحكى عليه بكلامك ده دا انتى وارثة من باباكى ملاييين متتعدش يا ديما وانتى كنتى قيلالى بنفسك يعنى النص مليون جنيه دول ميجوش نقطة فى بحر ورثك

تلمست ديما نبرة الحقد والحسد الواضح بنبرة صوت ما اعتبرتها صديقتها فردت ديما بأسف على حالها:
– اه انا وارثة كتير بس ورثى كله فى ايد جواد لان بابا سايب وصية ان جواد ميدنيش ورثى الا لما اتجوز فهمتى

ردت نايا بعدم إكتراث:
– ميخصنيش الكلام ده لو الفلوس مجتليش بالليل بكرة الصبح هتصرف انا يا ديما سلام

ما كان من ديما سوى إلقاء الهاتف من يدها على الفراش ، فلو أخطئت بإلقاءه ربما كان أرتطم بالأرض متهشماً من قذفها له ، دارت حول نفسها تبحث عن حل ، فهدأت حركتها بعد أن وجدت ما سوف ينقذها من تلك المعضلة ، هرولت لغرفة ثيابها ، أنتقت ثياب أنيقة أرتدتها سريعاً وأخذت ما تريده وخرجت من الغرفة ، هبطت الدرج حتى وصلت للأسفل ومنه ذهبت رأساً لمرآب السيارة ، اتخذت مقعدها خلف مقود سيارتها تنطلق بها مسرعة لوجهتها التى تريدها

فتمتمت لنفسها بثقة:
– مفيش حل غير كده هو ده الحل الوحيد اللى هجيب بيه الفلوس

ظلت طوال الطريق تقنع نفسها بحسن تفكيرها بحل هذا الأمر ، ولكن عندما تذكرت جواد ،بهتت ملامح وجهها الجميل ، فهو لو علم بما ستفعله ، لن تفر من يده تلك المرة بدون عقاب شديد ، ربما سيصل الأمر به إلى قطع أواصر العلاقة بينهما ، وسيتخلى عن تلك الوصية التى تركها والداها

حاولت إقناع ذاتها بأن جواد لن يعلم فهو لن يعود لمصر الا بعد شهر كامل ، فى خضم أفكارها وجدت نفسها أمام ذلك المنزل الفخم فى تلك المنطقة التى لا يقطنها سوى الصفوة من أفراد المجتمع المخملى والثرى

صفت السيارة أمام تلك البوابة الكبيرة ، أخذت نفساً عميقاً تزفره ببطئ لعلها تتخلص من ذلك التوتر الذى بدأ بالتأثير على أعصابها وحسن إدراكها لما تفعل ، أخرجت هاتفها تفتش عن رقم هاتف من تريد مقابلته ،حتى وجدته فلم تتوانى عن الاتصال به

وضعت الهاتف على أذنها ، جاءها الرد خلال لحظات فخرج صوتها متحشرجاً قليلاً وهى تقول:
– أنا عايزة أقابلك ضرورى أنا فى عربيتى قدام البيت عندك خليهم يفتحولى الباب
_________
يتبع ....!!!!



موعد البارت الجديد الساعة ( 4 م ) يوميا ان شاء الله 

هنا تنتهى احداث رواية أصبحت اسيرته البارت 11 ، يمكنكم اكمال باقى احداث رواية اصبحت اسيرته البارت 12  أوقراءة المزيد من الروايات المكتملة فى قسم روايات كاملة .

نأمل أن تكونوا قد استمتعتم بـ رواية أصبحت أسيرته ، والى اللقاء فى حلقة قادمة بإذن الله ، لمزيد من الروايات يمكنكم متابعتنا على الموقع أو فيس بوك ، كما يمكنكم طلب رواياتكم المفضلة وسنقوم بوضعها كاملة على الموقع .
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-