رواية أصبحت أسيرته البارت الثاني عشر 12 - روايات سماح نجيب ( سمسم)

 نقدم اليوم احداث رواية اصبحت اسيرته البارت 12 من روايات سماح نجيب . والتى تندرج تحت تصنيف روايات رومانسية ، تعد الرواية  واحدة من اجمل الروايات رومانسية  والتى نالت اعجاب القراء على الموقع ، لـ قراءة احداث رواية اصبحت اسيرته كاملة بقلم سماح نجيب من خلال اللينك السابق ، أو تنزيل رواية اصبحت اسيرته pdf كاملة  من خلال موقعنا .


رواية أصبحت أسيرته البارت 12 - روايات سماح نجيب ( سمسم)



أصبحت اسيرته الفصل الثاني عشر


* أصبحت أسيرته *
١٢– " ملاذ بين يديك "

طفق مسحاً على رأسه تارة ووجهه تارة أخرى ، فجفنيه حمراوين بسبب عدم نعاسه ، فهو عندما بدأ بأخذ غفوته ، جاءت هى لتوقظه بشأن أمر هام ، لا يعلمه هو حتى الآن ، فهى جالسة تثرثر منذ ما يقرب الخمسة عشر دقيقة ، ولم يفقه شئ مما تقوله

فنفخ بضيق قائلاً بصوت شابه حدة خفيفة:
– ديما هو أنتى إيه حكايتك بقالك ربع ساعة عمالة تقولى كلمة من الشرق وكلمة من الغرب ومش فاهم منك أى حاجة أنتى عايزة إيه بالظبط صحتينى من أحلاها نومة ومذنبانى قدامك ومش فاهم حاجة

ضمت ديما شفتيه كمن تمنع إرتجافها ، بعد أن لمست ضيق ذلك الشاب الثلاثينى ، الجالس أمامها بإرتياح كمن يقرب على أن يضجع بكامل جسده على تلك الأريكة التى يجلس عليها ، فهى رأت بوادر الإرهاق الشديد على وجهه ، ولكن ذلك لم يمنعها من الحديث ، ولكنها لا تعلم كيف تخبره بما تريد صراحة ، فتلك هى المرة الأولى التى تستجدى بها أحد من أجل المال

زادت حرارة وجنتيها من خجلها وخوفها المتعاظم بقلبها مما هى مقبلة عليه فخرجت كلماتها خافتة هامسة كأنها ترغب أن لا يسمعها :
– نائل أنا عايزة نص مليون جنيه منك سلف

أرهف سمعه ليلتقط حروفها الهامسة ، فبعد سماعه ما تفوهت به قطب حاجبيه بغرابة قائلا:
– عايزة نص مليون جنيه سلف هو انا سمعت صح ولا غلط يا ديما

أومأت ديما برأسها بالايجاب ، تخبره أن ما سمعه حقيقة ، فرفعت عينيها التى أوشكت على البكاء قائلة برجاء:
– نائل أنت تبقى ابن خالتى وعارفة أن مش هتكسفنى فى طلبى مش كده

أنحنى نائل بجسده للأمام يناظرها بصمت ، حتى خرج عن صمته وهو يقول:
– أكيد طبعا يا ديما مش هكسفك أنا بس مستغرب مش أكتر هو جواد مش بيديكى فلوس هو بخيل عليكى ولا إيه

سارعت ديما تنفى صفة البخل والشح عن جواد قائلة:
– عمره ما كان بخيل بالعكس بيدينى فلوس وبيدينى بزيادة كمان بس انا اللى محتاجة الفلوس ضرورى وهو سافر علشان يقضى شهر العسل فمحبتش اشغله فجتلك انت على ما هو يرجع واخد منه الفلوس وهرجعالك على طول صدقنى

– هو جواد سافر خلاص أنت افتكرت هيسافر بعد يومين ولا حاجة
قالها نائل بشئ من الغرابة التى أمتزجت بدهشته مما يسمعه لكنه إستمع لديما وهى تقول موضحة:
– سافر علشان يلحق يقضى شهر العسل مع مراته قبل ما ترجع كليتها تانى اصلها لسه بتدرس وأنا احتاجت الفلوس بعد ما سافر فمحبتش اشغله بطلباتى فجيتلك النهاردة علشان كده لأن الفلوس محتجاها ضرورى جدا

حك نائل جبهته بإرهاق وهو يقول:
– كنتى تقولى من الأول يا ديما مش قاعدة تتكلمى بقالك ربع ساعة فى كلام مش فاهم معناه

أبدت ديما اسفها على إزعاجه. وهمت واقفة تترك مكانها ، تستعد للمغادرة:
– أسفة لو كنت أزعجتك يا نائل خلاص مش عايزة الفلوس سلام

هب نائل واقفاً يصيح بها:
– ديما أصبرى ومتزعليش منى انا بس تعبان ومرهق من ضغط الشغل اليومين دول ثوانى هجبلك شيك بالفلوس

ولج نائل لغرفة مكتبه ، ليخرج بعد دقائق يحمل بيده ورقة خط عليها المبلغ وإمضاءه وناولها إياها قائلاً بإبتسامة:
– اتفضلى يا ستى الشيك أهو

بتردد مدت ديما يدها وأخذته منه ، وضعته بحقيبتها ، فخصته بإبتسامة ممتنة، وأعربت عن إمتنانها بكلماتها الرقيقة وصوتها العذب وهى تقول:
– بجد ميرسى يا نائل والفلوس ان شاء الله لما جواد يرجعك هجبهالك على طول أسيبك بقى علشان تنام

رد نائل قائلاً:
– براحتك يا ديما أحنا قرايب وانا ابن خالتك مش غريب وبراحتك خالص

خرجت ديما من منزل نائل تزفر براحة تامة بأن ما كانت تريده حصلت عليه ، وستستطيع إخراس تلك الفتاة ، قادت سيارتها ، حتى وصلت للمصرف ، وبعد إنتهاء الاجراءات اللازمة أخذت ديما المال وعادت لسيارتها مرة أخرى ،تقودها فى طريق العودة للمنزل تتهيأ لتلك المقابلة القميئة بالمساء
____________
أرتشف طلعت قدحه الثالث من تلك القهوة السوداء ، وهو جالس بتلك الغرفة التى كانت عبارة عن غرفة مكتب صاحب تلك المشفى الخاص ،ولم يكن سوى إبن شقيقه الأكبر

أحدث القدح صوتاً وهو يضعه مكانه متأففاً من كثرة الإنتظار ،ووقته الذى ذهب سدى فى إنتظاره فزفر بتبرم:
– إيه يا هادى أنت بتعمل إيه ده كله ايه الملل ده

سمع صوت الباب يفتح ،يلج منه طبيب وسيم يرتدى الرداء الأبيض ،يضع على عيناه نظارة طبية أنيقة ،أضفت عليه وقاراً

هتف هادى بصوت رزين مرحباً:
– عمى طلعت إيه النور ده كله دا المستشفى نورت أسف لو كنت أتأخرت عليك بس كان عندى حالة مستعجلة

جلس هادى على مقعده خلف مكتبه ، فتبسم طلعت له قائلاً:
– ولا يهمك بس الصراحة زهقت وأنا قاعد مستنيك من بدرى وكنت جاى علشان أعمل الفحص الطبي بتاعى

تفهم هادى كون عمه لا يستطيع صبراً على الإنتظار ، فهى تلك عادته يريد أن يتم كل شئ بإنجاز وبدون تأخير

خلع هادى نظارته قائلاً بهدوء:
– المستشفى كلها تحت أمرك يا عمى أنت تؤمر هطلبلك دكتور التحاليل ياخد منك العينات

تململ طلعت فى مقعده بحرج يهتف بصوت متحشرج:
– أنا مش عايز أعمل فحص طبي للدم وبس وكمان عايز أعمل تحليل علشان أعرف ان كنت اقدر اخلف تانى ولا لاء

صمت هادى يزن تلك الكلمات بعقله ،فدمدم بغرابة قائلا:
– وأنت عايز تخلف تانى يعنى يا عمى

حاول هادى الحفاظ على رابطة جأشه ، وألا تخرج ضحكته ،تثير حنق عمه الجالس بوجه ممتقع لا يخلو من الحرج أيضاً

حدق به طلعت قائلاً بتبرم :
– هو أنت فاكرنى عجزت ولا ايه انا بكامل صحتى واقدر أخلف بدل الواحد عشرة يا هادى

حاول هادى صرف غضبه لكى لا يثور بوجهه ثانية فهتف يبدى أسفه:
– أسف والله يا عمى مش قصدى وأسف لو كنت ضايقتك ربنا يديك الصحة يارب طب أتفضل معايا نعمل كل التحاليل اللازمة والنتيجة هبلغك بيها لما تطلع

ترك طلعت مقعده يثير خلفه هادى ،وهو يقمع صوته الضاحك على ما يحدث ، فتوقف طلعت عن المسير يستدير إليه بوجه حانق وغاضب، فعدل هادى من وضع نظارته الطبية يلهى ذاته عن رؤية ما أرتسم على وجه عمه من دلائل الغضب

فتصنع الجهل قائلاً:
– مالك يا عمى فى إيه وقفت ليه

أقترب منه طلعت يقبض على ياقة رداءه يفح بصوت غليظ:
– أنت عارف يا هادى لو مبطلتش ضحك ههد المستشفى دى على دماغك يا أبو دم خفيف ماشى

أومأ هادى برأسه موافقاً ، حفاظاً على هيبته أمام العاملين بالمشفى ،فرفع يده يربت على يد عمه بهدوء:
– أسف يا عمى والله مش قصدى ثم ان حضرتك يعنى لسه مكبرتش أوى يعنى تقدر تخلف عادى انت كنت مخلف رامز وانت عندك ٢٢ سنة

كمن وضع الملح على جراح لم تلتئم ، ففضل الصمت لإنجاز ما يريد ،قبل أن يتفاقم غضبه أكثر ، فهو يعلم أن هادى لا يقصد تذكيره بجراحه ، فهو يعلم ان إبن شقيقه لا يريد إثارة غضبه فهو هادئاً طبعاً وإجمالاً

بعد أن أنتهى من إجراء الفحوص اللازمة ،خرج من المشفى وعاد هادى ثانية لغرفة العمليات لإستدعاه من إجل إجراء عملية جراحية لمصاب بحادث
___________
علقت رائحة عطره بثيابها من قضاء غفوتها على صدره ، فبالطريق من المطار للفندق ، وهى تخشى النظر إليه ، وتراه يبتسم كما رأته عندما فتحت عيناها ووجدت رأسها تستريح على كتفه ، حاولت إلهاء نفسها بالنظر من نافذة السيارة ، فلفحها هواء بارد ،جعلها تغمض عيناها بشعور غريب من تلك الراحة التى تشعر بها وهو جالس بجوارها ، فهو بذاته ذلك الرجل الذى صرحت له بكراهيتها ، وهو من حاول الحفاظ على كرامتها أمام عائلتها
قابل كل فعل منها بهدوء ،حتى عندما حدثت تلك المواجهة بينهما ، فضل أن يتركها بمفردها على ألا يتطور الأمر بينهما ويصبح الموقف متأزماً أكثر
تشعر بالحيرة أحياناً من عدم فهمه ، كمن به كل شئ ونقيضه ، جعلها بحيرة من أمرها ، ولكن لما ذلك الذى تلاحقت دقاته يريدها أن تمنحه فرصة أخرى
فتلك هى المرة الأولى التى تطأ قدميها بلاد غريبة ، نظرت حولها بإنبهار من رؤية إناس أخرون ،تستمع لتلك اللغة التى تجهلها ، ولكن نظرت لزوجها الذى يبدو عليه أنه يجيد اللغة الاسبانية بطلاقة ، يتحدث مع بائع حلوى ،فأبتاع لها منها

تأملته ملياً وهو يقترب منها بقامته الطويلة ،وجسده المتناسق ووسامته ، وخاصة عيناه التى لا تعلم إذا كان لونها أخضر بلون عسلى أم علسية يشوبها لون أخضر خفيف ، فهى تخشى التمعن بالنظر فى عيناه

وصل إليها يمد يده لها بالحلوى خاصتها قائلاً:
– خدى دى دوقيها هتعجبك أوى

أخذتها من يده وبدأت بتناولها تستلذ بمذاقها تهمهم قائلة:
– أممم طعمها جميل أوى بس أنت باين عليك بتتكلم أسبانى كويس

جلس جواد بجوارها على الأريكة الخشبية فى أحد المتنزهات فرد قائلاً:
– أنا بتكلم سبع لغات يا تالين

حدقت به تالين بإعجاب من حديثه ، فحاولت إخفاء ذلك قائلة:
– بس ليه أصريت ان نخرج نتفسح واحنا لسه واصلين من كام ساعة بس

– علشان مضيعش ولا ساعة وأنتى معايا يا تالين
نطقها جواد هامساً بداخله ، ولكنه هتف بها بهدوء:
– علشان أفرجك على أماكن كتير فى أسبانيا لأن مش هنقعد هنا غير أسبوع بس وعلشان كمان حابب أن يبقى فى هدنة ما بينا لأن مش هنفضل نتخانق مع بعض أو أن أفضل ساكتلك وأنتى بتطولى لسانك عليا يا تالين لأن بجد مستغرب انا ازاى ساكتلك وعلشان كمان الكام شهر اللى هنعشهم مع بعض نعيشهم زى الناس المتحضرة لأن انا من النوع اللى مبيحبش وجع الدماغ أو الزن
فياريت تحاولى كده معايا نعدى الايام دى من غير ما نجرح بعض

ربما إستكانت لحديثه ، فصمتها دل على أنها ربما ترى أن هذا أفضل من المشاجرة أو المشادات الكلامية ، ولكن أرادت سؤاله عن تلك الصور الخاصة بالحادث ، ولا تعلم لما تذكرت ذلك الآن

فأستدارت برأسه إليها قائلة:
– جواد أنا عايزة أسألك سؤال هو إزاى جبت صور الحادثة وأنت كنت مصاب او مين اللى جبهالك ده عايزة أعرف الصراحة الفضول قاتلنى

تبسم جواد بألم وهو يتذكر تلك الليلة التى لن تمحى من ذاكرته فأجابها:
– الوقت اللى حصل فيه الحادثة بالصدفة كان فى راجل راكب موتوسيكل كان معدى من الطريق وشاف اللى حصل وصور كل حاجة واخوكى ورامز بيهربوا وهو اللى ساعدنى وودانى انا وادم المستشفى ولما الظابط جه يحقق والراجل اداله الصور جه بعد اسبوع وقالى انه مش قادر يوصلهم لان الصور مش موضحة الوش كويس وقالى ان القضية هتتأيد ضد مجهول انا فى الوقت ده كان حزنى على أدم كبير مركزتش فى كلام الظابط بس لما فوقت من اللى كنت فيه خليت المحامى بتاعى يدور عليهم فضلت شهور ادور بالصور دى لحد ما قدرت الاقى رامز ابن طلعت الزينى و..

إمتنع عن إكمال حديثه ، فنهض من مكانه يشير إليها بالنهوض معقباً:
– يلا بينا نرجع الفندق علشان تعبت وعايز أرتاح

تبعته بهدوء بدون أن تنبت ببنت شفة ، ولكن عقلها يفكر فيما امتنع عن التصريح به
فى الفندق ....
أرتمى جواد بجسده المتعب على ذلك الفراش الوثير بتلك الغرفة الفارهة التى يقطنها برفقة عروسه، أثناء وجودهما بأسبانيا ، فهو بمجرد ولوجه للغرفة لم يستطيع البقاء واقفاً على قدميه أكثر من ذلك ، فالمرض بدأ يدب الوهن بجسده ، فهو لن يستطيع ان يتحايل على نفسه اكثر من ذلك

راقبت تالين حركة صدره صعوداً وهبوطاً كمن كان يركض بطريق طويل فهتفت به بقلق :
– جواد مالك فى إيه

زاغت عيناه وأصبحت رؤيته لها مشوشة ، فعجز عن رفع جفنيه ليراها بوضوح ولكن خرج صوته متعباً متحشرجاً:
– مش عارف جسمى كله بيوجعنى مش قادر أتحرك يا تالين

دب الرعب بقلبها بعد سماع كلماته المتعبة ، بدون تردد أقتربت منه تحسست جبينه بيدها ، فأتسعت مقلتيها قائلة بخوف:
– جواد أنت درجة حرارتك مرتفعة أوى أعمل ايه انا دلوقتى ارجوك صحصح انا حتى معرفش اتكلم اسبانى واطلبلك دكتور جواد جواد

تسارع وجيب قلبها من الخوف وخاصة أنه صار ساكناً لا يأتى بأى حركة ،كمن اغشى عليه

دارت حول نفسها لا تعرف اى سبيل تسلك ، فحتى دموعها اوشكت على التساقط من عينيها ، ولكن هذا ليس وقت البكاء ، ركضت الى المرحاض ، فتحت الماء بالمغطس ، وتذكرت تلك الأدوية التى تحملها معها بإحدى الحقائب ، أخرجت منها بعض الأقراص ، وأقتربت من الفراش

وكزته بكتفه بلطف قائلة:
– جواد فوق خد البرشام ده ان شاء الله هيخفف من تعبك

بالكاد استطاع رفع جفنيه بعد الحاحها عليه بضرورة تناول تلك الأقراص ، حاول الاعتدال بصعوبة فجلس بالفراش ، فأقتربت منه تقرب الاقراص من فمه ، فأنفرجت شفتيه الملتهبتين بالحمى ، فتناولها منها وابتلعها بصعوبة ، فحاول ان يتمدد ثانية

فنهرته تالين عن فعل ذلك وهى تقول:
– جواد متنامش خليك صاحى معايا شوية تعال معايا على الحمام

لم يكن بوضع يخوله التفكير فيما تقوله ، فأطاعها قسراً ، حتى ولجا للمرحاض وهو يطوق كتفيها يستند عليها

رفعت وجهها إليه قائلة:
–أنت اقعد فى البانيو علشان حرارتك تنزل

أطاعها ثانية ، ففكرت أن ثيابه لن تجدى نفعاً فى تلك الحالة ، فأزدردت لعابها تشتد حرارة وجنتيها خجلاً وهى تطالبه بنزع ثيابه :
– أنت اقلع هدومك دى خلي بس هدوم خفيفة عليك

بالرغم مما يعتريه من وهن ومرض إلا انه يعلم مدى خجلها وحياءها ، فأومأ برأسه قائلاً:
– أخرجى أنتى برا يا تالين أنا هعرف أتصرف لوحدى

تقاذفتها الحيرة ، هل تطيعه ، ام تصر على البقاء معه ، ولكن كانت كفة خجلها هى الراجحة فلم تنتظر ان تسمعها منه ثانية فأسرعت فى الخروج وهى تقول:
– لو أحتاجت حاجة نادى عليا

خرجت تالين من المرحاض ،واغلقت الباب خلفها ، فنزع ثيابه يضجع بالمغطس ،شعر ببرودة الماء، فأرتجف بدنه ، علقت عيناه بباب المرحاض الزجاجى ، فهو يراها من مكانه بوضوح وهى بالغرفة ولكنها لا تستطيع هى أن تراه ، راقبها من بين أهدابه الناعسة ، كمن يريد أفتراش صورتها بداخل مقلتيه يغلق عليها جفنيه

فهمهم بأنفاس حارة:
– تالين

جلست على حافة الفراش ، فنهضت كمن لا تشعر بالراحة ، ظلت تفرك يدها بتوتر وخوف وعيناها عالقة بمكان تواجده ،فأقتربت من باب المرحاض ولكن يدها عجزت عن طرقه ، فأستندت برأسها عليه ، حاولت أن تعيد تنظيم أنفاسها التى سلبها الخوف ، فزفرت ذلك الهواء الجاثم بداخل صدرها يمنع عليها التفكير السليم

رأى حيرتها ، ويداها المترددة التى تضعها على المقبض لتعود وتسحبها سريعاً ، فكم تبدو هى الآن كطفلة صغيرة تخشى على نفسها الضياع وسط بلاد غريبة لم تطأها قدميها من قبل
____________
فى المساء ...
أرتدت ديما ثيابها المكونة من بنطال أسود جلدى ،وكنزة صوفية باللون الأسود أيضاً ، فمزاجها كئيب يناسبه تلك الثياب التى تشبه ثياب الحداد ، أخذت حقيبة المال ،وخرجت من غرفتها بعد أن تأكدت أن كريمة ذهبت لغرفتها ، فالوقت قد شارف على العاشرة الآن

وصلت للباب الخارجى للمنزل ولكن عندما خطت بقدميها خارجه سمعت صوت غليظ قائلاً:
– على فين يا ديما هانم

رفعت ديما رأسها لترى ذلك الرجل الذى شكل أمامها كحائط بشرى ،فرفعت حاجبيها قائلة:
– وأنت مالك أنت راحة مكان ما انا عاوزة دخلك ايه خليك فى شغلك ماشى احسن اخلى جواد يرفدك

حاولت تخطيه فوجدته يسد عليها الطريق وهو يقول:
– الأوامر اللى عندى مخليش حد يخرج من البيت بعد الساعة ٨ دى أوامر جواد بيه وخصوصاً مشدد علينا ان انتى بالذات متخرجيش ولو خرجتى هبلغه فوراً

سد بوجهها كل الأبواب ، فماذا تفعل هى الآن ؟ فنايا بإنتظارها الآن ، وما كادت تأتى على ذكرها حتى سمعت رنين هاتفها بأسمها ، فعادت أدراجها للداخل ثانية ، فتحت الهاتف تضعه على أذنها قائلة:
– أيوة يا نايا انا مش عارفة اخرج من البيت علشان اجبلك الفلوس الحرس مش راضيين يخرجونى

ردت نايا قائلة:
– ولا يهمك يا روحى أنا أجيلك اخدهم مسافة السكة وجيالك البيت

جلست ديما على مقعد بالحديقة فى إنتظار مجيئ نايا ، وهى تحدق بحقيبة المال ، وتفكر فى رعونة تصرفاتها التى أدت بها فى النهاية للوقوع فريسة لفتاة مستغلة ، ظلت تفكر وتشرد بأفكارها حتى وصلت نايا للمنزل ، وقفت ديما على الباب تأذن للحارس بجعل نايا تلج للداخل

وقفت ديما تعقد ذراعيها أمام صدرها تناظرها باشمئزاز جم ، فقابلت نايا نظرات ديما لها بعدم إكتراث فهتفت بها قائلة:
– ها فين الفلوس يا ديما

رفعت ديما حقيبة المال عن المنضدة ، تضعها بين يديها بغضب كادت تترنح نايا بوقفتها بدفع ديما الحقيبة إليها

فأفتر ثغر نايا عن إبتسامة سمجة:
– ميرسى يا ديما انك طلعتى عاقلة وبتسمعى الكلام

أخرجت من جيبها هاتف قربته من ديما معقبة :
– الموبايل اللى عليه الفيديو أهو وكده اخدت الدفعة الأولى الدفعة النهائية هقولك عليها فى وقت تانى

تدلى فك ديما مما سمعته من تلك الفتاة ، ففغرت فاها وجحظت عينيها وهي تردد قائلة:
– دفعة نهائية ! أنتى بتقولى إيه يا نايا مش كنتى طالبة نص مليون قصاد الفيديو عايزة إيه تانى

رفعت نايا رأسها تبتعد بعينيها عن التحديق بالاوراق النقدية ذات الفئة العالية والتى أثارت لعابها بعد رؤيتها ، فهى كانت حريصة على تأمين ذاتها بحملها نسخة أخرى من الفيديو لجعل ديما رهن بنانها وتدفع لها المال كلما طلبته منها

فردت بنبرة صوت جشعة :
– لاء النص مليون ده كان كده اتفاق لكن لسه هحددلك مبلغ تانى تدفعيه لأن لسه معايا نسخة من الفيديو وطول ماهو معايا ونبيل مختفى ومحدش عارف له مكان هنكون حبايب يا ديما لو سمعتى الكلام

ماذا تفعل هى بذلك المأزق الذى وضعت به ثانية ؟ سبقتها يداها فى الإعراب عن غضبها واستياءها من تصرف تلك الفتاة معها ،فأناملها تركت أثراً واضحاً على وجه نايا بعد تلقيها صفعة مدوية منها ، وباليد الأخرى التى نشبت مخالبها بشعرها لتجرها إليها تفح بصوتها فى وجهها كمن فقدت صوابها :
– أنتى مفكرانى إيه يا نايا أن انا هفضل تحت رحمتك اصحى وفوقى ان كنت طاوعتك واديتك الفلوس دى فعلشان جواد ميتأذيش أو يحصله حاجة بسببى ، لكن انا ممكن افعصك زى الحشرة تحت رجلى ومخليش الدبان الازرق يعرفلك طريق لو حطيتك فى دماغى ، ومجرد بس ان جواد يعرف مش هيطلع عليكى يوم تانى سمعانى يا نايا

ما كان من نايا سوى دفع جسد ديما عنها ، وعيناها تطفر بشرر جم فهدرت بصوت حاقد:
– لاء أصحى أنتى بقى يا ديما المرة دى انا اللى هحطك تحت ضرسى وأكسر مناخيرك دى اللى دايما رفعاها فى السما بسبب جمالك وفلوسك وابن عمك ده كمان

ما يسرى فى عروقها ليست دماء كباقى البشر ، بل حقد وبغض وكره لديما التى كانت تحظى دائماً بسعى الجميع خلفها من أجل جمالها وحسبها ونسبها ، فعلى الرغم من كونها فتاة من عائلة غنية أيضاً ،ولكن دائماً أمام ديما تشعر بضألة حجمها وإفتقارها للجمال الذى يجعلها تنافسها ، فحتى وإن صبغت وجهها بمساحيق التجميل ، فدائما ما تكون ديما هى الأجمل حتى وإن لم تضع شئ على وجهها ،فحُسنها أمنية لكل شاب يقابلها ، فهى فتاة الأحلام كما يطلق عليها كل من يراها

– سلام يا ديما تصبحى على خير يا روحى
نطقت بها نايا وهى تلوح بأطراف أصابعها مبتعدة ، فخرجت من المنزل ومازالت نظرات ديما تتبعها وهى تريد أن تذهب خلفها وتدق عنقها ، فما الذى يحدث لها ؟ تأتى العثرات الواحدة تلو الأخرى ، فكلما ظنت أن بإمكانها أن تهنئ بعيشها ثانية ، تأتيها المشكلات سعياً ، فياليتها لم تخرج من المنزل ذلك اليوم الذى جلب خلفه نوائب تعانى من أثرها هى الآن..!!
___________
جلست تالين على الفراش والخوف بعينيها ، تتأمل زوجها المسترخى و يغط فى نوم عميق ، بعد أن خرج من المرحاض يرتدى مأزر الحمام الأبيض ، فلم يستطيع ان يقاوم حاجته للنوم
صوت أنفاسه المنتظمة هى من تنبأها بأنه مازال على قيد الحياة بسكون جسده المقلق لها ، فبيد مرتجفة وكزته بلطف لترى هل سيستجيب لها أم لا ؟

نادت بصوت هامس خشية إفزاعه من نومه :
– جواد

تململ جواد بنومه ، فزفرت أنفاسها براحة ، فربما تستطيع هى الآن أن تنال غفوة قصيرة بجانبه ، وما كادت تتمدد على الفراش تشعر بإرتياح ، حتى وجدت جواد يلقى بذراعه عليها بدون ان ينتبه ، فشهقت بصوت خافت ، ولكن لم يكن هذا ما جعل مقلتيها تتسع بغرابة ، فأن يتكأ بنصف جسده عليها ، ويضع رأسه على صدرها ، كمن منع عنها الهواء فجأة ، فلم تكن تستطيع هى أن تعى ذلك ، أن تراه ملتصق بها بهذا الشكل الحميمى ، وهما من أقتصر لقاءهما مرة على عناق لم يدوم ، وابدى بعد ذلك قراره بإنفصالهما بعد بضعة أشهر

تشنج جسدها وتصلبت حواسها ، كمن تخشى أن تستنشق هواءاً ، ويعلو صدرها صعوداً وهبوطاً ،وتشعر بثقل رأسه الملقى عليها ، فماذا تفعل ؟ مدت ذراعها الحرة تحاول دفعه عنها ، فما كان منها سوى أنها مسدت على شعره بخصلاته الرطبة ، تهدهده كطفل تجعله يخلد للنوم ، ظنت بأن ما تفعله لن يشعر به أو سيتذكره بعد أن يفيق من نومه ، فهى حتى وإن كانت تمقته بعقلها ، ولكن نزعتها كأنثى جعلتها تخضع لسحر اللحظة ، التى تشعر بقرب زوجها منها ، خاصة وإن كان مثل جواد ، صاحب باع وصيت فى سلب إرادتها ، واغواء قلبها عندما يريد فعل ذلك

فهمست بقرارة نفسها متنهدة بشجن:
– اااه يا جواد لوكنت قابلتك فى ظروف غير الظروف دى اللى خلتنى من أول ما قابلتك كرهتك وبعنجهيتك اللى تخليك عايز تقول أى حاجة وأنا اقولك أمين بس أنا مش كده مبحبش حد يغصبنى على حاجة طبيعتى كده وهفضل كده ومش هتقدر تخلينى اغير رأيى فيك بعد كل اللى حصل وخصوصاً أن شاكة انك أنت اللى قتلت رامز حتى كلامك ليا وتهديدك كان بيدل على انك انت اللى عملت كده وانا مستحيل أحب مجرم قاتل

ما تقوله بلسان حالها لا يتماشى مع ما تفعله يداها ، فيد تمسد على رأسه ،وأخرى تربت على ظهره بحنو بالغ ، فلا تستطيع نكران أن ملاذها تجده بين يديه بتلك البلاد الغريبة التى لا تعرف بها أحد سواه ، ولكن ذلك الدفء الذى تسرب إلى حواسها ، جعل عقلها يفيق من سباته ، فربما بالدقيقة التالية ، إذا أفاق من نومه و أبدى رغبته فى وصالها ، ستطيعه على الفور

فنهرت نفسها قائلة بتحذير:
– لاء أصحى يا تالين فوقى مش هتبيعى مبدأك علشان واحد زيه لاء لاء

تعال صوتها بكلمة الرفض ، جعله يفتح عينيه ، ليعلم علام تصيح بكلماتها الرافضة ، رفع رأسه قليلاً فإصطتدم بفكها ، فعلم أين يريح رأسه ، فإبتعد عنها على الفور ، واعتدل بجلسته على الفراش محدقاً بها لبرهة ، ليخرج صوته قائلاً بصوت منخفض:
– هو ايه اللى حصل وبتزعقى وبتقولى لاء على إيه يا تالين

إعتدلت هى الأخرى ، تحاول أن تعيد اللون لوجهها الممتقع ، فما كان منها سوى أن تجيبه بفظاظة كعهدها معه دائماً:
– أنت كنت كاتم نفسى ومش عارفة أنام ولا أتنفس حاولت أبعدك مقدرتش ، أنت تقيل أوى بتاكل زلط

سليطة اللسان ، يرغب فى نزع لسانها من جوفها ، الذى لم يستمع منه كلمة حسنة بحقه ، فما أوهن جسده من مرض ، صار الآن يتأجج بنيران الغضب منها

فترك الفراش يدمدم بصوت ساخط :
– لسانك دى هييجى مرة وأقطعهولك يا تالين عندك السرير أهو نامى أنا مش عايز أنام تانى

أخذ هاتفه و ترك الغرفة ، وخرج للغرفة الصغيرة الملحقة بغرفة النوم ، جلس على أريكة عريضة ، يشعر بالتحسن ، فتح هاتفه على إحدى مواقع التواصل الاجتماعى ، ليطمأن والدته بشأن وصوله ، وبعد أن أنهى حديثه معها ،وإطمئنانه عليها وعلى أحوال ديما

جاءه إتصال أخر ، رفع عينيه تلقائياً للباب الفاصل بين الغرفتين ، فوجد أنه موصد بإحكام
فتح كاميرا الهاتف ، فطالعته فتاة ذات وجه فاتن ، بجمال ألمانى ورثته من جذورها الألمانية ، وجهها أبيض مشرأب بحمرة خفيفة ، عيناها باللون الأخضر كزرع يانع

تبسمت قائلة بلكنة صوتها التى لم تخفى غربيتها :
– وحشتنى أوى جواد

رد جواد باسماً هو الآخر :
– وأنتى كمان وحشتينى بس أنا مبعدتش عنك بقالى كتير دول هم يومين إتنين بس يا هيلينا

عبست هيلينا بطفولية وهى تقول:
– يومين كتير جواد انت عارف مش أعرف يفوت يوم من غير ما أشوفك، حبيبى أنت جواد

تعالت ضحكته الخافتة على حديثها ، فهو حاول جاهداً أن يحسن من نطقها للغة العربية حتى تستطيع الحديث شأنها شأن المصريين فهتف بها قائلا:
– أنتى العربى بتاعك أتحسن كتير يا هيلينا ، بس برضه بيبان فى صوتك أنك مش مصرية ،أنا بقالى سنين مقعدك فى مصر و بحاول أخليكى تتكلمى زينا بس أعمل ايه جذورك الألمانية ماسكة فيكى بس عمرى ما سمعت عربى بالحلاوة دى غير منك أنتى يا هيلينا

ضحكت هى الأخرى على مزاحه معها فردت قائلة :
– على فكرة جواد أنا هاجى ألمانيا لما تروح أنت ألمانيا ، عايزة أزور تيتة ، ألمانيا وحشتنى كتير

توتر جواد قائلاً:
– هيلينا هتيجى ألمانيا إزاى وأنتى عارفة أنا معايا مراتى ومش عايزها تشوفك أو تعرف فى إيه بينى وبينك

ملأ الحزن وجهها ، ورأى تجمع الدموع بعينيها ، فلم يستطيع أن يتركها هكذا فتمتم قائلاً:
– خلاص هيلينا تعالى ألمانيا بس حاولى تكونى بعيدة عنى علشان مراتى مش تشك فى حاجة ماشى

هتفت هيلينا بحماس قائلة:
– أوعدك جواد باى حبيبى

– مع السلامة يا حبيبتى خلى بالك من نفسك
ما كاد جواد ينطق بجملته حتى وجد الباب الفاصل يُفتح ، فرأى تالين تقف على عتبة الباب تعقد ذراعيها أمام صدرها قائلة :
– كنت بتكلم مين وهى مين حبيبتك دى كمان يا جواد بيه
____________
يتبع...!!!!!



موعد البارت الجديد الساعة ( 4 م ) يوميا ان شاء الله 

هنا تنتهى احداث رواية أصبحت اسيرته البارت 12 ، يمكنكم اكمال باقى احداث رواية اصبحت اسيرته البارت 13  أوقراءة المزيد من الروايات المكتملة فى قسم روايات كاملة .

نأمل أن تكونوا قد استمتعتم بـ رواية أصبحت أسيرته ، والى اللقاء فى حلقة قادمة بإذن الله ، لمزيد من الروايات يمكنكم متابعتنا على الموقع أو فيس بوك ، كما يمكنكم طلب رواياتكم المفضلة وسنقوم بوضعها كاملة على الموقع .
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-