رواية أصبحت أسيرته البارت الخامس عشر 15 - روايات سماح نجيب ( سمسم)

  نقدم اليوم احداث رواية اصبحت اسيرته البارت 15 من روايات سماح نجيب . والتى تندرج تحت تصنيف روايات رومانسية ، تعد الرواية  واحدة من اجمل الروايات رومانسية  والتى نالت اعجاب القراء على الموقع ، لـ قراءة احداث رواية اصبحت اسيرته كاملة بقلم سماح نجيب من خلال اللينك السابق ، أو تنزيل رواية اصبحت اسيرته pdf كاملة  من خلال موقعنا .


رواية أصبحت أسيرته البارت 15 - روايات سماح نجيب ( سمسم)



أصبحت اسيرته الفصل الخامس عشر


* أصبحت أسيرته *
١٥ – " لن تكون أهلاً لها "

عجزت قدميها عن حملها ، فخرت ساقطة بجوار الفراش ، وهى ما زالت تنتحب على ما سمعته منه ، فلا يمكن أن يكون ما أخبرها إياه صدقاً ، فلابد أنه يمزح معها ، مالت برأسها على طرف الفراش ، وعينيها باكيتان ، وصوت شهقاتها يعلو أكثر فأكثر

فأنحنى جواد إليها ، يجلس على ركبتيه أمامها ، فحط بيده على كتفها قائلاً:
– تالين بتعيطى ليه دلوقتى

رفعت رأسها عن طرف الفراش ، تمسح عينيها بظاهر يدها بعنف حتى تلطخت عيناها بلون الكحل الأسود ، فقبضت على ياقة قميصه قائلة من بين دموعها وإبتسامتها الهيسترية:
– جواد أنت بتضحك عليا صح مش أنت اللى قتلته ، ايديك متلوثتش بدم حد مش كده يا حبيبى صح قول ان انا صح قوووول يا جواد

شحب وجهه ، وسكن الخوف بداخله من تلك الحالة التى أصبحت عليها ، فهو يخشى أن يصيبها مكروه ،إذا ظلت هكذا ، فهى تبكى وتضحك بأن واحد كأنها أصيبت بحالة من الجنون

فأحتضن وجهها بين كفيه قائلاً:
– تالين حبيبتى إهدى مينفعش كده أنتى ممكن يجرالك حاجة بس صدقينى والله العظيم وغلاوة أدم عندى وحبى ليكى أنا مقتلتش رامز ولا حتى شوفته ولا أعرفه غير من الصور ولا حتى أعرف مين اللى قتله والله دى الحقيقة يا حبيبتى ، أنا اه كنت عارف انه فى باريس وكنت حجزت تذكرة وكنت مسافر له بس مش علشان اعمل فيه حاجة لاء كنت هرجعه على مصر علشان يتحاسب على عمايله بس اليوم اللى كنت هسافر فيه أمى تعبت فجأة فلغيت سفرى وفضلت معاها وبعدين عرفت بخبر موته وأنه أتقتل فى باريس ومحدش عارف مين اللى قتله ، وجايز أنتى افتكرتى انا اللى قتلته علشان هددتك وسيبتك تفتكرى كده علشان توافقى على جوازنا لأن من أول مرة شوفتك فيها يا تالين وأنا بحبك

كفت تالين عما كانت تفعل ، تستشعر صدق قوله ، فتبسمت من بين دموعها وهى تقول:
– كنت متأكدة أن أنت مستحيل تكون عملت كده مش ممكن قلبى يضحك عليا ويحب حد قاتل أو مجرم كنت متأكدة كنت متأكدة يا جواد

طفقت تردد تلك الكلمة ، وهى تشعر بالراحة ، فألقت بذراعيها حول عنقه تستريح برأسها على كتفه ، فحملها عن الأرض ، فظلت مستكينة هادئة بين ساعديه ، فتذكرت بكاءها ولابد أن وجهها أصبح الآن بحالة مزرية ، فأتسعت عيناها ، فطلبت منه أن يتركها

– جواد شكل وشى يرعب مش كده بسبب العياط نزلنى يا جواد أغسل وشى

أرتد جواد برأسه ضاحكاً ، فأقترب من أحد الأرائك يضعها عليها ، وجلس بجانبها ،وأخرج محرمة ورقية من جيبه ، فبدأ بإزالة ما غطى وجهها من عبرات و زينتها التى فسدت بسبب بكاءها

بعد أن أنتهى ، تناول يديها بين يديه ، فطبع قبلة على باطنى يديها ، فتذكرت قبلته الأولى على راحة يدها يوم عقد قرانهما
فأدنى فعل منه ، يجعلها تشعر بالخضوع لقوى سحرية تجذبها إليه كمن أصبح دائها ولن تجد سبيل للشفاء ، وجدته يقترب أكثر منها حتى أستند بجبينه على جبينها ، يغمض عيناه ،وأنفاسه تلفحها ، فأستنشق رائحتها العطرية

فهمس لها قائلاً:
– أنا مش بحبك يا تالين بس أنا بتنفسك زى الهوا

سرت القشعريرة بعروقها من همسه لها ، ومن كلماته التى جعلتها تأخذ أنفاسها بصعوبة ، أن يبوح لها بمدى عشقه لها منذ رؤيتها ، جعلها تتأسف هى على ضياع ليالٍ كانت من الممكن ستستمع بها لعبارات الغزل والاطراء والحب من زوجها وحبيبها

كمن يخشى كل منهما أن يكون هذا ضرباً من الخيال أو الجنون ، وسيفيق كل منهما يجد نفسه بعيداً عن الآخر ، فتشابكت يداهما ، ببسمة خجلة منها ،وأخرى عاشقة منه ، تهدمت الجدران التى كانت مشيدة بينهما منذ البداية ، فصحراء العناد القاحلة ، أرتوت بغيث اللقاء ، فأزهرت ورود الحب ،وأصبحت كبستان مملوء بشذى الغرام ، فكم فاتنة هى حقاً عندما تخلت عن عنادها وتمردها ، أخذ بيدها لطريق النعيم الذى لن تجده إلا برفقته هو ، سخية هى معطاءة ، شغوفاً هو عاشقاً ، لن يستطيع أى منهما وصف حلاوة اللقاء على أجنحة الهيام ببلاد الشوق
_____________
ولجت بدور غرفة سليم ،وهى تحمل كوب الشاى الذى أوصى به بعد تناوله لقيمات صغيرة وتركه المائدة قبل أن ينتهى من طعامه ، فهو لا يشتهى الطعام أو أى شئ آخر ،منذ رؤيته لديما مع إبن خالتها رجل الاعمال الذى مازال متذكراً إسمه ، كأنه سيظل عالقاً بذهنه ، ينغض عليه تفكيره وحياته ، كأنه غريمه ، حتى وإن لم يكن متيقناً من أن لايوجد علاقة بينهما سوى علاقة القرابة التى تربطهما فقط

وضعت بدور الكوب أمامه على المكتب الذى أحتل مقعده منذ أن ولجت قدماه الغرفة ولم يتزحزح عنه

تبسمت والدته له قائلة:
– الشاى يا حبيبى مالك سرحان فى إيه كده أنت مش قولت وراك شغل تخلصه أنا شيفاك مش بتشتغل قاعد مسهم ليه كده

زفر سليم بضيق من حاله:
– مفيش يا ماما أنا كويس بس فى حاجة شغلانى المهم سهى فين مش سامعلها صوت يعنى

ردت بدور قائلة :
– سهى خرجت عندها درس دلوقتى ربنا يوفقها أنت عارف بقى فى تالتة إعدادى وشهادة وطول النهار دروس ومذاكرة

أومأ سليم برأسه قائلاً:
– ربنا يوفقها إن شاء الله

ظن أن والدته ستخرج من الغرفة ، لكنه وجدها تجلس على مقعد مجاور لمكتبه ، فعلم أن ربما تريد محادثته بشأن أمر ما

فبادر هو بالحديث قائلاً:
– خير يا ماما عايزة تقولى إيه

لم تتعجب بدور من كشف ولدها لأمرها ، فسليم دائما ما يستطيع قراءة تعبيرات وجهها بدون أن تتكلم

فزادت إبتسامتها قائلة بحنان:
– خير يا حبيبى كنت شوفت بنت جارتنا هنا فى العمارة اللى قصادنا هى خريجة كلية صيدلة وبنت كويسة وأهلها محترمين وكويسين فإيه رأيك تشوفها ولو عجبتك نخطبهالك

كمن لدغه عقرب سام ، إنتفض من مكانه قائلاً بإعتراض :
– لاء يا ماما مش هشوف حد ومش هتجوز خالص يا ماما الا لما الاقى اللى تعجبنى غير كده لاء

تركت بدور مقعدها تطالعه بهدوء ، فهى تعلم سبب ثورته الغير مبررة ، فهتفت به قائلة:
– أممم انا عرفت ليه عمال ترفض موضوع الجواز دلوقتى لسه حاطط البنت اللى شوفتها فى فرح تالين فى دماغك يا سليم مش كده

إزدرد سليم لعابه من كشف أمره من قبل والدته ، فأطرق برأسه أرضاً صامتاً ، فما كان لها بتذكيره بها الآن ، ولكنها لم تبارح تفكيره بالأساس ، فعقله منذ تلك المقابلة وهو رافعاً راية اليأس التى خط عليها تلك الجملة " لن تكون أهلاً لها"
فكيف له ذلك ،وهو رأى ذلك الفارق الاجتماعى بينهما حتى وإن كان يحيا بمستوى لائق مادياً، ولكن فكر فما يربحه بشهره ،تستطيع هى صرفه بشراء ثوب لها

زفر بضيق وغضب من ذاته قائلاً:
– خلاص يا أمى عرفت ان احنا مش مناسبين لبعض أنا مش من مستواها خلاص عرفت

صاح بجملته الأخيرة ، ناقماً على قلبه الذى مازال متمسكاً ببصيص من الأمل ،رافضاً إطاعة عقله فى الاقلاع عن التفكير بها
علم رعونة تصرفه ،فأبدى اسفه لوالدته قائلاً وهو يقبل يديها:
– أنا أسف يا ماما ان عليت صوتى وانا بكلمك سامحينى

أخذته بدور فى أحضانها تربت على ظهره وهى تقول:
– عارفة باللى أنت حاسس بيه يا سليم وخصوصاً دى اول مرة أشوفك كده أتعلقت بواحدة وصعبان عليا يا حبيبى حيرتك وتفكيرك يا سليم

أبتعد سليم عنها قليلاً يومأ برأسه :
– نصيبى يا ماما أول مرة أحب فيها طلعت بنت مقدرش أوصلها بس مش بايدى يا ماما

ربتت بدور على وجنته بحب فهتفت به قائلة:
– طب بقولك إيه ما نستنى تالين بنت خالتك ترجع من شهر العسل ونكلمها وهى تكلم البنت وتشوف رأيها إيه مش جايز توافق عليك أو أنها هى واهلها مش بيبصوا للفوارق الاجتماعية دى وخصوصاً انك متعلم ومهندس ومستقبلك كويس إن شاء الله

كمن وجدت حلاً لمشكلة مستعصية الحل ، فهى وجدت وجه أبنها يضئ بفرح كبير ، مشيداً برأيها متمتماً بسعادة:
– فكرة كويسة أوى يا ماما

حدقت به بدور بمكر :
– دلوقتى وشك نور وابتسمت من شوية كنت ضارب بوزك شبرين يا ابن بدور

قهقه سليم ضاحكاً على مزاح والداته ، فأقترب منها يقبل رأسها بحب ، فهى كانت دائماً وأبداً نبع الحنان ،فهى من حرصت على تنشئته هو وشقيقته نشأة سوية ،حتى بعد وفاة والداهما
_______________
بورود العشق صغيرتى سأصنع لكٍ تاجًا ،عسى بكٍ يليق
فلتجلسى على عرش فؤادى مليكتى، فالقلب صار راعياً من رعايا عيناكى ، فتبسمى بثغرك الفاتن ،ولتعزفى على أوتارى ،
وسأشدو لكى بنغمات الحب ألحاناً

كم مر من الوقت وهو برفقتها خارجاً ؟ ربما لم يتجاوزا الساعتين، فالشمس لم تغرب بعد ، ولكنه يرغب العودة بها للمنزل ، فهو لا يصدق أن باح كل منهما للأخر بعشقه

خرج من تفكيره على مناداتها له قائلة بمرح :
– جواد هاتلى من الشيكولاتة دى

رأها تصفق بحماس شديد ، وتشير بيدها لإحدى متاجر بيع الحلوى والشيكولاتة
فتبسم لها قائلا:
– بس كده حاضر يا عيون جواد هجبلك شيكولاتة بس هنروح بعد ما أجبهالك

قطبت حاجبيها بغرابة قائلة:
– نروح إحنا لسه خارجين مكملناش ساعتين مش قولت هنتفسح وهنتعشا برا كمان

رأت رأسه يميل إليها يهمس بأذنها :
– علشان أنتى وحشتينى أوى أوى ، وشايف أن الفسحة ملهاش لازمة فنروح البيت أحسن ، نكمل كلامنا اللى ما خلصش إمبارح وان كان على العشا هطلبهولك دليفيرى

ظل بؤبؤ عينيها المتسعتين يروح مجيئاً وذهاباً، وهى تستمع لتصريحه لها ، فوجهها ربما أحترق بنيران الخجل الآن ، فهو أصبح أشد جرأة معها خاصة بعد علمه بعشقها له

فتمتمت بتعلثم :
– ججواد إسكت ايه اللى بتقوله ده

فربما إن لم يكونا بالشارع الآن ، لعانقها تلك الساحرة ، التى تتفنن فى كل نظرة منها بسلب إحدى دفاعاته ، فهو بحياته بأكملها منذ أن وعى معنى حاجة الرجل لإمرأة تكون شريكة حياته ، وحتى بزواجه الأول لم يشتهى وجود أحد معه مثلما يشتهى وجودها هى ، فبها شئ مميز لم يستطيع حتى الآن إكتشافه ،ليعلم سر إنجذابه القاتل لها ، فنأيها عنه يقتله ، بقربها يحيى قلبه ، برحيقها يزدهر بستان حياته

هتف بها وهو يسحبها معه :
– بقول اللى سمعتيه يا عيون جواد هجبلك الشيكولاتة وهنروح

بعد شراء كل أنواع الشيكولاتة التى أشارت إليها ، خرجا من المتجر ،فتعلقت بيده وهى لا تعى بعد كم تلك السعادة التى ملأت جنبيها ،فوجدت نفسها قائلة:
– عارف يا جواد نفسى أصرخ بعلو صوتى وأقول بحبك بحبك بحبك يا جوااااااد

علا صوتها بتلك الكلمة كأنها لم تحسب حساب أنها من الممكن أن تفعلها حقاً ، حتى وجدت بعض المارة ينظرون إليها بغرابة من صياحها بكلمة لم يفهموا معناها ، فبعد أن وعت ما فعلت ، نظرت حولها فوجدت العديد من الوجوه الناظرة إليها ، ومازاد بإحراجها ، أنها وجدتهم يصفقون لها ،كأنهم علموا أنها تخبر ذلك الذى يسير بجانبها بمدى حبها له

فدمدمت بصدمة قائلة:
– يا نهار مش فايت هو أنا عملت إيه يلا بينا نروح

أصرت عليه بالعودة للمنزل ، فهى تشعر كأنها أرتكبت خطأ فادح ، وتريد العودة لتختبئ بين جدران المنزل ، بعد مدة زمنية قصيرة وصلا للمنزل ، صعدت تالين مباشرة إلى غرفتهما تبعها جواد وهو مازال يضحك على ما فعلت

ضحك جواد حتى دمعت عيناه ، ولم يكف عن الضحك حتى وهى تناظره بإستياء وتبرم :
– خلاص بقى كفاية ضحك كويس انهم مبيفهموش عربى ما أنت السبب

كف جواد عن الضحك قائلاً:
– وأنا السبب ليه بقى هو أنا كنت قولتلك على صوتك وقولى بحبك يا جواد ، كنتى قوليلها براحتك هنا البيت يا حبيبتى بدل ما تفرجى الناس علينا كده

شعرت برعونة تصرفها حتى كادت عيناها تمتلأ بالدموع ، فعلم أنها ربما لم تفهم مزاحه معها فعقب قائلاً:
– حبيبتى أنا بهزر معاكى صرخى براحتك يا روحى دا أحلى كلمة بحبك سمعتها

رفعت يدها لعينيها تحاول تجفيفها قبل سقوط عبراتها على وجنتيها فسألته بحذر :
– جواد أنت كنت بتحب مراتك الاولانية أوى

علم أنها لابد لها من أن تسأل هذا السؤال يوماً ما ، فجلس على حافة الفراش ، ومسح وجهه براحتيه يزفر بخفوت قائلاً:
– كانت هى بتحبنى جداً أو تقدرى تقولى كانت مهوسة بيا ، منكرش أن كنت معجب بيها هى كانت جميلة جدا ، كنت بحترمها وبعاملها بإحترام وود ، بس ملحقناش نعيش مع بعض كتير ، أنا اتعرفت عليها فى بلد كنت بقضى فيها أجازتى ولما لقتها بتحبنى كده اتجوزنا ، عيشينا مع بعض يعتبر ٩ شهور بس لأنها حملت فى أدم بعد ما أتجوزنا على طول وماتت وهى بتولد جالها نزيف وللأسف ماتت ، زعلت على موتها جدا ، ومرضيتش أتجوز بعد هى ما ماتت ،كنت عايش لأدم ، ولما حصلت الحادثة ومات هو كمان ، حياتى بقت ضلمة ، لحد أنتى ما جيتيلى وشوفتك يا تالين ، يعنى الحب اللى حاسه من ناحيتك يعتبر أول حب حقيقى فى حياتى

جلست تالين بجانبه ، فمدت يدها تدير وجهه لها ،فتلمست فكه ، فأقتربت منه تهمس أمام وجهه :
– وأنت كمان أول حب حقيقى فى حياتى يا جواد ، حتى مروان اللى كان خطيبى كنت مخطوبة ليه ، علشان كنت شيفاه إنسان محترم وكويس ، بس بعد الخطوبة بدأت أكتشف عيوبه ،وضعفه قدام مامته ، وان كان عايز هى اللى تمشيلنا حياتنا ، لحد ما حصلت الصدفة اللى جمعتنى بيك كنت عامل زى الاعصار اللى دخل حياتى قلبتها ، كرهتك وحبيتك فى نفس الوقت ، كرهتك بعقلى وحبيتك بقلبى ، لحد ما عقلى اقتنع أن أنت خلاص بقيت حبيبى ، ثوانى ورجعالك

تركته ونهضت من مكانها ، وذهبت لغرفة الثياب لتنتقى ثوباً جديداً كوقود تشعل به نيران شوقه
ملأ البشر وجهه ، وهو ينتظرها أن تطل عليه بطلاتها التى لم تزده سوى هوس بوجودها بحياته ، ولكن رنين هاتفه تردى صداه بالغرفة يخرجه من بحر الخيال الغارق به

رفع الهاتف وجد إسم هيلينا ينير الشاشة فخشى أن يكون أصابها خطب ما ، فتح الهاتف قائلاً:
– هيلينا خير فى إيه

سمع صوتها الباكى وهى تقول:
– جواد ألحقنى تيتة تعبت جامد وهى فى المستشفى دلوقتى تعال بسرعة

أنتفض جواد من مكانه قائلاً:
– تمام تمام يا حبيبتى أنا جايلك حالا متقلقيش قوليلى إسم المستشفى

ردت هيلينا قائلة:
– إحنا فى مستشفى ******* عارفها

أجابها جواد وهو يغلق أزرار قميصه :
– أه عارفها مستشفى ******* وعارف مكانها ١٠ دقايق وهكون عندك يا حبيبتى

لم يكن يعلم أن هناك من تستمع لما يقوله ،ولكنها لم تفصح عن مكانها ،حتى لا يراها ، فمن تلك التى يحدثها ويخاطبها بتلك الكلمة. " حبيبتى " فشعرت بطعنة نجلاء تخترق قلبها ، هل مارس عليها خدعة حتى يوقعها فى شباكه

فانتبهت على مناداته لها :
– تالين تالين

خرجت تالين من غرفة الثياب تحاول رسم إبتسامة على وجهها حتى لا يشك بأمر ما سمعته فوجدته يحتضن كفيها بين راحتيه قائلا بأسف:
– حبيبتى معلش مضطر أسيبك دلوقتى طلع فى حاجة مهمة فى المكتب وعايزينى دلوقتى ضرورى ماشى هشوف فى إيه وهرجعلك على طول

إحتضنها ولكن جسدها متصلباً بين ذراعيه ، ولكنه لم يكن لديه الوقت الكافى لمعرفة ذلك ، فتركها وخرج من الغرفة ، فأنهارت قدميها وجلست على الأرض باكية:
– جواد بيخدعنى وبيضحك عليا وجايز كمان بيخونى

تتابعت شهقاتها ،ودموعها تنسكب على وجنتيها ، لكنها مسحتها بإصرار لمعرفة ما يخفيه عنها ،فتذكرت إسم المشفى ، فلتذهب لهناك وتعلم ما يدور
______________
موافقة شقيقتها على إقتراحها ، بعث بقلبها السرور من أن ما تريده ستحصل عليه ، فقد أن الأوان لجوليا أن تضحى قليلاً من أجلها ،فهى بالسابق ضحت من أجلها كثيراً عندما كانت تنال العقاب من والدايها عوضاً عنها ، وبالدراسة أيضاً فكانت جوليا مشاغبة تفتعل المشاجرات مع زملاءها ، لتنال جومانا التأنيب والتقريع من المعلمين

هتفت جومانا بإبتسامة كبيرة وهى تهاتف شقيقتها :
– ميرسى أوى يا جوليا مش هنسالك الجميل ده أبدا يا أختى يا حبيبى

أجابتها جوليا متصنعة الوداعة:
– جومانا أنتى تؤامى ولازم اساعدك بس هنستنى شهر واقول لطلعت ان انا حامل لان من موت ابنه رامز وهو مقربش منى أصلا فهقوله ان انا حامل وبالنسبة للولادة لما تولدى هقوله ان انا ولدت فى السابع انتى كده كده لسه فى أول التانى وهتظبط ما تقلقيش

صدرت أهة السخرية من بين شفتيى جومانا وهى تدمدم قائلة:
– أكيد طبعاً يا جوليا هتعرفى تظبطى كل حاجة وأنا واثقة فيكى يا حبيبتى

طالت الثرثرة بينهما ،يتفقان على ما سيحدث بالايام القادمة ، حتى تأتى خطتهما بثمارها ، بعد أن أنتهت المكالمة ، ألقت جومانا الهاتف من يدها وهى تبتسم بإنتصار ،من أنها تلك المرة ستستطيع خداع شقيقتها التؤام

فكان الشبه بينهما نقمة عليها ، حتى بالزواج من طلعت الزينى فكانت جومانا هى من المفترض أن تكون زوجته ولكن تدخلت جوليا بالأمر وأفسدته بالكامل عندما اقنعته أنها هى عارضة الأزياء التى وقع بحبائلها منذ أن رآها ، فتلك العارضة لم تكن سوى جومانا أيضاً ،ولكنها صمتت عن أفعال شقيقتها لأنها تعلم مدى شر نفسها الخبيثة التى تريد أن تأخذ كل شئ ولا تعطى شيئاً بالمقابل

وجدت باب الشقة يفتح ويلج منه ذلك الذى منذ أن رأته ارتمت بين ذراعيه متعلقة بعنقه

قبلته على وجنته قائلة:
– وحشتنى يا حبيبى من أخر مرة وزعلنا من بعض علشان موضوع البييى علشان كده كلمتك علشان تيجى الشقة ونتكلم أنا خلاص لقيت الحل لموضوع البيبى وكمان هو اللى هيجبلى حقى وحقك يا قاسم من طلعت الزينى وجوليا أختى

صمت قاسم بالبداية ، وأفلتها من بين ذراعيه ليعلم بما تقصد بحديثها هذا ،فقطب حاجبيه بغرابة قائلا:
– البيبى هيجبلنا حقنا ازاى مش فاهم يا جومانا

اخذته من يده تجلسه بجانبها على الأريكة لتبدأ بإفهامه مقصدها :
– قصدى أن أنا اقنعت جوليا انها تقول لطلعت انها اللى حامل وطبعا لما طلعت الزينى يعرف انه هيبقى عنده طفل كل اللى عنده ده هيبقى ملك البيبى ده لأن رامز ابنه مات ومبقاش له وريث غير قرايبه ، وكمان جوليا عارفة انها هتطمع فى البيبى علشان يبقى زى الولد فى الكوتشينة وتقش بيه كل حاجة بس مش هديها الفرصة دى لأن كل اللى حصل منها زمان لازم تدفع تمنه غالى وانت كمان هتاخد حقك من طلعت على اللى عمله فيك وفى باباك واللى حصل لاختك كمان

كمن أصابت قلبه بخنجر عندما أتت على ذكر والده وشقيقته ،تلك الفتاة الصغيرة التى كانت تشبه الوردة والتى قضى عليها رامز بدم بارد بإعتداءه الوحشى عليها حتى لفظت أنفاسها الاخيرة

ولم يكتفى بذلك بل أنه وصل به الأمر هو وطلعت لقتل والده عندما أراد أخذ حق إبنته منهما بالقانون الذى لم ينصفه ولكن نصف الظالم ، فظلت النيران تتأكل قلبه ، حتى لم يتبقى لديه شعور سوى شعور الانتقام فقط

فهو من أقدم على قتل رامز بباريس ،وهو من يحاول الآن كشف تلاعب طلعت بالقانون الذى يكفله له ضابط فاسد
_____________
بالمشفى فى ألمانيا....
سحب جواد مقعد ليجلس عليه بجوار الفراش الذى تستلقى عليه جدة هيلينا ، وطلبها المُلح برؤيتهما ، مدت يدها لجواد فأخذها بين كفيه يبتسم لها ممازحاً رغم حزنه:
– مابك أيتها الجميلة لقد أخبرنى الطبيب أن كل شئ على ما يرام فهل أعجبك المكوث بالمشفى

تبسمت المرأة بوهن من حديثه فحولت بصرها عنه تنظر لهيلينا التى لا تكف عن البكاء فهتفت بها :
– أقتربى منى صغيرتى ولا تبكى أتخشين على من الموت ، فكم أنا مشتاقة له لعلى أرى جدك ، وأنت جواد أحرص على رعاية وعناية تلك الصغيرة مثلما تفعل

تبسمت هيلينا من بين دموعها تقترب منها على الطرف الاخر للفراش تقبل رأسها قائلة:
– ستكونين بخير جدتى وسنعود سوياً للمنزل فأنا كنت أريدك أن تطهو لى طعامى المفضل ...

لم تكمل حديثها وانخرطت فى نوبة بكاء مريرة ، فرأى جواد الطبيب يلج الغرفة برفقة إحدى الممرضات يشير إليهما بالخروج
أخذ جواد هيلينا من يديها وخرجا سوياً من غرفة العناية المركزة

فى المنزل ...بعد أن أبدلت تالين ثيابها وخرجت من الغرفة مسرعة حتى وصلت للطابق السفلى ، فتذكرت أنها لا تتحدث الألمانية ، ولكن فكرت إن هى أخبرت السائق باسم المشفى سيذهب بها لهناك، أفلحت حيلتها ، فالمشفى مشهور ، ووصلت إليه بسهولة ويسر ، ولكن ماذا ستقول حتى تصل إليه وتراه ، فظلت تدور حول نفسها ، ولكن لم تدم حيرتها طويلاً ، فبأحد أروقة المشفى رأت زوجها يقف محتضناً فتاة أخرى ،تبكى وهو يربت عليها ليجعلها تكف عن البكاء ، صفعة أخرى تتلقيها منه اليوم ، وبعشقهما حديث العهد الذى لم يدم سوى ليلتين

حاولت الإقتراب منهما بدون أن يكتشف زوجها أمرها ،فهو يبدو عليه إنشغاله بتلك الفتاة التى تريح رأسها على صدره محتضنة خصره ، وهو يطوق كتفيها بذراعيه ، فهما يوليناها ظهرهما ينظران عبر الزجاج لأحد يمكث بالغرفة

كانت خلفهما مباشرة وسمعت صوته يواسى تلك الفتاة :
– هيلينا حبيبتى إهدى إن شاء الله هتبقى كويسة متقلقيش وبطلى عياط

ردت هيلينا بنحيب:
– الدكتور بيقول حالتها حرجة جواد وهو مش عارف يعمل ليها حاجة خايفة جواد تسيبنى

طبع جواد قبلة على رأسها قائلاً:
– حبيبتى أنا معاكى متقلقيش

لم تعد تحتمل سماع كلمة أخرى ،فتراجعت قدميها للخلف ، حتى أصتطدمت بإحدى الممرضات ، وتساقط ما بيدها يحدث جلبة إنتبه عليها جواد وهيلينا ، فنظر خلفه وجد تالين جاحظة العينين تنظر إليه نظرات الشك والاتهام ولا تخلو من الصدمة

فشحب وجهه قائلاً بصوت مبحوح:
– تالين ! أنتى بتعملى إيه هنا

رمشت تالين بعينيها ، تتساقط عبراتها منها ، وهى تشبعه بنظرات الإتهام بالخيانة ، ولكن لسانها عاجز عن قول ما قرأه صراحة بعينيها

فحاول أن يبرر لها ما رأته فهتف بها قائلا:
– تالين مش عايزك تفهمينى غلط لازم تسمعينى الأول

تبسمت تالين بألم قائلة :
– أفهمك غلط يا جواد ! دا أنا شايفة واحدة فى حضنك وبطبطب عليها وبتقولها يا حبيبتى وبتقولها انا معاكى وجمبك وكمان بتبوس راسها ، وكدبك عليا ان عندك شغل وانت جاى ليها هنا ،كل ده وبتقولى ما تفهمنيش غلط وعايزنى أسمعك ، أنت كنت بتوهمنى أن انت كمان بتحبنى ، للدرجة دى كنت غبية ، بس الحق مش عليك انا اللى عملت فى نفسى كده لما حبيت واحد زيك وأمنت ليه

فمسحت عيناها تقول بقسوة:
– أنا عايزة أرجع مصر وعيزاك كمان تطلقنى، طلقنى يا جواد

____________
يتبع ....!!!!



موعد البارت الجديد الساعة ( 4 م ) يوميا ان شاء الله 

هنا تنتهى احداث رواية أصبحت اسيرته البارت 15 ، يمكنكم اكمال باقى احداث رواية اصبحت اسيرته البارت 16  أوقراءة المزيد من الروايات المكتملة فى قسم روايات كاملة .

نأمل أن تكونوا قد استمتعتم بـ رواية أصبحت أسيرته ، والى اللقاء فى حلقة قادمة بإذن الله ، لمزيد من الروايات يمكنكم متابعتنا على الموقع أو فيس بوك ، كما يمكنكم طلب رواياتكم المفضلة وسنقوم بوضعها كاملة على الموقع .
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-